لا تنفك رياح الانقسامات تعصف بالمعارضة السورية، ولعل آخرها إعلان المعارض السوري ميشال كيلو عن تأسيس تجمّع جديد يكون بديلا عن الائتلاف الأمر الذي أثار ضجة داخل الأوساط السورية في ظل الوضع شديد التعقيد الذي تمر به الأزمة السورية. أثار إعلان المعارض السوري ميشال كيلو عن إنشاء تكتل بديل عن الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة جدلا كبيرا في الساحة السورية، في ظل المرحلة الحالية.
ورافق الإعلان عن هذا التكتل هجوم شرس من طرف كيلو على الائتلاف السوري الذي انتخب مؤخرا قيادة جديدة برئاسة كبير المفاوضين عن المعارضة في جنيف2 هادي البحرة.
ووصف كيلو الانتخابات التي أجراها الائتلاف بـ”المهزلة”، وأنها شهدت “ابتزاز مالي” و”خيانات” حدثت في التحالفات، وأن “الجربا” يُحاول احتكار الائتلاف وتحديد مصيره.
هجوم “كيلو” القويّ على المعارضة السورية وإعلانه عن فكرة التجمع الجديد، أفرز ردود أفعال غاضبة من داخل الائتلاف السوري.
وردا على ما ذهب إليه المعارض السوري ميشيل كيلو، وإعلانه اعتزام تأسيس “كيان جديد” للمعارضة السورية، قال نائب الرئيس الحالي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عبدالحكيم بشّار، في تصريحات خاصة لـ”العرب”: “لا أعتقد أنها فكرة صائبة إعلان أي تجمع جديد في الوقت الراهن؛ لأن الائتلاف لا يزال قابلًا للإصلاح وتصويب الأخطاء وتصحيح المسارات”.
يأتي ذلك، في الوقت الذي تدور فيه علامات استفهام كبرى بالداخل السوري، وفي صفوف المعارضة عن مدى فعالية دور الائتلاف، لا سيما مع تزايد معاناة السوريين ومقاتلي الجيش الحر بسبب نقص التسليح، فضلًا عن ضآلة المساعدات التي تقدمها الدول والجهات الداعمة للمعارضة السورية، ما يجعل الائتلاف، لا سيما في ظل تشكيله الجديد وبرئاسة هادي البحرة، يواجه العديد من الملفات الصعبة خلال المرحلة المقبلة.
وفي معرض تصريحاته لـ”العرب”، لم يُنكر نائب رئيس الائتلاف، وجود أخطاء لدى الائتلاف السوري المعارض، إذ قال: “لا شك في أن للائتلاف أخطاء ونواقص ذاتية وموضوعية”، مستدركا: “لكن أعتقد أن عملنا جميعًا يجب أن ينصب على كيفية معالجة هذه النواقص والعمل على تصحيحها كل من موقعه”.
يذكر أن رئيس الائتلاف الجديد هادي البحرة، كان قد أعلن عن عزمه وضع “خطط جديدة” تتناسب مع المرحلة التي تعيشها سوريا حالياً وتصويب الأخطاء السابقة.
ودعا في أول مؤتمر صحفي عقده عقب فوزه برئاسة الائتلاف خلفًا لأحمد الجربا، جميع القوى السياسية والعسكرية والشعب السوري إلى الاتحاد والوقوف صفًا واحدًا؛ للدفاع عن حرية الشعب السوري وكرامته والوصول إلى أهداف الثورة في بناء سوريا يتساوى فيها جميع أبنائها.
دي مستورا جاء لتغطية شغور في منصب المبعوث الأممي ليس إلا في ظل ظروف سورية شديدة التعقيد لا تعكس أي بادرة لحل قريبويرى متابعون أن إعلان كيلو الذي تزامن مع اختيار قيادة جديدة للائتلاف ليس نابعا من فراغ، حيث تعالت الأصوات في الأشهر الأخيرة مشككة في الائتلاف، مطالبة بتقويم أدائه ليُفعّل بشكل أقوى، حتى يكون قادرا على مواجهة النظام وإجبار المجتمع الدولي على الانخراط بجدية في إيجاد حل للأزمة السورية التي طال أمدها مخلفة أكثر من 170 ألف قتيل.
وتراوح الأزمة السورية على المستوى السياسي مكانها في ظل تراجع المجتمع الدولي عن الضغط على النظام والاقتصار على التصريحات المنددة بالانتهاكات الحاصلة في سوريا.
ورغم إعلان الأمم المتحدة مؤخرا عن خليفة جديد للأخضر الإبراهيمي، إلا أن المتابعين للشأن السوري يرون في هذه الخطوة مجرد تغطية لمنصب شاغر فقط.
واستبعد هؤلاء أن يفضي اختيار الإيطالي ستيفان دي مستورا إلى إيجاد حل للأزمة السورية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد كلّف المسؤول بالمنظمة الدولية ستيفان دي مستورا (67 عاما) والذي يحمل الجنسيتين الإيطالية والسويدية والذي كان المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق -وسيطا دوليا جديدا في سوريا خلفا للأخضر الإبراهيمي وعين نائبا له الدبلوماسي المصري بجامعة الدول العربية رمزي عز الدين.
ولا تشير الوقائع الحالية حسب متابعين بأن الوافد الجديد للأمم المتحدة قادر على إحداث تغيير ملموس على المدى المنظور.
و يرى المعارض السوري منصور الأتاسي في حديث لـ”العرب”: بأن المبعوث الجديد جاء لتغطية شغور في منصب المبعوث الأممي ليس إلا في ظل ظروف سورية شديدة التعقيد والتي لا تعكس أي بادرة لحل قريب.
وعن سحب صفة المبعوث المشترك عن المبعوث الجديد بكونها تمثل الأمم المتحدة والجامعة العربية والاكتفاء بتسمية المبعوث الأممي يرى الأتاسي بأن الجامعة العربية سحبت يدها لأنها ترى بأن إمكانية التغيير غير واقعية حاليا في ما يخص الملف السوري، معتمدة في ذلك على القوى الكبرى المتحكمة لحله.
واعتبر بأن عدم تمثيل المبعوث الجديد للجامعة العربية يجسّد من ناحية أخرى الصراعات القائمة بين الدول العربية خاصة مع دخول العراق في أزمته الحالية.