معضلات الكرد في سوريا

دافيد رومانو

في الاسبوع الماضي ، كتبت حول خيارات المجتمع الدولي بشأن من سيقدم الدعم في العراق. وقمت بذلك على صيغة خيار متنوّع ، مستخلصا ان حكومة اقليم كوردستان العراق هي الوحيدة التي تبدو ديمقراطية ومستحقة وقادرة على التغلب على جهاديي الدولة الاسلامية.

منذ عام 2012، كانت ميليشيات الدولة الاسلامية في الشام والعراق تقاتل الكورد في سوريا بضراوة. ومؤخرا، استخدموا الاسلحة والعربات التي استولوا عليها في الموصل لزيادة ضغطهم على كوباني والكانتونات الاخرى التي يسيطر عليها كورد روجافا ” كوردستان سوريا”.

اصبح الاقتتال اكثر ضراوة وشدة ، لكن كورد كوباني والمناطق الاخرى ظلوا على موقفهم. مع كلاشينكوفات قديمة وآر بي جي اقل ، استمروا بالحفاظ على قوتهم المحدودة والآن يمتازون بتسليح افضل من الجيش العراقي الذي فرّ في شهر حزيران.

مع ذلك لا تزال الولايات المتحدة والبلدان الاخرى ترفض تقديم الدعم للكورد السوريين.يسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي على معظم كوردستان سوريا. وكأي مجموعة سياسية ، تخطط للتنافس من اجل الحصول على النفوذ في هذه المنطقة، فاعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي ليسوا بملائكة.

اذ يحافظ حزب الاتحاد الديمقراطي وميليشيته ، قوى حماية الشعب ، على الروابط المقربة مع حزب العمال الكوردستاني _ الذي شن حرب الكريللا ضد  الحكومة التركية من عام 1984 حتى وقف النار في العام الماضي.

لذا يراهم الغرب وحكومة اقليم كوردستان كشيوعيين ، ولا احد متأكد مما يعنيه حقا  نظام زعيمهم عبدالله اوجلان المستلهم من ” الحكم الذاتي الديمقراطي”. ويتهمهم نقّادهم بقمع المجموعات السياسية الكوردية الاخرى  في سوريا ، بإكراه الناس في المناطق التي يسيطرون عليها وعدم التصرف بديمقراطية بشكل عام.ويدّعي الكثير ان حزب الاتحاد الديمقراطي يتعاون مع نظام الاسد او على الاقل يتمتّع بنوع من التخطيط الضمني مع دمشق.يبدو انه من الصعب فعلا التحقق من معظم هذه الانتقادات، فأي شك حول الامر يجعله يبدو اعتراضا على انتقادات حزب الاتحاد الديمقراطي: فهل ألزمنا اثناء فترة الحرب   الكورد السوريين بحقوق الانسان ومبادىء الديمقراطية التي لم نتوقع حتى التزام البلدان بها؟

الم يكن لدى البلدان “اجراءات مقاييس الحرب” و” احكام سلطات الطوارىء” خلال حالات الطوارىء الخطيرة؟كيف يمكن لأحد ان يدحض الانتقادات التي ربما لن تثبت الديمقراطية في المستقبل ؟ او ان نظام الاسد يركز هجماته على الجيش السوري الحر اكثر من قوى حماية الشعب ؟ تماما كالدول التي تحاول الحفاظ على احتكار القوة داخل اراضيهم، هل يجب ان نتوقع الاقل من ادارة حزب الاتحاد الديمقراطي؟ من الجانب الآخر للعملة، دعونا نلقي نظرة على سجل اعمال حزب الاتحاد الديمقراطي  الدقيق منذ سيطرته على اجزاء كبيرة من شمال سوريا واعلانه الحكم الذاتي في كانتونات كوباني والجزيرة وعفرين.وعقده للانتخابات البلدية . و تأمين اللجوء للعرب والتركمان والمسيحيين واللاجئين الآخرين من كل انحاء سوريا.

اذ قام  بدمج ليس فقط الكورد بل ايضا العرب والتركمان والمسيحيين داخل الادارات المستقلة في جميع الكانتونات الثلاثة. وقاموا بحماية جميعهم من كل من داعش ونظام الاسد. كما قاموا بتقوية النساء وتسليحهنّ ووضع الإناث في المواقع القيادية لكل  بلدية على حدة من التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي.ولم يرتكبوا مجازر ولازالوا يستمرون باصرارهم على انهم يريدون فقط علاقات جيدة مع تركيا وكورد العراق . لقد قاموا بكل هذا بينما يتم عزلهم و تجويعهم اقتصاديا والضغط عليهم عسكريا من جميع الجوانب.لذا سأقترح ثانية ان الغربيين يفكرون بمسألة الخيار المتنوع حول من سيدعمون في سوريا: اولا رعاية ومساندة الارهاب،  فالدولة البوليسية الدكتاتورية في دمشق مسؤولة عن مقتل حوالي 160000 سوري منذ عام 2011.ثانيا: المتطرفون الوحشيون للدولة الاسلامية في الشام والعراق والمجموعات الجهادية الاخرى التي تنوي ان ترتكب مجازر بحق اي احد لا يعجبهم.ثالثا: خليط من المقاتلين غير المنظمين ممن يهيمن عليهم الاخوان المسلمون والناشطون السياسيون في الخارج الذين يسيطرون على منطقة صغيرة ولا يستطيعون الموافقة او التعاون والتنسيق جيدا على الاطلاق.

 ربما باستثناء اعمال تهريب و جنائية، و رابعا : حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده كورد سوريا ،الذي يبدو منظما، و يسيطر على اجزاء كبيرة من البلاد ، ويبدو قادرا جدا على قتال الجهاديين ولديه سجل افضل في حماية الاقليات والنساء من معظم البلدان في المنطقة. وتدعم روسيا والصين وايران الخيار الاول. بينما يبدو ان قطر والجهات المانحة الخاصة في الخليج العربي واحيانا تركيا تدعم الخيار الثاني. بينما يعطي الغرب والسعودية وتركيا بعض الدعم للخيار الثالث. لكن مالم يكن ينظر له كخيار مقبول هو الخيار الرابع. اذ يبقى كمجرّد رقم.

المصدر: Rudaw

ترجمة: شيرين داوود (المركز الكردي للدراسات)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد