“بيغن-السادات”: ارتباط تركيا بالاتحاد الأوروبي “محتوم بالفشل”

بوراك بكديل* | معهد بيغن-السادات الإسرائيلي

“بيغن-السادات”: ارتباط تركيا بالاتحاد الأوروبي “محتوم بالفشل”

بوراك بكديل* | معهد بيغن-السادات الإسرائيلي

وضعت انتخابات 31 مارس/آذار، التي مزجت بين النصر والهزيمة بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حدا أكبر لمحادثات عضوية تركيا المتوقفة بالأساس مع الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن الرجل الإسلامي القوي، وضع نفسه عن عمد رهينة سياسية لذئاب تركيا الرمادية.منذ عقدين من الزمن، كان السؤال الأهم في “بروكسل” و”أنقرة” هو: “هل ستصبح تركيا ذات يوم عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي؟”. وقبل عقد من الزمن، كان السؤال هو: “متى يمكن أن تصبح تركيا عضوًا كاملًا؟”، وبشكل أبسط: “هل ستكون تركيا أو الاتحاد الأوروبي هي التي تضع حداً رسمياً لهذه الأوبرا المؤقتة؟”.

في مارس/آذار، ذكّر البرلمان الأوروبي بقوة من لديهم إيمان بتركيا في الغرب، بأنهم مخطئون. في تصويت غير ملزم، أوصت الجمعية بتعليق مفاوضات الانضمام مع تركيا (370 صوتًا مؤيدًا، مقابل 109 صوتًا مع امتناع 143 عن التصويت). وأكد بيان صحفي صادر عن الاتحاد الأوروبي بعد محادثات رفيعة المستوى مع تركيا في “بروكسل”، أن محادثات الانضمام كانت متوقفة، وقال إن “التزام الحكومة التركية المعلن بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يجب أن يقابله إصلاحات مماثلة”.هناك العديد من الأسباب -وجميعها أسرار معلنة- لماذا لا يحق لتركيا أن تصبح عضوًا، وفقًا للجمعية: الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والحقوق المدنية والإجراءات القانونية الواجبة؛ القلق بشأن عدم احترام أنقرة لحقوق الأقليات الدينية والثقافية؛ “تقلص مساحة المجتمع المدني للدولة” واعتقالاتها وقمع الصحفيين؛ إقالة الأكاديميين المعارضين، وكذلك معاملتها للمهاجرين الشرق أوسطيين داخل حدودها؛ إساءة استخدام الحكومة لحقوق الأصول القانونية لمواطنيها تحت ستار الشبهات الإرهابية؛ تخويف مواطنيها؛ وعلاقات تركيا مع الدول المجاورة مثل قبرص واليونان، وكذلك (عدم) تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع أرمينيا المجاورة.

قال البرلمان الأوروبي، في بيانه:

إن احترام سيادة القانون والحقوق الأساسية، بما في ذلك الفصل بين السلطات والديمقراطية وحرية التعبير والإعلام وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات والحرية الدينية وحرية تكوين الجمعيات والحق في الاحتجاج السلمي، ومحاربة الفساد ومكافحة العنصرية والتمييز ضد الفئات الضعيفة، هي لب عملية التفاوض.

عندما بعثت أوروبا بتلك الرسالة، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الرجل الإسلامي القوي في تركيا، يقوم بجولة في البلاد في حملة انتخابية اتهم فيها خصومه بأنهم خونة لهم صلات وروابط مع الإرهابيين. بينما كان يتحدث إلى حشود من الموالين للحزب، قام بعرض شريط فيديو للمذابح التي وقعت في مسجدين في نيوزيلندا وارتدى عباءة الضحية الإسلامية.

وكانت أفعال “أردوغان” وكأنه يؤكد نتائج البرلمان الأوروبي بشأن تركيا، فقد دعا نيوزيلندا إلى إعادة عقوبة الإعدام للمسلح الذي قتل 50 شخصًا في مسجدين في مدينة “كرايستشيرش”، محذرا من أن “تركيا ستجعل المنفذ يدفع ثمن تصرفه إذا لم تفعل نيوزيلندا ذلك”، مضيفا -في تجمع انتخابي يوم 19 مارس: “أنت (برينتون تارانت، المهاجم الأسترالي في كرايستشيرش) قتلت 50 من إخوتنا بشكل بشع. سوف تدفع لهذا. إذا كانت نيوزيلندا غير قادرة، فنحن نعرف كيف نجعلك تدفع بطريقة أو بأخرى”.

من المفارقات أن “أردوغان” هو الذي ألغى عقوبة الإعدام في تركيا عام 2004، من أجل الامتثال لتشريعات الاتحاد الأوروبي. في السنوات القليلة الماضية، أعلن أنه سيوافق على إعادة العمل بها إذا أعاد البرلمان إقرارها. كانت تصريحات “أردوغان” أكثر إشكالية من جانب عقوبة الإعدام في حد ذاتها عند تحليلها في سياقها الكامل ومن وجهة نظر ديمقراطية غربية: ماذا يعني أن تركيا ستجعل المهاجم يدفع ثمن تصرفه إذا لم تفعل نيوزيلندا ذلك؟ هل سيرسل “أردوغان” فريقًا تركيًا من القتلة إلى سجن يبعد 16500 كم لقتل سجين؟ هل سيعلن الحرب على نيوزيلندا لأن “ويلنجتون” ترفض شنق الإرهابي؟

على الرغم من حملته الانتخابية القوية القائمة على كراهية الأجانب، وخاصة الخطاب المعادي للغرب، فإن الانتخابات البلدية في 31 مارس، مزجت النصر بالهزيمة لـ”أردوغان”. بدا حزب العدالة والتنمية التابع له منتصراً (بحصوله على 44٪ من الأصوات في جميع أنحاء البلاد)، لكنه خسر أنقرة وإسطنبول وإزمير، وهي من أكبر مدن تركيا، بالإضافة إلى العديد من المعاقل التقليدية الأخرى مثل أنطاليا وأضنة ومرسين وكيرشهر، وأرتفين، وبولو. هذه هي المرة الأولى التي يخسر فيها الإسلاميون أنقرة وإسطنبول بعد 25 عامًا من الانتصار المستمر. [ملحوظة: لقد طعن حزب العدالة والتنمية في فرز الأصوات في هاتين المدينتين. يقول المراقبون القانونيون إن المجلس الأعلى للانتخابات يجب أن يعلن حكمه النهائي في غضون أسابيع].بعد التصويت، الذي وصفه “أردوغان” خلال حملته “بالأمر الوجودي لتركيا”، تعتمد قدرته على البقاء السياسي بشكل متزايد على دعم حليفه الرئيسي، وهو حزب قومي متشدد. فاز حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه “أردوغان”، إلى جانب حزب الحركة القومية (MHP)، بنسبة 52 ٪ من الأصوات في جميع أنحاء البلاد في 31 مارس. إذا تعرض “أردوغان” لضغوط للدعوة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة (المقررة في عام 2023)، فسوف يحتاج بشدة التصويت القومي إلى جانبه. للحفاظ على هذا الدعم، سيتعين عليه الحفاظ على (أو حتى تعزيز)، خطابه المعادي للغرب والابتعاد عن أي محادثات سلام مع أكراد تركيا، وهو خط أحمر حقيقي لـMHP. بعبارة أخرى، وضعت انتخابات 31 مارس حدا لمحادثات عضوية تركيا المتوقفة مع الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن “أردوغان” با عن عمد الرهينة السياسية لذئاب تركيا الرمادية.

وقال ألب أرسلان كافاكلو أوغلو، عضو حزب العدالة والتنمية في حزب “أردوغان” ورئيس لجنة الأمن والاستخبارات بالبرلمان، في عام 2018: “أوروبا ستكون مسلمة. سنكون فعالين هناك إن شاء الله. وأنا واثق من ذلك”.

لدى كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا مصلحتهما الخاصة في إطالة مدة عرض هذه الأوبرا الدرامية الكاذبة إلى ما لا نهاية، لكن الجمهور بات يشعر بالملل بشكل متزايد.

——

*بوراك بكديل: كاتب عمود في أنقرة. يكتب بانتظام في معهد Gatestone وDefense News، وهو زميل في منتدى الشرق الأوسط. وهو أيضًا مؤسس ومحرر مشارك في مركز أبحاث Sigma، ومقره “أنقرة”.

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد