ارتفاع حالات إعدام الكرد والبلوش في إيران

المركز الكردي للدراسات
كشف تقريرٌ صدر مؤخراً عن منظمة «هينغاو»، وهي منظمة حقوقية كردية تعنى بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل النظام الإيراني، ارتفاعاً مثيراً للقلق في عمليات إعدام الكرد والبلوش والآذريين من قبل الحكومة. لطالما اعتمد النظام الإيراني على عمليات الإعدام – التي غالباً ما تتم في الأماكن العامة في ساحات المدن والبلدات – كشكلٍ من أشكال السيطرة والهيمنة على مواطنيه ولترسيخ حكمه المستند إلى رجال الدين في المجتمع.
سابقاً، نتج عن التعديلات التي أُدخلت على قوانين مكافحة المخدرات عام 2017 الحد من عمليات الإعدام التي مارسها النظام. وعلى الرغم من ذلك، عادت ممارسات مقلقة للظهور في أعقاب احتجاجات (النساء والحياة والحرية) أواخر عام 2022، إذ بيّنت أن الكرد والبلوش، يواجهون اعتقالات وتعذيب وإعدامات من قبل النظام الحاكم لا تتوافق مع نسبتهم في المجتمع. بحلول نهاية 2022، ارتفع عدد الإعدامات بنسبة مقلقة بلغت 72 في المئة، إذ تم إعدام ما لا يقل عن 582 شخصاً من قبل السلطات. أعرب الخبراء الذين يراقبون الوضع عن مخاوفهم من إمكانية إعدام أكثر من ألف بحلول نهاية 2023.
في واقع الأمر، تم خلال الأيام الثلاثين الماضية إعدام 142 معتقلاً في عدد من السجون الإيرانية. وتثير البيانات والأرقام المخاوف، إذ يتم إعدام حوالى تسعة سجناء كل يومين. وهذا الرقم هو الأعلى في الأعوام الأخيرة، وأثار قلق منظمات حقوق الإنسان. في منتصف مايو/أيار الماضي، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً أشارت فيه إلى القلق بشأن زيادة عمليات الإعدام من قبل النظام. ووثق التقرير أكثر من 60 حالة خلال أسبوعين فقط. ولفت التقرير إلى أن «الزيادة الكبيرة لعمليات الإعدام من قبل السلطات الإيرانية في الأسابيع الأخيرة يعد انتهاكاً خطيراً للحق في الحياة ويجب أن يؤدي إلى إدانة دولية». كما أدانت الأمم المتحدة ما وصفته بـ«العدد الكبير بشكلٍ مخيف لعمليات الإعدام هذا العام» من قبل النظام.
والأمر الأكثر إثارة للقلق، أن من بين 129 شخصاً تم إعدامهم في مايو/أيار، شكّل الكرد والبلوش الجزء الأكبر، إذ تم إعدام 31 بلوشياً و22 كردياً وستة أفغان وتسعة آذريين، أي 37 في المئة ممن أعدموا. ووفقاً لمنظمة العفو الدولي، تم إعدام 173 شخصاً هذا العام حتى الآن بسبب تهم تتعلق بالمخدرات، 20 في المئة منهم من البلوش. تكشف حقيقة أن السكان البلوش يشكلون 5 في المئة من إجمالي السكان في إيران ارتفاع معدلات الإعدام بحق أفراد الأقلية المضطهدة بشدة.
علاوةً على ذلك، فإن التفاصيل التي تم بموجبها إعدام المعتقلين غير واضحة. وتخشى العديد من العائلات أن السلطات أعدمت أحباءها ودفنتهم من دون إبلاغهم، في وقتٍ يواصل النظام سياسة الغموض ويرفض الإفصاح عن أسماء السجناء الذين تم إعدامهم، ما يضيف جواً جديداً من الخوف والرعب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قطاعات المجتمع الفقيرة والمحرومة – التي ترتبط بالكرد والبلوش – معرّضة بشكلٍ أكبر لخطر تنفيذ حكم الإعدام. وبحسب منظمة العفو:
«يتأثر الفقراء والفئات الضعيفة غالباً بعقوبة الإعدام، لأنهم في كثيرٍ من الأحيان ما يكونون غير مدركين لحقوقهم ولا يمكنهم تحمل تكاليف التمثيل القانوني المستقل. كثيراً ما تواجه عائلات أولئك الذين أُعدموا العواقب الاقتصادية الوخيمة لفقدان المعيل والديون الثقيلة الناتجة من الرسوم القانونية».
ويتم إعدام السجناء لعددٍ من الأسباب منها السياسية، والمتعلقة بالمخدرات، والقتل، والاغتصاب، والفساد، والاتجار بالبشر. وتتأتى العديد من التهم من اتهاماتٍ ملفقة ومحاكماتٍ غير عادلة، بما في ذلك تهم «التجديف» التي غالباً ما تستخدم بشكلٍ تعسفي بحق المعتقلين. في كثيرٍ من الحالات، لا يتم توفير محامين أو ممثلين قانونيين أو تعيّن المحاكم محامياً لتمثيل المحتجزين، ما يعني عدم إتاحة أي خيار في اختيار المحامي في محاكماتٍ بالغة الجور. كما تجري العديد من المحاكمات سراً، فضلاً عن أن الاعترافات الصادرة تحت التعذيب والظروف اللاإنسانية شائعة نسبياً.
كما يتم إعدام النساء والقصّر بشكلٍ متزايد، ما يرفع منسوب القلق لدى المراقبين. وبحسب منظماتٍ حقوقية، يمكن إعدام فتيات لا تتجاوز أعمارهن تسعة أعوام، وصبية لا تتجاوز أعمارهم 15 عاماً، في ظل إعدام السلطات 73 قاصراً بين 2005 و2015. ويقضي القاصرون في المتوسط سبعة أعوام في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، وبعضهم ينتظر أكثر من عقد، على الرغم من تصديق إيران على اتفاقية حقوق الطفل.
كما وقعت إيران على المادة 6 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تضمن أن عقوبة الإعدام يجب أن تطبق فقط على أشد الجرائم خطورة، في حين لا تتوافق العديد من حالات الإعدام مع التعريفات والمعايير القانونية التي حددتها الاتفاقية. كذلك، أصبحت عمليات الإعدام بسبب المشاركة في الاحتجاجات أو ممارسة الجنس خارج إطار الزواج أو نشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من الأسباب الشائعة لعمليات الابتزاز التي تسلط الضوء على النهج التعسفي والاعتباطي للنظام في عمليات الإعدام.
وبحسب «هينغاو»، «سُجّلت معظم عمليات الإعدام في سجون كرمان حيث بلغت 16 حالة، وقزيلحصار 14، ورجائي شهر 14، وأصفهان 11، وبندر عباس عشرة، ورشت تسعة، وخرم آباد ثمانية، وسنندج ستة». كما أن العديد منها يتم سراً من دون إعلانٍ رسمي، وتظهر إلى العلن فقط جرّاء حضور أفراد الأسرة والمحامين وشهود العيان ومسؤولي السجون.
يعتبر خبراء ومراقبون بأن الزيادة في عمليات الإعدام ترجع إلى رغبة النظام استعادة ما يشبه السلطة في أعقاب الانتفاضة الشعبية التي حدثت أواخر 2022 بعد مقتل المرأة الكردية جينا أميني بوحشية على يد شرطة الآداب. قُبض على الآلاف، وما زالوا يقبعون رهن الاحتجاز وسط أعمال عنف جنسي مروع ومزاعم تعذيب أخرى.
بناءً على ذلك، من المرجح جداً أن يكون عدد الذين تم إعدامهم أعلى بكثير مما يتم الإبلاغ عنه، وأن تزداد عمليات الإعدام مع سعي النظام إظهار المزيد من البطش.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الأدلة تُظهر أن عدد عمليات الإعدام بين الكرد والبلوش يتزايد ويتضاعف في جميع أنحاء كردستان الشرقية المحتلة وغرب بلوشستان. في الواقع، تضاعف العدد بين عامي 2020 و2021، على سبيل المثال. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن إيران هي ثاني أكثر دول العالم تنفيذاً لأحكام الإعدام. ومن المرجح أن ترتفع نسبة الذين تم إعدامهم هذا العام. يعتبر الوضع أسوأ بالنسبة إلى مثل الكرد الذين يشكلون 13 في المئة فقط من 80 مليون إيراني، إلا أنهم يشكلون 55 في المئة من نسبة من يتم إعدامهم سنوياً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد