هل تتحول حرب الوكالة بين الولايات المتحدة و إيران إلى حربٍ تقليدية؟

سيث جاي فرانتزمان

شنت الجماعات الموالية لإيران طائرات مسيرة وصواريخ لاستهداف القوات والمنشآت الأمريكية في العراق ثلاث مرات في الأيام الثلاثة الماضية، تزامناً مع ذكرى مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة جوية أمريكية في يناير / كانون الثاني 2020. ومع ذلك، يبدو أن تصعيد الهجمات ليس مجرد إحياء ذكرى بشكل رمزي لإطلاق الصواريخ، بل يمكن أن يتطور إلى شيء أكبر لأن الهجمات لم تمتد إلى سوريا بعد، على الرغم أن الولايات المتحدة قد ردت على مصدر النيران.

قد تؤدي إحدى الخطوات المتهورة إلى وقوع إصابات، وقد يؤدي ذلك إلى تحول «حرب الظل» بين الولايات المتحدة وإيران إلى مواجهة عسكرية بينهما بشكل مباشر، مما قد يؤدي إلى حدوث اشتباكات في سوريا قد تؤثر على إسرائيل. سيما أن الجماعات الموالية لإيران استخدمت سوريا كقاعدة لضرب إسرائيل، معتبرة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على في خانة أعداء.

خلال الأيام القليلة الماضية، بدا أن الجماعات الموالية لإيران تسخر طائرات مسيرة لمهاجمة القوات الأمريكية في هجمات رمزية.  ولتفادي الضربات قامت الولايات المتحدة بتركيب أسلحة مُضادة للطائرات المسيرة في بغداد وقاعدة عين الأسد إضافة إلى هوليير (أربيل) أيضا في العراق. في مقطع فيديو تم نشره في أعقاب هجوم 4 يناير / كانون الثاني تمكّن السلاح المضاد للطائرات المسيرة الذي نصّبته الولايات المتحدة في أماكن تواجد قواتها من إسقاط طائرات مسيرة حاولت استهداف قاعدة عين الأسد، وهي قاعدة تضمّ القوات العراقية وفيها منشآت لبعض القوات الأمريكية. وتعرضت القاعدة نفسها لهجوم بالصواريخ الباليستية الإيرانية في كانون الثاني / يناير 2020 بعد أن قامت الولايات المتحدة بتصفية سليماني. تمّ إسقاط الطائرتين المسيرتين اللتان حاولتا استهداف القاعدة في 4 يناير / كانون الثاني بالصواريخ والمدافع الرشاشة ، وهو نظام يعرف باسم منظومة سي _ رام.

ومع ذلك، فإن هجمات الطائرات المُسيّرة في 3 كانون الثاني / يناير في بغداد ، وفي 4 كانون الثاني / يناير على قاعدة عين الأسد كانت مجرد البداية. كانت الصواريخ في بغداد قديمة من عيار 240 ملم، وهي أكبر من الصواريخ عيار 107 ملم التي استخدمت في عشرات الهجمات في عام 2019 ضد القوات الأمريكية في العراق. أمّا في سوريا، تم استخدام المزيد من الصواريخ، التي يُعتقد أنها صواريخ غراد 122 ملم، لاستهداف القوات الأمريكية بالقرب من دير الزور. لترد الولايات المتحدة على مصدر النيران . وتلا ذلك أنباء عن إطلاق صاروخ في الليلة التالية على قاعدة عين الأسد.

 ومنذ أواخر عام 2019 غالباً ما كانت الولايات المتحدة ترد على الهجمات في العراق بضرب الجماعات الموالية لإيران في سوريا، لأن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يمكنه أن يفعل ما يشاء في سوريا، ولا يمكن للنظام السوري أن يطلب من الولايات المتحدة تركها في سوريا لمحاربة داعش. في حين يختلف الوضع الامريكي في العراق، حيث يبدو أكثر خطورة من نظيرتها في سوريا.

مؤخراً، طالبت الكتل النيابية في البرلمان العراقي المؤيدة لإيران بضرورة إنسحاب الولايات المتحدة من العراق. من جانبها قالت الولايات المتحدة إنها انهت العمليات القتالية، لكن لديها آلاف الأفراد في العراق. غالباً ما ترتبط الأصوات في البرلمان التي تعارض وجود الولايات المتحدة بالميليشيات الموالية لإيران في العراق والتي لها علاقات مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني، مما يعني أن الولايات المتحدة لا تريد الرد على الهجمات في العراق والتسبب في وقوع إصابات. عندما ردت الولايات المتحدة بضربات جوية في عام 2019، أدت إلى هجوم على السفارة الأمريكية في بغداد، وردت الولايات المتحدة بقتل سليماني والزعيم العراقي الموالي لإيران أبو مهدي المهندس. تلك هي الحلقة التي قادتنا إلى ما نحن عليه الآن.

تشير التقارير الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة ردت فعلاً في سوريا. وأشارت شبكة سي إن إن نقلاً من بيان التحالف الدولي « قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ردت بإطلاق النار بعد أن تعرضت صباح الأربعاء للهجوم من قبل مليشيات مشتبه بها مدعومة من إيران أطلقت ثمانية صواريخ بشكل غير مباشر على قاعدتها في شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، على الرغم من عدم وقوع إصابات في صفوف التحالف».

وافاد بيان أميركي إن التحالف « إستجاب للموقف بسرعة ورد على مصدر النيران بإطلاق ستة قذائف مدفعية باتجاه نقطة انطلاق الهجوم خارج مدينة الميادين بسوريا». تُعرف الميادين بأنها مركز للنشاط الإيراني. وهي على نفس الطريق من البوكمال على الحدود مع العراق إلى دير الزور.

يعتبر هذا المكان بيئة خصبة للميليشيات الموالية لإيران. توجد في البوكمال قاعدة إيرانية تسمى الإمام علي. في يونيو/ حزيران 2018 ، اصابت غارة جوية مقر كتائب حزب الله في البوكمال. كانت كتائب حزب الله بقيادة أبو مهدي المهندس وترتبط بالحرس الثوري الإيراني وتلعب دورا رئيسياً في العراق. هذه الشبكة من الميليشيات الموالية لإيران هي التي تربط سوريا بالعراق وتربط إيران بحزب الله عبر أماكن مثل الميادين والبوكمال.

في المرحلة الراهنة، بدأ صراع الظل بين الولايات المتحدة وإيران يطفو للسطح، والذي امتد من بغداد إلى الهجمات على الولايات المتحدة في قاعدة التنف بـ سوريا، والذي بات يتنامى منذرا بحدوث مواجهة بين الدولتين بأي لحظة، الأمر الذي قد ينعكس على إسرائيل أيضا، لأن تقارير أجنبية أفادت في الفترة الماضية إن الجماعات الموالية لإيران استهدفت قاعدة التنف رداً على الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا. ويمكن أن يؤثر أيضاً على مفاوضات صفقة إيران في فيينا.

المصدر: جيروزاليم بوست 

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد