ماذا وراء الدوريات الجوية الروسية – السورية المشتركة؟

بول إيدون

أعلنت وزارة الدفاع الروسية في أواخر كانون الثاني عن إجراء مقاتلات حربية روسية وسورية دوريات مشتركة بشكل مُحاذ لمرتفعات الجولان ونهر الفرات.

وجاء في البيان أن « مسار المهمة شمل مرتفعات الجولان والحدود الجنوبية لسوريا ونهر الفرات وشمال سوريا. حيث أقلع الطيارون الروس من قاعدة “حميميم” الجوية فيما أقلع نظرائهم السوريين من قاعدتي ” صيقل والضمير” قرب دمشق».

وأضاف البيان أن طائرات الإنذار المبكر والسيطرة الروسية ” سوخوي ٣٤ و سوخوي ٣٥ إضافة إلى بيريف إيه – ٥٠” كانت برفقة المقاتلات السورية من طراز ” ميغ ٢٣ و ميغ ٢٩”  .

وجاء في البيان أيضاً « أثناء الدورية المشتركة، سيطر الطيارون السوريون على المجال الجوي، فضلاً عن قيامهم بتوفير غطاء جوي خلال العملية، بينما أجرت الطواقم الروسية تدريبات على أهداف برية» . كما أن الطيارين من كلا البلدين طوّروا مهارات التواصل والتعاون خلال مختلف المواقف، وستستمر هذه المهمات المشتركة بشكل دوري».

 ما الذي تمثله هذه الدورية الجوية المشتركة بالنسبة للقوات الجوية الأجنبية التي تنفذ بشكل روتيني عمليات في المجال الجوي السوري؟ وما الذي تحاول روسيا إيصاله او تخطط له؟

من المرجح أن تكون هذه الخطوة لها صلة بما يحدث في أوكرانيا حيث تسعى روسيا لإظهار عضلاتها وقوتها في سوريا. وقد بدأت روسيا بخطوات تكرس من وجودها العسكري في سوريا لعقود مقبلة خاصة بعد استئجارها قواعد جوية وبحرية من سوريا لمدة نصف قرن على الأقل ( ٥٠ عاما) .

قبل أقل من أسبوعين من الدوريات المشتركة مع سلاح الجو السوري، أعلن جنرال روسي أن القاذفات الروسية من طراز ” توبوليف تي يو-22 إم” المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية الروسية في غرب سوريا بإمكانها إصابة أي هدف في عرض البحر المتوسط. وقد حطّت القاذفات ” توبوليف تي يو-22 إم”  لأول مرة في القاعدة الجوية السورية-الروسية في 25 حزيران بعد أن وسعت روسيا مدرجاً هناك لاستيعابها.

وتعتبر موسكو وجودها العسكري في سوريا على أنه « شوكة في الخاصرة الجنوبية لحلف الناتو».

على الرغم من إجراء هذه الدوريات المشتركة، لم تُوقف القوات الجوية الأجنبية من طلعاتها الجوية داخل المجال الجوي السوري، لأسباب متعددة، وسلاح الجو السوري عاجز عن مجابهة هذه القوات بمفرده كون طائراته قديمة جداً ومتهالكة . في عام ٢٠٢٠ أظهرت صورا لطائرة ” ميغ ٢٩” الأكثر تطوراً في سلاح الجو السوري كيف أنها أصبحت متهالكة بعد أكثر من عقد من الحرب.

إضافة إلى روسيا، هناك ٣ قوى جوية أجنبية تقوم بطلعات بشكل روتيني في المجال الجوي السوري وهي إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة. في الماضي، أسقطت هذه الدول طائرات تابعة لسلاح الجو السوري ، كما أسقطت تركيا طائرة روسية من طراز ” سوخوي 24″ في 24 تشرين الثاني 2015، مما تسبب في أزمة حرجة استمرت لأشهر مع موسكو.

من المحتمل أن إشراك القوات الجوية السورية في الدوريات المشتركة من قبل موسكو هو لمساعدة دمشق على استعادة السيطرة على مجالها الجوي.

ما هي دوافع الطلعات الروتينية للقوة الجوية للدول الثلاث ( إسرائيل والولايات المتحدة و تركيا) داخل المجال الجوي السوري؟

إسرائيل

في أعقاب الدورية المشتركة في 24 كانون الثاني، أفادت مصادر إعلامية بأن إسرائيل أجرت محادثات مع ضباط بالجيش الروسي، حيث أعربت عن قلقها كون الدورية المشتركة تمر بالقرب من مرتفعات الجولان، خاصة أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن مثل هذه الدوريات ستقام بشكل دوري. ووفقًا لموقع ” واي نت” الإخباري الإسرائيلي، فإن هذه الدورية المشتركة بقيادة روسيا قد تحد من قدرة إسرائيل على شن غارات جوية في سوريا .

ورأى التقرير أن أحد الأسباب الكامنة وراء تسيير الدورية هو إعتقاد الروس « بأن إسرائيل ستشن ضربات في سوريا بعد توقف مؤقت في فصل الشتاء، وأن هذه الدورية ستحول دون إقدامها على ذلك»

السبب الآخر لتسيير روسيا للدورية على طول الحدود مع مرتفعات الجولان هو إستيائها من شن إسرائيل ضربتين جويتين ضد ميناء سوريا الغربي” اللاذقية” في كانون الأول، فضلاً عن توجيه تحذير لإسرائيل من مغبة شن ضربات ضد مناطق معينة داخل البلاد. تجنبت إسرائيل التي شنّت عمليات جوية ضد أهداف إيرانية في سوريا منذ حوالي عقد من الزمن، قصف مدينة اللاذقية نظرًا للوجود العسكري الذي حافظت عليه روسيا هناك منذ التدخل في الصراع السوري في عام 2015 . إضافة إلى هجوم إسرائيل الذي طال مدينة اللاذقية عام 2018 وأدى إلى خلق حالة من التوتر مع روسيا، فقد استهدفت إسرائيل في أوقات سابقة المدينة الساحلية، تحديداً في 2014 و 2013 قبل التدخل الروسي.

والأهم من ذلك كله هو تصريح نائب المركز الروسي للمصالحة في حزيران الماضي الأدميرال فاديم كوليت عندما قال إن منظومة الدفاع الجوي السورية ” بانتسير” و ” صواريخ بوك إم ٢ ” تمكنت من اعتراض صواريخ إسرائيلية في مناسبتين منفصلتين ذلك الشهر. يعتبر تصريح الادميرال بمثابة تحذير روسي لإسرائيل للحد من حملتها الجوية، فضلاً عن إيصال رسائل لها بأن روسيا تعمل أيضاً على تطوير قدرة سوريا للدفاع عن مجالها الجوي بتزويدها بأحدث الأسلحة الروسية.

منذ تدخل روسيا في سوريا عام 2015، سارعت إسرائيل إلى إقامة غرفة عمليات مع موسكو لتفادي وقوع حوادث بالمجال الجوي السوري بينهما. وخلال السنوات السبع الماضية، غضّت روسيا الطرف عن مئات الضربات الجوية الإسرائيلية في جميع أنحاء سوريا .

وصلت التوترات ذروتها بين روسيا وإسرائيل، بعد استهداف مقاتلات إسرائيلية للاذقية في أيلول 2018 ، لترد سوريا بإطلاق صاروخ من طراز ” أس-٢٠٠” ضدها أصاب طائرة روسية ما أسفر عن مقتل 15 عسكريا. وحمّلت موسكو إسرائيل مسؤولية الحادث وذلك لتعمد مقاتلاتها جعل الطائرة الروسية غطاء لعملياتها ولتفادي المضادات السورية. رداً على ذلك، سارعت روسيا بتسليم منظومة ” إس- ٣٠٠” المتطورة إلى سوريا لتحسين الدفاعات الجوية المتهالكة. ومنذ تلك الفترة، بقيت منظومة صواريخ إس 300 السورية تحت إشراف العسكريين الروس بكل المقاييس، والسبب المرجح وراء ذلك هو عدم رغبة موسكو قيام سوريا باستخدام هذه المنظومة ضد المقاتلات الإسرائيلية والمخاطرة بتدميرها سريعاً، الأمر الذي من شأنه أن يفند مزاعم روسيا بأن أنظمتها أفضل من نظيراتها الغربية.

في هذا السياق، شنت إسرائيل ضربات ضد أهداف في سوريا منذ الدورية الروسية – السورية المشتركة في 24 كانون الثاني. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن « الضربات الإسرائيلية المستمرة ضد أهداف داخل سوريا تثير قلقاً عميقاً. وهي انتهاك صارخ للسيادة السورية وقد تؤدي إلى مُفاقمة الوضع، فضلاً عما تشكله هذه الهجمات من مخاطر كبيرة على الطائرات المدنية. ونجدد دعوتنا للجانب الإسرائيلي بالكفّ عن شن مزيداً من الهجمات الجوية ».

وفي حال عدم التزام القوات الجوية الإسرائيلية بتحذيرات روسيا بضرورة الحد من عملياتها، فالوقت كفيل بترجمة أقوال روسيا حيال إسرائيل إلى أفعال في حال عبثيّة الإدانات اللفظية أو الدوريات الرمزية مع القوات الجوية السورية لتقييد حرية عمل القوات الجوية الإسرائيلية فوق سوريا وقد تصل إلى درجة الاشتباك المباشر معها.

تركيا

لم تشكل القوات الجوية السورية مصدر تهديد ضد سلاح الجو التركي. وفي باكورة الحرب السورية ، بدأت مقاتلات ” أف ١٦” التركية المجهزة بصواريخ “جو – جو” طويلة المدى طراز ” أيم ١٢٠ أمرام” بدوريات على حدودها مع سوريا، حيث أسقطت عام 2014 مقاتلة ” ميغ 23″ تابعة لسلاح الجو السوري. تغير مجرى الأمور عندما تدخلت روسيا في عام 2015 وبدأت بالقصف على مقربة من الحدود التركية منتهكة بذلك المجال الجوي التركي في كثير من الأحيان. في 24 تشرين الثاني 2015، أسقطت مقاتلة تركية من طراز “أف ١٦” قاذفة روسية من طراز ” سوخوي ٢٤” لأنها تجاوزت المجال الجوي التركي لفترة وجيزة .

ردّت روسيا على الحادثة بإغلاق المجال الجوي السوري أمام تركيا ونشرت منظومة صواريخ طويلة المدى من طراز ” أس ٤٠٠” في البلاد ( و التي كانت قد نشرت في السابق دفاعات جوية قصيرة إلى متوسطة المدى).  لعدة أشهر، تفادت تركيا المخاطرة بشن عمليات داخل سوريا خشية إغتنام روسيا الفرصة لإسقاط مقاتلة تركية ” إف ١٦” انتقاماً لإسقاط مقاتلة ” سوخوي ٢٤”

بحلول صيف عام 2016 خفت حدة التوترات بين البلدين بعد أن أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أسفه بشأن الحادث. ومن ناحية أخرى، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول زعيم يُعرب عن دعمه لحكومة أردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز 2016 في تركيا.

في الشهر التالي، وبضوء أخضر من روسيا أطلقت تركيا عملية “درع الفرات” في شمال غرب سوريا بهدف محاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يسيطر على مساحات واسعة.

على مدى أكثر من أسبوعين في تشرين الأول وتشرين الثاني 2016 ، أثناء محاصرة قواتها الميليشيات التابعة لها تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الباب، لم تجرؤ تركيا على شن أية غارات أو مد يد العون بعد تهديد سوريا لها بإسقاط مقاتلاتها عبر دفاعاتها الجوية روسية الصنع . وبعد إجراء تركيا مشاورات مع روسيا، استأنفت عملياتها في سوريا حيث التزمت الأخيرة الصمت مما يؤكد سيطرة روسيا بالكامل على مجالها الجوي.

في 26 كانون الثاني2017 أعلنت روسيا أنها نفذت ضربات مشتركة مع القوات الجوية التركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة حلب . حيث استهدفت المقاتلات الروسية ” سوخوي ٢٤ ام” و ” سوخوي ٣٥ إس” المسلحين إلى جانب المقاتلات التركية ” إف ١٦” و ” إف 4″ في المراحل الأخيرة من عملية درع الفرات. وعلى مايبدو فقد تطورت علاقات البلدين كثيرا منذ تشرين الثاني 2015.

في كانون الثاني 2018، شنت تركيا عملية أخرى أطلقت عليها  “عملية غصن الزيتون”  حيث غزت مدينة عفرين الكردية شمال غرب سوريا. أظهرت هذه العملية مرة أخرى اعتماد تركيا على روسيا للسماح لها باستخدام المجال الجوي السوري قاطعة الطريق أمام أية إعتراضات قد تصدر من سوريا.

في بداية العملية، هددت سوريا بإسقاط الطائرات التركية مرجعة ذلك إلى” عودة قوة دفاعاتها الجوية بشكل كامل”. بيد أن دمشق التزمت الصمت، وشنت المقاتلات التركية عملياتها بحرية فوق مدينة عفرين ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية. بعد فترة وجيزة من دخول الدبابات التركية إلى مدينة عفرين ونهب الميليشيات السورية المدعومة من تركيا منازل المدنيين والشركات في وضح النهار، أغلقت روسيا المجال الجوي فوق مدينة عفرين من 18 إلى 24 أذار، لتأمين ممر أمن لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من عفرين إلى منطقة تل رفعت المحاذية لها .

في 27 شباط 2020، استهدفت غارة جوية رتلا عسكريا تركيا في قرية ” بليون” بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا. حيث أسفرت عن مقتل أكثر من 34 جنديا تركيا، وهي أكبر خسارة مُني بها الجيش التركي منذ عملية أنقرة في عام 1974 ضد قبرص. وردت تركيا على ذلك بشن عملية ” درع الربيع” واستخدمت طائرات مسيرة و مقاتلات حربية ضد الجيش السوري، حيث دمرت عشرات المركبات المدرعة، فضلاً عن إسقاط طائرتين من طراز ” سوخوي ٢٤” و ” إل ٣٩ ” تابعتين لسلاح الجو السوري .

في مقابل ذلك، لم تقف روسيا بوجه العملية التركية، وبالمثل لم تستهدف تركيا القوات الروسية . و على الرغم من ذلك، فإن الكثيرين في الجيش التركي، وفقاً لتقرير حصري أجراه موقع ميدل إيست آي، مقتنعون تمامًا بأن من شن الضربة ضد الرتل التركي بقرية “بليون” كان سلاح الجو الروسي وليس القوات الجوية السورية، التي تفتقر إلى القدرة على مثل هكذا ضربات دقيقة ولا يمكنها حمل قنابل “خارقة للتحصينات”.

وفي حال صحة هذه الرواية، فروسيا مسؤولة عن مقتل 34 جنديا تركيا وسمحت لتركيا بحفظ ماء الوجه من خلال الانتقام من قوة عسكرية وجوية سورية أضعف بكثير منها وأقل تطورا.

بالنظر إلى ما سبق، فإن القوات الجوية الروسية بإمكانها ردع أو عرقلة عمليات القوات الجوية التركية في المجال الجوي السوري سواء عبر دوريات مشتركة مع القوات الجوية السورية أو بمفردها .

الولايات المتحدة

بدأت الولايات المتحدة أولى ضرباتها الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية بسوريا في أيلول عام 2014 تحت مسمى ” عملية العزم الصلب” . وفي ذلك الشهر كانت مقاتلاتها التي دخلت المجال الجوي السوري تحمل صواريخ ” إيه جي إم-88 هارم”  المضادة للإشعاع لمواجهة المضادات الجوية السورية.

في آب 2016 ، عندما حاولت مقاتلتان سوريتان من طراز ” سوخوي ٢٤”  قصف مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، تم ردعهم بقوة من قبل مقاتلات الشبح الأمريكية ” أف ٢٢ رابتور”.

في حزيران عام ٢٠١٧ أسقطت المقاتلة ” إف\إيه – 18 هورنت” التابعة للبحرية الأمريكية مقاتلة ” سوخوي ٢٢” بعد أن استهدفت الأخيرة القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة بمدينة الطبقة.

تستطيع المقاتلات الأمريكية إيقاف أو حتى إلحاق الهزيمة بالمقاتلات السورية. على عكس روسيا التي تحدى الوجود الجوي الأمريكي فوق سوريا مما أدى إلى حوادث خطيرة فوق وادي الفرات الأوسط.

على الرغم من فتح قنوات إتصال بين روسيا والولايات المتحدة لتفادي وقوع حوادث أثناء قيامهما بعمليات داخل سوريا، إلا أنه حصلت عدة صدامات قريبة وخطيرة بين المقاتلات الأمريكية والروسية أثارت مخاوف من حدوث توترات في الجو بداية من عام 2016 . في خريف ذلك العام، اقتربت مقاتلة روسية من طراز ” سوخوي ٣٥ فلانكر” على بعد بضع مئات من الأقدام من طائرة رادار أمريكية قبل أن تحلق، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال  « إلى الشمال و الشرق عبر مقدمة الطائرة الأمريكية، مسببة موجه هواء عاتية في مسارها وعطلت إلكترونياتها الحساسة لفترة وجيزة».

بعد حادثة إسقاط مقاتلة” سوخوي ٢٢” في حزيران عام 2017 ، حذرت روسيا الولايات المتحدة من أنها ستستهدف أي مقاتلة أمريكية تحلق غرب نهر الفرات، حيث أُعتبر النهر حدا فاصلا بينهما. وفي الأشهر التي تلت ذلك، نفذت الطائرات الحربية الروسية عدة مناورات استفزازية بالقرب من الطائرات الأمريكية.

في تشرين الثاني ٢٠١٧ ، اصطدمت مقاتلتان هجوميتان تابعتان للقوات الجوية الأمريكية من طراز ” أيه-10″  بمقاتلة روسية من طراز ” سوخوي ٢٤” عندما اقتربت مسافة 300 قدم من المقاتلات الأمريكية شرقي الفرات . وعلى مدار اليومين التاليين، حلقت مقاتلة روسية من طراز ” سوخوي ٣٠ فلانكر”  على ارتفاع 1000 قدم مباشرة أسفل مقاتلات ” أيه-10″ ، وبعد أيام قليلة من ذلك، اصطدمت المقاتلة الأمريكية ” إف ٢٢” مع المقاتلة الروسية ” سوخوي ٢٤” بعد عبورها إلى شرقي الفرات، وحلّقت ثلاث مرات فوق القوات المدعومة أمريكيا لمدة 20 دقيقة .

في الشهر التالي، اعترضت مقاتلات أمريكية ” إف ٢٢” مقاتلات هجومية روسية ” سوخوي ٢٥” و أطلقت قذائف تحذيرية في مواجهة جوية استمرت “عدة دقائق”.

ووفقًا للناطق الرسمي باسم القيادة المركزية للقوات الجوية في تلك الفترة ، فإن إحدى طائرات ” سوخوي ٢٥”  « حلقت بالقرب من طائرة ” إف ٢٢ ايه” لدرجة أنها أُجبرت للمناورة بقوة لتجنب الاصطدام في الجو . كما حلقت مقاتلة روسية من طراز ” سوخوي ٣٥” عبر النهر وتتبعتها المقاتلة الأمريكية “أف ٢٢ أيه” .

و تعتبر هذه الحوادث في سوريا « المرة الأولى التي يصطدم بها الطيارون الغربيون والروس بشكل روتيني منذ الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1973 في سيناء» .

منذ تلك الفترة لم تحدث أية صدامات بين الطرفين، بيد أنها من المحتمل أن تعود للظهور مرة أخرى ، خاصة فيما إذا تدهورت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بسبب أوكرانيا، فضلاً عن استفزازات موسكو ضد الولايات المتحدة في سوريا.

بلا ريب، فإن الحوادث الماضية تُظهر أن الولايات المتحدة لن تتردد في إسقاط أية مقاتلة سورية تشكل مصدر تهديد لها او ضد التحالف الدولي في شمال شرق سوريا. ولكن ذلك لا ينطبق في حال كانت الطائرات السورية تقوم بمهام مشتركة مع الطائرات الروسية، ربما كجزء من مسعى روسي لمساعدة سوريا على إعادة السيطرة تدريجياً على مجالها الجوي الشرقي.

في هذه الحالة، قد تُجبر الولايات المتحدة للتفكير ملياً لتفادي خطر الاصطدام مع روسيا وما يتمخض عنه من نتائج كارثيّة.  ولأن التعنت الروسي بشأن أوكرانيا يزيد من خطر اندلاع حرب في أوروبا الشرقية، فقد تكون موسكو أكثر استعدادًا للمجازفة بالتصعيد في المجال الجوي السوري.

المصدر: مجلة فوربس

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد