أعداء في الشرق الأوسط .. حلفاء في إثيوبيا

بعد أن كانت قوات تحرير تيغراي على وشك إعلان حصار العاصمة الإثيوبية أديس أبابا قبل أسابيع، حققت القوات الحكومية تقدماً كبيراً خلال الأسبوع الماضي إلى أن اضطرت معه قوات تيغراي إلى الانسحاب من مناطق كانت قد سيطرت عليها قبل شهور.

في خلفية المشهد تبرز خيوط ما زالت غير مكتملة عما يشبه حرباً بالوكالة بين قوى إقليمية على الأرض الإثيوبية. فالصراع الذي بدأ بسبب عوامل داخلية واختلال التوازن بين الاثنيات المتعددة في إثيوبيا اتسع على نطاق إقليمي. وتشير تقارير أميركية إلى وجود دور تركي أدى إلى رجحان كفة حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد أمام تقدم قوات تيغراي الذي بدا كاسحاً قبل شهور. ولا توجد اصطفافات علنية في الصراع الدائر في منطقة القرن الأفريقي، إلا أن الاتجاهات السياسية تشير إلى وقوف مصر ضد الحكومة الإثيوبية لكن ليس من الواضح إذا كانت القاهرة، ومعها الخرطوم، تؤيدان فعلاً جبهة تيغراي. في المقابل، بدا واضحاً أن معارضي قرار تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للأمم المتحدة بحصوص النزاع في إثيوبيا يميلون إلى دعم حكومة أبي احمد في أديس أبابا، ومن الدول التي عارضت المقترح تركيا والإمارات وإسرائيل وإيران، وهي دول ذات خصومات تاريخية وتنقسم في الشرق الأوسط على معسكرات متنافسة إقليمياً ودولياً.

وقال مصدران غربيان لوكالة رويترز إن هناك خلافات بين السلطات الأمريكية وتركيا بشأن مبيعات تركيا من الطائرات المسيرة المسلحة إلى إثيوبيا، وأضافا أن هناك أدلة متزايدة على أن الحكومة الإثيوبية استخدمت الأسلحة ضد المقاتلين المتمردين. وبحسب مسؤول غربي كبير فإن لدى واشنطن “مخاوف إنسانية بالغة” بشأن هذه المبيعات التي قد تتعارض مع القيود الأمريكية على صادرات الأسلحة إلى أديس أبابا.

ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن دبلوماسيين غربيين، أنه على مدى الأشهر الأربعة الماضية، زودت الإمارات وتركيا وإيران أبي أحمد بعضاً من أحدث الطائرات المسلحة بدون طيار، حتى عندما كانت الولايات المتحدة والحكومات الأفريقية تحث على وقف إطلاق النار ومحادثات السلام. وفيما يتعلق بدوافع هذه الدول، قالت الصحيفة: “تتنوع بين كسب المال، والحصول على ميزة في منطقة استراتيجية، ودعم منتصر في الصراع المتصاعد”.

وقلبت الطائرات بدون طيار المعادلة على الأرض بالفعل ، حيث قصفت مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وقوافل الإمدادات الخاصة بهم أثناء تقدمهم على طريق سريع رئيس باتجاه العاصمة أديس أبابا.

وأسفر القتال المستمر منذ أكثر من عام بين قوات الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، والذي يعد أحد أكثر الصراعات دموية في أفريقيا، عن مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين.

وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن المبعوث الأمريكي إلى منطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان “ناقش التقارير عن استخدام طائرات مسيرة مسلحة في إثيوبيا والمخاطر المصاحبة لذلك على المدنيين” خلال زيارة إلى تركيا الأسبوع الماضي. وقال مسؤول تركي كبير إن واشنطن عبرت عن استيائها خلال عدة اجتماعات، في حين لم ترد الحكومة أو الجيش في إثيوبيا على طلبات للتعقيب.

ورفضت تركيا، التي تبيع طائرات مسيرة لعدة دول في أوروبا وأفريقيا وآسيا، الانتقادات التي تتهمها بأنها تلعب دورا في زعزعة الاستقرار في أفريقيا، وقالت إنها على تواصل مع كافة الأطراف في إثيوبيا للحث على المفاوضات. وفي الأسبوع الماضي وافقت الأمم المتحدة على إجراء تحقيق مستقل بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في إثيوبيا، في خطوة عارضتها الحكومة بقوة. وقالت قوات إقليم تيغراي إنها انسحبت من بعض المناطق الشمالية بعد تقدم قوات الحكومة، وطالبت في خطاب إلى الأمم المتحدة بفرض منطقة حظر طيران لمنع تحليق الطائرات المسيرة وغيرها من الطائرات المعادية فوق الإقليم.

في مايو أيار الماضي، قيدت وزارة الخارجية الأمريكية صادرات العتاد الدفاعي إلى القوات المسلحة الإثيوبية. وفي سبتمبر أيلول وافق البيت الأبيض على فرض عقوبات على الضالعين، ولو على نحو غير مباشر، في سياسات تهدد الاستقرار وتؤدي إلى تفاقم الأزمة أو تعرقل المساعدات الإنسانية هناك، لكن لا يوجد أي مؤشر على أي تحرك مماثل ضد تركيا. وامتنعت وزارة الخزانة الأمريكية عن التعقيب بشأن ما إن كانت هذه العقوبات ستطبق على تركيا.

وكشفت بيانات جمعية المصدرين أن صادرات الدفاع التركية إلى إثيوبيا بلغت نحو 95 مليون دولار في الشهور الإحدى عشر الأولى من 2021، مقارنة مع عدم وجود صادرات فعليا في العام الماضي. ولم يؤكد مسؤولون أتراك وإثيوبيون علنا مبيعات الطائرات المسيرة، التي نشرت رويترز تقريرا بشأنها لأول مرة في أكتوبر تشرين الأول.

واشترت إثيوبيا أيضا طائرات مسيرة من الإمارات، التي لم ترد على طلب للتعقيب بشأن المخاوف الأمريكية المحتملة. وكان مقررا أن يزور فيلتمان الإمارات هذا الشهر أيضا.

وتسبب القتال بنزوح أكثر من مليوني شخص ودفع بمئات الآلاف إلى عتبة المجاعة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، مع ورود تقارير عن مذابح وعمليات اغتصاب جماعي ارتكبها الطرفان ما دفع أعلى هيئة حقوقية في الأمم المتحدة إلى الأمر بفتح تحقيق دولي في الانتهاكات المفترضة.

واندلعت الحرب في إثيوبيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عندما أرسل رئيس الوزراء الجيش إلى إقليم تيغراي لإطاحة السلطات المحلية المنبثقة من جبهة تحرير شعب تيغراي بعد اتهامها بتدبير هجمات على ثكنات للجيش الفدرالي. وبرر أحمد الخطوة بأن قوات الجبهة هاجمت معسكرات للجيش الفدرالي، وتعهد تحقيق نصر سريع. لكن بعد تكبدهم خسائر، حقق المتمردون انتصارات مفاجئة، واستعادوا السيطرة على القسم الأكبر من تيغراي بحلول حزيران/يونيو قبل التقدم نحو إقليمي أمهرة وعفر المجاورين.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد