كيف ترى الدوائر الأمنية في إسرائيل الانسحاب الأمريكي من المنطقة؟

يونا جيريمي بوب

أدلى رؤساء مخابرات سابقون بمجموعة واسعة من الآراء حول مغبة إنسحاب إدارة بايدن من أفغانستان على قضايا الأمن العالمي. ووفقًا لرئيس الموساد الإسرائيلي السابق شبتاي شافيت فإنه ليس بمقدور الولايات المتحدة مغادرة الشرق الأوسط حتى لو كان هذا هو الهدف المعلن لإدارة بايدن، لأن أحداث وأزمات الشرق الأوسط لها وضع خاص. وقد أضاف ” لن يسمح الشرق الأوسط للولايات المتحدة بالمغادرة”.

تناقضت وجهة نظر شافيت مع ثلاثة رؤساء استخبارات سابقين آخرين حول ماهية تأثير إنسحاب إدارة بايدن من أفغانستان على قضايا الأمن العالمي، وبقاء الولايات المتحدة كقوة في المنطقة، والتهديدات من إيران وحماس.

ومن داخل المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب «ICT» في هرتسيليا، أعرب الرؤساء السابقون  يوم الأحد لـ«وكالة المخابرات القومية» (الموساد) وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) و«استخبارات الجيش الإسرائيلي» (أمان) عن مجموعة واسعة من الآراء، لا سيّما حول انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط .

وفي هذا الصدد قال رئيس مخابرات الجيش الإسرائيلي السابق الميجر جنرال أهارون زئيفي فركش ومدير الشاباك السابق يعقوف بيري، إن الولايات المتحدة تسعى لتقليص وجودها في الشرق الأوسط ، بينما أكد شافيت أن الولايات المتحدة ستبقى، وكذلك صرح مدير الموساد السابق أفرايم هاليفي أن الولايات المتحدة لم تقرر بشكل فعلي الانسحاب.

وعلَّق فركش: «الجميع في الشرق الأوسط ينتظرون مغادرة الولايات المتحدة، خاصة أن الولايات المتحدة قد قلصت بالفعل دورها في سوريا والسعودية وأماكن أخرى في المنطقة، بينما كانت أفغانستان استمراراً دراماتيكياً لتأكل دور واشنطن عالمياً. وتالياً سيتم الانسحاب عاجلاً أم آجلاً سواء من الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر” .

وفي جهة نظر متشابهه بين بيري وزئيفي فركش، فإنهما يعتقدان أن انسحاب الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص من قضايا الأمن العالمي خارج مناطق نفوذهم، سيشجع الجماعات الإرهابية على أن تكون أكثر عدوانية.

وفي مداخلة له بخلاف وجهات النظر السابقة، شدد شافيت أنه يحترم آراء الآخرين بشأن هذه القضية، لكن يرى:” إن كانت الولايات المتحدة تريد أن تكون رقم واحد، فلا يمكنها المغادرة “.

من جهته، قال مدير «الموساد» السابق، إفرايم هاليفي، الذي اتخذ موقفاً وسطياً من بين الحضور « إن الولايات المتحدة لا تعرف ما الذي ستفعله. إنها ليست مهتمة بالشرق الأوسط، بل بالقضايا العالمية»، ولكن في نفس الوقت،” لن تندفع الولايات المتحدة إلى الخروج من المنطقة”.

وأضاف زئيفي فركش أن حديثه عن الإنسحاب يرتبط أكثر باستخدام الولايات المتحدة للقوة وخاصة القوات البرية.

وفي معرض تسليط الضوء على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قال شافيت إنه يعتقد أن  إتفاقيات إبراهيم والتشكيلة الحالية في المنطقة يمكن أن تؤدي إلى إقامة تحالف يجمع إسرائيل والدول السنية والولايات المتحدة، وبالتالي التوصل إلى صيغة حل توافقي فيما بينهم.

أما بالنسبة لبيري فقد كان غير متفائل بما هو قادم في الضفة الغربية والذي سيكون عبارة عن  ” حرب خلافة داخلية كبيرة للسيطرة ” من قبل السلطة الفلسطينية عبر خلفاء محتملين للرئيس الطاعن في السن محمود عباس.

وبدوره، حذر رئيس الشاباك السابق من أن عدم الاستقرار الكامن وراء مستقبل القيادة الفلسطينية يعني عدم وجود حل يلوح بالأفق ، وأن إسرائيل ستظل عالقة في الضفة الغربية لعدة أعوام مقبلة.

وفي ضوء كل ذلك، أتفق رؤساء المخابرات على أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان عزز ثقة حماس وحزب الله في صراعهما مع إسرائيل.

فيما قال زئيفي فركش، في سياق حديثه عن غزة، إن إسرائيل بحاجة إلى ” توجيه ضربة كبيرة إلى غزة كنوع من الردع ” ومنع حماس من شن هجمات صاروخية بشكل دوري  أو القيام بأي نشاط ضدها.

وأوضح هاليفي تصوره بخصوص قطاع غزة، واعتبر بأن إسرائيل بحاجة إلى أجراء حوار مع حماس، والاعتراف بأن الحركة أصبح تحكم غزة منذ 14 عاماً، وينبغي التوصل إلى تفاهم طويل الأمد معها حتى ولو كانت تفضل سحق الحركة.

أما بالنسبة لإيران، فقد قال زئيفي فركاش إن حكومة بنيامين نتنياهو السابقة ” سهلت وصول إيران لحيازة السلاح النووي … إضافة لعدم قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش منذ 24 فبراير / شباط “.وتبعاً لذلك، تداخل مزيج من الأمل والريبة خطاب رؤساء المخابرات حول كيفية تعامل الحكومة الحالية مع قضية إيران .

قبيل إنعقاد المؤتمر، شرح مساعد الأمين العام لحلف الناتو للإستخبارات والأمن ديفيد كاتلر تجربته الشخصية حول يوم 11 سبتمبر / أيلول. حيث قال كاتلر لقد كانت أكبر ضربة قاصمة للولايات المتحدة في تاريخها، وأنها مهدت الطريق لانتشار الإرهاب بما هو عليه الآن على مستوى العالم، وأضاف إن هذا الإرهاب من الصعوبة هزيمته وسط إنتشار التكنولوجية المتطورة والتي تزيد من تعزيز التهديد وتجعل من الصعب مواجهة الجماعات الإرهابية.

وفي هذا السياق أظهر مؤسس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمدير التنفيذي في جامعة رايشمان ( مركز هرتسليا متعدد التخصصات)، بواز غانور، الأهمية الجوهرية لمعالجة أنواع مختلفة من التهديدات الإرهابية وفقًا لصفاتها الفردية، وأن إسرائيل والغرب بحاجة إلى فهم الاختلافات لمحاربة قدرات ودوافع الإرهابيين،  إضافة إلى المنظمات الإرهابية غير الحكومية والإرهابيين الذين ترعاهم وتدعمهم الدولة.

وفيما يتعلق باتجاهات الإرهاب العالمي، عارض غانور التوقعات المتفائلة، قائلاً إن هذه الآراء تركز بشكل مفرط على الحد من الهجمات الإرهابية الإسلامية في الغرب، بيد أنها في الوقت نفسه تجاهلت تنامي الإرهاب في إفريقيا ومناطق أخرى.

ولفت غانور في نفس الوقت إلى زيادة الإرهاب اليميني المتطرف في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، لا سيما في عصر كورونا، وأن الإرهاب عموماً قد يزداد في جميع المجالات في حقبة ما بعد الوباء.

المصدر: جيروزاليم بوست

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد