الكرد يقاتلون تنظيم “داعش” بالتزامن مع قصف الأتراك لهم!

فيفيان سلامة

قصفت الطائرات التركية المعسكرات التابعة لحزب العمال الكردستاني، شمال العراق، يوم الجمعة الفائت، وهي الضربات الأولى من نوعها بعد اتفاق السلام، الذي تم إعلانه عام 2013. هذه الضربات في العراق، استهدفت حزب العمال الكردستاني (PKK)، والذي أثبتت تفرعاته ومجموعاته فعاليتها في محاربة تنظيم “داعش”. بات الكرد في العراق وسوريا، جزءاً رئيسياً في الحرب ضد مجموعة “داعش”.

بالتزامن مع التهديدات التي يشكلها التنظيم للشعب الكردي في كلا البلدين، أخذ الكرد في كلٍ من في العراق وتركيا، دوراً هاماً في عمليات عبور الحدود لحماية وإنقاذ عشرات الآلاف من الإيزيديين المهجرين من قمم جبال شنكال، خلال شهر آب\أغسطس، السنة الماضية، واستمروا في التعاون مع الآخرين ومحاربة التنظيم على طول الحدود السورية – العراقية. هذه العمليات كانت محدودة إلى حد ما في الحد من توسع تنظيم “داعش”، في شمال العراق، لكن هنالك مخاوف من أن الضربات التركية على حزب العمال الكردستاني، قد تؤدي إلى تهديد مواقع القوات الكردية.

من هم الكرد؟ الكرد هم مجموعة عرقية لديهم لغة وعادات قديمة خاصة بهم، وهم متفرقون في الوقت المعاصر داخل عدة دول، منها تركيا، العراق، سوريا، إيران، أرمينيا. غالبية الكرد يعتنقون الإسلام السني، كما هنالك عدد كبير منهم يعتنقون الإسلام الشيعي، وبشكل خاص في إيران. بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وتشكل هذه الدول الجديدة، العراق، إيران، وتركيا، كل من هذه الدول اتفقوا على معارضة تشكيل دولة كردية مستقلة، ما جعل منهم أكبر أقلية في العالم تعيش بدون دولة. ويقدر عدد الشعب الكردي بـ 25 مليون شخص يعيشون في 5 دول، ولا يزالون يناضلون للوصول إلى الحكم الذاتي.ما هو دور الكرد في تركيا؟:يقيم في تركيا حوالي 15 مليون كردي، أي حوالي 20% من نسبة السكان في البلاد، وغالبيتهم من السنة. حارب حزب العمال الكردستاني لمدة ثلاثة عقود، في البداية، لإقامة دولة كردية مستقلة، ولاحقاً لإقامة إقليم كردي داخل تركيا والحصول على حقوق أكثر للشعب الكردي. خلفّ الصراع المسلح بين حزب العمال والدولة التركية عشرات آلاف القتلى منذُ عام 1984. يعتبر كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد الأوروبي، حزب العمال الكردستاني، ذو التوجهات والأصول الماركسية، منظمة إرهابية لقتل المدنيين في المدن عبر التفجيرات.

وفي عام 2012 بدأت تركيا محادثات سرية مع زعيم الحزب المسجون في جزيرة إيمرالي، عبدالله أوجلان، لإنهاء الصراع المسلح. وتم الإعلان عنها بشكل رسمي خلال عام 2013، كما وأعلن حزب العمال وقف إطلاق النار بع الإعلان بأشهر عدة.ويتهم الكرد تركيا، بعدم فعلها ما يكفي لمساعدة الكرد السوريين في حربهم ضد عناصر تنظيم “داعش”، وذلك في مدينة كوباني الكردية الواقعة على الحدود، ما أدى إلى نشوب معارك عنيفة في المدينة وإجهاض عملية السلام في تركيا. وتصاعدت التوترات مرة أخرى بعد التفجير الانتحاري الذي حصل في مدينة سروج، جنوب شرق تركيا، على يد عناصر تنظيم “داعش”، ونتج عنه مقتل 32 مدني. المجموعات الكردية حملّت الحكومة التركية مسؤولية التفجير، قائلة بأن الحكومة لم تكافح ولم تشارك في محاربة تنظيم “داعش”.

حزب الشعوب الديمقراطية (HDP) الذي يمثل الكرد في تركيا، قال بأن الضربات التركية التي تستهدف حزب العمال الكردستاني في كل من سوريا، والعراق، أوصلت الهدنة التي دامت لسنتين إلى النهاية. ودعا حزب الشعوب الحكومة التركية إلى وقف القصف والحملة العسكرية، واستئناف الحوار مع الكرد. وتعتبر تركيا، كرد العراق، حلفاء لها، لكنها تنظر بعين الشك والريبة إلى الكرد السوريين، المرتبطين بحزب العمال الكردستاني. كما أنّ أنقرة قلقة حيال المكاسب الكردية في سوريا والعراق، حيثُ أنها متخوفة من أن تشجع هذه المكاسب الكرد المتواجدين في تركيا.أين يتموضع الكرد في العراق؟:يوجد في العراق خمسة ملايين كردي، يملكون حكومة خاصة بهم، في إقليمهم الشبه مستقل، كما ولديهم تمثيل كبير وهام في الحكومة المركزية، منها بعض المناصب الرئيسية، كالرئاسة، التي خصصت للكرد.

التمثيل الحالي للكر في العراق، هو حوالي 20 %، ما يجعل منهم ثاني أكبر قومية في البلاد. يوجد في العراق حزبان كرديان رئيسيان، الأول الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة رئيس الإقليم مسعود البرزاني، والثاني، حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني. دخل الحزبان في حرب أهلية دموية على السلطة، شمال العراق، منتصف تسعينات القرن الفائت، قبل الاتفاق على تشارك السلطة فيما بينهم، الأمر الذي أدى إلى وقف القتال عام 1998.وكانت القوات الكردية العراقية، المعروفة باسم البيشمركة، قوة رئيسية في محاربة وصد هجوم تنظيم “داعش”، خلال الأشهر الفائتة، بالتزامن مع دعم عدد كبير من الدول لتلك القوات بالأسلحة والعتاد بالإضافة إلى التدريبات العسكرية، في ظل غياب دعم أي دعم حقيقي من الجيش العراقي المُنهك. الولايات المتحدة كانت ولا تزال إحدى أكثر الداعمين المتحمسين للكرد في العراق وذلك على مدار جيل من الزمن، عبر مساعدتهم في تأمين وتأسيس ملاجئ آمنة لحمايتهم من صدام حسين.

وبعد احتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003، سعى الأمريكيون إلى إعطاء قوة وسلطة مساوية للسياسيين الكرد، حتى فيما يخص قيادة الفئات المتنافسة في البلاد.أين يقف الكرد في الوضع السوري؟:يعتبر الكرد في سوريا، ثاني أكبر قومية في البلاد، ويشكلون نسبة 10 %، من كامل عدد السوريين قبل الحرب، والذين كان يٌقدر تعدادهم بـ 23 مليون نسمة. ويتمركز غالبية الكرد في محافظة الحسكة الفقيرة، الواقعة شمال شرق سوريا، بين الحدود العراقية والتركية.

 يعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) أقوى الأحزاب السياسية والفعالة في الوسط السياسي الكردي السوري. وهو حزب علماني، ومرتبط بحزب العمال الكردستاني. أما وحدات حماية الشعب (YPG) فهي القوة الكردية الرئيسية التي تحارب في سوريا.منذ بداية الحرب الأهلية السورية، حقق الكرد مكاسب غبر مسبوقة، حيث قاموا بالسيطرة على مناطقهم وتعزيز نفوذهم في تلك المناطق وإعلان إدارة مدنية ذاتية داخل الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم.

كما وأظهروا مرونة مفاجئة في قتالهم ضد تنظيم “داعش”، خلال معارك مدينة كوباني، وطردوا التنظيم في شهر كانون الثاني العام الجاري، بمساعدة ضربات التحالف الجوي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. خلال الشهر الفائت، أخرجوا التنظيم من مَعقله في مدينة تل أبيض والمنطقة المحيطة بها الواقعة على طول الحدود التركية، ما أدى إلى إغلاق الطريق الرئيسي في وجه التنظيم فيما يخص إمداده بالمقاتلين الأجانب من تركيا وتهريب النفط إليها.

* صحيفة الواشنطن بوست (washingtonpost) الأميركية.

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد