هل يريد أحد مساعدة الكرد؟

أوزاي بولوت

ما الذي يريده الجيش التركي – العضو الأكثر لمعاناً في حلف “الناتو” – من القرية الكردية الصغيرة في ربوسكي؟.الغرب يجب أن يقوم بضغط هائل على تركيا بسبب أفعالها الغير إنسانية و الغير أخلاقية، و عدم المسؤولية تجاه الكرد و الأقليات الأخرى. جميعنا نعرف أن إدارة أوباما لن تفعل ذلك. لكن يوجد الآلاف من النشطاء و الأكاديميين و الجامعات الذين قاموا بتجاهل المحنة التي يمر بها الكرد، و كيف أن سوء معاملتهم أصبحت أمراً طبيعياً بالنسبة لهم.

يوجد الكثير من النشطاء ممن يقومون بأعمال مشابهة، قامت أحداث كثيرة في جامعاتهم وجهت ضربات عنيفة لإسرائيل، لكن إذا قمنا بسؤالهم، سنجد أنهم حتى لا يعرفون شيئاً عمّا جرى للكرد من قبل النظام التركي. هؤلاء النشطاء إما قد قاموا بتجاهل الأمر أو أنهم كانوا منافقين من بادئ الأمر. هذا النشاط لا يحوي أي ذرة من الإنسانية، كل ما يقومون بادعائه هو كرههم لليهود. عندما تقوم تركيا بإدانة إسرائيل ل”ارتكابها المجازر”، إسرائيل عندها عليها البدء بإلقاء المحاضرات على الأتراك: ما الذي سيقومون بفعله بعد مقتل عشرة آلاف من الكرد، و كيف ستقوم تركيا بمعالجة الأمر بالنسبة لهؤلاء المواطنين من القومية الكردية.

خلال فترة الانتخابات في تركيا التي بدأت في 7 حزيران، حزب الشعوب الديموقراطية(HDP) الموالي للكرد حقق نصراً عظيماً بنيله 13% من الأصوات، مما سمح لمرشحيه بنيل 80 مقعد من أصل 550 مقعد في البرلمان التركي ، لكنهم ليسوا جميعاً من الكرد، بعضهم من الأتراك، و البعض الآخر من قوميات أخرى. في أي بلد عادي، هذا الحدث كان يجب أن يكون مرحباً به من قبل السلطات كطريقة لحل مشكلة قومية كبيرة بأسلوب هادئ دون احداث أي ضجة، وهو اسلوب سيعود بالمنفعة على الشعبين الكردي و التركي. لكن للأسف، يبدو أن تركيا لن تقوم بذلك، فرهاد إنكو أحد النواب الأكراد ضمن كتلة حزب الشعوب الديمقراطية، يقول في الأحداث الأخيرة بأنها كانت مهينة، الأكراد هزموا و أهينوا من قبل الجيش التركي في قرية روبوسكي (أولودير) في المقاطعة الكردية الأساسية (شرناخ).

خلال أربعة أشهر قام الجيش التركي بمحاصرة الهضاب المحيطة بقرية روبوسكي، و منع القرويين من الذهاب لهذه الأماكن . هذا ما قاله فرهاد إنكو لم مؤسسة )Gatestone)، و قد قال فرهاد إنكو : تم إرسال تعزيزات عسكرية شديدة لهذه القرية أيضاً، والتي تقع على الحدود مع إقليم كردستان، مما نشر توتراً كبيراً في هذه القرية. في عام 2011، قامت القوات الجوية التركية بقتل 17 شخصاً من المدنيين الأبرياء، من بينهم 17 طفلا، في هجومها الجوي على روبوسكي. فرهاد إنكو خسر 11 فرداً من أقربائه في هذه المجزرة؛ من بينهم أخاه (سرحد إنكو). ما بين المجزرة التي حصلت في عام 2011 و انضمام فرهاد إنكو للبرلمان في عام 2015 ، تم اعتقاله ستة مرات من قبل الشرطة التركية بتهم متنوعة، ثم أطلق سراحه بعدها. في 7 حزيران، إنكو قام بالسفر إلى روبوسكي؛ بلدته الأم، لمراقبة ما يجري فيها، ولمحاولة لتخفيف التوتر المطبق عليها. وقد قال إنكو لاحقاً: إن روبوسكي أصبحت كالسجن المفتوح. في 6 تموز قام الناس في القرية بالاحتجاج لمدة يومين لإنهاء حظر التجوال المطبق على الهضاب لإمكانية السفر عبرها، و إيقاف الإمدادات العسكرية في تلك المنطقة، لكن الجنود قاموا بإطلاق النار على المدنيين المحاصرين كأسرى في هذه القرية.في 7 تموز؛ قام حوالي عشرين شخص بالاعتراض على إلقاء القنابل المسيلة للدموع على السيارات. ثم قام أحد المراسلين في صحيفة (Cumhuriyet) محمود أورال بالخروج من سيارته؛ و قام بتقديم نفسه و طلب منهم عدم إلقاء هذه القنابل، لكنهم قاموا بتهديده. ” ثم خرجت من سيارتي و ذهبت إليهم و أخبرتهم أني أحد النواب في البرلمان، كانت المسافة بيني و بين الجنود حولي خمسة أمتار.

و في تلك اللحظة؛ بدأ الجنود بتصويب بنادقهم عشوائياً. ربما قاموا بإطلاق النار في الهواء لإخافتهم هو و الصحفي، لا لقتلهم، لكن حتى لو قاموا بقتلهم، فهم لن يكونوا مسؤولين على فعلتهم هذه وسينجنون من العقاب. كان هناك الكثير من العيارات النارية في شريط الفيديو. وقد أخبر إنكو الجنود بأنهم لن يقوموا بمقاومتهم، لكنهم طلبوا منهم إيقاف اطلاق النار. لكنهم أجابوه: أنت لست نائباً عنا، أنت نائب عن الإرهابيين، عن الخونة، عن اللصوص، و نحن هنا من نقوم بتمثيل شرف الدولة. القائد طلب مني الابتعاد، حاولت منعه من ضربي. ثم قام الجنود بتوجيه أسلحتهم مرة أخرى بينما أخرون كانوا يقومون بضربي”. محمود أورال ؛ المراسل من صحيفة (Cumhuriyet) و الذي تقدم خلال المواجهة ؛ كتب ما يلي: “عندما خرجنا من سيارتنا و أخبرناهم بأننا صحفيون، قام الجنود بدفعنا و قاموا بتهديدنا بأسلحتهم. و عندما بدأ الوضع يزداد سوءاً قام إنكو بالنزول من سيارته، لكن الجنود أطبقوا عليه و أحاطوا به، و أخبروه بأنهم يمثلون الدولة هنا. أي نائب هو؟ هو شخص إرهابي و لص … و قاموا بإهانة الصحفي الذي تدخل بين إنكو و بينهم .. و قاموا بتهديدنا بكسر آلات تصويرنا و بإطلاق النار علينا إذا لم نتراجع إلى سياراتنا

“. مجزرة روبوسكي في عام 2011: في 28 كانون الأول/ديسمبر عام 2011 ؛ قامت طائرات تركية من نوع F-16  بهجوم لمدة 5 ساعات على قرية روبوسكي، قامت فيه بقتل 34 مدنياً بينهم 17 طفلاً، بعضهم كان بعمر 12 سنة. الضحايا قاموا بنقل السجائر الرخيصة و ووقود المحركات و مواد أخرى مشابهة إلى تركيا عند بدء القصف. أجسام الضحايا قد تم حرقها أو قطع أوصالهم. حكومة حزب العدالة والتنمية (AKP) لم تقم بكتابة شيء أو تقديم اعتذار شفهي، بدلاً من ذلك؛ قام أردوغان رئيس الوزراء في 30 كانون الأول/ ديسمبر عام 2011  بشكر الجنرال التركي المسؤول عن عملية القتل. بعض الضحايا تجمدوا حتى الموت، وفقاً لنشطاء جمعيات حقوق الإنسان، الأطباء و المحامون قالوا بعد المجزرة بأن المساعدة تأخرت لساعات، و حتى سيارات الإسعاف لم يكن مسموحاً لها بالدخول إلى المنطقة. في أيار عام 2012 قال أردوغان رئيس الوزراء بأنه من كان يحاول إبقاء مجزرة قرية روبوسكي على الأجندة كانت “تنظيمات إرهابية و بعض أتباعهم” . في حزيران/يونيو عام 2012 عندما قامت عوائل ضحايا المجزرة و ممثليهم من المنظمات الغير حكومية بالخروج لإحياء ذكرى الموتى، قامت الشرطة برشهم بمدافع المياه.بدايةً، كانت النيابة العامة في ديار بكر هي المسؤولة عن التحقيق في مجزرة روبوسكي، لكن بعد ذلك؛ في حزيران/يونيو 2013 ؛ أعلنت النيابة العامة بأنها لن تقوم بالتعامل مع القضية بسبب “عدم الولاية القضائية”.

و قامت بإعادة توجيه ملف القضية للنيابة العامة العسكرية. في كانون الثاني/يناير 2014 ، قام مكتب النيابة العامة العسكرية التركية برفض تثبيت وقائع الهجوم الجوي على قرية روبوسكي. و قد تضمن القرار في الصفحة 16 منه: “إن العاملين في القوات التركية المسلحة هاجموا بموافقة من القرار الذي صدر عن البرلمان التركي و مجلس الوزراء و بموافقة الجنرال المسؤول”. و القرار أيضاً ذكر بأن نجدت أوزيل قائد القوات التركية في المنطقة، أعطى الموافقة على الهجوم من منزله.و قد قال فالي إنكو شقيق فرهاد إنكو بأن وصول قرار النيابة العامة كان وقعه عليهم كأن الضحايا قتلوا مرة أخرى : “لقد كافحنا لسنتين لنجلب مرتكبي المجزرة إلى المحكمة، لكن المسؤولين في الدولة لم يقوموا حتى بإرسال القرار إلى محامينا. بل قمنا بسماعه عبر شاشات التلفاز . و قال أيضاً بأنه لا أحد من المسؤولين عن المجزرة التي حصلت أقيل من منصبه. مرتكبو المجزرة كوفئوا بدلاً من أن يعاقبوا “. وأضاف أيضاً بأن الحكومة تحاول منع القرويين من الدخول لموقع المجزرة. ” أنا و أربع من أصدقائي أخذنا كاتبة معنا إلى الحدود حيث موقع الحادثة، كانت ستقوم بتأليف كتاب حول المجزرة.

و في طريق عودتنا, ضباط الجيش قاموا بإيقافنا، و كان معهم ما يقارب 30 كلباً. اعتقلونا بالرغم من أننا لم نتجاوز الحدود، و فرضوا علينا مبلغ 2000 ليرة تركية كغرامة لعبور الحدود”.الأقرباء، بما فيهم أطفال أعمارهم 12 و 13 سنة ؛ من الذين حاولوا الذهاب إلى الموقع لوضع الأزهار كعلامة لمرور 500 يوم على الحادثة، تم إيقافهم. و قاموا بفرض غرامة مالية عليهم، أو يطلبون منهم أن يقدموا تقريراً إلى مركز الشرطة ل”انتهاكهم جواز السفر القانوني”. قال زكي توسون – الذي فقد ابنه في المجزرة -: ذهبنا إلى مكان الحادث لوضع 34 زهرة قرنفل، لكنهم فرضوا علينا مبلغ 3000 ليرة تركية على كل زهرة. المكان هنا يشبه القفص .. كل خطوة نخطوها تملي علينا من قبل الجيش التركي . فنحن بالفعل محبوسون. أقرباء الضحايا تم جلبهم للمحاكمة، لكن المحكمة برأتهم في آب/اغسطس عام 2014 . في تلك الأثناء، لم تقم المحكمة باستدعاء أي من مرتكبي الجريمة، حتى في وقت تحقيق الجريمة نفذوها ضد الناجين من المجزرة، داود إنكو و هاجي إنكو و سروت إنكو . تم التحقيق معهم في كانون الثاني/يناير عام2012 .

الهجوم يستمر ضد هذه القرية:في حزيران/يونيو 2015 ، فرهاد إنكو أخبر وكالة (Bianet) الإخبارية بان الجنود هاجموا الناس في قرية ربوسكي ليومين، وكان الناس خائفين من الخروج. ” الجنود اقتحموا البيوت و ضربوا النساء، و اعتقلوا أربعة أشخاص، و أهانوا كل من في القرية، أحد المواطنين أصيب جراء هذا و السيارة التي كانت تقله أصيبت بحادث. و عندما غادر الجنود القرية، هدأ كل شيء فيها “. “في هذا الصباح، في الساعة الخامسة، قام الجنود بإشعال النار في القرية، و قاموا بقتل خمسة بغال للقرويين، و لو قام أحد ما بالخروج من بيته في تلك اللحظة، لقاموا بقتله.هذا هو السؤال: ما الذي يريده الجيش التركي – هذا العضو اللامع في حلف (الناتو) – من هذه القرية الكردية الصغيرة؟. الإجابة هي أن هذا التجرد من الإنسانية الذي بات مطبقا على الكرد في تركيا شديد جداً و واسع الانتشار، حتى أن سلطات الدولة لا تستطيع الوقوف أمام أي شيء متعلق بالوجود الكردي، ليس فقط بانتصارهم في الانتخابات، حتى لو كان ذلك بانتصارهم في انتخابات البرلمان – ليس من أجل كوردستان – و لكن بسبب مطالبة الكرد بمعاقبة مرتكبي المجزرة هو أمر لا يطاق بالنسبة للدولة التركية.الكرد .. غير أنهم أعضاء في البرلمان، و ناهيك عن نضالهم من أجل حقوقهم القومية. لقد استطاعوا استيعاب الأتراك، ولم يكونوا تحت الأضواء، لأنه لو كان ذلك ممكناً لماتوا ، و كما يقول الأتراك العنصريون المقولة السيئة السمعة ” أفضل كردي هو الكردي الميت”. الخبرة علمتنا أنه في القرن 21 يوجد طريقان للتعامل مع المشكلة القومية:أولاً: يوجد طريق صحيح – الطريق الحضاري و الأخلاقي و الديموقراطي – و الذي من خلاله تحل مشاكل الشعوب. عندما يقول السكان الأصليون بأنهم يعانون أو أن لديهم شكاوى أو مطالب منا، نستمع إليهم، نحاول فهمهم و نأتي معهم من حيث يريدون، لأننا سوف نساويهم معنا في كل شيء. علينا أن نعرف أن السكان الأصليين يعيشون على هذه الأرض القديمة منذ قرون. في الواقع ، نحن لن نستطيع معالجة أمورهم إذا لم يعاملوا معاملة إنسانية كاملة في المقام الأول. و يجب ألّا نضعهم تحت مظالم ضخمة.ثانيا: توجد طريقة أخرى، و هي الطريقة التركية-الإسلامية أو الطريقة الشرق أوسطية، في مثل هذه الثقافة السياسية، عندما يكون للسان الأصلي أو الأقليات شكاوى أو مطالب، تقوم فوراً بسحقهم بقوتك العسكرية –بالجيش-، تقوم بقتلهم بشكل جماعي، تنكر وجودهم، تقوم بتعذيبهم كما تريد، تقوم بإهانتهم يومياً و تدعوهم “إرهابيين، خونة ، قتلة ..”، تقوم بارتكاب كل تلك الأعمال الوحشية، معتمداً على شيء واحد، و هو القوة العسكرية. و تكون هذه هي القيمة الوحيدة التي تملكها.الأكراد بدخولهم البرلمان التركي بعد حيازتهم الكثير من الأصوات، حققوا نصراً عظيماً، و يجب أن يعتزوا بهذه الفرصة التي نالوها لإحياء سلام ديموقراطي في المنطقة. و الأكراد قالوا بوضوح مرات كثيرة بأنهم يودون العيش بسلام، قبل الانتخابات، صلاح الدين ديميرتاش, رئيس حزب الشعوب الديمقراطية قال: فيما إذا دخل حزب الشعوب الديمقراطية البرلمان أم لا، سنظل ندافع عن السلام في المنطقة”.لكنهم حتى بعد أن أصبحوا أعضاء في البرلمان، و قيامهم بالمطالبة بطريقة قانونية لحل القضية الكردية خلال محاورات و مفاوضات، لم يستطيعوا أن يوفروا للكرد الاعتراف بحقوقهم السياسية و القومية، ما الذي من المفترض عليهم فعله؟. هل تأخر الوقت على سماع المحنة التي يمر بها الكرد بالنسبة للمجتمع الدولي و قيامهم بالدعم اللازم؟.

الولايات المتحدة ساعدت على تحرير كوسوفو، الغرب يجب أن يطبق ضغط على تركيا على تركيا بسبب أفعالها المجردة من الإنسانية و الغير أخلاقية و عدم تحملها المسؤولية تجاه الشعب الكردي و الأقليات أخرى. جميعنا نعرف أن إدارة أوباما لن تفعل ذلك أبداً، لكن يوجد أفراد و منظمات خارج تركيا. يوجد الآلاف من النشطاء و الأكاديميين و الجامعيين الذين قاموا بتجاهل المحنة التي يمر بها الكرد، و كيف أن سوء معاملتهم أصبحت أمراً طبيعيا بالنسبة لتركيا. إذا قاموا بتجاهل الكرد و الأقليات الأخرى في المنطقة، عندها سنحتاج لتعليمهم ما يجب.و لو كانوا لا يزالون غير مهتمين و يمارسون النفاق بالنسبة لأمر الكرد. هذا النشاط لا يحوي أي ذرة من الإنسانية، كل ما يقومون بادعائه هو كرههم لليهود. عندما تقوم تركيا بإدانة إسرائيل ل”ارتكابها المجازر”، إسرائيل عندها عليها البدء بإلقاء المحاضرات على الأتراك: ما الذي سيقومون بفعله بعد مقتل عشرات الآلاف من الكرد، وكيف ستقوم تركيا بمعالجة الأمر بالنسبة لهؤلاء الكرد.

* معهد (Gatestone) للدراسات السياسية والاستراتيجية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد