فردا جتين
بدأت حكومة العدالة والتنمية مجدداً بالمماطلة في عملية السلام، واستخدامها كورقة للضغط على الكرد، لكن زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) عبد الله أوجلان، قَدّمَ مشروعاً إلى الحكومة التركية، بهدف تسريع العملية وإنهائها قبل الانتخابات المُقبِلة، وذلك في خطوة منهُ لقطع الطريق على ألاعيب حكومة العدالة والتنمية (AKP)، التي تهدف إلى تأخير العملية واستغلالها كأداةٍ في الانتخابات لصالحها.
لنترك الحكومة حتى تنتهي من مناقشاتها الخاصة بالعملية، ومن أجل تشكيل لجانها، لكنها، وفي هذا الصدد، لا تحركُ ساكناً. وإن لم تفعل الحكومة ما ذُكرَ أعلاه، ففي هذه الحالة “حزب الشعوب الديمقراطية (HDP) وقنديل سيعرقلون دعوة أوجلان لإنهاء الكفاح المسلح” . الحكومة التركية، وبدلاً من تقديمها الدعم للوفود التي تُريدُ الذهاب إلى سجن إمرالي، والقيام بمناقشات صحيحة وسليمة، فإنها تُعرقلُ كُل ذلك، ولم تقم بتشكيل وفدها للدخول في المفاوضات حتى الآن، حيثُ أن الانتخابات على الأبواب، والحكومة بذلكَ تحاولُ الانتهاء من مسألة الكفاح المُسلح، بالتزامن مع إبقاء الطرف الكردي تحت الضغط، وهنا ستقول للرأي العام في تركيا، ” انظروا لقد وضعنا حداً لصراعٍ دام لأكثر من 30 عاماً، المعارضة وقفت في طريقنا، ولم تدعمنا، لكن نحن نجحنا بإيقاف أكبر صراع حدثَ في تاريخ الجمهورية”، هذا الأمر سيعطي الحكومة دفعاً ودعما شعبيا قويا في الانتخابات.بما أن عملية السلام وإنهاء الكفاح المسلح، تُعتَبر مسألة أساسية وفي أولويات الحكومة التركية، فلماذا لا تتصرف حسب الأصول وبشكل مناسب لإتمام ذلك؟. فقد صرح الزعيم الكردي عبد الله أوجلان سابقاً بأنهُ سيدعو حزبه لإتمام العملية، إذا ما أتمت الحكومة التركية التزاماتها، وذلك دون اللجوء إلى خيار الحرب والنزاع مجدداً. من جانبها وافقت قنديل على مسودة أوجلان، وكان هنالك من الوقت والقدرة ما يكفي على تشكل الوفود، كما أصدر الحزب قراراً قانونياً تبنى تلك المسودة رسمياً.
كل ما ذُكر أعلاه لا يمكن أن يساوي تكلفة ذهاب “المخاتير” الذين دعتهم الحكومة إلى القصر الجمهوري. حيثُ أن حزب العدالة والتنمية وعلى رأسه أردوغان، يُنفق أموالاً طائلة في سبيل الانتخابات، أما حين يتعلق الأمر بالدعوة التاريخية للسلام فه يتهرب، ويختلق الأعذار وبعيدون كل البعد عن الشفافية والثقة والوضوح، والسؤال المطروح ” هل تستطيع حكومة العدالة والتنمية عن طريق هكذا أساليب من شلْ حركة حزب العمال الكردستاني الذي يملك رصيداً وخبرةً على مدى أربعة عقود؟”.
لكن الرد على ذلك واضح، حيثُ أن الحكومة ومهما نجحت في المناورات التكتيكية، فالمشكلة لا تنتهي وستظهر مجدداً وبثقلٍ أكبر في جدول أعمال تركيا، فالحكومة التركية تتعامل مع القضية بمنطقٍ التُجار وأهدرت عامين كاملين دون فائدةٍ تُذكر.حكومة العدالة والتنمية لن تقوم بتشكيل أي وفد للمفاوضة وإكمال عملية السلام، وما يقف وراء بطئها في التحرك، هو خلق بلبلة داخل البرلمان، وخاصة بعد فرض قانون الأمن مؤخراً، على الرغم من الرفض الذي واجهه القانون من قبل المعارضة والرأي العام على حدٍ سواء. وبما أنّ مسألة الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني وصلت إلى نقطة النهاية، وهذا ما ينتظر الكرد حدوثه فعلياً من قبل الطرف الآخر، إذا فلما الإصرار على فرض قانون مرفوض من الجميع وما الفائدة من ذلك؟
الحكومة ما عادتْ بحاجة إلى هكذا قوانين. هذا القانون معّدٌ بهدف الاعتداء على الكرد. إذاً مقدار الإصرار من قبل العدالة والتنمية على فرض هذا القانون يدل على عدم نيتهم في تطبيق السلام والديمقراطية. إذا كانت الحكومة تعمل على تطبيق نداء إنهاء النزاع المسلح، فلماذا لا ترسل شخصاً أو شخصين من قنديل إلى سجن إمرالي؟ ما هو الشيء الذي يكون أكثر أهمية؟
ولكن دعونا نرى هل سيعرقلون ذهاب الوفد المُختار من حزب الشعوب الديمقراطية( HDP)، ومن قبل قنديل، إلى جزيرة إمرالي. العمل على بيان بوسائل احتيالية ومخفية هل يخْلق أرضية آمنة؟ هل سينجح هذا البيان؟ فبطبيعة الحال، لن تعطي أفعال الحكومة التركية أية نتائج وستخلق المزيد من العقبات وستقضي على الأرضية الآمنة.هنالك أمر آخر له فائدة، إذا ما سلطنا الضوء عليه، ألا وهو مسألة استقالة مستشار وكالة الاستخبارات الوطنية (MIT) حقان فيدان.
حيثُ أنّ استقالته نوقشت في الصحافة على نطاقٍ واسع، وبخصوص ذلك صرحَ أردوغان، قائلاً بأنهُ لا يدعم قرار فيدان بالاستقالة، حيثُ أنهُ عمل لسنوات على هذا الموضوع (عملية السلام بين حزب العمال والحكومة التركية/المترجم)، فهو الذي ترأس مسؤولية حل أكبر مشكلة في تاريخ الجمهورية، فالتفويض الذي يمتلكه الآن هو أكثر بكثير من الذي يملكه نائب أو وزير.إذا كانت استقالتهُ حلاً للقضية، لحُفرَ اسمهُ في التاريخ، لكن على الرغم من ذلك لماذا استقال.، على ما يبدو أن حقان فيدان نفسهُ تعِبَ أكاذيب الحكومة التركية، وأردوغان، حيثُ أن عدم جديتهم ومصداقيتهم باتت واضحةً وضوح الشمس، ولم يبقى لديهم ما يقال لـ إمرالي، لذا فعليهم التنحي والاستقالة وإعطاء الفرصة للطرف الآخر، من الطبيعي والأمور المُسلم والتي يتم التعبير بها لدى العامة بالقول “حَبلُ الكَذِبِ قصير”.
حزب العدالة والتنمية يردد دائماً ويقول بأنهُ لم يتخلى عن عملية السلام، لكنهُ وبالمقابل لا يقوم بتشكيل وفوده ولا يخلق أرضيةً مناسبة للبدء باللقاءات، في هذه الحالة لا يوجد أمل في إتمام العملية، وبشكل خاص بعد القانون الأمني الذي يستهدف الكرد، بالتأكيد سيخرج الكرد قائلين “عملية السلام والديمقراطية لن تتطور، الآن وأكثر من أي وقت مضى تقع على عاتقنا مهمة رفع الكفاح الديمقراطي، بهدف إبطال ألاعيب الحكومة التركية وعقليتها التجارية البحتة”.
* صحيفة (Yeni Özgür Politika) الكردية.
ترجمة: المركز الكردي للدراسات