جيبولتيك البترول في العراق

فيليب سيبيل لوبيز

في العراق ووفق نظرية واشنطن، مخطط الانطلاق كان سهلا. كان من الواجب إبعاد التهديد الذي يشكله صدام حسين وأسلحته للتدمير الشامل. لكن يظهر أن الرئيس بوش وصلته معلومات خاطئة وكان لديه مستشارون سيئون منذ البداية.لكنه مستعجل تجاه عدو أضعفته 12 سنة من الحصار المصحوب بضربات تقريبا يومية من قبل القوات الجوية الأمريكية/البريطانية ، القرار اتخذ بسرعة كبيرة.

المناطق الثلاثة التي حددت مسبقا و أثناء الحصار للنظام العراقي يمكن أن تكون مع الوقت حدودا لثلاث كيانات ” مستقلة “. معظم المراقبين كان لديهم تأكيد حول قرار نهائي لا رجعة فيه يتعلق بالاجتياح الذي سيكوم في أيلول 2002. مؤكدين أن نائب الرئيس ” ريتشارد تشيني” كان قد طلب من وزير الدفاع في عهد بل كلينتون، ويليام كوهين، أن يقدم ” مطالعة دقيقة ” للرئيس الجديد حول ” العراق والاحتمالات المختلفة”. كان هذا بتسعة أشهر قبل 11 أيلول و جورج بوش لم يكن قد استقر جيدا في المكتب البيضاوي.

و كان قد قبل تماما أن يأخذ ” ريتشارد تشيني” بشكل مباشر ملفات الطاقة في العراق.فائدة الحرب في العراقمن بين الاستفادة الكبيرة من المشروع على الصعيد البترولي، أن العراق يمكن أن يضخ و بسرعة كبيرة 2،8 مليون برميل من البترول يوميا في السوق العالمي، لأنه فعليا هذا هو مستوى العراق وقدراته في 2002، و هذه الكمية ستشارك في زيادة العرض البترولي العالمي كما يرى ” ريتشارد تشيني”. الاتفاقية ” البترول مقابل الغذاء” حددت الصادرات العراقية بحوالي 2 مليون برميل في اليوم، من ضمنها التهريب. في النهاية تجهيز ووضع نظام في بغداد مقرب من الغرب سيخدم الأهداف الطاقية الأمريكية إلى أبعد مدى ممكن؛ فالخليج العربي/الفارسي لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لسوق الطاقة العالمي. وفق الآراء و التوقعات من قبل ” قسم الطاقة الأمريكي”، عليه أن يزود 65 % من الإنتاج العالمي من الخام في عام 2030.هذه العوامل تبين لماذا رفع العقبة العراقية كان في غاية الأهمية بالنسبة لواشنطن، حتى ولو كان هدفها سياسي قبل كل شيء: تخليص الشرق الأوسط من طاغية ضعيف ومركز محتمل لعدم الاستقرار،و من أجل إعادة صياغة الإقليم وتشكله.

ضمن هذه النظرة، شكل بترول صدام حسين شكل من وسيلة كهدف لحرب قصيرة الأمد، حتى ولو، على المدى البعيد، سيكون هناك استفادة غير مباشرة من هذه الحرب. ولنتذكر أيضا أن السوق العراقي يثير الكثير من الشهوات والأطماع وأن هذه التطلعات الحربية لن ترغب في شيء الشركات البترولية الأمريكية والتي تعاملت مع المعارض العراقي أحمد الشلبي، المدير الرئيسي” للمؤتمر الوطني العراقي”، من أجل أن يعود للعراق أثناء الإطاحة بصدام حسين. هذه الشركات أرادت الوجود في سوق يعج بالمنافسين: ” Total” الفرنسية، ” Agip” الإيطالية ، ولاسيما ” Lukoil,Slavneft ” الروسيتان، بدؤوا جميعهم باقتسام البترول العراقي، ولكن من غير الحصول على استفادة كبيرة بسبب الحصار المفروض من الأمم المتحدة. قبل بداية الاجتياح بقليل في 2003 ، أحمد الشلبي، ذهب للقول أنه مع قيام اتحاد للشركات البترولية مع نهاية الحرب ، في داخلها ستكون الشركات الأمريكية مسيطرة، وهذا ما أقلق كثيرا شركة British Petroleum .

الحرب في العراق كانت ومن الناحية النظرية، وسيلة للضغط على منظمة الأوبك. عضوا مؤسسا لهذه المنظمة، العراق لعب فيها دورا مركزيا حتى حرب الخليج الأولى. العقوبات التي فرضت عليه أضعفت من دوره البترولي الضروري في السوق العالمية وفي المنظمة نفسها. عودة العرض البترولي العراقي إلى السوق، قُدر مع الوقت من قبل المتخصصين بحوالي 6 مليون برميل في اليوم، و هذا سيعيد وضع العراق في المركز الثاني في الإنتاج، بعد السعودية، داخل منظمة الأوبك التي تتألف من 11 دولة. سيجبر أيضا، ودائما نظريا، البلدان الأخرى على التخفيض من إنتاجها أو القبول بتخفيض سعر البترول بشكل كبير. بالنسبة للشركات الأنكلوـ سكسونية، سيكون من الواجب و بشكل إجباري المشاركة في السيطرة على البترول العراقي، بسبب مسائل تتعلق بتكاليف الإنتاج، البترول العراقي يتحدى كل المنافسات بالنسبة للأقاليم الأخرى في العالم، وهو عامل جوهري في حالة تخفيض ممكنة لأسعار البترول. و لنتذكر أن بغداد استخرجت 3،5 مليون برميل في اليوم مع نهاية 1970.

ولكن ثمانية أعوام من الحرب مع إيران متبوعة باثني عشرة سنة من الحصار الدولي كل هذا أرهق و أضر البنية التحتية البترولية للبلاد. الاختصاصيون بهذا القطاع قدروا في نهاية الهجوم العسكري في نيسان 2003، أنه سيتوجب وخلال ثلاث سنوات استثمار 7 مليار دولار للعودة إلى مستوى عام 1970، و ليس أقل من عشر سنين مع استثمار 10 مليار دولار لرفع الإنتاج حتى يصل إلى 5،5 مليون برميل في اليوم.بالرغم أن هذه السياسة كانت موجه حتى لا تكون منتجة أو ذات دخول على المدى القصير، إلا أنها تقدم فوائد أخرى: ستسمح خلال هذه الفترة بالتوازن مع النظام السعودي، و لكن أيضا حمل السعودية لفتح كل إمكانياتها البترولية.

الرياض ترفض بشكل دائم التفاوض أو المناقشة حول احتكار شركتها ” أرامكو” للبترول في السعودية، العديد من داخل إدارة الرئيس جورج بوش أمل أن المنافسة العراقية ستحرض العربية السعودية للانفتاح للشركات متعددة الجنسيات الأمريكية. شيء آخر، بشكل خاص في حاشية “ريتشارد بيرل”ـ أمير الظلام في الحرب الباردةـ هناك من يذهب بعيدا مقترحا ومفضلا بكل بساطة انشقاق أو انفصال الإقليم الشيعي في ” الإحساء”، حيث تتركز الحقول البترولية الأساسية في المملكة الوهابية. كذلك، العائلة المالكة لا تسيطر نهائيا إلا على المدن المقدسة الإسلامية.

إذا هذا المشروع يظهر أن تخيله غير ممكن، إلاّ أنه يسجل ضمن تقليد من الآن فصاعدا متجذرا في مراكز صناعة القرار في الضفة الأخرى من الأطلسي.بعض العلاقات القديمة بين الولايات المتحدة والعراق السياسة البراغماتية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط تعود إلى الحرب العالمية الثانية، إلا أن المصالح البتروـ إستراتيجية هي أقرب من هذا التاريخ. إنها تعود إلى 1963، التاريخ الذي شاركت فيه المخابرات الأمريكية بشكل فعال في الانقلاب ضد النظام الشيوعي للجنرال عبد الكريم قاسم. المخابرات السرية الأمريكية تمد بالسلاح والمال حزبا عراقيا يعمل في السر، إنه حزب البعث. صدام حسين لم يكن سوى ناشطا صغيرا عند كبار قادة هذا الحزب. لجأ إلى القاهرة بعد محاولة أولى للتخلص من عبد الكريم قاسم. وبعد الإطاحة بالزعيم الشيوعي، بدأت حملة كبيرة و دموية للقضاء على الشيوعيين ذهب ضحيتها آلاف الضحايا.

خلال عدة أشهر، البعثيون، سيتركون السلطة بين أيدي العسكر. صدام حسين سيعمل في الظل. لكن حزب البعث سيعود بعد خمس سنوات، و دائما بمساندة المخابرات الأمريكية، و صدام حسين يصبح الرقم الثاني في النظام ولديه هموم جدية حول تحديث العراق. سيفتح البلاد أمام الاستثمارات الغربية، و بفضل البترول، يحصل منهم على كل ما يريد، وخاصة السلاح. رغم تأميم الشركة العراقيةIrak Petroleum Company في عام 1972 ، التي أغنت النظام وسمحت له بالتسلح فيما بعد، لم ير الغرب صدام حسين  كمهدد له في حرب تشرين 1973 ضد إسرائيل. إن الثورة الإسلامية في إيران ووصول آية الله الخميني إلى طهران في شباط 1979، سيقوي هذا الانطباع لدى واشنطن بأن صدام لا يهدد مصالحه، وخاصة بعد 22 أيلول 1980، تاريخ الهجوم العراقي على إيران. لأن الولايات المتحدة ،من جانبها، هي في مواجهة منذ 4 تشرين الثاني 1979، أو في اليوم التالي لوصول الشاه إلى الولايات المتحدة، مع قضية الرهائن الدبلوماسيين في السفارة الأمريكية في طهران.

الخاطفون يطلبون من الرئيس كارتر عودة الشاه لمحاكمته في طهران. الهجوم العراقي يأتي أيضا بعد خمسة أشهر من فشل المارينز الأمريكي في عملية تحرير الرهائن التابعين للسفارة الأمريكية.في النهاية صدام حسين سيكون حليفا للولايات المتحدة حتى اجتياحه للكويت 1990. كذلك، في شباط 1990، الولايات المتحدة ستعتبر أن نظام صدام حسين كان ” قوة معتدلة” و ستتمنى ” توسيع علاقتها مع العراق”.

John Kellyمساعد سكرتير الدولة و المكلف بشؤون الشرق الأوسط، أعلن في نهاية تموز أن”الولايات المتحدة لا ترغب التدخل في النزاعات بين العراق والكويت”. هذه الدبلوماسية الغامضة للولايات المتحدة تأكدت مع بداية الاجتياح العراقي للكويت، بواسطة السفيرة الأمريكية في بغداد April Glaspieو التي أفهمت الجميع أن واشنطن تنتظر ” حلا عربيا ” للخلافات العراقية الكويتية ثم تذهب السفيرة إلى عطلتها، بعد لقاء صدام حسين في 25 تموز في بغداد، و الذي فسر من قبل هذا الأخير كضوء أخضر في عملية اجتياح الكويت، و الذي سيبدأ في 2 آب 1990.

القوات العراقية كانت سابقا متواجدة على الحدود الكويتية وقبل عدة أيام. و لنتذكر هنا أنه في عام 1961 بريطانيا قررت منح الاستقلال للكويت. في ذلك الوقت اعتبر هذا القرار من قبل العراق كمحاولة لإغضابها وإثارتها. و النظام في بغداد ظهر له أنه يستطيع استعادة هذه الإمارة التي أوجدها الاستعمار والذي كان في السابق قد سمح بثلثي مساحتها لصالح العربية السعودية، في مؤتمر Uqair 1922. في هذا التاريخ بحثت لندن لوضع حد للاندفاع السعودي نحو الشمال الشرقي وتثبيت الحدود الحالية بين العراق و العربية السعودية. لابد من التذكر هنا أن الحدود المتعددة للبلدان في الشرق الأوسط تعود للوقت التي تجزأت فيه الإمبراطورية العثمانية حيث وقعت العديد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد