الانتخابات التركية: أبعاد ومعاني فوز حزب الشعوب الديمقراطي!

طارق حمو

في هذه الورقة سنتوقف على نتائج الانتخابات التركية بشكل عام ووضع حزب العدالة والتنمية بعد الخسارة الكبيرة للأصوات وتصدر خصومه، ومن ثم نركز على حزب الشعوب الديمقراطي والنتائج التي حققها في كل من كردستان وتركيا، والأسباب التي أدت إلى تحقيق هذا الانتصار الكبير، وتداعيات ذلك على القضية الكردية وعلى مستقبل تركيا وعلى الحزب نفسه في الفترة القادمة. أولا: الانتخابات البرلمانية التركية 2015: النتائج والمغزى: من مجموع مقاعد البرلمان التركي البالغة  550، حصل:ـــ حزب العدالة والتنمية(AKP) على 40,08% من مجموع الأصوات، أي على  18,864,355 صوت، وسيتمكن من تصدير 258 برلماني. في انتخابات عام 2011 حصل هذا الحزب على نسبة 49,95%، وصدّر 326 برلمانيا، أي خسرّ 9,87% من الأصوات.  ـــ حزب الشعب الجمهوري(CHP) حصل على 24,09 % من مجموع الأصوات، أي 11,518,002 صوت، وسيتمكن من تصدير 132 برلماني. في انتخابات عام 2011 حصل هذا الحزب على نسبة 25,94%، وصدرّ 135 برلمانيا، أي خسر 1,85% من الأصوات.ـــ حزب الحركة القومية(MHP) حصل على 16,02% من مجموع الأصوات، أي 7,519,034 صوت، وسيتمكن من تصدير 80 برلمانيا. في انتخابات عام 2011 حصل على نسبة 12,98%. وصدرّ 54 برلمانيا، أي ربح 3,04% من الأصوات.  ـــ حزب الشعوب الديمقراطي(HDP) حصل على 13,01% من مجموع الأصوات، أي 6,056,261 صوت، وسيتمكن من تصدير 80 برلمانيا. في انتخابات عام 2011 دخل مرشحوه على شكل مستقلين، وفاز ب 35 مقعدا. مما سبق نستخلص بأن حزب العدالة والتنمية الحاكم هو الخاسر الأكبر من هذه الانتخابات، فقد خسر تقريبا 10% من مجموع الأصوات التي صوتت له في آخر انتخابات برلمانية 2011 ، وبهذا حصل على 258 برلمانيا، بعدما كان يمتلك 326 برلمانيا في الانتخابات الماضية. أي خسر حوالي 70 برلمانيا و20% من قوته الانتخابية في مجمل البلاد. ولن يتمكن العدالة والتنمية من تشكيل الحكومة لوحده، لأنه لم يحصل على النصف زائد واحد، أي 276، بل حصل على أقل من ذلك بكثير وهو 258 وبهذا سيضطر للبحث عن شريك لتشكيل حكومة ائتلافية، مع كل ما يعني ذلك من تقييد لحركته ولمشروع زعيمه رجب طيب أردوغان، والحد من طموحه في داخل وخارج البلاد، والذي أخذ به لمشارف التتويج كسلطان يٌدير “السلطنة” من قصره الجديد ذو 1500 غرفة، ويشرف على الأطراف المترامية في البلاد، ويحدد سياستها ومستقبلها ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة.

وتعود هزيمة الحزب بهذا الشكل إلى مجموعة من العوامل والأسباب لعل من أهمها: النزعة الفردية والديكتاتورية الواضحة في شخصية رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، وتدخله في كل شؤون الدولة، وتصرفه كرئيس للحزب الحاكم والحكومة معا، وهو ما يتعارض مع حياديته كرئيس للجمهورية. وكذلك النزعة المذهبية وتزايد حدة الخطاب الطائفي لديه ولدى مؤسسات الحزب والحكومة، والرغبة في التحول ل”سلطنة عثمانية” تشرف على العالم الإسلامي. إضافة إلى تقييد الحريات العامة والصحافة، تصريحاته حيال  المرأة، والرغبة في تحويلها إلى “ربة بيت” فقط، تطرح “عددا كبيرا من الأطفال”، مثلما طلب أردوغان ذات مرة، وتشرف على تربيتهم. إضافة إلى تراجع الحكومة عن مشروع حل القضية الكردية، والالتفاف على المباحثات التي أجريت مع القائد الكردي عبد الله اوجلان وحزب العمال الكردستاني، وزيادة النبرة القومية الاستعلائية، والخطاب الناكر للحقوق الكردية في كلام أردوغان، والتصريحات العدائية حول تجربة الإدارة الذاتية في مقاطعات روج آفا في سوريا، ودعم الحكومة التركية للمجموعات المسلحة ضد الكرد، وكلام أردوغان حول كوباني وتوقعه بسقوطها قريبا بيد تنظيم “داعش”. في نفس الوقت أدى الاتصال مع أوجلان وحزب العمال الكردستاني، والإعلان بشكل رسمي، عن بيان بين الحكومة وأوجلان حول مرحلة السلام والحل على أساس النقاط العشرة التي طرحها القائد الكردي كأساس لحل القضية الكردية سياسيا، أدى إلى نفور كتلة كبيرة من القوميين الأتراك الرافضين للحل والحقوق الكردية، وتحولهم عن حزب العدالة والتنمية لصالح حزب الحركة القومية المتطرف. هذا علاوة على الخلافات مع جماعة رجل الدين الأصولي فتح الله غولان، وجماعات ضغط ولوبيات صوفية وإسلامية أخرى. إضافة إلى خلافات داخل الحزب الحاكم وإقصاء بعض الرموز فيه كالرئيس السابق عبد الله غول. ففي مسقط رأس غول نال حزب العدالة والتنمية 52% وكان قد نال 64% في الانتخابات الماضية. كذلك تصرف أردوغان حيال رئيس مجلس الوزراء أحمد داوود أوغلو، والذي تحول لمجرد واجهة تنفذ كلام وتوجيهات أروغان. وبدا داوود أوغلو لا يتحرك بشكل جيد في تنفيذ خطط الرئيس الرامية لتحويل النظام إلى رئاسي، ونزع صلاحيات رئيس الحكومة لصالح رئيس الجمهورية، ليس لأي سبب سوى لرغبة أردوغان في ذلك. وخارجيا، بدت سياسة الحكومة حيال الملف السوري، والرهان على العمل المسلح لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وفرار ملايين السوريين إلى داخل تركيا، مع ما رافق ذلك من مشاكل اجتماعية واقتصادية وحالة استقطاب طائفية داخل تركيا نفسها، إحدى أسباب الاستياء من العدالة والتنمية. وكذلك احتضان الحكومة المجموعات المسلحة من “داعش” و”النصرة” وغيرها، وبناء معسكرات لها، وإرسال الأسلحة والذخيرة والتستر على ذلك، وتهديد كل من يتناول هذا الموضوع واعتباره “خائنا” يضر بالأمن القومي. وتحويل تركيا إلى محطة لاستقطاب عشرات الآلاف من الجهاديين والإشراف على تدريبهم وإرسالهم إلى سوريا، كذلك سياسة حزب العدالة والتنمية في العالم العربي واصطفافاته إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين في مصر وليبيا وغيرها. كل ذلك أدى إلى نفور شرائح كبيرة من الحزب الحاكم ورئيسه.  لقد ازدادت النقمة في أوساط مختلفة (يسارية ويمينية، كردية وقومية تركية، إسلامية وعلمانية) على سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان. وثمة من يقول بأن عدد الناخبين قد ارتفع من 50 إلى 54 مليونا في هذه الانتخابات، حيث جاءت الملايين الأربعة للتصويت ضد حزب العدالة والتنمية ولمعاقبته ورئيس الجمهورية أردوغان على سياستهما الداخلية والخارجية. ومع زيادة عدد المصوتين 4 ملايين، إلا أن أصوات حزب العدالة والتنمية تراجعت من 21 مليونا في انتخابات عام 2011  إلى 19 مليون، حيث خسر مليوني ونصف المليون صوت في غضون 4 أعوام. لقد فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على النصف زائد واحد لتشكيل الحكومة بمفرده، وهذا يعني أقل بكثير من التوقعات، ويعني بأنه لن يستطيع الحصول على 330 نائبا لكي يتاح له تحويل مشروع تعديل الدستور إلى الاستفتاء الشعبي العام، ناهيك عن استفراده بالسلطة مثلما كان يخطط في الحصول على 367 نائبا بحيث يكون قادرا على تعديل الدستور في البرلمان بمفرده ودون الرجوع إلى الشعب. رجب طيب أردوغان كان يكرر في خطاباته للجماهير بأنه يريد الحصول على 400 نائبا، لكي يحكم قبضته على كل مفاصل البلاد ومؤسساتها، ويصبح الرئيس مطلق الصلاحيات بعد تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي، بحيث تمسي كل الصلاحيات التنفيذية بيد رئيس الجمهورية، حيث أن هذه الصلاحيات موضوعة بيد رئيس الحكومة منذ عام 1946.   طرحت الانتخابات البرلمانية واقعا جديدا وهو بداية الانحدار لحزب العدالة والتنمية وأفول نجمه، فصحيح بان الحزب ما يزال الأول والأقوى، والأكثر حصولا على الأصوات، ولكن التراجع الكبير في عدد المصوتين، وعدم قدرته على الحصول على النسبة التي تخوله لتشكيل الحكومة لوحده منذ عام 2002، واضطراره إلى وجود شريك معه في الحكومة، يعني بأنه لن يكون حرا في تمرير سياساته وأجنداته التي خطط لها في المرحلة المقبلة، وكذلك لن يستطيع متابعة المشاريع السياسية التي يسير فيها منذ أعوام ويخطط لها بشكل استراتيجي مستقبلي. الملفات الداخلية والخارجية التي يشتغل عليها الحزب والتي تحمل ختم الرئيس رجب طيب أردوغان ستتأثر كثيرا في المرحلة القادمة. ومهما تباينت سيناريوهات تشكيل الحكومة وهوية الطرف الحليف فيها، فإن هناك حقائق باتت واضحة، وهي أن حزب العدالة والتنمية ومشروع أردوغان في تغيير وجه تركيا ونظامها، بات في مأزق حقيقي، والحزب لا يشهد بروزا وتقدما، بل انكماشا وتراجعا. وكان الحزب وأردوغان قد بنيا كل سياساتهما في الداخل والخارج على أساس فوز الحزب في الانتخابات وحصوله على الأغلبية المطلقة التي تتيح لهما تغيير الدستور والنظام الداخلي والقوانين، ومتابعة العمل بنفس العقلية والوتيرة في الملفات الداخلية والخارجية. لكن هذا الأمل تهاوى مع صدور نتائج الانتخابات الأخيرة. الحزب بات غير قادر على تشكيل الحكومة لوحده، ناهيك عن تغيير الدستور ذاتيا أو طرحه للاستفتاء. والأحزاب الأخرى التي يؤمل أن تتحالف مع العدالة والتنمية ما زالت تعاديه، وهي التي وعدت قواعدها الانتخابية بالتصدي لسياسة أردوغان الاقصائية ووضع حد لديكتاتوريته وتحكمه بالبلاد، وقلب كل التوازنات الحالية، وإحداث تغيير جذري في كافة الملفات الداخلية والخارجية. في حال تشكيل حكومة ائتلافية فهذا يعني بأنها ستكون ضعيفة وذات أجندة متباينة، مما يعني التأثير على الأوضاع داخل وخارج البلاد، وسيجد أردوغان من يتصدى له من داخل طاقم حكومته، وهو ما لم يعتده في الماضي. لكن عموما من الصعب أن يتفق حزب العدالة والتنمية مع الأحزاب المعارضة الثلاثة، أو حتى إحداها، في تشكيل الحكومة. فهو لن يتراجع عن سياساته وتمسكه بالملفات الداخلية والخارجية والمضي قدما في الإشراف عليها والامساك بها لوحده واحتكار إصدار الأوامر والقرارات الاستراتيجية والمهمة حولها، ولن توافق الأحزاب التي ستشاركه تشكيل الحكومة، لأنها ستخسر قواعدها وستشهد انقسامات وربما انشقاقات في حال الذهاب مع العدالة والتنمية في تنفيذ أجندتها والموافقة على إدارة البلاد داخليا وخارجيا بنفس العقلية والطريقة القديمة.

وثمة من يتحدث عن سيناريو آخر وهو تكليف رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة الحالية أحمد داوود اوغلو بتشكيل الحكومة بصفته زعيم أكبر الأحزاب السياسية. ويمنح الدستور 45 يوماً لتأليف الحكومة والحصول على ثقة البرلمان. وإذا لم يحصل داود أوغلو على ثقة البرلمان، فقد لا يفكر أردوغان بتكليف الحزب الثاني بل يأمر الحكومة التي لم تحصل على ثقة البرلمان بالبقاء في السلطة، على أن يقرر هو حل البرلمان والإعلان عن موعد جديد للانتخابات المبكرة خلال 90 يوماً.ثانيا: حزب الشعوب الديمقراطي: الأول في كردستان الشمالية والرابع على مستوى تركيا:تأسس حزب الشعوب الديمقراطي عام 2013 ليمثل الكرد والقوى اليسارية الديمقراطية التركية، كما ويضم مجموعة كبيرة من الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، وممثلين عن العمال والحقوقيين والبيئة، واتحادات جمعيات تمثل الأعراق والمذاهب المهمشة في تركيا، وتشكيلة أخرى من المؤسسات والشخصيات الثقافية العامة. وقد تأسس الحزب باقتراح من القائد الكردي عبد الله أوجلان والذي طالب بضرورة جمع القوى الكردية والديمقراطية في حزب سياسي واحد يكون قادرا على تنظيم صفوف الجميع وتمثيله ليكون البديل الديمقراطي الناجح للتصدي للسياسة الرسمية والأحزاب التقليدية المحافظة. وكانت الانتخابات الرئاسية التركية عام 2014 الفرصة المناسبة لكي يقوم الرئيس المشارك للحزب المحامي صلاح الدين دمرتاش بترشيح نفسه أمام رئيس الحكومة ومؤسس ورئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان، وقد نال دمرتاش ما يقارب نسبة ال 10% وهو ما شجع الحزب على خوض الانتخابات البرلمانية في العام المقبل بلائحة موحدة وكحزب وليس على شكل مستقلين، كما حدث في مرات سابقة.خاض حزب الشعوب الديمقراطي الانتخابات البرلمانية 2015 بمرشحين على لائحته كحزب، وحصل على نسبة 13,01% و6,056,261 صوتا، مصدرا 80 برلمانيا إلى مجلس النواب/البرلمان في أنقرة. وفي إقليم كردستان الشمالية/جنوب شرق تركيا، حصل الحزب على المرتبة الأولى وفاز في 14 ولاية كردية، تبلغ مساحتها الإجمالية 123.000 كيلومتر مربع، أي ما يقارب مساحة دولة مثل اليونان.فقد فاز حزب الشعوب الديمقراطي بالمرتبة الأولى في كل من:

 ــ آمد “ديار بكر” : حزب الشعوب الديمقراطي 80% حزب العدالة والتنمية 14%

ــ وان: حزب الشعوب الديمقراطي 75% حزب العدالة والتنمية 20%

ــ مردين: حزب الشعوب الديمقراطي 74% حزب العدالة والتنمية 20%

ــ آغري: حزب الشعوب الديمقراطي 79% حزب العدالة والتنمية 16%

ــ بدليس: حزب الشعوب الديمقراطي 61% حزب العدالة والتنمية 31%

ــ جولمرك “هكاري”: حزب الشعوب الديمقراطي 87% حزب العدالة والتنمية 9%ـ

ـ باتمان: حزب الشعوب الديمقراطي 73% حزب العدالة والتنمية 19%

ــ سيرت: حزب الشعوب الديمقراطي 66% حزب العدالة والتنمية 29%

ــ موش: حزب الشعوب الديمقراطي 72% حزب العدالة والتنمية 25%

ــ شرنخ: حزب الشعوب الديمقراطي 86% حزب العدالة والتنمية 9%

ــ إيدر: حزب الشعوب الديمقراطي 57% حزب العدالة والتنمية 27%

ــ قارس: حزب الشعوب الديمقراطي 44% حزب العدالة والتنمية 27%

ــ أردخان: حزب الشعوب الديمقراطي 31% حزب العدالة والتنمية 27%

ــ ديرسم/تونجلي: حزب الشعوب الديمقراطي 61% حزب العدالة والتنمية 21%

كما حقق الحزب المرتبة الثانية في 3 ولايات كردية هي:

ــ أورفا/روها: حزب العدالة والتنمية 47% حزب الشعوب الديمقراطي 39%

ــ بينغول/جوليك: حزب العدالة والتنمية 47% حزب الشعوب الديمقراطي 41%

ــ آديمان/سمسور: حزب العدالة والتنمية 59% حزب الشعوب الديمقراطي 23% بالمقارنة مع انتخابات 2011 فقد ضاعف الكرد أصواتهم في عموم تركيا، وحصلوا على حوالي 50 مقعدا نيابيا زيادة عن مقاعد الدورة الماضية والتي دخلوها مستقلين. وبات حزب الشعوب الديمقراطي، ومن ورائه الحركة الكردية الممثلة بحزب العمال الكردستاني، الأول في ولايات كردستان الأربعة عشر، بشكل ديمقراطي وعبر صناديق الاقتراع.

هذا يعني بأن حزب الشعوب الديمقراطي هو الذي يمثل الإرادة السياسية للكرد في 14 ولاية، تٌشكل في مجملها مساحة كبيرة ومخزونا بشريا هائلا. ولم يحصل أي حزب تركي على أي مقعد في الولايات الكردستانية الأربعة عشر، فقط حزب العدالة والتنمية حصل على المرتبة الثانية ولكن بفارق كبير بين الأثنين.

 ففي 4 ولايات خرج حزب العدالة والتنمية فارغ اليدين، ولم يحصل على مقعد واحد، حيث حصد حزب الشعوب الديمقراطي كل المقاعد:

ــ آغري: حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 4 مقاعد، ولم يحصل غيره على أي مقعد.

ــ جولمرك “هكاري” : حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 3 مقاعد، ولم يحصل غيره على أي مقعد.

ــ شرناخ: حصل حزب الشعب الديمقراطي على 4 مقاعد، ولم يحصل غيره على أي مقعد. ــ ديرسم: حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعدين، ولم يحصل غيره على أي مقعد.

ــ إيدر: حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعدين، ولم يحصل غيره على أي مقعد. وفي ولاية آمد ” ديار بكر”، التي يعتبرها الكرد عاصمتهم ومعقل حزب العمال الكردستاني، حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 10 مقاعد، بينما لم يحصل حزب العدالة والتنمية سوى على مقعد واحد.

وفي ولاية “وان ” حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 7 مقاعد ولم يحصل حزب العدالة والتنمية سوى على مقعد واحد. وفي ولاية أردخان القريبة من الحدود الأرمينية والجورجية تجاوزت أصوات حزب الشعوب الديمقراطي أصوات حزب العدالة والتنمية، وحصل كليهما على مقعد برلماني.

وفي ولاية باتمان حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 3 مقاعد، بينما حصل حزب العدالة والتنمية على مقعد واحد. في ولاية بتليس حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعدين، بينما حصل حزب العدالة والتنمية على مقعد.في ولاية قارس حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعدين وحزب العدالة والتنمية على مقعد واحد. في ولاية مردين حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 5 مقاعد، وحصل حزب العدالة والتنمية على مقعد واحد.

وفي ولاية موش حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعدين، بينما حصل حزب العدالة والتنمية على مقعد واحد. وفي ولاية سيرت حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعدين، بينما حصل حزب العدالة والتنمية على مقعد واحد. أما في الولايات التي حلّ فيها حزب الشعوب الديمقراطي المرتبة الثانية: ففي ولاية رها/اورفا حصل حزب العدالة والتنمية على 7 مقاعد، بينما حصل حزب الشعوب الديمقراطي على 5 مقاعد.  وفي ولاية جوليك “بينغول” حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعد، بينما حصل حزب العدالة والتنمية على مقعدين. وفي ولاية آديمان/سمسور حصل حزب الشعوب الديمقراطي على مقعد، بينما حصل حزب العدالة والتنمية على 4 مقاعد.

كذلك حقق حزب الشعوب الديمقراطي نصرا في الولايات التركية، حيث تجاوز حاجز ال 10% في العديد من الولايات، ولعل أهمها مدينة اسطنبول، حيث حصل على 11 مقعدا، وتجاوزت أصواته في الدائرة الثانية 15% ليحل ثانيا بعد حزب العدالة والتنمية. مما سبق نستنتج بأن حزب الشعوب الديمقراطي حقق فوزا كبيرا في كردستان، والتي لم يجد فيها أي من أحزاب الدولة التقليدية (حزب الشعب الجمهوري، الحركة القومية، حزب السعادة) في مواجهته، بينما ظل حزب العدالة والتنمية على الهامش، وهذا يدل على مدى قوّة خطاب حزب الشعوب الديمقراطي وتصاعد شعبيته بشكل كبير، واقتناع الناخبين الكرد ببرنامجه والشخصيات التي وضعها على لوائحه. ويدل، في سياق متصل، على مدى خيبة الأمل لدى الناخب الكردي من حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومن خطاب زعيمه رجب طيب أردوغان، وبشكل خاص التلكؤ والتباطؤ في حل القضية الكردية، ورفض الدعوات المتكررة التي يرسلها إليه حزب العمال الكردستاني في ضرورة الإسراع في تنفيذ بنود الحل التي وضعها القائد الكردي عبد الله أوجلان.وعلاوة على التفوق الكبير في الولايات الكردية الأربعة عشر، والحصول على الأغلبية المطلقة، ومن ضمن تلك الولايات ولاية أردخان التي تحد أرمينيا وجورجيا، والتي حصل فيها حزب الشعب الديمقراطية، لأول مرة، على الأغلبية وينتزعها من يد حزب العدالة والتنمية، فقد حقق الحزب نتائج طيبة في ولاية أورفا، حيث زاد من عدد أصواته عن الانتخابات الماضية عام 2011 بمقدار الأربعة أضعاف. ولأول مرة فاز الحزب في منطقة (سويرك)، والتي كانت بعض العشائر الكردية المؤثرة فيها، قد اعتادت منذ إعلان حزب العمال الكردستاني الكفاح المسلح عام 1984 على التصويت لأحزاب الدولة، ورفض التعامل مع الأحزاب القومية الكردية. لكن الملاحظ بأن الأقضية ذات الأغلبية العربية في الولاية مثل (آكجاكالا/تل أبيض) و(حران) و(الأيوبية) قد صوتت بشكل كبير لحزب العدالة والتنمية، بل وصّوت بعضها لحزب الحركة القومية التركية، كقضاء (حران)، والذي نالت فيه الحركة القومية حوالي 40% من مجمل الأصوات. بينما بدا التصويت العربي في كل من ولايتي ماردين وسيرت لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم أقل منه في ولاية أورفا، وأن كان حاضرا وغالبا أيضا.أما في ولاية جوليك ” بينغول”  فقد حقق حزب الشعوب الديمقراطي المرتبة الثانية ب 41%، لكن ما يزال حزب العدالة والتنمية في الصدارة، ويعود ذلك لأسباب تتعلق بالتركيبة اللغوية داخل الولاية وغلبة طابع التدين على أهلها. وفي ولاية سمسور حلّ حزب الشعوب الديمقراطي ثانيا بعد العدالة والتنمية، وأحدث اختراقا بالحصول على مقعد مقابل 4 للحزب الحاكم، وهذه هي المرة الأولى التي يتقدم فيها حزب كردي في ولاية سمسور الكردية، والتي تعرضت في الماضي لحملات تتريك كبيرة ولسياسة صهر قومي مؤثرة.

كذلك حقق حزب الشعوب الديمقراطي نتائج جيدة في ولاية أرضروم، التي تعرضت هي الأخرى لحملة تتريك منذ أكثر من 90 عاما، ويعيش فيها نسبة كبيرة من العنصر التركي. فعلى مستوى الولاية حصل حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة 18% وحصل على مقعد، بينما حصل حزب العدالة والتنمية على 4 مقاعد وحزب الحركة القومية على مقعد واحد. حزب العمال الكردستاني أصدر بيانا يرحب فيه بنتائج الانتخابات ويعدها انتصارا لمشروعه في أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية، تلك الأفكار التي وردت في كتب قائد الحزب عبد الله أوجلان.

كذلك اعتبر الحزب بأن الشعب الكردي في كردستان الشمالية قد قال كلمته وانتصر لمقاومة كوباني وشنكال، ورد على حزب العدالة والتنمية وأردوغان وسياستهما المعادية للكرد في داخل وخارج تركيا، وقال بان الهزيمة لم تكن من نصيب العدالة والتنمية فقط، ل”داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها من المجموعات الفاشية التي دعمها هذا الحزب واعتدت على أرواح وممتلكات الناس. وأستذكر الحزب مقاتليه الذين فقدوا حياتهم في صدام مع قوات الجيش التركي في ولاية آغري، وكذلك ضحايا الانفجار في ديار بكر، والذي حدث قبل إجراء الانتخابات بيوم، معتبرا بأن حزب العدالة والتنمية فشل في خلق مشاكل جانبية واستفزاز الجانب الكردي، لكي يحول دون انتصاره بالشكل الذي حدث.

وحيا الحزب في بيانه الأحزاب اليسارية التركية والكردية، والحركات والجمعيات والمنظمات الأهلية المنضوية تحت جناح حزب الشعوب الديمقراطي، كما حيا كل من الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة (كوران) على موقفها الداعم للحزب في الانتخابات الأخيرة. الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تركيا غيرت الكثير من المعادلات داخل وخارج البلاد. بالنسبة للقضية الكردية فقد أحدثت توازنات جديدة بدخول حزب الشعوب الديمقراطي للبرلمان التركي واجتيازه حاجز ال10%، وهزيمة حزب العدالة والتنمية في كردستان الشمالية واندثار الأحزاب الأخرى بشكل تام. ويمكن استخلاص عدة نتائج على صعيد القضية الكردية، والأسباب التي أدت إلى تحقيق هذا الانتصار الكبير، وتداعيات ذلك على القضية الكردية وعلى مستقبل تركيا وعلى حزب الشعوب الديمقراطي والقضية الكردية في الفترة القادمة:

أولا: تخطى حزب الشعوب الديمقراطي حاجز ال 10% ونال نسبة جيدة، كانت مفاجأة بالنسبة للكثيرين، هي 13,01%، وهذا يعني عمليا بأن الحاجز الموضوع من قبل حكومة الانقلاب العسكري قبل أكثر من ثلاثين عاما، لم يعد له أي معنى، وأن الكرد، وبالأصوات التي حصلوا عليها في ولايات كردستان، ومن بقية أبناء الشعب الكردي القاطنين في المدن التركية الكبيرة، قادرين على تخطي هذه النسبة في المستقبل أيضا.

ثانيا: حصول حزب الشعوب الديمقراطي على الأغلبية المطلقة في 14 ولاية كردية، وعلى المرتبة الثانية في 3 أخرى، وزيادة أصواته بنسب كبيرة تصل إلى 300% كما هو الحال في ولاية اورفا، يعني بأن الخطاب الذي يطرحه الحزب وعملية التنظيم والوعي بين صفوف الشعب الكردي تمشي بشكل جيد للغاية. وإن خطاب حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان في الإدارة الذاتية الديمقراطية(Xweseriya Demokratîk) مقبول، وأن هناك تجاوبا كبيرا مع طروحات الحزب في الإدارة الذاتية وترسيخ الهوية القومية الكردية، وهي الطروحات المطبقة حاليا في مقاطعات الإدارة الذاتية في روج آفا. وكان حزب العمال الكردستاني قد أعلن قبيل الانتخابات البلدية في عام 2014 بأنه سوف يعلن 4 مقاطعات إدارية ذاتية في كردستان الشمالية، هي سرحد، بوطان، آمد وأورفا في حال فوز حزب الشعوب الديمقراطي بأغلبية الأصوات والبلديات. هذا الفوز الآن هو بمثابة شرعنة جماهيرية لبرنامج العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان في الإدارة الذاتية الديمقراطية.

ثالثا: فشل حزب العدالة والتنمية في التأثير في الناخب الكردي، واندحار مرشحيه من معظم الولايات الكردستانية. وحدث ذلك رغم استخدامه لكل إمكانات الدولة والحكومة في الترويج لخطابه واعتماده على المساعدات المالية والغذائية للناس لشراء ذممهم، وتنظيمه من جديد لأفراد “ميليشات حماة القرى” وعائلاتهم، وفتحه قناة تلفزيونية ناطقة بالكردية، ومنحها بعض المجال والمساحة في حرية الرأي، ودعمه اللامباشر لبعض الأحزاب الكردية الصغيرة، والتي تطرح شعارات كبيرة من قبيل “الفيدرالية”، من اجل التشويش على الناخب الكردي ودفعه للتخلي عن حزب الشعوب الديمقراطي الذي “تبنى شعارا غير قومي لكل تركيا”، واستعانة العدالة والتنمية بشخص وحضور رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ عراق وبالآلة الإعلامية التابعة للحزب، والتي غطت معظم خطابات وندوات مرشحي حزب العدالة والتنمية مع ترجمة فورية للغة الكردية، إضافة إلى محاولة استغلال عملية الحوار مع حزب العمال الكردستاني واوجلان في التأثير في الناخب الكردي، والطلب منه منح “فرصة” أخرى للعدالة والتنمية، لكي يواصل مساعيه لحل القضية الكردية. هذه المحاولات كلها فشلت، وصوّت الناخب الكردي لحزب الشعوب الديمقراطي، وبدت هذه الانتخابات وكأنها نهاية وجود وحضور حزب العدالة والتنمية في كردستان.

رابعا: حصل حزب الشعوب الديمقراطي على أصوات كثيرة من المدن التركية الكبيرة، وحلّ في إحدى مناطق اسطنبول الثلاثة في المرتبة الثانية، وهذا ما يعني بان الخطاب الذي طرحه في ضرورة حل القضية الكردية بشكل سلمي وديمقراطي، وضرورة التصدي لديكتاتورية وتفرد حزب العدالة والتنمية وأردوغان، وعدم السماح بتغير الدستور لترسيخ النظام الديكتاتوري، وتجاوب شريحة كبيرة من الناخبين الأتراك مع خطاب الحزب وبرنامجه، يدل على مدى نجاحه وعلى فرصة التوسع مستقبلا لاستقطاب شرائح أخرى تؤمن بالسلام وبالعيش المشترك وترفض الديكتاتورية الدينية، وهذا يدل على حدوث اختراق لدى الناخب التركي، الذي صار يصوت لحزب “كردي مناطقي”. هذا ناهيك عن التفاف شريحة اليسار والخضر وأبناء الأقليات العرقية والدينية والمذهبية والمرأة حول الحزب واحتضان مرشيحه.

خامسا: صدر حزب الشعوب الديمقراطي 31 إمراءة، ومرشحين عن الكرد الإيزيديين، وعن السريان، وعن الأرمن، وعن العلويين، وعن المتدينين المسلمين السنّة، وبدت لائحته الأكثر تنوعا وانفتاحا، وعليه فقد كانت أصواته متعددة وجاءت من شرائح كثيرة ومتباينة. وبدا نظام الرئاسة المشتركة لافتا للعديد من الأوساط في داخل وخارج البلاد.

سادسا: ضمت لائحة حزب الشعوب الديمقراطي شخصيات كاريزيمة ومعروفة في البلاد. فرئيس الحزب صلاح الدين دمرتاش يتمتع بشعبية كبيرة وحضور إعلامي وجماهيري لافت، وكان يكرر دائما بأنه سيحطم آمال أردوغان في الحصول على “كرسي السلطنة”، وسيمنعه من ترسيح الديكتاتورية في البلاد. هذا فضلا عن شخصيات أخرى مثل دنكير ملك فرات، نائب أردوغان السابق في رئاسة حزب العدالة والتنمية، وجلال دوغان رئيس بلدية عنتاب السابق، و سري ثريا أوندر المخرج المعروف، ونخبة أخرى من الشخصيات المعروفة جماهيريا وشعبينا. عدى عن تأييد العديد من الفنانين والكتاب والصحفيين والمثقفين العلني للحزب ولخطاب رئيسه صلاح الدين دمرتاش.

سابعا: الانتصار في الانتخابات البرلمانية وحضور كتلة برلمانية من 80 برلمانيا، سوف يكسب القضية الكردية في الخارج زخما جديدا، وسيضاف هذا الانتصار إلى انتصارات أخرى حققها حزب العمال الكردستاني على مدار الأعوام القليلة الماضية، فهو صار عاملا مهما في دمقرطة المنطقة والتصدي للإرهاب وللديكتاتورية والفردية، ضامنا لحقوق المرأة ومساواتها بالرجل، وساعيا لترسيخ واحترام حقوق الاقليات الدينية والمذهبية والعرقية، وترسيخ مبدأ اخوة الشعوب المنافي تماما للقومجية والمذهبية. حزب العمال الكردستاني سجل حضورا سياسيا متميزا، بعد الحضور العسكري الإيجابي الذي سجله في مقاطعات روج آفا وفي شنكال وأماكن اخرى من جنوب كردستان.

ثامنا: سجلت منطقة سرحد تصويتا كبيرة لحزب الشعوب الديمقراطي، وهذا يعني بأن الحزب نجح في تسويق خطاب اخوة الشعوب، لاسيما بين الأقليتين الآذرية والتركمانية في كل من ولايتي آغري وإيدر. وكذلك نال الحزب قدرا كبيرا من أصوات الاقلية العربية في ماردين وسيرت، وشذت عن هذه القاعدة ولاية أورفا، والتي صوّتت فيها الاقلية العربية لصالح حزب العدالة والتنمية.

تاسعا: حصل حزب الشعوب الديمقراطي على نسبة كبيرة من الأصوات خارج تركيا وحل في المرتبة الثانية في أوروبا بعد حزب العدالة والتنمية، وتجاوزت النسبة التي حصل عليها في الخارج 15%.

عاشرا: فوز حزب الشعوب الديمقراطي سينعكس إيجابيا على مجمل القضية الكردية وعلى كل أجزاء كردستان. فسينعكس إيجابيا على أوضاع مقاطعات روج آفا، وعلى مقاومتها هناك في وجه “داعش”، وسوف يؤدي إلى محاسبة وملاحقة حزب العدالة والتنمية على تقديمه الدعم للمجموعات الإرهابية في “داعش” و”النصرة” وغيرها. كذلك أثرت النتيجة والفوز في الأوساط الشوفينية والطائفية ضمن المعارضة السورية، وبشكل خاص أوساط “الائتلاف”، والتي كانت تظن بأن تركيا هي حزب العدالة والتنمية وأردوغان، والعكس صحيح.

هذه الأوساط عليها أن تحسب حساب الملاحقات القانونية منذ الآن ونقل كل الانتهاكات إلى تحت قبلة البرلمان. كذلك أثر الفوز بشكل إيجابي على القوى السياسية في كردستان الجنوبية/ كردستان العراق، حيث يحقق لها وزنا استراتيجيا وموقفا أقوى أمام الهيمنة التركية.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد