جيروزاليم بوست: الأمم المتحدة منفتحة على الخطة التركية لشمال سوريا رغم طرد 300 ألف كردي من المنطقة

سيث فرانتزمان | جيروزاليم بوست

يبدو الآن أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يدعم خطة تركيا لتوطين ملايين اللاجئين العرب في الغالب من أجزاء أخرى من سوريا، في منطقة أُجبر فيها أكثر من 180 ألف كردي على الفرار في الأسابيع الأخيرة، فقد شكر الأمين العام للأمم المتحدة تركيا على تعاونها ودعمها القوي ووافق على تشكيل فريق لدراسة اقتراح تركيا والمشاركة مع تركيا في تنفيذه، وقد أصدرت خدمة الأخبار التابعة للأمم المتحدة بيانًا يعلن قبول خطة تركيا والعمل على دراستها.

خلال المناقشات، لم ينتقد أمين عام الأمم المتحدة الهجوم العسكري الذي شنته تركيا في أكتوبر/تشرين الأول، والذي أدى إلى انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاغتيالات خارج نطاق القضاء ومقاطع الفيديو الخاصة بإعدام السجناء على أيدي الجماعات المتمردة السورية المدعومة من تركيا. ولم تقل الأمم المتحدة أيضًا إن المدنيين البالغ عددهم 180,000 والذين سجل خبراء الأمم المتحدة نفسهم فرارهم من منازلهم، لهم الحق في العودة إلى ديارهم في شمال سوريا. وبدلاً من ذلك، تدرس الأمم المتحدة الآن كيفية تنفيذ الاحتلال التركي لشمال سوريا وكيفية العمل مع أنقرة لإنشاء “منطقة آمنة”. المفوضية، والتي من المفترض أن تضمن حق الـ180,000 شخص الذين اضطروا إلى الفرار بسبب الهجوم التركي، تطلب الآن من العالم دراسة الاقتراح الخاص باستبدالهم بـ3.6 مليون لاجئ سوري آخرين يعيشون في تركيا.

ويبدو الآن أن منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والأمم المتحدة وروسيا والقوى العالمية الأخرى، ستعمل على منع عودة الأشخاص الذين فروا من هجوم تركيا وتوطين آخرين في مكانهم، دون موافقة من الأمم المتحدة، فقد أيد “الناتو” بشكل غير مباشر عدوان تركيا، مدعيا أن المخاوف الأمنية تجعله مقبولا، وطلب فقط أن تمارس “أنقرة” ضبط النفس، لكن يبدو أن “ضبط النفس” يعني حتى الآن مئات الآلاف من الناس أصبحوا بلا مأوى في ثلاثة أسابيع.

تحتل تركيا ووكلاءها الآن مساحة من شمال سوريا، بما في ذلك عفرين حيث تم طرد 160,000 كردي في عام 2018 وإدلب، حيث كان يعيش زعيم “داعش” أبوبكر البغدادي، بالإضافة إلى “جرابلس”. ولا تترك تركيا أسبوعًا واحدا يمر إلا وتتحدث فيه توطين اللاجئين السوريين في تلك المناطق، فهي تريد فقط إرسال اللاجئين من أجزاء أخرى من سوريا إلى المناطق التي يعيش فيها الكرد، وذلك باستخدام مجموعات المتمردين السوريين المدعومين من تركيا لتطهير الأرض عرقيا أولاً قبل إعادة التوطين. تصف أنقرة هذه الخطة بـ”المنطقة الآمنة”، لكن بالنسبة إلى 300 ألف شخص فروا من القتال، لم تكن تلك المنطقة “آمنة”، حيث فضحت التقارير في وسائل الإعلام عمليات الإعدام والهجمات على المدنيين. وقد ساعدت الولايات المتحدة تركيا على تحقيق هدفها من خلال فتح المجال الجوي أمام الهجوم التركي، والعمل على استبعاد الكرد من عملية جنيف التي تدعمها الأمم المتحدة للدستور السوري، حيث لم تضغط الولايات المتحدة بشكل كاف من أجل تضمين قوات سوريا الديمقراطية، وهي مجموعة ساعدت الولايات المتحدة في إنشائها في عام 2015، في عملية “جنيف”، واستبعدت الجماعات الكردية الأخرى في شرق سوريا من المشاركة. كما حرصت الأمم المتحدة وتركيا وروسيا وغيرها على استبعاد ممثلي الأقلية الكردية في شرق سوريا من المشاركة. وشرعت روسيا في دوريات مشتركة في شرق سوريا مع تركيا خلال الأيام الماضية.

قد تكون دراسة الأمم المتحدة لخطة “أنقرة” لتوطين شرق سوريا أول مرة تعمل فيها الأمم المتحدة بنشاط لإعادة توطين أشخاص من بلد في منطقة لا ينتمون إليها مع ضمان عدم قدرة الأشخاص الذين فروا على العودة إلى ديارهم. وقال الكرد ومؤيدوهم إن هذا يرقى إلى حد التطهير العرقي.

وإذا كان هذا هو الحال، فإن الأمم المتحدة تساعد بهذا الشكل على تنفيذ حملة التطهير العرقي، وهذا يشكل خروجاً كبيراً عن ولاية الأمم المتحدة المعتادة. في حالات أخرى، عارضت الأمم المتحدة بشكل عام الحرب والغزوات كوسيلة لحل القضايا، ودعمت اللاجئين وحقوقهم في العودة. ومع ذلك، فإن غزو تركيا لشمال سوريا، والذي تم الإعلان عنه صراحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، قد تلقى الدعم حتى الآن من الأمين العام للأمم المتحدة، وليس للحكومة السورية والسلطات في شرق سوريا والسكان المحليين الذين طردوا من ديارهم أي رأي في قرار الأمم المتحدة بدراسة اقتراح تركيا، ولم يلتق الأمين العام للأمم المتحدة أبدًا بأشخاص من شمال شرق سوريا فقدوا منازلهم في الغزو الأخير.

ترجمة: أمنية زهران

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد