يوري فريدمان | ذا أتلانتيك
انسحب ما يقرب من 50 جندي من القوات الخاصة الأمريكية من اثنين من المواقع السورية، ما أدى إلى موجة من القلق في جميع أنحاء العالم حول الولايات المتحدة بسبب تخلصها –أو إغراقها- غير الرسمي من حلفائها، فيما يشبه طريقة لإلغاء النظام الدولي الذي قادته لأكثر من 70 عاما. وبالسؤال عن مصير الكرد السوريين، الذين شهدوا انسحاب الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول، تزامنا مع الاعتداء التركي، زعمت –في الوقت ذاته- الولايات المتحدة بأنها “لا علاقة لها” بهذا الهجوم التركي، وخلال أسبوع، خلَّف العنف مئات القتلى الكرد من العسكريين والمدنيين، وأكثر من 100 ألف نازح، وصارت الهزيمة القريبة لتنظيم “داعش” الإرهابي في خطر في وقت قد يستغل فيه التنظيم تلك الفوضى ليعود من جديد، كما أن تركيا وروسيا والحكومة السورية المدعومة من إيران تعمل على تقسيم الأراضي التي يُخليها الكرد والأمريكيون.
في الواقع، كانت القوات الكردية السورية شريكة في الحملة العسكرية متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش”، وكان ينظر إلى ما يحدث في سوريا على أنه “أفعال أيادٍ أخرى غير الأيادي الأمريكية”، على الرغم من أن أفعال هذه الأيادي ستؤثر على جميع الاحتمالات حلفاء أمريكا الأوروبيين.
أما السؤال الأساسي الذي يطرحه موقف الولايات المتحدة، وهو السؤال الذي سيظل قائمًا لجميع أعضاء التحالف المناهضين لـ”داعش” في “واشنطن”، فهو: “ماذا يعني ذلك بالنسبة لثقتنا. وهل سنحصل على دعم حلفائنا الأمريكيين في وقت الأزمة والتحدي؟ “
وبالنظر إلى رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، فإنه يرى أنه من السابق لأوانه معالجة هذا السؤال، والجواب سيكون “زلزال في أوروبا”، في الوقت نفسه الذي وصف فيه مسؤول في حكومة متحالفة مع الولايات المتحدة “الضوء الأخضر الأمريكي لتركيا لغزو الأراضي الكردية” على أنه “نوع من الخيانة”.
لذا، فإن الحلفاء والشركاء يشعرون بالقلق من تناقص قيادة الولايات المتحدة حول العالم، ما يؤدي إلى إشعال صراعات إقليمية مع اكتساب المنافسين الأمريكيين “المزيد من القوة والنفوذ” و”ملء الفراغ الناشئ عن جهل وعزلة الولايات المتحدة”.
وعليه، فما تظهره هذه المشاعر هو أنه على الرغم من كل القواعد والمؤسسات الدولية التي ظهرت منذ الحرب العالمية الثانية، وكل الحديث عن الولايات المتحدة وكأنها رجل شرطة للعالم، غير صحيحة، ففي النهاية لا توجد قواعد لا تقبل الجدل، ولا توجد مؤسسات تعد هي الملاذ الأخير، هناك فقط قادة، تعتبر وعودهم، وما هم على استعداد للقيام به بالفعل، سببًا في وجود تناقض، إلى جانب عدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث لاحقًا.
كانت فرضية شبكة التحالفات الأمريكية وترتيبات الأمن الجماعي على أساس أن الولايات المتحدة ستستعيد أصدقاءها، والعكس صحيح، سواء كان ذلك بسبب المصالح المتبادلة أو القيم المشتركة، فقد جعل العلاقات تستمر على مدى عقود. وعلى الرغم من أن “واشنطن” تركت في بعض الأحيان شركاء لها في مأزق، على سبيل المثال، الفيتناميون الجنوبيون في نهاية حرب فيتنام، وحتى أنها تركت الكرد مرارًا وتكرارًا على مدار القرن الماضي، فإنه مع ذلك أشار “ترامب” إلى أن التزام الولايات المتحدة تجاه الكرد لم يكن مجرد مشكلة، ولكن التزامات أمريكا نفسها تعد أمرًا مشكوكًا فيه.
كل هذا جعل الحلفاء في جميع أنحاء العالم أكثر ميلًا إلى استخلاص دروس معممة من قرار “ترامب” غير المنضبط والمزعزع فيما يتعلق بالكرد بنفس الطريقة -على سبيل المثال- لا يمكن لحليف أمريكي اليوم أن يطمئن تمامًا إلى أن الجيش الأمريكي سوف يعمل على إنقاذه، فمن غير المرجح أن يتبدد هذا القلق، الذي يترتب عليه عواقب في العالم الحقيقي، ومن غير المحتمل أن تتلاشى عندما تنتهي رئاسة “ترامب”.
والجدير بالإشارة أن قرار “ترامب” بعد مكالمة هاتفية في السادس من أكتوبر مع “أردوغان”، والذي عجل بسحب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا وترك الكراد -المقاتلين الرئيسيين ضد داعش- لمواجهة توغل عسكري تركي، لم يكن مجرد خطوة أخرى مثيرة للجدل في السياسة الخارجية من قبل رئيس المثير للجدل بشكل دائم، بُيد أنه على مدار العام الماضي، عمد الرئيس الأمريكي إلى خداع العالم مرتين عن طريق إعلان انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، والتراجع بصورة جزئية تحت ضغط مستشاريه، فقد أرسل مؤخرًا آلاف الجنود إلى المملكة العربية السعودية لردع إيران. وهذا ليس التراجع الشامل لأمريكا الانعزالية التي ينادي بها “ترامب”، ولكنه يبين عدم فعالية الولايات المتحدة في التخطيط الحر الاستراتيجي.
خلال هذه الملحمة، كان قد سخر “ترامب” من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لتراجعه في عام 2013 عن استخدام القوة العسكرية لفرض “الخط الأحمر” على استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين. وأصبح هذا الخيار هو سبب انتقادات عنيفة لمعلقين جادلوا بأن “أوباما” الذي كان خجولًا جدًا في قراراته، جعل التزامات أمريكا عديمة القيمة وقوتها فارغة وجوفاء. ولكن بالنظر إلى كل تداعيات قرار “ترامب” على الحلفاء، الأجانب والمحليين، ناهيك عن المنتقدين له وتأثير سياسة الحكومة الأمريكية المتعرجة في سوريا خلال الأسابيع الماضية، فإن لحظة منح الضوء الأخضر لتركيا من جانب “ترامب” سوف تطارده، كلحظة الخط الأحمر لـ”أوباما”، التي لا تزال تلوح في الأفق على رئاسته.
ليس من قبيل الصدفة أنه في كلتا الحالتين- سواء ترامب أو أوباما- نشأت المشاكل في سوريا. من خلال السياسة الأمريكية، حيث تم تصوير الحالتين على أنهما نافذة على “لياقة القائد الأعلى”، بينما هي أيضا انعكاسات للبلد نفسه، بالنسبة لقوة عظمى تحسب نفوذها المتناقص في عالم متعدد الأقطاب، لا يوجد اختبار أكبر لحدود المصالح الأمريكية من أسوأ أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، في المنطقة الأكثر ارتباطًا باستنزاف الولايات المتحدة لقوتها.
كان لدى الحلفاء مخاوف بشأن الثبات والموثوقية الأمريكية عبر إدارات أمريكية متعددة، لكن نعتقد أنها وصلت إلى نقطة خطيرة هنا حيث يوجد الكثير من سوء الفهم والشك. وحسب حوار كان قد أُجري مع مجلة “إيكونومست”، تطرق الرئيس الفرنسي “ماكرون” إلى أعماق هذا الشك، مستشهدا بالغياب التام للتنسيق الداخلي، حيث قام اثنان من أعضاء الناتو -تركيا والولايات المتحدة- باتخاذ إجراءات في سوريا تهدد بتقويض أمن الأعضاء الآخرين، حيث أعلن “ماكرون” ما أسماه بـ”الموت العقلي” للتحالف العسكري الذي يعود إلى 70 عامًا.
وقال “ماكرون” إن هذا يعني أن الأوروبيين بحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية الحفاظ على سلامتهم وسيادتهم، وعدم التفكير انطلاقا من أن الولايات المتحدة “هي الضامن الأكيد، وهي المظلة التي جعلت أوروبا أقوى، ولكنها لم تعد لها نفس العلاقة مع أوروبا”، مُشيرًا إلى أن “فشل أوباما في الاستجابة بعد استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا كان المرحلة الأولى في انهيار الكتلة الغربية”.
لذا، فإن القرار المفاجئ بانسحاب الولايات المتحدة والضوء الأخضر على العملية التركية في شمال شرق سوريا كانت بمثابة خيانة للكرد أحد أفضل الشركاء في الحرب العالمية على الإرهابيين، وألحقت الأذى بسمعة الولايات المتحدة كشريك موثوق في جميع أنحاء العالم.
وبالمثل، فإن الإدارة لم تحاول بما يكفي لردع هجوم تركيا من خلال الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية فضلاً عن أن العنف الناتج الذي شمل “جرائم الحرب والتطهير العرقي” من قبل الميليشيات الإسلامية المدعومة من تركيا، يعد من صنع الولايات المتحدة، إلى جانب ذلك فإن عملية تركيا عملت على الإضرار بالمصداقية الإقليمية والدولية.
ومن المعروف أنه في مجلس النواب الأمريكي، انضم حوالي 129 جمهوريًا إلى جميع الديمقراطيين لشجب قرار “ترامب” كي يُبطل جهوده لمنع العملية العسكرية التركية. ووُصفت التطورات في سوريا بأنها “كابوس استراتيجي”، هذا الكابوس خاطر باستحضار “نظام عالمي جديد” غير مواتِ للولايات المتحدة، وأنه بالتخلي عن الكرد، لن تجد الولايات المتحدة أي مساعدة من أي شخص في المستقبل، فسيكون حظا تعيسًا لها، ويمكن القول إن الوضع بمثابة “وصمة عار” محتملة على رئاسة “ترامب”.
“وصمة عار” لا تُمحى، خاصة بعد حادث إعدام السياسية الكردية السورية هيفرين خلف، التي تبلغ من العمر 34 عامًا، من خلال إطلاق النار على رأسها ووجها وظهرها، وقد برر “ترامب” الهجوم التركي لمؤيديه بأن ما حدث “يشبه عراكا تم بين طفلين في حشد من الناس، وما عليك سوى أن تقوم بفصلهم بالقوة كي لا يستمر هذا النزاع”.
ومن هنا، يبدو أن الجمهوريين الأمريكيين يعتقدون أن هذه قد تكون نقطة اللاعودة، حيث تقل حماسة أي دولة بشكل كبير للتحالف مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة الأمريكية لم تمنح الكرد أبدًا التزامًا عسكريًا بالدفاع عنهم ضد أحد حلفاء الناتو، تركيا، ليكونوا في حماية الإدارة الأمريكية للأبد.
صحيح أن الوجود العسكري الأمريكي في شمال شرق سوريا لم يستغرق طويلاً لهذا العالم، حيث إن التخلص من خلافة تنظيم “داعش” الإرهابي خلال العام الماضي، جعل “أردوغان” يفكر في طرد المقاتلين الكرد السوريين -الذين يعتبرهم إرهابيون على صلة بحركة تمرد كردية في تركيا- من حدوده. وفي هذه الأثناء، وجد الجيش الأمريكي نفسه حبيسا بين حليف لحلف الناتو وشريك مع بلد لم تدعه إلى هذه الشراكة بعد في المعركة المنعزلة مع “داعش” لبناء دويلة شبه مستقلة.
لكن الأمر الذي أصبح واضحًا أيضًا هو أن الحكومة الأمريكية لم تتعامل أبدًا مع الكرد السوريين حول كيفية إنهاء علاقتهم المؤقتة، ربما لأن الحكومة الأمريكية لم تتواءم مع نفسها أبدًا، فقد اعترفت الولايات المتحدة على سبيل المثال بأنه كان هناك وقت وعد فيه مسؤولو إدارة “ترامب” شركائهم السوريين الكرد ببقاء القوات الأمريكية في المنطقة حتى تهزم الولايات المتحدة “داعش” وتطرد إيران من البلاد، والمساعدة في التوصل إلى حل سياسي إلى الحرب الأهلية، وعلى الرغم من ذلك، فإن الديناميات تغيرت عندما أعلن “ترامب” لأول مرة انسحابًا عسكريًا في ديسمبر/كانون الأول 2018.
والجدير بالذكر، حسب الدبلوماسي الأمريكي في شمال سوريا ويليام روباك، الذي أوضح في مذكرته أنه أخبر الكرد على وجه التحديد بأن وجود القوات الأمريكية ووجود القوة الجوية في الشمال الشرقي، من شأنها أن تبقي الجيش التركي بعيدا عنهم.
واللافت، أنه بعد أن أبلغ “أردوغان” الرئيس الأمريكي بنيته لغزو سوريا، كشف “ترامب” عن العقوبات المفروضة على تركيا وأرسل وفدًا من نائب الرئيس ووزير الخارجية ومستشار الأمن القومي إلى أنقرة لضمان وقف إطلاق النار، وهو ما فعلوه. (لقد أجبر الاتفاق القوات الكردية -التي لم تكن متضمنة في المحادثات- على التراجع عن الأراضي التي تسيطر عليها، ولكنها صمدت في الغالب، على الرغم من الانتهاكات المتكررة).
إن ما حدث للكرد كان إلى حد ما أسوأ كابوس تعرض له حليف الولايات المتحدة، فبعد ثلاث سنوات من الشك المتأجج بين شركاء أمريكا في كل دول العالم حول تفاني “ترامب” تجاه الحلفاء، ضل الرئيس للمرة الأولى الطريق في الواقع، وأظهر القليل من الاحترام للتضحيات التي قدمها حليفه- الأكراد- لتعزيز مصالحهم المشتركة، حيث تم اتخاذ قرار بسحب القوات الأمريكية فجأة ومن جانب واحد دون تقديم إشعار مسبق، ليس فقط للكرد وأقرب حلفاء أمريكا، ولكن أيضًا لكبار المسؤولين الذين يعملون في سوريا داخل إدارة “ترامب”.
هذا القرار الذي شمل تصميم الرئيس على انسحاب القوات الأمريكية من أماكن أخرى في الخارج، تلك القوات التي تعد قوية جدًا لدرجة أنها تغلبت على الاعتبارات الاستراتيجية الأمريكية التقليدية، ومن بينها منع الخصوم الأقوياء مثل روسيا وإيران من التنافس على النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، حيث يعد قرار الرئيس الأمريكي تجاوزًا للاعتبارات الأساسية للأمن القومي مثل مكافحة الإرهاب. كان هذا صحيحًا حتى بالنسبة لنشر عدد قوات أصغر بكثير ولكنها أكثر نجاحًا من “الحروب اللانهائية” في أفغانستان والعراق التي استوعبها “ترامب”.
وليس هناك ما يشير إلى أن “ترامب” يولي الاعتبار الأخلاقي لحياة الكرد، وربما هذا ما يعنيه بـ “أمريكا أولاً”: من ناحية تضاؤل الاعتبار الأخلاقي للقيم والمصالح غير الأمريكية. تقوم إدارة “ترامب” الآن بتحويل الاتجاه مرة أخرى من خلال إرسال مئات القوات إلى سوريا، وهذه المرة لمنع “داعش” من الوصول إلى حقول النفط كجزء من المهمة الشاملة لهزيمة هذا التنظيم الإرهابي، لكن القوات السورية والروسية والتركية كانت قد انقضت على الأراضي التي كانت تسيطر في السابق عليها القوات الأمريكية والكردية.
ومن المؤكد أن الحلفاء الذين لديهم معاهدات دفاع رسمية منذ عقود وتحالفات استراتيجية ومؤسسية مع الولايات المتحدة سوف يميزون بين علاقتهم والعلاقة الأمريكية مع ميليشيا كردية، ومن غير المحتمل أن يقوم هؤلاء الحلفاء بإصلاح سياسات الولايات المتحدة بعدما فقدوا الثقة في الوعود الأمريكية بسبب تصرفات “ترامب” الأخيرة في سوريا.
ما يجري الآن ليس أكثر مما إذا كان “ترامب” سيفعله لحلفائه التقليديين مقارنة بما فعله بالكرد؛ هذا ما تشير إليه قراراته في سوريا بشأن حالة القوة والمصالح الأمريكية، ففي سوريا، فإن الوضع صار أكثر وضوحا من أي وقت مضى بالنسبة للإدارة الأمريكية، من حيث حلها لأسوأ أزمة في العالم وتقييد القوى الإقليمية وحماية شريك في خط المواجهة في مكافحة الإرهاب، إلى جانب الجهود المبذولة للقضاء على الجماعات الإرهابية، التي تعد أعباء ثقيلة على كهل الولايات المتحدة.
والجدير بالذكر أن الأنسحاب العسكري الأمريكي التلقائي -الذي يعد مماثلاً لما حدث في سوريا- من كوريا الجنوبية، صنفته الصحف الكورية على أنه جزء من “خطر ترامب” الذي يدرسه الحلفاء الأمريكيون الآن في عملية صنع السياسة الخارجية. وفي الوقت نفسه، تتوقع “طالبان” أن الحكومة الأفغانية ستكون الحليف الأمريكي القادم الذي سيتم التخلي عنه.
إذا كانت الحكومة الأمريكية تريد إبعاد القوات الأمريكية عن أفغانستان، فسيتم الانسحاب بالتنسيق مع الحكومة الأفغانية ومع اتخاذ تدابير لتخفيف المخاطر، ولكن إذا توصلت الولايات المتحدة إلى صفقة مع “طالبان” تسمح للميليشيات بالسيطرة على أفغانستان، فإنها “لن تؤدي إلا إلى حرب أهلية ضخمة واضطرابات كبيرة في المنطقة”.
ويُشار إلى أنه في سوريا، نجحت عقيدة “ترامب” بشكل أو بآخر حيث أصبحت الدول الأخرى أكثر حزمًا في التصدي للتداعيات، على الرغم من أن ذلك ليس دائمًا بفعالية أو بطريقة تتفق مع المصالح الأمريكية، إذ يدرك الحلفاء الأمريكيون أنهم لا يستطيعون الاعتماد تمامًا على “واشنطن”، لكن مع ذلك يظلون يعتمدون على النظام متعدد الجنسيات الذي تقوده الولايات المتحدة، وهو مأزق يحد من طموحاتهم.
ومن ناحية العالم الأوروبي، على سبيل المثال، اتخذت عدة دول أوروبية إلى جانب كندا خطوة بوقف صادرات الأسلحة إلى تركيا ردًا على توغلها، وهي خطوة مختلفة بشكل واضح عن استجابة إدارة “ترامب” لما حدث، حيث عملت الدول الأوروبية وكندا على فرض عقوبات ثم رفعتها، نظرًا لأن التدابير الدولية لم يتم تنسيقها.
وفي العاشر من أكتوبر، صاغ الاتحاد الأوروبي قرارًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب تركيا بوقف عملياتها العسكرية، لكن روسيا والولايات المتحدة عارضته، كما دعت كرامب كارنباور وزير الدفاع الألماني والمستشارة المقبلة المحتملة، إلى إنشاء منطقة أمنية دولية في شمال سوريا، وهو أول اقتراح من ألمانيا الحديثة لمهمة عسكرية في الشرق الأوسط، وعلى اعتبار أن المصالح العالمية تعني أنه لا يمكن أن تقف ألمانيا على الهامش “وتقتصر على المشاهدة”.
وعمومًا، فإن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون أمة عظيمة وهي معزولة تمامًا وتتطلع إلى الداخل وتفكر في أن كل ما يحدث في بقية العالم لا علاقة له بها، فعلى مدار تاريخ البشرية لم يكن هذا خيارًا لها.
—–
للاطلاع على النص الأصلي باللغة الإنجليزية.. اضغط هنا
ترجمة: رنا ياسر