مخاطر فقدان البنتاغون قدرته العسكرية في معركة « التنافس الدولي»

ميشيل فلورنوي

منذ حوالي عقد من الزمن، اعتبر مسؤولو الدفاع الأمريكيون أنّ عودة المنافسة بين القوى العظمى هو التحدي الأكبر للأمن القومي للولايات المتحدة، ففي عام 2012 وخلال عهد إدارة أوباما، أعلنت وزارة الدفاع أنه ” لن يكون حجم قوات الولايات المتحدة كافياً لتحقيق عمليات استقرار واسعة النطاق وطويلة الأمد”، مثل ما يحدث في أفغانستان والعراق، حيث يُمثّل خروجاً حاداً عن استراتيجية الدفاع الأمريكية بعد 11 أيلول. 

 ففي عام 2016، سلّط وزير الدفاع آشتون كارتر الضوء على «عودة قوة المنافسة العظمى»، وفي عام 2018، وخلال إدارة ترامب، تم بلورة استراتيجية الدفاع الوطني بصورة واضحة «دخول الدول في المنافسة الاستراتيجية ليس عمل إرهابي، إنما يُشكّل هدفاً رئيسياً للأمن القومي للولايات المتحدة»، وأعلنت مع التركيز بشكل خاص على الصين باعتبارها تهديدًا مستمراً.

ومع ذلك، على الرغم من هذا الاعتراف الواسع النطاق من قبل كلا الحزبين حيال هذا التحدي، فإن موقف الجيش الأمريكي يختلف نسبياً من جهة عدم مواكبة هذا التفاهم السياسي المشترك. علماً أن الاستراتيجية الأمريكية رفعت درجة التحذير إلى مستوى عال، إلا أنّ الطريقة التي يعمل بها البنتاغون لممارسة العمل، تبقى روتينية، وهو أمرٌ غير كافٍ لمواجهة التهديدات المتزايدة التي تُشكّلها الصين وروسيا كقوتين صاعدتين، ويتجلّى هذا الانفصال في كل شيء، بدءاً من الصراع العسكري المستمر لإعادة توجيه مفاهيم العمليات العسكرية (أي كيف ستقاتل في المستقبل)، فضلاً عن التدريب واكتساب التكنولوجيا وإدارة المواهب ووضعية العمليات ما وراء البحار. 

تم اتخاذ بعض الخطوات المهمة لتعزيز الابتكار الدفاعي، لكنّ الجمود البيروقراطي منع من تبنّي القدرات والممارسات الجديدة من التكيف بالسرعة وعلى نطاق واسع.

لقد ورثت إدارة بايدن جيشاً أمريكيّاً عند نقطة الانعطاف، وبحسب ما ورد، تُظهر مناورات البنتاغون الحربية أنّ خطط القوة العسكرية الحالية ستجعل الجيش غير قادر على ردع العدوان الصيني وهزيمته في المستقبل، وبناءً على ذلك، يتعيّن على قيادة وزارة الدفاع اتخاذ خطوات أكبر وأكثر جرأة للحفاظ على التفوق العسكري والتكنولوجي للولايات المتحدة على منافسيها من القوى العظمى. دون ذلك، يُخاطر الجيش الأمريكي بفقدان هذه الميزة في غضون عقدٍ من الزمن، بالإضافة إلى التداعيات العميقة والمُقلقة لحلفائها وشركائها والعالم، حيث أنّ قدرة الولايات المتحدة على المِحك من جهة ردع الإكراه والعدوان، وحتى الحرب في العقود القادمة.

سيتطلّب تجنُّب مثل هذه النتيجة إصلاحات جوهرية في كيفية سير عمليات البنتاغون، لكنّ تغيير الثقافات التنظيمية أصعب بكثير من مراجعة استراتيجية الدفاع، وليس فقط من الضروري  تقديم رؤية واضحة ومقنعة فحسب، بل يستلزم أيضاً إعادة تنظيم هياكل الحوافز ومحاسبة أكبر، وفي النهاية، ستفشل الاستراتيجية ما لم تنجح في تطبيق هذه التغييرات العملياتية.

من الضروري توضيح أنّه يجب على الجيش الأمريكي إعادة تصوُّر كيفية القتال، وأن يقوم بالاستثمارات التكنولوجية والتشغيلية الضرورية لضمان نجاحها تدريجياً، ولا يتعلّق الأمر بإنفاق المزيد من الأموال، يتعلق الأمر بالإنفاق بشكل أكثر ذكاءً، وإعطاء الأولوية للاستثمارات لتقوية ميزتها العسكرية، حيث لم يعُد الوقت في صالح الولايات المتحدة بالنسبة لهذه المنافسة، فالمخاطر لا يمكن أن تكون أكثر من ذلك، ستُحدّد تصرُّفات وزارة الدفاع – أو تقاعسها – في السنوات الأربع المقبلة ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على الدفاع عن مصالحها وحلفائها ضد تهديدات القوى العظمى على مدى العقود الأربعة المقبلة.

حروب المستقبل

في الأشهر والسنوات التي أعقبت 11 أيلول، أعطت القوات المسلحة الأمريكية الأولوية لعمليات مكافحة الإرهاب ضد القاعدة والجماعات التابعة لها في جميع أنحاء العالم، وخاصة في أفغانستان وباكستان، فبعد غزو العراق عام 2003، استهلكت عمليات مكافحة التمرد المزيد من القوات الأمريكية والمزيد من اهتمام قيادة وزارة الدفاع، وبعد عقدٍ من الزمن، لم تترك الحروب التي تدور رَحاها في الوقت الحاضر سوى القليل من القدرة على الاستعداد لحروب المستقبل.

بحلول عام 2012، بدأت مجموعة صغيرة من خبراء الدفاع بدقّ ناقوس الخطر من أن هناك تحديات أكبر تلوح في الأفق، وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى استراتيجية جديدة لمواجهتها. كان هذا التحول مدفوعاً في جزءٍ كبير منه بسلوك الصين الأكثر حزماً وقدراتها الجديدة، فمنذ حرب الخليج، توجّه الجيش الصيني لنهج طريقة الحرب الأمريكية.

وقد طوّرت مجموعة موسّعة من الأساليب غير المتكافئة لتقويض نقاط القوة العسكرية الأمريكية واستغلال نقاط ضعفها، تضمّنت قدرات “منع الوصول / حظر دخول المنطقة” القوية (A2 / AD)، حيث صُمّمت هذه القدرات الجديدة من الأسلحة الإلكترونية والدفاعات الجوية وترسانات الصواريخ الدقيقة مثل الأسلحة المضادة للسفن، وذلك لتعطيل شبكات القيادة والسيطرة الأمريكية وتدميرها وإحباط عرض القوة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ.  

نتيجة لذلك، لم يعُد بإمكان الجيش الأمريكي أن يفترض أنه سيكون لديه حرية التصرف في نزاعٍ كان يمكن أن يتمتع به في الماضي، من خلال اكتساب التفوق المبكر في المجالات الجوية والفضائية والبحرية.

في أي صراع مستقبلي، ستحتاج القوات الأمريكية إلى القتال من أجل مصالحها عبر هذه المجالات، ومن ثمّ مواصلة القتال للحفاظ عليها  في مواجهة الجهود الصينية المستمرة لتعطيل شبكات إدارة المعارك الأمريكية وتقويضها.

 إن إحدى التحولات الضرورية، هي إعادة التفكير في مكان نشر القوات العسكرية الأمريكية مع تركيز أقلّ على الشرق الأوسط الكبير، والذي يمثل حتى الآن حوالي ثلث القوات الأمريكية المنتشرة أو المتمركزة خارج الولايات المتحدة. 

وبعد المراجعة المستمرة لوضع القوة العالمية، والتي بدأت في وقت سابق من هذا العام بتوجيه من الرئيس، ركّزت على إعطاء أولوية أكبر لردع الصين، وهو ما قد يعني على الأرجح سحب القوات في الشرق الأوسط، لتوفير المزيد في المحيطين الهندي والهادئ، ولكن لتحقيق النجاح، يجب أن يقترن هذا التغيير في الاستراتيجية بأكثر من تحوُّلٍ في الموقف العالمي، حيث سيتطلب ذلك إعادة تنظيم مجموعة من المفاهيم، والثقافة، وبرامج الخدمة، والميزانيات.

وسيكون هناك تآكل تدريجيٌّ للتفوق العسكري الأمريكي في مواجهة المنافسة من القوى العظمى الأخرى، لذلك لم تعُد الولايات المتحدة واثقة من قدرتها على ردع العدوان الصيني أو حماية مصالحها وحلفائها في آسيا، وفي حالة الصراع، فإنه سيدفع ثمناً أعلى بكثير من حيث الدم والأموال, إن تكاليف القصور الذاتي والتقاعس عن العمل ذا تكلفة عالية.

على الرغم من أن البنتاغون قد أحرز بعض التقدم في تحفيز الابتكار، إلا أنه لم يكن بالسرعة أو الحجم المطلوبين. عدد قليل من المنظمات الجديدة من خلال وزارة الدفاع أصبحت ذات تأثير أقلَّ في إعادة إحياء التكنولوجيا، وتحديد الحلول للمشاكل ذات الأولوية، ثم وضع نماذج لقدرات جديدة، إنّ وحدة ابتكار الدفاع تستكشف مراكز الابتكار مثل وادي السيليكون وأوستن وطريق 128 في ولاية ماساتشوستس للدخول في شراكة مع شركات التكنولوجيا التجارية، حيث أنّ شركتي AFWERX و SOFWERX تلعبان دوراً مشابهاً لدور القوات الجوية الأمريكية وقيادة العمليات الخاصة الأمريكية، وتعملان كمستثمرين لتسريع تبنّي التقنيات التجارية للمهام العسكرية.

في أواخر عام 2020، قدّر ويل روبر (الذي كان وقتها مساعد وزير القوة الجوية للسيطرة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية)، أنه وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية, أدخلت AFWERX حوالي 2300 شركةً في شراكة مع القوات الجوية الأمريكية وقوات الفضاء الأمريكية التي لم تكن تعمل مع الجيش الأمريكي من قبل، لكن القليل من هذه المبادرات كانت قادرة على عبور وادي الموت (الفجوة الحاصلة بين تطوير نموذج أولي ناجح، والقدرة على انتاج نظام جديد وتطبيقه على نطاق واسع)، وأيضاً, في السنوات القليلة الماضية، بدأت القوات العسكرية وهيئة الأركان المشتركة في تطوير وتجربة مفاهيم جديدة للعمليات لتكون قادرة على التعامل مع القوى العظمى, وتضمّنت طُرُقاً للحصول على ميزة المعلومات, وتنسيق ضربات بعيدة المدى, وتوفير الدعم اللوجستي للقوات الموزعة جغرافيا في المناطق المتنازع عليها، لكنهم لازالوا مبتدئين, حيث يجب على وزارة الدفاع أن تنشر مفاهيم جديدة بسرعة وعلى نطاق واسع، بحيث تُمكّنها من ردع منافسيها من القوى العظمى.

عندما ينظر الاستراتيجيون الصينيون إلى الجيش الأمريكي اليوم، فإنهم يرونَ أنظمة رئيسية مستخدمة لاستكشاف التهديدات والتواصل والتنقل واستهداف قوات العدو، لذلك ستكون القوات الأمريكية في وضعٍ غير مناسبٍ من الناحيتين الكمية والنوعية لمواجهة توسُّع القوات العسكرية الصينية، وقدراتها المُصمّمة لمنع الجيش الأمريكي من الوصول إلى شواطئ الصين، وفي حال اعتقاد بكين أن بإمكانها إحباط ردٍّ عسكريٍّ أمريكي فعّال، فإنّها يُمكن أن تميل إلى استخدام القوة ضد تايوان للاستيلاء على أراضٍ أخرى متنازعٍ عليها في بحر الصين الجنوبي، يمكن أن تتصاعد هذه الأزمة إلى صراع عسكري بين قوتين مسلحتين نووياً، لذا من الضروري ضمان أن العمل العسكري الصيني سيكون مكلفاً وغير ناجح، وعلى القادة الصينيين أن يكونوا مقتنعين بهذه الحقيقة.

من المعروف أنّ تحقيق التغيير في المنظمات البيروقراطية الكبيرة أمرٌ صعب، فلماذا مقاومة التغيير؟، في البنتاغون قد يبدو الأمر شبه مستحيلاً، حيث أن الثقافة البيروقراطية السائدة تتجنب المخاطرة وارتكاب الأخطاء، لذا تتمسك بالطرق الحالية لممارسة الأعمال القائمة، وأيضاً يواجه كبار المسؤولين مجموعة متنوعة من التحديات الضرورية، تتضمن الإشراف على العديد من العمليات العسكرية، منها مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط الكبير وأفريقيا، والاعتداء الجنسي بين القوات والجماعات المتطرفة التي تُجنّد داخل القوات العسكرية، لذا فإن كبار قادة وزارة الدفاع يتناوبون كل سنتين أو ثلاث سنوات، وذلك يجعل من الصعب عليهم تطبيق  قوّة عاملة  لأكثر من 730.000 مدني و 1.3 مليون رجل وامرأة في الخدمة الفعلية لتبني سلوكيات جديدة وتحميلهم المسؤولية عن النتائج.

في كثير من الأحيان، فشلت وزارة الدفاع أيضاً في التعامل مع الكونغرس كشريك، وترك الباب الخلفي مفتوحاً على مصراعيه لأولئك الذين يُريدون معارضة الإصلاح (نظراً لأن أعضاء الكونغرس غالباً ما يحافظون على الوضع الراهن من خلال تمويل الأولويات المحددة التي تخلق فرص عمل في مناطقهم، مع ترك مساحة صغيرة في الميزانية لأي شيء جديد).

كيف يحدث التغيير

وللتغلُّب على هذا الكسل، يتعيّنُ على قيادة البنتاغون الجديدة أن تعمل أكثر من مجرد إعطاء المنافسة بين القوى العظمى ذات أولوية قصوى لاستراتيجية الدفاع الوطني الأولى في إدارة بايدن، حيث سيتم إصدار هذه الاستراتيجية في وقت لاحق من هذا العام أو أوائل العام المقبل، والأهم من ذلك، يجب أن تكون المنافسة بين القوى العظمى ذات أولوية قصوى عندما يتعلق الأمر بالطريقة التي يقضي بها كبار المسؤولين والضباط وقتهم ورأس مالهم السياسي, ولكن لن يحدث تغيير الحجم الضروري ببساطة من دون أن يُمهّد كبار قادة وزارة الدفاع الطريق وقيادتها كل يوم، حيث يجب أن تكون الخطوة الأولى هي تطوير مفاهيم جديدة للعمليات لردع عدوان القوى العظمى ودحره في بيئاتٍ أكثر تنازعاً وفتكاً، وهي مهمّة لا تقلُّ أهميةً عن مهمة تزويد القوات الأمريكية بقدرات جديدة، يُظهر التاريخ أن المفاهيم الجديدة يمكن أن تكون أكثر قوة من التقنيات الجديدة، على سبيل المثال، على الرغم من  أنّ البريطانيون قاموا بإدخال الدبابات خلال الحرب العالمية الأولى، لكن لم يكن لديهم تأثير كبير حتى الحرب العالمية الثانية، وأيضاً عندما تبنّى الألمان هذه القدرة الجديدة عبر مفهوم الحرب الخاطفة، باستخدام الدبابات والدعم الجوي لاختراق خطوط الحلفاء.

يتطلّب الإصلاح الأساسيُّ عن طريقة القتال التي تقومُ بها القوات الأمريكية تحوُّلاً شاملاً في العقلية, حيث اعتاد الجيش الأمريكي على أن يكون له اليد العليا في أيّ وضع عسكري مألوف، وتتوقّع أن تكون قادرة على تحقيق التفوق بسرعة في أيّ مجالٍ سواءً في الجو، أو الأرض، أو البحر، ولكن من غير المرجح أن يكون هذا هو الحال عندما تواجه الولايات المتحدة قوةً عظمى أخرى في المستقبل القريب، لقد صممت كلٌّ من بكين وموسكو الأسلحة الإلكترونية والحركية بغرض تعطيل قدرة القوات الأمريكية على الانتشار والتنقل والتواصل والضرب، وكذلك طرقاً تلوَ الأخرى من الدفاعات بهدف إسقاط الطائرات الأمريكية وإغراق السفن الأمريكية، قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى أهدافهم.

وفقاً لهذه القدرات الجديدة، يجب على المخططين والقادة الأمريكيين التفكير في كيفية مواجهة مزايا الخصم بشكل غير متكافئ، تتضمن حقيقة أنه من المحتمل أن تكون القوات الأمريكية فائقة العدد وتتعرض لأيّ هجومٍ في أيِّ صراع, لذا  بدلاً من الثقة في قدراتهم على تدمير دفاعات العدو ثم  التهاون في العمل، يجب أن تتوقع القوات الأمريكية البقاء تحت الهجوم طوال عملياتها، في ظلِّ هذه الظروف، لم تُعد مفاهيم الحرب الأمريكية تعتمد على الحرب القائمة على الاستنزاف، فالفكرة القائلة إن الجانب الذي يمكن أن يتسبب في خسائر أكبر في الأفراد والعتاد سيسود، وهو ما شكّل منذ فترة طويلة تخطيط الحرب الأمريكية، فبدلاً من ذلك، يجب أن تتحول إلى مناهج أكثر إبداعاً لردع الخصم، وذلك من خلال تعطيل قدرته على رؤية القوات الأمريكية واستهدافها مع تعريض قواتها الحيوية للخطر، فعلى سبيل المثال استخدام الهجمات الإلكترونية، الحرب الإلكترونية، مثل التشويش والتعمية على الإشارات والطائرات بدون طيار للتشويش على أنظمة المراقبة واستهداف الأنظمة الخاصة بالخصم.

الخبر الجيد هو أن جميع الخدمات العسكرية وهيئة الأركان المشتركة تعمل على تطوير طرقٍ جديدةٍ للقتال، والخبر السيئ هو أن هذه المفاهيم لا تزال غالباً في مرحلة النقاش والعرض، لذا يجب على وزارة الدفاع والقادة العسكريين تخصيص قدر أكبر من الموارد المالية والفكرية لتسريع تطوير واختبار وتنقيح المفاهيم الجديدة لكل من الردع والعمليات.

يحتاج مفهوم الابتكار إلى أربعة مكونات رئيسية، تفويضاً من القيادة للانفصال عن العقيدة الحالية، ومنافسة حقيقية للأفكار، ونهجاً يُشارك فيه أكبر عددٍ ممكن من ألمع الأشخاص الذين لديهم مجموعة متنوعة من الخبرات ووجهات النظر قدر الإمكان، والاستعداد للتحقُّق من الترتيب والمواقع، للسماح بإمكانية وصول أفضل الأفكار من معظم المشاركين الصغار،  كما يجب على كل من الخدمات العسكرية وهيئة الأركان المشتركة تغيير نهجها لتشمل هذه المكونات.

 يجب على وزير الدفاع أيضاً إنشاء منتدى لكبار القادة لمراجعة ومناقشة المقترحات البديلة، من أجل تحديد الثغرات ودعم تطوير المفاهيم الواعدة.

مثل هذا الدعم، يجب أن يتضمن مزيداً من التحليل وألعاب الحرب والتجريب في ساحة المعركة، إن إنشاء مثل هذه الدورات في تطوير المفاهيم من الألعاب الحربية إلى التجريب الذي من شأنه أن يساعد في تحويل الأفكار الواعدة إلى مفاهيم جديدة قابلة للاستخدام، وكما أنه يُولِّدُ إشارةً واضحة، ويبني تأييداً من كبار القادة الذين يجب عليهم إجراء مقايضات صعبة، ولكنها ضرورية، والبدء في تغيير ثقافة وأساليب القتال في الخدمات العسكرية نفسها.

من الضروري أن يكون الاستثمار في التدريب أساسياً، يجب الأخذ بعين الاعتبار الأسطول البحري، حيث تم استخدامها بشكل مكثف منذ 11 أيلول في عمليات مكافحة الإرهاب وعمليات مكافحة التمردات البرية، ففي المستقبل، ينبغي أن يكون دور الأسطول البحري مختلفًا تماماً، وذلك بالتركيز على العمليات البحرية والسرية بشكلٍ أكبر، حيث ستكون حاسمةً لردع الصين عبر المحيطين الهندي والهادئ، وسيتطلب إجراء هذا التحول استثمارات ليس فقط في تزويد القوة بقدرات جديدة ومتطورة، ولكن أيضاً في منحهم الوقت والمساحة لإعادة توجيه تدريبهم وتطويرهم، وسيكون من الضروري إجراء تعديلات مماثلة للقوات بأكملها.

 بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على قادة الدفاع وضع نهجٍ أكثر انضباطاً لإدارة القوات في أيّ مكان وزمان تم نشر القوات الأمريكية للعمليات الروتينية في جميع أنحاء العالم.

من الطبيعي أن يطلب كلٌّ من قادة المقاتلين الإقليميين موارد لمناطقهم، ويجب على وزير الدفاع أن يحدَّ من اندفاع شهية هذه المطالب، وذلك لصالح نشر القوة في الأماكن التي يجب أن تُدار فيها المخاطر قدر المستطاع. كما ويجب أن يلعب رئيس هيئة الأركان المشتركة دورًا رئيسيًا هنا، حيث يقدم توصيات محددة حول المكان الذي يجب أن تكون فيه الولايات المتحدة على استعداد لقبول المزيد من المخاطر، إذا طلبت المزيد من الموارد إلى الأماكن الأكثر أهمية.

يجب أن يكون هذا التقييم مصحوباً بمراجعة لخُطط الطوارئ ذات الصلة بالصين وروسيا، حيث هناك حاجة مُلحّة لمفاهيم وقدرات جديدة بشكل خاص، بالإضافة إلى تقييم لكيفية تعزيز الترتيبات الأساسية وبرامج المساعدة الأمنية، فمكتب القدرات الاستراتيجية الذي يَختبر استخدام القدرات الحالية بطرقٍ جديدةٍ لمنح القادة خيارات جديدة لم يتم استخدامها بشكلٍ كافٍ في السنوات الأخيرة، ويجب تمكينها لتحديد طُرقٍ جديدةٍ لاستخدام القدرات الأمريكية الحالية لتعزيز الردع ضد الصين وروسيا، سواءٌ كان ذلك عن طريق وضع الذخائر طويلة المدى المضادة للسفن التابعة للبحرية الأمريكية على قاذفات سلاح الجو الأمريكي، أو تمكين المقاتلات الأمريكية من تفريق مئات الطائرات الصغيرة لإجراء المراقبة، أو تَطغى على الدفاعات الجوية للعدو.

خيارات صعبة

 إنّ قادة البنتاغون يحتاجون إلى إعادة التفكير في أن تُقرر ما ستشتريه، ففي أعقاب الوباء، من الممكن أن تكون ميزانيات الدفاع مقيّدة، الأمر الذي سيتطلب خياراتٍ صعبة وإنفاقًا أكثر ذكاءً، فاليوم  تستثمر وزارة الدفاع الكثير في المنصات القانونية وأنظمة الأسلحة القديمة التي سبقَ أن دُرج في الميزانية، مثل الطائرات المقاتلة التكتيكية والسفن السطحية الكبيرة على حساب التقنيات الجديدة التي ستُحدد ما إذا كانت هذه المنصّات قادرةً على البقاء والنجاح في مستقبل أكثر تنازعاً،  ففي كثير من الأحيان، يتم تأطير قرارات الاستحواذ الرئيسية من حيث استبدال منصّةٍ قديمةٍ بأخرى أكثرَ حداثةً نُسخة من نفس الشيء (مثل استبدال مقاتلات الجيل الرابع بمقاتلات من الجيل الخامس)، وبدلاً من طرح السؤال الأكثر جوهريةً حول كيفية أداء مهمة معينة (مثل تحقيق التفوق الجوي) بشكل أكثر فعالية وبتكلفة معقولة، يجب زيادة المناقشة للتركيز على بدائل النظام الأساسي، وليس النظر في كيفية استخدام التقنيات والقدرات الجديدة لحل المشكلات بطرق جديدة.

ينبغي على البنتاغون أن يُغير نهجه الأساسي من خلال اعتماد استراتيجية الإدارة  لكل مهمة, حيث يجب أن يحدد مجموعة من القدرات التي يمكن أن تعطي أفضل النتائج بتكلفة ومخاطر مقبولة، لذلك يجب أن يسمح لصانعي القرار بإجراء مفاضلات واضحة بين المنافسين لتحديد أولويات المشتريات، وبناءً على هذه الأولويات، يمكن للبنتاغون إرسال إشارات أوضح إلى الصناعة، من أجل تحفيز استثمار القطاع الخاص في التقنيات الأكثر أهمية لشحذ تفوق الجيش الأمريكي.

في السنوات الأخيرة، كان إنفاق وزارة الدفاع في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي (AI)، والاستقلالية، والأنظمة الآلية، والحوسبة عالية الطاقة غير متوقعة ومتفاوتة، حيث يختلف الإنفاق عاماً بعد عام، وينتشر عبر حسابات متعددة غير واضحة، وذلك يضعف الإشارة التي يتم إرسالها إلى الصناعة للاستثمار، تتضمن شركات التكنولوجيا المتطورة المدعومة من المشاريع، ولجذب رأس المال لزيادة الاستثمار العام في البحث والتطوير، فيجب على وزير الدفاع الإعلان عن مجموعة من “الرهانات الكبيرة” في المناطق التي يكون فيها الدفاع بحاجة إلى الإدارة في استثمار مليارات الدولارات على التقنيات الناشئة خلال السنوات الخمس المقبلة.

يمكن أن تشمل هذه المناطق تطوير “شبكة شبكات” آمنة ومرنة لما يُعرف باسم C4ISR ، أي القيادة والسيطرة والاتصالات وأجهزة الكمبيوتر والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، حيث تمكن القوات الأمريكية من مواصلة العمل بفعالية حتى في مواجهة هجمات العدو، استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة المحاربين على اتخاذ قرارات أفضل بشكل أسرع، أو لنشر أساطيل من الأنظمة المستقلة بالتعاون مع المشغلين البشريين، وتطوير حلول لوجستية لدعم قوة أكثر توزيعاً، وتعزيز القدرات الإلكترونية لحماية الأسلحة القديمة في مواجهة قدرات الصين A2/AD.

إن من أكثر العوائق التي تمنع نشر القدرات الناشئة بسرعة، هي عملية المتطلبات التقليدية، حيث أن  الإجراء التقليدي الذي يستخدمه الجيش لتحديد مواصفات الأداء لكل نظام أسلحة رئيسية تقوم بشرائه، وقد صُممت هذه العملية لضمان أن وزارة الدفاع قد حددت احتياجاتها تماماً عند شراء أنظمة أسلحة معقدة، وأن هذه العملية التي تمتد لسنوات طويلة تتعارض مع التطور السريع والضروري لتحقيق التقدم في القدرات الجديدة.

يمكن التمييز بين عملية الاستحواذ الأفضل، والتمييز بين منصات الأجهزة الرئيسية، مثل قاذفة جديدة أو حاملة طائرات، والتقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، والجيل الخامس، والروبوتات، والتكنولوجيا الحيوية، والحوسبة الكمية، وأسلحة الطاقة الموجهة (مثل الليزر وبنادق السكك الحديدية)، بدلاً من تحديد المتطلبات، حيث تسمح طرق التطوير بالتصميم والاختبار، مع وجود فرص كبيرة في التفاعل وردود الفعل بين المهندسين والمشغلين ومديري البرامج.

بدأ استخدام هذا النهج بشكل سرّيٍّ من خلال الخدمات (خاصة في القوات الجوية)، وقيادة العمليات الخاصة ومركز الذكاء الاصطناعي المشترك، وفي العام الماضي، نشرت وزارة الدفاع طريقة جديدة، تهدف لتمكين عمليات الشراء السريعة والمرنة لأنظمة البرمجيات، لكن المطلوب هو أكثر من ذلك بكثير، حيث ستكون البداية الجيدة هي اعتماد توصيات لجنة الأمن القومي للذكاء الاصطناعي، وهي لجنة فيدرالية مستقلة، بما في ذلك مشورتها بشأن تدريب وتعليم القوى العاملة الدفاعية والاستثمار في التقنيات الرقمية، فعلى الرغم من التركيز على الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه التوصيات ستسرع من اعتماد تقنيات جديدة أخرى أيضًا.

تحتاج وزارة الدفاع أيضاً إلى طريقة أفضل لمساعدة النماذج الأولية الواعدة في عبور ما يسمى بوادي الموت والوصول إلى مرحلة الإنتاج، وهي واحدة من أكبر العقبات التي تحول دون نشر القدرات الناشئة على نطاق واسع، فجزء من المشكلة هو الانفصال بين المسؤولين الذين يرعَونَ النماذج الأولية والمسؤولين عن الاستحواذ، فقد تفوز شركة تكنولوجيا بمسابقة نموذج أولي، ليتم إخبارها أنه يجب عليها الانتظار من 12 إلى 18 شهرًا للتنافس على عقد إنتاج، ما لم يتم عبور جسر وادي الموت هذا، سيُوصي العديد من المستثمرين شركاتهم بالابتعاد عن مناقصات الدفاع.

سيتطلب ذلك أنواعاً جديدة من التمويل لمساعدة الشركات على الانتقال من النموذج الأولي إلى الإنتاج، تتمثل إحدى المقاربات في مطالبة الكونغرس بتفويض الأموال التي يديرها ويخصصها وكيل وزارة الدفاع للأبحاث والهندسة، والتي يمكن لكلِّ خدمة أن تنافس عليها، والأهم من ذلك، أنه سيتطلب تغيير حوافز مسؤولي الاستحواذ الذين يجب إعطاؤهم الأدوات والتشجيع لاستخدام السلطات المرنة والتطوير السريع للتقنيات الناشئة، فيُمكن لكادرٍ فرعيٍّ من المسؤولين “مديرو المنتجات” في البنتاغون، والتدريب المخصص، ومقاييس الأداء، والمكافآت، والمسارات المهنية والتركيز على تطبيق أفضل الممارسات للتطوير السريع من القطاع التجاري، وبمرور الوقت، أصبح مديرو المنتجات هؤلاء هم القبعات الخضراء لاكتساب التكنولوجيا.

 أيضاً ستحتاج وزارة الدفاع إلى تحديث بنيتها التحتية الرقمية، تتضمن كل شيء  بدءً من الحوسبة وأدوات تطوير الذكاء الاصطناعي، إلى أنظمة تخزين البيانات وإدارتها, وذلك لدعم المزيد من الابتكار السريع, كان هناك الكثير من التأخر في الترقية والاستثمار في تطوير البرمجيات والتصميم الرقمي، ووجود فجوة في العلوم الفيزيائية والإنفاق على البنية التحتية التكنولوجية، وهذا أعاقَ قدرة وزارة الدفاع على مواكبة الاختبار والتطوير في مجالات عدة مثل الذكاء الاصطناعي وفقاً لدراسة أجراها مجلس علوم الدفاع عام 2017، (وهي لجنة من الخبراء الذين يقدمون المشورة لوزارة الدفاع بشأن المسائل العلمية ، حيث يبلغ متوسط عمر مختبر الجيش 50 عاماً).

 الناس هُم السياسة

 العقبة الأخيرة، هي النقصُ في المواهب التكنولوجية بين القوى العاملة في وزارة الدفاع المدنية والعسكرية على حدٍّ سواء، أي “أزمة الاستعداد الرقمي”, وفقا لتقرير مارس 2020 من قبل مجلس الابتكار الدفاعي.

إن برامج التوظيف الحالية صغيرة جداً، وتركز بشكل ضيق جداً على الأمن الالكتروني، وحالياً فالأدوات الغير تقليدية للتوظيف نادراً ما تُستخدم، حيث إن العوائق التي تمنع توظيف المواهب التكنولوجية متنوعة منها, تصريح أمني يُمكن أن يستغرق سنوات، ثم ستكون عملية التوظيف مبهمة وعتيقة وبطيئة والأجور محدودة نسبياً، لذا فإن فرص التطوير المهني، والمسارات الوظيفية للتقنيين تجعل من الصعب الاحتفاظ بمجموعة صغيرة من المواهب التكنولوجية والتي تمكنت وزارة الدفاع من توظيفها.

على الرغم من أن معظم أعمال الترميز والهندسة مستمرة في العمل من قبل الصناعة الخاصة، إلا أن البنتاغون يحتاج إلى قوة عاملة ماهرة في مجال التكنولوجيا, فيجب عليها تقييم المواهب الخاصة بها عبر شبكة الابتكار الخاصة بها وطوال دورة حياة المنتج والبدء في استخدام سلطات التوظيف بشكل كامل، وإنشاء مسارات وظيفية جديدة لخريجي STEM من أكاديميات الخدمة وفرق تدريب ضباط الاحتياط، وأيضًا سيساعد على إنشاء هيئة رقمية جديدة تابعة لوزارة الدفاع، وكذلك إنشاء الشراكات مع المنظمات غير الربحية والقطاع الخاص للسماح للأفراد ذوي المهارات العالية بالقيام بجولة في العمل في مجال الأمن القومي دون إجراء تغيير وظيفي دائم، و يمكن لشركات التكنولوجيا أن تقوم بالمزيد للمساعدة، من خلال تشجيع موظفيها على اغتنام هذه الفرص، والحصول على المزيد من التدريب التكنولوجي للموظفين العموميين والتعرف على القطاع الخاص.

جهود فريق قيادة وزارة الدفاع الجديدة، تحت قيادة وزير الدفاع، لويد أوستن، لزيادة الجهود والتنوع والشمولية سيعززان أداء البنتاغون. إن تطوير قوة عسكرية وتنويع كادرٍ دفاع مدني، يُشبه إلى حدٍّ كبير تركيبة المجتمع الامريكي الذي اقسم على حماية البلاد، وليس فقط الحصول على المنفعة الاجتماعية المنتظرة: سيؤدي ذلك إلى تشكيل مجموعات بشرية من المرجح أن تتخذ قرارات أفضل وتوجيه الجيش لتقديم أداء أفضل.

 يمكن تغيير الاستراتيجية بجرة قلم، لكن تغيير الثقافة يعني تغيير الطريقة التي يتصرف بها البشر فعلياً، وهو أمر معقد كثيراً، حيث يتطلب رؤية واضحة من الإدارة العليا، ومشاركة مستدامة للقيادة، ومشاركة من المديرين على مستويات متعددة، وحوافز مشجعة لإعادة تنظيم السلوك نحو النتائج المرجوة، وزيادة التركيز على مساءلة الأشخاص عن النتائج، مثلاً عندما عملتُ كوكيل وزارة الدفاع للسياسة، سعيتُ لإعطاء الأولوية للتدريب والتطوير المهني، من أجل تحسين معنويات الموظفين وأدائهم، أما بالنسبة للمبتدئين، سيحصل كل موظف على أسبوعين من التدريب في السنة، وأعطى المشرفون الموافقة، ولكن في الأسابيع التي تلت ذلك، وردت القليل من طلبات التدريب، حيث أنه كان هناك أعذار حول سبب عدم التمكن من القيام بذلك، وعندما أوضحت أنه لا يمكن لأي مشرف الحصول على أعلى تصنيف لتقييم الأداء إذا لم يستوف الشرط المطلوبة، لذا وعندما تغير السلوك تلقيت مئات طلبات التدريب في غضون أسابيع، بالنتيجة يتطلب تحقيق التفوق العسكري مجموعة كاملة من التغييرات السلوكية، ولن ينجحوا إلا إذا تمت إعطاء الحوافز والمكافآت وتعزيز التغييرات المطلوبة للنجاح وتحميل الأشخاص المسؤولية عنها لتحقيق النتائج المطلوبة على جميع المستويات.

مخاطر التراجع

إذا حافظ البنتاغون على مساره الموروث، فإن قدرة الولايات المتحدة على ردع العدوان ستتراجع خلال العقد القادم، وهذا أمر خطير بشكل خاص من حيث صلته بالصين، نظراً لافتراض بكين المستمر بأنّ الولايات المتحدة في حالة تدهور، فيمكن للقادة الصينيين أن يُصبحوا عدوانيين بشكل متزايد، باستخدام قوتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية المتزايدة لمتابعة مطالبهم في شرق وجنوب بحر الصين أو مع تايوان، لذا ونتيجة لذلك  سترتفع مخاطر سوء التقدير والصراع  بشكل حاد.

 كما أن تراجع القوة العسكرية النسبية من شأنه أن يُقوّض مصداقية الولايات المتحدة مع الحلفاء والشركاء عبر المحيطين الهندي والهادئ، ما يجعل من الصعب طمأنتهم بشأن قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها الأمنية، فيُمكن أن تميل بعض الدول الأصغر إلى العدوان، والتأثير الصيني بطرق قد تؤثر ليس فقط على الاستقرار الإقليمي، ولكن أيضًا على العلاقات التجارية والاقتصادية الحاسمة للانتعاش الاقتصادي والنمو المستقبلي للولايات المتحدة، وقد تنتهج الدول الأكبر حجماً سياساتٍ أمنيةٍ أكثرَ استقلاليةً يمكن أن تتراوح من استرضاء بكين إلى الحصول على أسلحتها النووية كرادع، ولن يكون أي منهما في مصلحة الولايات المتحدة، بشكل عام، سيتضاءل نفوذ الولايات المتحدة في نفس المنطقة التي يعتمد عليها الرخاء والأمن في المستقبل للأمريكيين بشكل كبير، وذلك يقلل من تصورات القوة والقيادة الأمريكية على مستوى العالم.

 إن تفادي هذا التدهور لن يكون له فقط فوائد أمنية، ولكنه سيساعد على عكس رواية التراجع الأمريكي وتعزيز الثقة الأمريكية في الداخل، إن تغيير البنتاغون هو مجرد جزء واحد من جهد أكبر لإعادة الاستثمار في الدوافع المحلية للتنافسية الأمريكية، من خلال الابتكار والبنية التحتية والتعليم والهجرة، واليوم تقدم هذه اللحظة فرصة للقيام بما هو أكثر من تعزيز الجيش، إنها فرصة لتقوية البلاد.

المصدر : فورين أفيرز

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد