قطر و”الإخوان و”القاعدة” و”طالبان”.. علاقات مريبة

سينثيا فرحات | مركز “أميركان ثينكر”

في 25 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن متحدث باسم “طالبان” أن باكستان أطلقت سراح زعيم طالبان الأفغاني الملا عبدالغني بارادار من السجن. وكانت السلطات الباكستانية اعتقلته، وهو الشريك المؤسس لـ”طالبان” والنائب السابق للملا محمد عمر، في مدينة “كراتشي” الساحلية الجنوبية عام 2010. وبحسب قناة “الجزيرة”، فقد أطلقت السلطات الباكستانية سراح “بارادار” بناءً على طلب دولة قطر. وذكرت قناة الجزيرة أن “طالبان أكدت أنها أجرت محادثات مع ممثل الولايات المتحدة في أفغانستان المصالحة زلماي خليل زاد في الدوحة، عاصمة قطر”، ففي عام 2013، تم إنشاء مكتب “طالبان” السياسي في “الدوحة” بناء على طلب من الولايات المتحدة لتسهيل “محادثات السلام”.

بعد عامين من تأسيس مكتب “طالبان” في قطر، أعطى زعيم القاعدة أيمن الظواهري البيعة (يمين الولاء الإسلامي) لزعيم حركة “طالبان” الملا أختر محمد منصور. قُتل منصور عام 2016 في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في جنوب غرب باكستان، وبعد وفاته جدد “الظواهري” قسم الولاء لرئيس حركة “طالبان” الحالي هيبة الله أخوندزاده. في علم اللاهوت الإسلامي، يتم إعطاء يمين الولاء لزعيم وحيد أو للخليفة، لذا فإن قَسَم “الظواهري” لـ”طالبان” يعني أن “القاعدة” تعمل الآن رسمياً تحت إشراف “طالبان”.

عندما تم إلقاء القبض على “بارادار”، قال بروس أو. ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية قاد عملية مراجعة سياسة أفغانستان وباكستان لإدارة “أوباما” في عام 2010، إن “اعتقاله قد يشل العمليات العسكرية لطالبان، على الأقل في المدى القصير”. كما ذكر المحلل السياسي الأفغاني حبيب حكيمي في ذلك الوقت، أن اعتقال بارادار “خسارة للحركة، عسكريا وسياسيا”، لأن بارادار “له علاقات وثيقة مع الأوساط السياسية والعديد من الحركات الإسلامية داخل المنطقة، خاصة داخل أراضي باكستان”.

السؤال هو: لماذا يتوسط السفير خليل زاد وقطر في إطلاق سراح أحد أخطر عناصر حركة “طالبان”، وهي جماعة توجه “القاعدة” في الوقت الحالي؟ إن إطلاق سراح “بارادار” سيكون له تداعيات خطيرة، واسترضاء الإرهابيين لم يسبق له مثيل ولم يعمل إلا لتعزيز أنشطتهم. لقد عمل الرئيس الأفغاني أشرف غني ونظرائه القطريون منذ زمن طويل، لإضفاء الشرعية على حركة “طالبان”.

في شهر مارس/آذار الماضي، حذر جيفري هيغنز، وهو وكيل خاص معاون متقاعد في إدارة مكافحة المخدرات والملحق السابق لمساعد إدارة مكافحة المخدرات في كابول، من استرضاء “طالبان” تحت شعار محادثات السلام: “طالبان لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن المنظمات الإرهابية الإسلامية الأخرى، لذا فإن الولايات المتحدة تعترف بحزب سياسي لتنظيم داعش أو تنظيم القاعدة، هل كانت الولايات المتحدة لتسمح لأسامة بن لادن بأن يصبح عضوا في البرلمان الأفغاني إذا أدان الإرهاب؟”.

إن إطلاق سراح “بارادار” يمكن أن يساعد بشكل كبير الإخوان المسلمين. ضعف جماعة الإخوان المسلمين الأخير في الشرق الأوسط، يمكن عكسه من خلال إعادة تنشيط تنظيم “القاعدة”. أسس نشطاء الإخوان المسلمون تنظيم القاعدة، وأعلن “الظواهري” علانية عن تعاطفه مع رئيس جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي. بعد عزل “مرسي” من السلطة في يوليو/تموز 2013، أصدر “الظواهري” بيانا مصوَّرًا بالفيديو، حيث انتقد الجهاديين السلفيين المصريين لعدم انضمامهم رسميًا لحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين لمساعدته في دعم الشرعية.

يمكن عكس الانتكاسات الحالية للإخوان المسلمين من خلال تعزيز حركة “طالبان” وتنظيم القاعدة. يمكن للإخوان استخدام “القاعدة” كقوة للتفاوض مع الأنظمة العربية، لترهيب معارضيهم ولإحياء المشاعر الجهادية التي ستساعد جهود التجنيد في الإخوان. علاوة على ذلك، يمكن لمكتب “طالبان” السياسي في قطر أن يعمل كوسيط بين مختلف الفصائل الإرهابية التي تعاون معها “بارادار” من قبل. يستطيع النظام المرتبط بـ”الإخوان” في قطر أن يستخدم مكتب “طالبان” لوقف محاولات الإصلاح التي تدعمها مصر والإمارات العربية المتحدة.

وكما لاحظ “هيغنز” بدقة: “لا ينبغي على الولايات المتحدة ولا أفغانستان التفاوض مع طالبان، ما لم يكن هذا التفاوض لقبول استسلام طالبان غير المشروط أو انشقاق أفراد من الحركة. وبدلاً من تقديم تنازلات، يجب على الولايات المتحدة أن تظهر القوة والعزيمة في مواجهة الشر الجامح “.

—-

*سينثيا فرحات كاتبة وزميلة في منتدى الشرق الأوسط

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد