د. صلاح نيوف
في مصدر المجتمع والسياسة وفق رؤية الإسلام السياسي يقع المفهوم الأساسي لهذه الرؤية في مستويين: عملي ونظري. حيث أن الإسلام يشكل، كمرجع مشترك ودين وشكل لتنظيم، مجمل الحياة الاجتماعية، والمصدر الإيديولوجي لخطابه ويلهم مواضيعه وأسسها.
نحن نعرف أن القرآن، كما هو الإنجيل والتوراة، ليس كتابا سياسيا والنبي محمد ليس مؤلفا لأعمال أو نظريات سياسية، ضمن هذه الرؤية نطرح السؤال التالي: لماذا التعامل مع الإسلام الذي يستند إلى القرآن، كمرجع من الأعمال السياسية التي صاغت الحياة السياسية والاجتماعية في الماضي وتريد صياغتها وتشكيلها اليوم؟ السبب واضح وسهل، حيث يعتبر القرآن، وفق الإسلاميين، تعبير عن إرادة الله التي تخصّ جميع البشر، في حياتهم الفردية كما في حياتهم الاجتماعية، وهو أيضا يرسم قدر الإنسان ويقدم الشروط الصحيحة التي على أي تنظيم اجتماعي وسياسي اتباعها حتى يكون شرعيا، والقرآن ينظر للسياسة كجزء من الحقيقة الاجتماعية. العديد من التعاليم الدينية تتعلق بسلوك الفرد وواجباته وهي أركان الإسلام الخمسة، وتعاليم أخرى تحدد العلاقات داخل المجتمع، أي الواجبات تجاه المسلمين الآخرين وشروط تنظيم المجتمع: شكل السلطة ومن يتولاها، قواعد الحكم وحقوق وواجبات الحاكم، ثم واجب الخضوع للحاكم. إذن، وكما يرى هؤلاء، فإن كل حياة المسلمين تدار بواسطة أحكام موجودة في القرآن.
لا يقدم التيار الإسلامي في سورية كلمة أو موقفا واحدا جديدا على ما ذكرناه لاسيما في مقاربته للنص الديني، وهو بذلك ينتمي لنفس الفكر الديني الذي كان سائدا تاريخيا والذي ادعى امتلاك الحقيقة لوحده، وتبنى من دون أي تغيير تقريبا كل كلمة بشكل مقدس لا يمكن المساس بها. ورغم أن النص يكوّن الإطار المرجعي والنظري للإسلام السياسي، إلاّ أنه يجب عدم تجاهل مسألتين هامتين تتعلقان بالفكر الديني المعاصر.
—-