انتفاضة 12 آذار: بذرة الحرية التي تحولت لشجرة باسقة

* طارق حمو

كانت انتفاضة 12 مارس/آذار 2004 البذرة التي وضعها الشعب الكردي لنفسه ولعموم السوريين في تراب الوطن، ورواها بالدم. أينعت هذه البذرة لتتحول إلى شجرةٍ باسقة هي الإدارة الذاتية، وطرحت ثماراً يانعة هي وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) والعقد الاجتماعي/العلاقات المتينة بين المكونات العربية والكردية والسريانية/الآشورية. تلك العلاقات التي دفعت مئات الشباب من كل مكونٍ للانضمام لقوات المقاومة وبذل الدم للدفاع عن كل الهويات والطوائف.

هزّ الشعب الكردي في سوريا العالم أجمع عندما ثار على ظلم النظام السوري في 12 مارس/آذار 2004 وتصدى بصدور أبناءه لآلة القتل والتدمير التي سيّرها هذا النظام إلى المناطق الكردية بغية ممارسة القتل والفتك بالمدنيين وترهيبهم. نقلت محطات التلفزة العربية والعالمية الصور والمشاهد الشحيحة الآتية من «مملكة الصمت» حول «ثورة الأكراد ضد النظام»، بينما بثت وسائل أخرى مشاهد لاقتحام العشرات من الشبان الكرد سفارات النظام السوري في العديد من المدن والعواصم الأوروبية احتجاجاً على حملة القتل المفتوحة التي قادتها أجهزة الاستخبارات والشرطة ضد الأطفال والنساء والشبان، والتي أسفرت، في حصيلة غير مؤكدة حتى يومنا هذا، عن استشهاد 35 شخصاَ وجرح المئات واعتقال الآلاف.

لم يألف الكرد في سوريا ذلك المشهد المروّع: الانتفاض على الظلم اليومي المٌعاش وترجمة هذا الشعور والكبت إلى أفعال تتمثل في تحطيم تماثيل حافظ الأسد وإضرام النيران في مقار الاستخبارات والشرطة ورفع الأعلام القومية الكردية وحرق شعارات ورموز حزب البعث الحاكم. محاكاة واضحة لما حدث في العراق قبلها بعام من عملٍ شعبي عفوي عندما سقط نظام الطاغية صدام حسين الذي أذاق العراقيين الويلات. أما السلطة في دمشق، فسحبت السكين ووثبت لتذبح المواطنين الكرد العزل المتظاهرين، مثلما ذبحت كل المتظاهرين في سوريا بعد عام 2011، إذ تعاملت مع التظاهرات السلمية، في أول الحراك، بالحديد والنار. ولو لم تكن الظروف الدولية تغيّرت وأصبح الفضاء مليئاً بصور ومشاهد الشبان الكرد وهم ممزقون بالرصاص المنطلق من فوهات بنادق رجال الشرطة والاستخبارات، لكان للنظام رأيٌ آخر، ولكان هذا النظام كررّ مشهد ضرب حماة، أو ربما جزءاً من هذا المشهد على الأقل.

المشاريع العنصرية

مضت الانتفاضة الكردية وراجعّ النظام السوري سياساته تجاه المكون الكردي في البلاد (تلك السياسة التي لم تتغير حتى أبريل/نيسان 2011)، ليقرر تشديدها أكثر وأكثر وتجربة مشاريع أخرى، أقوى تأثيراً من مشروعي الحزام العربي في محافظة الحسكة (انطلق عام 1970 وتمحوّر حول توطين آلاف العائلات العربية المستجلبة من محافظة الرقة في أراضٍ كردية خصبة، وفي عشرات القرى النموذجية على طول 350 كيلومترا وبعرض 15 كيلومترا) والإحصاء الاستثنائي (وقّع عام 1962 وحرم عشرات الآلاف من الكرد من الجنسية السورية واعتبرهم أجانب في أرضهم). مشروعٌ قادر على اجتثاث الكرد من جذورهم وإجبارهم على الهجرة وترك مناطقهم من دون أن يسمع أحد صوت تأوهاتهم. أما الكرد، فلملموا أنفسهم ودفنوا قتلاهم وبدؤوا يصحون من «السكرة» التي دخلوها منذ إطلاق محافظ الحسكة سليم كبول الرصاصة الأولى على الأطفال في الملعب البلدي في القامشلي في 12 مارس/آذار وصيحته المشهودة «اقتلوا الأكراد أولاد الـ …». كُتب الكثير حول انتفاضة 12 مارس/آذار 2004، وتم تمجيد «الثورة الكردية» و«نهوض الشعب» و«ردود فعل الشباب». ولكن مرت السنون، وبدأ الوضع يعود إلى تشكّله الأول (قبل ثورة الشعب السوري العارمة في 15 مارس/آذار 2011، والتي تحولت فيما بعد إلى صراعٍ مسلح بالوكالة وحرب أهلية مدمرة) ورجع الناس إلى حالتهم الأولى. لكن النظام السوري لم يعد مثلما كان وقرر الانتقام وبقوة. لقد وضع أسس خطط جديدة (أو حرب جديدة) تهدف إلى اقتلاع الكرد من مناطقهم وتهجيرهم إلى خارج البلاد، أو إلى داخلها، ليتحولوا إلى عمال وخدم. أصدرت السلطات السورية مراسيم جائرة مثل المرسوم المرقم (49) منعت بموجبه الكرد من البيع أو الشراء في مناطق الحسكة/الجزيرة وغيرها بحجة أنها مناطق حدودية. وساهم الإهمال المتعمد للمناطق الكردية إلى هجرة الناس نحو الداخل. ثمة أرقام تحدثت عن هجرة نصف مليون كردي إلى دمشق وحدها. الخطة الممنهجة في «تأديب» الكرد والقضاء عليهم في سوريا، لضمان عدم حدوث «12 آذار» أخرى مضت بنجاحٍ كبير. انشغل الشعب الكردي بلقمة عيشه. والمحظوظ من تمكن من تدبير لقمة الخبز أو الهجرة إلى خارج سوريا. بدأ النظام السوري في «تأديب» الكرد إذن. قُتل أكثر من 100 جندياً في الجيش على خلفية قومية ما بين 2004 و 2011 ولم يٌحاسب أي مسؤول على جرائم التصفية تلك.

حزب الاتحاد الديمقراطي الهدف الأكبر للنظام

تم استهداف حزب الاتحاد الديمقراطي بشكلٍ خاص. هذا الحزب، ومنذ اليوم الثاني للانتفاضة، عمل على تحريك الجماهير الكردية في عفرين وكوباني وحلب ودمشق، ما خفف البطش والقتل في القامشلي وبقية مدن محافظة الحسكة التي انتفضت. كان حزب الاتحاد الديمقراطي تأسس في عام 2003، وما يزال يرتّب أموره ويبني منظماته وفروعه في المناطق الكردية والسورية عامةً حينما فاجأته الانتفاضة على حين غرة. اختار الاتحاد الديمقراطي الانخراط في الانتفاضة فوراً وبقوة، وسيّر التظاهرات الكبيرة لتشمل أكبر مساحةٍ ممكنة، لإشغال النظام. كانت فضائية (Roj tv) تبثّ على مدار الساعة لتغطية الانتفاضة وفضح جرائم النظام السوري. اتصلت هذه الفضائية، التي كانت صوت الانتفاضة ومنبرها الأوحد بحق، مع مثقفين ومعارضين ونشطاء كرد وعرب من داخل وخارج سوريا لاستطلاع رأيهم حول جرائم النظام حيال الشعب الكردي. جاهدت لمنع اندلاع صراعٍ أهلي بين العرب والكرد، كما تمنى النظام وخطط له كثيرا. استدعى الجنرال محمد منصورة، ممثل بشار الأسد في المناطق الكردية والمشهور بلقب «ملك الجزيرة» بعض مسؤولي الاتحاد الديمقراطي وهددهم بالتصفية الجسدية ووعد حزبهم بالسحق. وقال لهم حرفياً: «أنتم من تحركون الساحات. أنتم من يمتلك أدوات عمل لا يمتلكها غيركم من الأحزاب. أنتم من تقفون وراء تنظيم الشارع والشحن الإعلامي، وستدفعون الثمن». وكتب محمد جمال باروت (منظرّ النظام السوري آنذاك والباحث «المعارض» في المركز العربي للأبحاث ولدراسة السياسات في الدوحة حالياً) مقالاً في صحيفة «المستقبل» اللبنانية حمل عنوان: «الأوجلانيون قادمون للاقتصاص من سوريا». وكان «قصاص» النظام السوري وانتقامه من حزب الاتحاد الديمقراطي رهيبا ومكلفا. قتل زبانية نظام دمشق القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي أحمد حسين حسين «أبو جودي» في أقبية التعذيب بفرع الأمن العسكري في الحسكة في ربيع 2004 بتهمة معاداة النظام وقيامه بأنشطة سياسية «ترمي إلى الانفصال». قتلت الاستخبارات، وبأمر من رؤوس النظام في دمشق، النائب الكردي السابق في مجلس الشعب (عن لائحة حزب العمال الكردستاني آنذاك) عثمان سليمان بعد اعتقاله في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 وتعذيبه ومنع الدواء عنه، وهو المريض العليل، إلى أن ذوى وذاب في مشفى حلب وأسلم الروح في 18 فبراير/شباط 2008، وكانت كلماته الأخيرة لأبنائه هي «المقاومة ورفض الاستسلام والذل مهما كان الثمن».

وقتلت الاستخبارات السورية، كذلك، الشاب الكردي عيسى خليل ملا حسن (الأب لابنتين توأم بلغتا لحظة استشهاده 10 أيام) لأنه شارك في تظاهرة سلمية كان حزب الاتحاد الديمقراطي نظّمها في القامشلي للتنديد بالتهديدات التركية بالتوغل العسكري في إقليم كردستان العراق. وكانت الاستخبارات السورية قتلت، كذلك، العلامة المجاهر بالحق وشهيد الأمة الكردية الشيخ محمد معشوق الخزنوي في الأول من يونيو/حزيران 2005 بعد اختطافه وتعذيبه لمدة 18 يوماً. كما اعتقلت الاستخبارات التابعة للنظام في دمشق العشرات من النساء الكرديات وحكمت عليهن بالسجن، بل وربما قتلتهم مثلما يٌعتقد أنها فعلت مع الناشطة نازلية أحمد كجل. كذلك، قتلت عناصر الاستخبارات ثلاثة شبان كرد وجرحت آخرين في قامشلو أثناء قنصها لهم عشية الاحتفال بعيد النوروز القومي الكردي 2009. وظل البطش الأكبر من نصيب حزب الاتحاد الديمقراطي، إذ حوكم أعضاؤه بفترات سجنٍ مضاعفة قياسا بمعتقلي الأحزاب الكردية الأخرى المتهمين بالانفصال. كما قمع النظام، وبكل وحشيةٍ، الإضراب الكبير عن الطعام الذي أعلنه أعضاؤه الـ300 في سجن عدرا. هذا عدا عن سياسة الأرض المحروقة في التضييق على الناس ومحاربتهم في لقمة عيشهم وإغلاق المحال التي تحمل الأسماء الكردية من خلال «لجنة تمكين اللغة العربية» والتي ترسل ميليشياتها لشطب الأسماء الكردية ولصق الأسماء العربية مكانها.

بعد الحراك

والحال، بأن النظام السوري وضع خططه لسحق الكرد مباشرةً بعد مارس/آذار 2004. وما قضية إعادة الجنسية السورية إليهم إلا لإخراجهم من معادلة تأييد الثورة الجماهيرية في بداية حراكها، وقبل أن تتسلح وتتحول إلى حربٍ أهلية تخوضها مجموعاتٌ طائفية متطرفة بالوكالة. لكن اعتبر الكرد أنفسهم جزءاً من هذه الثورة، وهم في صميم الحراك السلمي المطالب بإسقطاء النظام ورأسه. الشعب الكردي في سوريا، وحزب الاتحاد الديمقراطي على وجه التحديد، لديهم في رقبة النظام السوري دماء كثيرة، وهم يطالبونه بها. دماء كردية وعربية على السواء. دماء كل السوريين. ولن يٌسامح الكرد في دمائهم ولن يتركوا الشعب السوري وحيداً على الرغم من جنوح معظم قوى المعارضة إلى العنف وطائفيتها وعنصريتها المقيتة وتآمرها مع تركيا ضد الهوية الكردية، وعلى الرغم من دعم هذه القوى لإرهاب تنظيمي داعش وجبهة النصرة والتحالف معهما من أجل النيل من المقاطعات الكردية ومشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية الذي يعتبر نموذج مصغّر لسوريا المقبلة.

خطاب المعارضة

إثر اندلاع الانتفاضة في 2004، ظهر نفر من المثقفين السوريون المعارضين لاستبداد سلطة الأسدين في بعض وسائل الإعلام العربية واتهموا الشعب الكردي بالانفصالية لأنه «يرفع أعلامه القومية ويهاجم مراكز الشرطة والاستخبارات، التي هي ملك للدولة وليس للنظام». وعلى الرغم من محاولتنا في ذلك الوقت، على منابر إعلامية كردية، إفهامهم بأن العلم الكردي لا يعني الانفصال بقدر ما يعني تعبيراً عن هوية مكبوتة مقموعة من قبل كل أنظمة الدولة السورية، ناهيك عن كونه رمزا وطنياً لأنه في النهاية يمثل جزءاً من الشعب السوري، إلا أن هؤلاء لم يقتنعوا، فبقيت تهمة «الانفصال» جاهزة لديهم وغائرة في لاوعيهم يعودون إليها كلما أرادوا أن يخطوّا شيئاً بشأن القضية الكردية. واليوم بعد كل هذه الأعوام، تدور الدائرة فيصبح «الانفصاليون» بجرّة قلمِ «حلفاء نظام الأسد»، لأنهم لم يدمروا مقار النظام ولم يقبلوا التبعية لتركيا وتحفظوا على سلفنّة الثورة وتسليحها وقبول الخطاب الطائفي/العنصري الكريه إياه. ولا يزال هؤلاء المثقفون سائرين في نفس الخط، يكتبون كل يوم ضد الشعب الكردي وضد حركته السياسية، ويفترون على الحقيقة من دون أي وازع. لقد قلبت المعارضة ومثقفيها ظهر المجن للكرد، فرفضوا تشكيل المقاطعات الثلاث في الجزيرة وكوباني وعفرين، وعدّوا مشروع الإدارة الذاتية انفصالاً، وحاربوا الشعب الكردي من المنابر الإعلامية والسياسية المحلية والعربية والدولية. بل وأكثر من ذلك، بررّوا جرائم المجموعات الإرهابية مثل جبهة النصرة وأحرار الشام وداعش ضد المقاطعات ومكوناتها، وعدّوا هذه المجموعات الإجرامية من «الجيش السوري الحر»، ولم يدينوا هجماتها على القرى وتخريبها كنائس المسيحيين وقتلها وأسرها للشباب الكردي على الهوية.

وبدأت ماكينة «المعارضة» الإعلامية تسابق الريح في حربها على الشعب الكردي، إذ تم تجنيد بعض المجموعات الكردية المعزولة وتقديم الأموال إليها لاستخدامها كرأس حربةٍ، أي تشكيل ميليشياتٍ مأجورة شبيهة بـ«ميليشيات حماة القرى» التي شكلتها الدولة التركية ضد ثورة الشعب الكردي هناك. وبدت الأيدي التركية واضحة وهي تُحرّك قوى المعارضة السورية وتستخدمها ضد الشعب الكردي، إعلامياً وسياسياً وميدانياً، فتوالت المؤتمرات المعادية لحقوق الكرد وتشكّلت مجموعاتٍ مسلحة، طائفية، وعشائرية وعرقية ودينية وبمسمياتٍ مختلفة، تهدف كلها لمحاربة «النزعة الانفصالية» في شرق وشمال شرق سوريا. وعلى الرغم من مضي نحو 12 عاماً على الحرب الدائرة في سوريا وتلاشي العمل الوطني المعارض مقابل بروز التيار الطائفي العنصري الممول من الخارج، إلا أن الشعب الكردي، إلى جانب المكونات العربية والسريانية/الآشورية، استطاع الدفاع عن مناطق الإدارة الذاتية بالاعتماد على القدرات الخاصة، وخاض معارك كبيرة في وجه المجموعات الإرهابية التي تتلقى الدعم السياسي من «الائتلاف»، وحمى مع بقية المكونات روح التعايش السلمي باعتراف العالم بأسره. وما مقاومة كوباني، والصدى الذي أحدثته قبل أعوامٍ، إلا نتيجة حتمية لصحة المشروع القائم على الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب، والمطبّق حاليا في «روج آفا». لقد نالت هذه المقاومة تعاطف العالم، ودخلت كوباني حينها كل بيتٍ في المعمورة، وقصدها للدفاع عنها العشرات من الثوريين الأحرار من كل أصقاع الأرض. لقد شكلت كوباني الدافع الأبرز لبناء التحالف العربي/الدولي ضد الإرهاب، فسارع آنذاك إلى التنسيق مع وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) لضرب «داعش» ومنعه من احتلال المدينة.

لقد أصبحت كوباني محرقةً لـ«داعش» وانعطافةً حاسمة في مسيرته الدموية. فمنها، بدأ خط انحداره وسقوطه في مزبلة التاريخ. وفي وقتٍ تغرق سوريا في الحرب الأهلية وجنون القتل على الهوية الطائفية، نجح الكرد، ومعهم أبناء المكونات العربية والسريانية/الآشورية، في بناء إدارةٍ تحترم حقوق جميع المكونات وهوياتها العرقية والدينية، وتأخذ فيها المرأة دورها الريادي، وتحتضن مئات الآلاف من السوريين الهاربين من الموت على أيدي ميليشيات النظام والمعارضة الطائفية. وبدل أن يشيد المثقفون السوريون بهذا الأنموذج الفريد في الإدارة والعيش المشترك، وسط بحر الدم السوري، نراهم يحاربونه، منهم جرّاء أموال سحت حرام يقبضها من منابر الترويج للإرهاب، ومنهم لحقدٍ دفين في قلبه على الشعب الكردي وأهالي «روج آفا».

كانت انتفاضة 12 مارس/آذار 2004 البذرة التي وضعها الشعب الكردي لنفسه ولعموم السوريين في تراب الوطن، ورواها بالدم. أينعت هذه البذرة لتتحول إلى شجرةٍ باسقة هي الإدارة الذاتية، وطرحت ثماراً يانعة هي وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) والعقد الاجتماعي/العلاقات المتينة بين المكونات العربية والكردية والسريانية/الآشورية. تلك العلاقات التي دفعت مئات الشباب من كل مكونٍ للانضمام لقوات المقاومة وبذل الدم للدفاع عن كل الهويات والطوائف. هذه البذرة التي تحولت لتجربةٍ أمست الأمل في العيش المشترك بعيداً عن المحاور الإقليمية التي تريد للسوري أن يكون مرتزقاً يحارب بالوكالة ليقتل شقيقه ويخرّب وطنه. لذلك، لا غرابة في أن يتفق كل من النظام والمعارضة، ومعهم «داعش» و«النصرة»، على معاداة هذه التجربة ومحاولة النيل منها وتدميرها، كلٌ بطريقته الخاصة.

*باحث من فريق عمل المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد