المرجعيات الأصولية والسياسية للإسلام السياسي

ينهض الإسلام السياسي، كفكر وتنظيم، على مرجعيات شرعية/أصولية مستنبطة من أساس الدين الإسلامي، وأخرى سياسية للتعامل مع الشأن الحياتي وأمور الحكم والإدارة في حال تسلم السلطة وقيادة الدولة. والمرجعيات الأصولية المستمدة من الشرع هي: مرجعية القرآن والسنّة، ومرجعية الشورى، ومرجعية دولة الخلافة/الدولة الإسلامية.

تقوم جماعات الإسلام السياسي، التي ترى في الإسلام دينا ودنيا وتريد ممارسة السياسة وإدارة مناحي حياة الناس وفق مرجعيات الشريعة، تقوم أولا على مرجعيتين أساسيتين وهما القرآن والسنّة. وكل أدبيات هذه الجماعات، وكل كتابات منظريها، تذهب في الاعتراف بالقرآن، ومن بعده بسنّة النبي محمد، كمرجعين أساسيين للتشريع واستنباط الأحكام والقوانين، حيث لا يجوز لأي قانون وضعي أن يخالف أمريهما أو أن يٌشكل طريقة حياة وإدارة تخالف ما ورد نصا في القرآن والسنّة. وفي رأي هؤلاء فإن “الأمة الإسلامية الصحيحة، إنما قامت في حياتها العامة والخاصة، على أساس القرآن الذي هو هاديها المرشد إلى كل شأن جليل أو ضئيل من شؤون حياتها”.

وبحسب الرؤية الأصولية لا يجب أن تتراخى العزائم في الاعتماد على القرآن والسنّة بمرور الدهر، فهما مرجعان ثابتان لا يؤثر فيهما الزمن ولا يٌقلل من قيمتيهما، فالتطور لا يمكن له أن يٌلغي الاعتماد على مراجع الإسلام الأساسية، والأمر ” في فجر الإسلام وضحاه، أي في زمن الرسالة المحمدية وعهد الخلفاء الراشدين والصحابة، كان القرآن هو القاموس الوحيد لمعاجم هذه الحياة، وكان النبي صلى الله وعليه وسلم، هو مرجعهم فيه مدة حياته. ثم كانت أحاديثه الصحيحة الثابتة، مرجعهم بعد وفاته في أنظمة حياتهم ومعاملاتهم وشؤونهم من عامة وخاصة”.

والقرآن كمرجع وأساس للشريعة، في رأي جماعات الإسلام السياسي، هو نبع دائم الجريان، والعلم الحديث لا يناقضه بل على العكس فقد يساهم الزمن في كشف أسراره للمسلمين أنفسهم، من الذين لم يعوا بعد عظمته ولم يلتمسوا كل حقائقه من علم واستشفاف، لذلك فإن القرآن هو “كتاب الدهر، ومعجزته الخالدة، فلا يستقل بتفسيره إلا الزمن، وكذلك كلام نبينا المبين له، فكثير من متون الكتاب والسنّة الواردة في معضلات الكون، ومشكلات الاجتماع لم تفهم أسرارها، ومغازيها إلا بتعاقب الأزمنة، وظهور ما يصدقها من سنن الله في الكون، وكم فسرت لنا حوادث الزمن، واكتشافات العلم من غرائب آيات القرآن، ومتون الحديث”.

ولكي لا ندخل في الجانب الفقهي والتشريعي كثيرا، ونغرق في دلالة مكانة القرآن لدى الإسلام والمسلمين بشكل عام، نرى انه من المفيد الإشارة إلى بعض الآيات التي دلت على مكانة القرآن وألزمت المسلمين اعتباره الأساس والمرجع في الدين والحياة، وبعض الآيات الدالة على مكانة القرآن الكريم: “رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينت من الهدى والفرقان”( البقرة/185). “وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليه”( المائدة/ 48). ” قل لأن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا”(الإسراء/ 88)”.

واعتمدت أدبيات جماعات الإسلام السياسي على هذه الآيات وآيات أخرى، بالإضافة إلى أحاديث النبي محمد وما تواتر من سير وأخبار السلف على اعتبار أن القرآن هو المنهل الأول للشرع والقوانين الناظمة للحياة، والتي لا يجب على أي مسلم مخالفتها. كذلك عمدوا إلى خلق نظريات تتعلق بكل فروع الحياة والسياسة والتدبير من الآيات القرآنية، وتفسيرات هذه الآيات، والتي جاءت غالبا مفضلة ومقبولة من قبل أساطين الأصولية مثل أبن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ومن بعدهم المعاصرين مثل أبو الأعلى المودودي وسيد قطب.

—–

لتحميل الدراسة كاملة اضغط هنا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد