دان سبينلي | MotherJones
لا تزال أصداء غزو تركيا لشمال سوريا تتردد بقوة في الشرق الأوسط، حيث يواجه الكرد -الذين كانوا حتى وقت قريب حلفاء أمريكا الأقوى في الحرب ضد “داعش”- احتمالية التطهير العرقي. وفي الوقت نفسه، ستستفيد كل من روسيا وإيران وحكومة بشار الأسد من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإلقاء الضوء على الهجوم التركي، ولكن كما هو الحال مع أي أزمة دولية، فإن جماعات الضغط الأمريكية مستعدة للفوز.
وتعد شركة “جرينبرج تراوريج “، من أهم جماعات الضغط الأمريكية، فهي شركة القانون الدولية في مدينة ميامي الأمريكية، التي تحمل تاريخًا فاضحًا، وأصبحت الآن واحدة من جماعات الضغط التركية السامية، وجزءًا رئيسيًا من حملة التأثير في واشنطن حيث قبلت الشركة المذكورة أكثر من 6.6 مليون دولار أمريكي منذ عام 2014 من أجل كسب تأييد الحكومة التركية، حتى مع تزايد وحشية سلطة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وقمع المعارضة وسجن المزيد من الصحفيين أكثر من أي بلد آخر.
منذ تولي ترامب “منصبه”، ضاعفت تركيا من إنفاقها على جماعات الضغط في واشنطن، وذلك وفقًا لموقع “المونيتور”، ففي حقيقة الأمر، تم تسجيل ما لا يقل عن 21 جماعة من جماعات الضعط المختلفة لدى وزارة العدل الأمريكية، باسم الدولة التركية في عام 2017، بما في ذلك العديد من الشركات التي لها علاقات وثيقة بالإدارة الأمريكية.
واللافت أيضًا أن شركة “بالارد بارتنرز” الأمريكية، التي يديرها أحد كبار الممولين في إدارة ترامب، تلقت أكثر من 4 ملايين دولار أمريكي من تركيا، فضلاً عن أن شركة “ميركري بابلك أفيرز” التي تعد بمثابة أرض خصبة للعديد من موظفي الصفقات التي يوافق عليها ترامب- ولهم عائد يُقدر بأكثر من 1.6 مليون دولار أمريكي- هم أيضًا ممثلو الحكومة التركية وجماعات الدعوة في الخارج لتركيا مثل: مجلس الأعمال التركي الأمريكي، والمجلس الأمريكي التركي.
فيما يتعلق بشركة “جرينبرج”، ساعد تحول مجموعة من المشرعين السابقين إلى جماعات الضغط في تعزيز المصالح التركية في واشنطن. ووفقًا للبرفيسور فيرا إيكاروس كيلي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة سيينا الإيطالية، التي كتبت عن تركيا والكرد، فإن دور الشركة هو “تحسين صورة تركيا في الولايات المتحدة”، وهو ما فعلته من خلال تكوين صداقات مع الأعضاء في الكونجرس، على يد 100 عضو من المجموعة المدافعة عن تركيا. فضلاً عن ذلك، فإن أربعة من جماعات الضغط التي تعمل لصالح تركيا من أجل كشوف مرتبات شركة “جرينبرج” هم مشرعون سابقون خدموا في لجان تشرف على البنتاجون ووزارة الخارجية الأمريكية.
كان عقد شركة “جرينبرج” مع الأتراك حاسمًا في جزء يخص نهضة الشركة في واشنطن بعد ما يقرب من عشر سنوات من الشفاء من وصمة عار تركها الموظف السابق الذي تسبب في هذه الوصمة، جاك أبراموف، الذي سُجن في عام 2008 بسبب نهب ملايين الدولارات من قبائل هندية مختلفة، إلى جانب جرائمه الأخرى.
وقد تأسست “غرينبرج” التي أسسها ثلاثة محامين في عام 1967، وتوسعت سريعًا في منتصف التسعينات، واكتسبت سمعة سيئة بسبب تمثيلها للرئيس الأمريكي، جورج دبليو بوش، في أثناء إعادة فرز الأصوات في فلوريدا عام .2000. وبحلول وقت محاكمة أبراموف، عينت شركة “جرينبرج” حوالي 1500 محام في أكثر ممن 20 مدينة، وفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
والجدير بالذكر أن وزارة العدل الأمريكية لم تُقاضي الشركة فيما يتعلق بمخططات أبراموف، تلك المخططات التي تم من خلالها بث أخبارًا وطنية لعدة أشهر ثم إسقاط زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأمريكي، توم ديلاي، لكن الشركة تلقت ضربة موجعة. وخلال عام 2013، جمعت “جرينبرج” 3.9 مليون دولار أمريكي كعائد صغير، مقارنة بعائد وصل إلى 25.5 مليون دولارًا أمريكيًا كانت قد ربحته الشركة عام 2003. حسبما ذكرت “بوليتيكو”، الصحيفة الأمريكية.
من المحتمل أن تكون فضيحة “أبراموف” قد شوهت سمعة الشركة، لكنها لم تتعرض لضربة قاتلة، فقد وقّعّ عملاء مختلفون من الأجانب، بما في ذلك حكومة إقليم كردستان في العراق ووزارة الزراعة المكسيكية، مع “جرينبرج” في السنوات التي تلت المحاكمة.
ويُذكر أنه في عام 2014، تلقت “جرينبرج” أكثر من 130 ألف دولارًا أمريكيًا لممارسة الضغوط من أجل تركيا، كمتعاقد من الباطن لمجموعة “جيفاردت” التي أسسها زعيم الديمقراطيين الأمريكي السابق، ديك جيفاردت. وفي نفس العام، انضم 13 فردًا من جماعات الضغط من شركة منافسة تُدعى “ديكستين شابيرو” التي شاركت شركة “جرينبرج” نموها في مكتبها في واشنطن، ومن هؤلاء الأفراد أيضًا السيناتور الأمريكي السابق، تيم هتشسينسون، والنائب الأمريكي السابق، ألبريت وين.
ترجمة: رنا ياسر