الكسندر كولي
أشعل انتصار طالبان المذهل في أفغانستان موجة من الغضب على الرئيس الأمريكي جو بايدن. يتهمه المنتقدون بسوء إدارة انسحاب القوات والإضرار بمصداقية واشنطن العالمية، وترك فراغ إقليمي في آسيا الوسطى ستملأه الصين وروسيا بحماس. أحد التقارير الإخبارية شدد أن “خصوم أمريكا الرئيسيين احتشدوا بقوة في أعقاب انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في أفغانستان”.
لكن ما يغيب عن النقاد اليوم هو أن آسيا الوسطى لم تعد الجغرافية الفوضوية التي كانت عليه قبل 20 عاماً، حين حكمت طالبان في عزلة دولية. اليوم، هناك نظام إقليمي يمكنه استيعاب غياب واشنطن. أثار غزو الولايات المتحدة لأفغانستان بعد 11 أيلول (سبتمبر) تحولات عميقة في الديناميكيات السياسية في آسيا الوسطى. تعلم جيران أفغانستان كيفية التعامل مع المطالب المتناقضة في كثير من الأحيان للولايات المتحدة ونظامها الدولي الليبرالي مع تحريض رد الفعل الصيني والروسي ضد الوجود العسكري الأمريكي الدائم. نتيجة لذلك، تعد آسيا الوسطى اليوم فضاء متعدد الأقطاب حيث تمارس دول مختلفة نفوذها من خلال منظمات ومعايير وشبكات جديدة تتداخل وتتنافس مع تلك التابعة للولايات المتحدة وحلفائها.
بعيدًا عن الفراغ السياسي، يزداد الفاعلين في آسيا الوسطى قناعة بضرورة استخدام الخليط المتواجد من الهياكل لحكم منطقتهم. علاوة على ذلك، ضمن هذا النظام الجديد، لا تزال هناك أدوات يمكن لصانعي السياسة الأمريكية استخدامها لصالح أجندة أصغر وأكثر تركيزاً. لم تعد الولايات المتحدة في منافسة محلية مباشرة مع الصين وروسيا، وفرصة عودة القوات الأمريكية إلى المنطقة بأعداد كبيرة قريباً ضئيلة. ومع ذلك ، يمكن لواشنطن أن تقدم أشكالًا بديلة من المشاركة وبالتحديد، فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، والمساعدة في مكافحة الفساد، والمساعدات الطبية، من المؤكد بأنها تظل لاعباً مهماً، على الرغم من أنها لم تعد لاعباً لا غنى عنه.
ايام مجيدة
بعد 11 أيلول (سبتمبر) مباشرة، أمّنت الولايات المتحدة قواعد عسكرية وأجواء وصفقات لوجستية عبر آسيا الوسطى لدعم حملتها في أفغانستان. لكن هذه الشراكات الجديدة، وخاصة المنشآت الرئيسية في أوزبكستان وقرغيزستان، أثارت مخاوف بشأن كيفية تأثير الدعم الأمريكي على السياسات الداخلية لهذه الدول. رأى إسلام كريموف، رئيس أوزبكستان الأوتوقراطي، شراكته الجديدة مع الولايات المتحدة فرصة لإضفاء الشرعية على حملته الداخلية ضد المتشددين الإسلاميين. وبشكل مماثل قدم الوجود العسكري الأمريكي في قيرغيزستان شرعية دولية للرئيس عسكر أكاييف، الذي كانت ممارساته ومحسوبياته تضرّ بسمعته كالإصلاحي الوحيد في المنطقة.
كان الدعم الأمريكي يعني أيضاً تدفقاً مستداماً للمساعدات الخارجية إلى العديد من الدول الصغيرة، بهدف تعزيز برامج مكافحة الإرهاب المحلية، وجهود مكافحة المخدرات، وأمن الحدود، ومساعدة الولايات المتحدة في جهودها العسكرية كنوع من المقايضة لتسهيل استخدام واشنطن لقواعدها. لكن الشراكة مع الولايات المتحدة وحلفاء الناتو الآخرين كان لها تأثيراً معاكساً، مما سمح لدول آسيا الوسطى بممارسة سياسات خارجية متعددة القطاعات، حيث سعى كل منها إلى موازنة العلاقات بعناية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا من خلال استدعاء التأثير المحتمل للقوى المتنافسة للحفاظ على الدعم الخارجي.
لم تعد آسيا الوسطى المنطقة الفوضوية كما قبل 20 عاماً
من جانبها سرعان ما قبلت الصين وروسيا الدخول المفاجئ للولايات المتحدة إلى آسيا الوسطى الكبرى. كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول زعيم عالمي يتصل بالرئيس جورج دبليو بوش في أعقاب هجمات 11 أيلول (سيبتمبر)، وقدّم الدعم الروسي للحملة في أفغانستان. في اجتماع مع بوش في تكساس في تشرين الثاني (نوفمبر) 2001، أكد بوتين أنه غير قلق من استغلال الولايات المتحدة وجودها العسكري الجديد لتحقيق نفوذ جيوسياسي إضافي. في ذلك الوقت، اعتبر الرئيس الروسي الشراكة مع الولايات المتحدة فرصة لجعل موسكو لاعباً عالمياً مهماً ومحاوراً إقليمياً. قبلت الصين أيضًا بشكل انتهازي الوجود العسكري الأمريكي، واستغلّته في توصيف مجموعات الأويغور في شينجيانغ كفروع للقاعدة وبالتالي كأهداف مشروعة للحرب على الإرهاب. امتثل المسؤولون الأمريكيون، ووافقوا على طلب بكين بوضع حركة تركستان الشرقية الإسلامية على قائمة وزارة الخارجية للتنظيمات الإرهابية والسماح للمحققين الصينيين بالوصول إلى سجناء الأويغور في خليج غوانتانامو.
في غضون أشهر، بدا أن التدخل العسكري قد أعاد تشكيل آسيا الوسطى الكبرى. بضربة واحدة، هزمت واشنطن حركة طالبان، ووسعت وجودها الإقليمي، وأقامت سلسلة من الشراكات الأمنية الجديدة. كانت دول آسيا الوسطى تدعم التحالف الدولي في أفغانستان، وتضيّيق الخناق على المتشددين الإسلاميين، وتنفذ إصلاحات سياسية واقتصادية، وتسمح لمنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الإنسان علناً المعارضة للفساد بالعمل في أراضيها. من منظور أمريكي، بدا المستقبل مشرقاً.
تلاشى الحلم
لكن هذا الموقف المتفائل بشأن دور الولايات المتحدة في آسيا الوسطى لم يدم طويلاً. شكّل التدخّل الأمريكي ذروة نفوذ واشنطن في أوراسيا. بعد الإطاحة بطالبان تقريباً، بدأ المسؤولون الأمريكيون في مواجهة التناقضات المتأصلة في وجودهم الإقليمي الأوسع. اصطدمت ضرورة الحفاظ على الشراكات الأمنية مع حكومات آسيا الوسطى بسرعة مع الرغبة في تعزيز الحقوق السياسية الأساسية وتحسين أنظمة الحكم. دفع الوجود العسكري الدائم للولايات المتحدة أيضاً الصين وروسيا إلى تطوير مؤسسات ومعايير وممارسات منافسة لها، بما في ذلك المنظمات الأمنية مثل منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا (CSTO).
على الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين كانوا يأملون في أن يشجع التعاون الأمني مضيفيهم في آسيا الوسطى على الإصلاح، حدث العكس. في أوزبكستان، كثّف كريموف من ممارساته الاستبدادية، ومدد فترة رئاسته وقام بتضييق الخناق على المعارضة السياسية الداخلية. سرعان ما انكشف تعاون أجهزة المخابرات الأوزبكية مع الوكالات الاستخباراتية الأمريكية في سلسلة من “عمليات التسليم الاستثنائي”، واختطاف واستجواب المشتبه بهم بالإرهاب، مما أثار تساؤلات حول دور التعاون الأمني مع واشنطن في تشجيع القمع بدلاً من تثبيطه.
كما أضرت التوترات الإقليمية الجديدة بالعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيا الوسطى نتيجة “الثورات الملونة” في جورجيا (2003) ، وأوكرانيا (2004) ، وقرغيزستان (2005) ، عندما انهارت سلسلة من الحكومات الفاسدة في أعقاب الاحتجاجات ضد الانتخابات المزورة. خوفاً من تكرارها محلّياً، قتلت قوات الأمن الأوزبكية مئات المتظاهرين في مدينة أنديجون الشرقية في أيار (مايو) 2005. سرعان ما تدهورت العلاقات بين طشقند وواشنطن حيث أدان المسؤولون الأمريكيون ذلك ودعوا إلى إجراء تحقيق دولي. من جانبها، قلّصت الحكومة الأوزبكية من أنشطة القاعدة الأمريكية وطردت المنظمات الغربية غير الحكومية. ومع رفض الولايات المتحدة تقديم المزيد من التنازلات، قامت أوزبكستان بتفعيل بند إنهاء وجود القاعدة الأمريكية في أواخر تموز (يوليو)، وغادرت القوات الأمريكية في غضون بضعة أشهر. في عام 2006، انضمت طشقند إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا، مما عزز انفصالها عن واشنطن.
في قيرغيزستان المجاورة، تعامل المسؤولون الأمريكيون أيضاً مع سلسلة من المشاكل السياسية التي انعكست على وضع القاعدة الأمريكية في ماناس، وهي مركز انطلاق جميع العسكريين الأمريكيين تقريباً من وإلى أفغانستان. بعد ثورة 2005 التي أطاحت بأكاييف، أصبح الرئيس الجديد، كرمان بك باكييف، قمعياً وفاسداً بشكل أكبر، مستفيدًا من بيع الأصول التي تسيطر عليها الدولة وتسهيل غسيل الأموال. بالنسبة لباكييف ورفاقه، كانت شركة ماناس والعقود المرتبطة بها فرصة كبيرة لجني أرباح طائلة شخصية. ومع ذلك، فقد أُضطر المسؤولون الأمريكيون على دعم النظام علناً كشريك مهم في أفغانستان.
لا تزال هناك أدوات يمكن لصانعي السياسة الأمريكيين استخدامها لتحقيق أجندة أصغر وأكثر تركيزاً في أفغانستان
في محاولة لتقليص نفوذ الولايات المتحدة في آسيا الوسطى، استغلت الصين وروسيا التوترات بين واشنطن والحكومات الإقليمية لتطوير مؤسسات تابعة لها في المنطقة. وسّعت روسيا من أنشطة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وأنشأت قاعدة جديدة قريبة من المنشأة الأمريكية في ماناس، وتوصلت إلى اتفاق مع طاجيكستان لنشر أكثر من 5000 جندي في روسي في أراضيها. منظمة شنغهاي للتعاون، التي تأسست في عام 2001 من قبل الصين وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان، أصبحت معادية لأمريكا بشكل متزايد. طوّرت المنظمة العديد من المبادرات الإقليمية، بما في ذلك التدريبات العسكرية كل سنتين ومركز مكافحة الإرهاب الخاص بها في طشقند.
مع تدهور العلاقات الأمريكية الروسية، حاول الكرملين رشوة باكييف بحزمة تمويل واستثمارات طارئة بقيمة ملياري دولار لتأمين قيام الرئيس القرغيزي بإغلاق القاعدة الأمريكية في ماناس. عندما أعلن باكييف، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في عام 2009، عن خطط لإغلاق القاعدة، سارع المسؤولون الأمريكيون لتدارك ذلك، ووافقوا في النهاية على مضاعفة الإيجار أربع مرات تقريبًا إلى 63 مليون دولار سنوياً وإعادة تسمية القاعدة “ماناس ترانزيت” للتقليل من أهمية دوره العسكري. لم تقبل موسكو تعامل باكييف المزدوج ورحبت بإسقاطه في العام التالي.
كما أثارت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتحفيز التنمية الاقتصادية الإقليمية من خلال ربط أفغانستان بآسيا الوسطى وجنوب آسيا رد فعل عنيف. هذه الطموحات أدت إلى تسريع المشاريع المضادة المدعومة من الصين وروسيا والتي كانت أكثر واقعية وأفضل تمويلاً. لم يكن من قبيل المصادفة قيام الرئيس الصيني شي جين بينغ بالإعلان عن مبادرة الحزام والطريق في عام 2013 في جامعة نزارباييف في كازاخستان. كجزء من مبادرة الحزام والطريق، تواصل الصين استثمار مليارات الدولارات في خطوط الأنابيب والطرق والسكك الحديدية الجديدة لربط آسيا الوسطى بغرب الصين. روسيا، من جانبها، عجلّت من مبادرتها الاقتصادية الإقليمية، الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. استخدمت موسكو أيضًا وجود ملايين العمال المهاجرين من آسيا الوسطى في روسيا كمصدر للضغط على الحكومات الإقليمية.
بحلول منتصف عام 2010، أدت الحرب والتدخل الدولي إلى قلب النظام السياسي في آسيا الوسطى. أصبحت الحكومات والجماهير متشككة للغاية من السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتناقض قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بسحب معظم القوات الأمريكية من أفغانستان مع المشاركة الصينية والروسية المكثفة. غادرت آخر القوات الأمريكية ماناس في عام 2014، تاركة قيرغيزستان تحت رعاية موسكو. كان التوجه الجيوسياسي لآسيا الوسطى يتماشى بسرعة مع المبادئ غير الليبرالية لمنظمة شنغهاي للتعاون، التي سعت إلى مكافحة “التطرف والإرهاب والانفصالية” ورفع مبدأ عدم التدخل فوق كل شيء آخر.
الأوتوقراطية الآن
مع خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، أصبحت دول آسيا الوسطى التي استضافت منشآت عسكرية أمريكية أقوى مما كانت عليه قبل عقدين ولم تعد أكثر ديمقراطية. عزز استيلاء طالبان على السلطة الميول الاستبدادية في طاجيكستان وأوزبكستان، حيث يشدد الحكام حدودهم بوجه اللاجئين الأفغان ويحشدون جيوشهم للنزاعات الحدودية المحتملة. مقارنة بما كان عليه الحال قبل 20 عاماً، فإن دول آسيا الوسطى وداعميها الجدد أكثر براغماتية فيما يتعلق بعلاقتهم مع طالبان. يبدو الآن أن القادة الإقليميين ملتزمين التزاماً حقيقياً بمعالجة التحديات الأمنية والاقتصادية في أفغانستان.
تعتبر الصين وروسيا انسحاب الولايات المتحدة بمثابة ضربة لقيادة واشنطن العالمية، وكلاهما صعد من أنشطتهما الأمنية خلال الأزمة الأخيرة. في العملية العسكرية الإقليمية الثالثة لموسكو منذ تموز (يوليو)، أجرت القوات الروسية تدريبات مشتركة مع القوات الطاجيكية والأوزبكية في أوائل آب (أغسطس) بالقرب من الحدود الطاجيكية الأفغانية، وبعدها بأيام أجرت القوات الصينية مناورات لمكافحة الإرهاب في طاجيكستان.
لا يزال بإمكان واشنطن الحفاظ على أهميتها في مستقبل أفغانستان وآسيا الوسطى
في الواقع، تعمل بكين وموسكو الآن على تنسيق سياساتهما المتعلقة بأفغانستان. لقد تفاوض كلاهما مع طالبان، التي يبدو أنها ترحب الآن بمقياس المشاركة الخارجية حيث تسعى الحركة للحصول على اعتراف دولي. بعد فرار مئات الجنود الأفغان إلى طاجيكستان في أوائل تموز (يوليو)، زار أعضاء وفد من طالبان موسكو لطمأنة المسؤولين الروس بأنهم سيحترمون الحدود الدولية ويضمنون أمن المسؤولين والبعثات الدبلوماسية في أفغانستان. بعد أيام قليلة، دعا الممثل الخاص لبوتين في أفغانستان الحكومة الأفغانية إلى التفاوض مع طالبان.
في موازاة ذلك، أعلنت طالبان أنها ترحب بالاستثمارات الصينية وجهود إعادة الإعمار مقابل دعم حملة بكين على مناطق شينجيانغ الحدودية وجماعات الأويغور. يمكن للصين وروسيا الآن أيضاً استخدام احتمال الاعتراف الدولي بحركة طالبان، ورفعها من قائمة الإرهاب التي أقرتها الأمم المتحدة، كوسيلة ضغط لانتزاع ضمانات لأجنداتهما الإقليمية. تقدم أفغانستان الآن لشي وبوتين ساحة أخرى لتوسيع شراكتهما الاستراتيجية ومتابعة برنامج مشترك من المبادرات الاقتصادية والأمنية المتقاطعة.
عهد جديد؟
سيؤدي انسحاب واشنطن وفشلها في بناء دولة أفغانية شرعية إلى تغذية رواية تراجع الولايات المتحدة ومنافسة القوى العظمى. الدول التي تحتفظ الآن بسفارات في كابول، بما في ذلك الصين وإيران وروسيا، هي من بين أكبر أعداء الولايات المتحدة. ومع ذلك، يتعين على هذه الدول الآن مواجهة التحديات العملية المتمثلة في توفير الضمانات الأمنية، وتطوير الشبكات الاقتصادية، والضغط من أجل انتقال سياسي دائم. لذلك ستظل الولايات المتحدة تمارس نفوذاً دولياً مهماً، بما في ذلك التحكم في الوصول إلى الدولارات المطلوبة لتجنب إدارة البنوك لفترات طويلة والتمويل الخارجي بالغ الأهمية من قبل صندوق النقد الدولي. يمكن للمسؤولين الأمريكيين، على سبيل المثال، الضغط على المانحين الدوليين لربط تمويل المساعدات وإعادة الإعمار بانتقال سياسي شامل ومعايير حقوق الإنسان الأساسية.
كما يفتح غياب القوات الأمريكية والحكومة الصديقة في أفغانستان إمكانية إقامة شراكات دبلوماسية جديدة وأجندات إقليمية. يمكن للمسؤولين الأمريكيين أن يجعلوا أمن أفغانستان أحد قضايا المفاوضات الثنائية المستقبلية مع باكستان واستخدام الموضوع لتوسيع أجندة حوار C5 + 1 المعتاد لواشنطن مع دول آسيا الوسطى. يمكن لصانعي السياسة في الولايات المتحدة أيضاً التخلي عن ترددهم طويل الأمد في التعامل مع منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون والبدء في التشاور مع هذه المجموعات بشأن القضايا الأمنية والإنسانية.
على الرغم من مغادرة القوات الأمريكية، لا يزال بإمكان واشنطن أن تظل جزءاً مهماً من مستقبل أفغانستان وآسيا الوسطى. بعد التحرر من الحساسيات السياسية للتعامل مع الحكومة العميلة، قد يتمكن صانعو السياسة الأمريكيون أخيراً من التعامل مع الحركة بطريقة أكثر إنصافاً، بما في ذلك من خلال السعي الحثيث لأجندة مكافحة الفساد التي تركز على كبار المسؤولين الأفغان السابقين الذين اختلسوا الأموال الأجنبية. قد يكون عصر التدخل العسكري الأمريكي في آسيا الوسطى قد انتهى، لكن هذا لا يعني أن نفوذ واشنطن يجب أن يختفي.