تقرير “البنتاغون” الجديد: التوغل التركي في سوريا يساعد “داعش” على العودة

رايان براونى | سي.إن.إن

قال المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، في تقرير جديد، إن قرار تركيا بشن عملية عسكرية تستهدف الشركاء الأكراد في شمال سوريا، والانسحاب اللاحق لإدارة “ترامب”، قد سمحا لتنظيم “داعش” الإرهابي بإعادة بناء نفسه وتعزيز قدرته على شن هجمات في الخارج.

وقالت وكالة الاستخبارات الدفاعية في “البنتاغون”، في التقرير، إن “داعش قد استغل التوغل التركي والسحب اللاحق للقوات الأمريكية من شمال شرق سوريا لإعادة بناء قدراته وموارده داخل سوريا على المدى القصير وعلى مستوى العالم على المدى الطويل”.

وكتب غلين فاين، نائب المفتش العام الرئيسي، في مقدمة التقرير: “لقد أثر انسحاب القوات الأمريكية وإعادة نشرها على القتال ضد داعش، الذي لا يزال يمثل تهديدًا في المنطقة وعلى مستوى العالم”.

وبالإشارة إلى القوات التي يقودها الأكراد، قال “فاين” إنه “مع تضاؤل ​​عمليات قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة ضد داعش في سوريا، فإنه من المرجح أن يستغل داعش تخفيض ضغط مكافحة الإرهاب، لإعادة تشكيل عملياته في سوريا وتوسيع نطاق قدرته على شن هجمات عبر وطنية”.

يرسم التقرير، الذي نُشر يوم الثلاثاء ويغطي الفترة من الأول من تموز/يوليو إلى 25 تشرين الأول/أكتوبر، صورة مدمرة لتداعيات قرار إدارة “ترامب” بالانسحاب من شمال شرق سوريا وهجوم تركيا على حلفاء أمريكا الأكراد.

ويقول التقرير إن التدريب المقدم للأكراد توقف مؤقتًا، على الرغم من تهديد “داعش” المستمر. ووجد التقرير أنه من غير المحتمل أن تقاتل تركيا ولا قواتها التابعة تنظيم “داعش” على الرغم من تعهدات “أنقرة” العامة بالقيام بذلك. وتلاحظ أن الاضطرابات في شمال شرق سوريا ستجعل من الصعب تلبية الاحتياجات الإنسانية الماسة الناجمة عن التوغل التركي.

ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي يشير فيه المسؤولون الأكراد والأمريكيون إلى أن الاضطرابات ستستمر على الأرجح، لأن وقف إطلاق النار الذي تفاوض عليه نائب الرئيس مايك بنس، والذي وصفه الرئيس دونالد ترامب بـ”العظيم”، موجود اسميا فقط.

لم يشكك “البنتاغون” في نتائج التقرير، قائلًا إنهم اعترفوا بأن “داعش” سيبقى يمثل تهديدًا، وهو تقييم شاركه التحالف العالمي لهزيمة داعش، وهي مجموعة دولية تضم أكثر من 80 دولة.

في بيان مشترك صدر في 14 نوفمبر، قال وزراء التحالف إن “الإنجازات التي تحققت وهزيمة داعش المستمرة مهددة”، في إشارة إلى أن نجاحاتهم “جاءت نتحية تضحيات هائلة”، حيث كتب الوزراء أن “التحالف يجب عليه بالتالي الحفاظ على وحدة الهدف والتماسك في سوريا والعراق”.

يكشف التقرير أنه بسبب الهجوم التركي على قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وإعادة نشر الأفراد الأمريكيين، كان على الجيش الأمريكي أن “يوقف مؤقتًا” تدريب القوات التي يقودها الأكراد، على الرغم من التهديد المستمر الذي يشكله “داعش”.

قبل التوغل التركي، كانت القوات الأمريكية وقوات التحالف تدرب وتجهز قوات سوريا الديمقراطية، وهي مزيج من القوات الكردية والعربية، وغيرهم من أجل السيطرة على الأراضي والقيام بعمليات مكافحة الإرهاب في شمال شرق سوريا.

وقال التقرير: “كانت القوات الأمريكية توفر التدريب لفرق الكوماندوز وحراس السجون وخبراء تقنيات مكافحة العبوات الناسفة، وغيرها من المهارات التخصصية التي تفتقر إليها قوات سوريا الديمقراطية”.

وكان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد ذكر أن القوات التي يقودها الأكراد لا تزال بحاجة إلى “أفراد إضافيين، والتدريب والمعدات للقيام بعمليات مكافحة داعش”.

المتحدث باسم “البنتاغون” شون روبرتسون، قال لشبكة “سي.إن.إن”، الثلاثاء، إن تدريب قوات سوريا الديمقراطية قد استؤنف. وقال “روبرتسون”: “لا يزال مقاتلو داعش يعملون في المنطقة، وما لم تتم المحافظة على الضغط، فإن عودة التنظيم وقدراته تظل احتمالًا حقيقيًا للغاية. نحن ملتزمون بمنع حدوث ذلك”.

ويقول التقرير إنه بينما تم تعليق التدريب، تواصل الولايات المتحدة تسليح العناصر العربية في قوات سوريا الديمقراطية، وتزويدها بالأسلحة والقذائف الصاروخية والبنادق والرواتب والذخيرة والمركبات والإمدادات الطبية.

بعد أن أمر في البداية بانسحاب شبه كلي من الولايات المتحدة من سوريا، عكس “ترامب” جزئيًا المسار، حيث وافق على خطة “البنتاغون” لإعادة نشر القوات الأمريكية في أماكن أخرى من البلاد، بما في ذلك الانتشار بالقرب من دير الزور، وهو الأمر الذي قال “ترامب” إنه يهدف في المقام الأول إلى تأمين حقول النفط السورية ومنع “داعش” من الوصول إليهم.

يترك التقرير احتمال أن تحتفظ الولايات المتحدة بوجود لمناهضة “داعش” في أجزاء أخرى من سوريا أيضًا، حيث يستشهد بمسؤول دفاعي كبير يقول إن البنتاغون “يفكر في الاحتفاظ بوجود بري صغير في مواقع مختارة في شمال شرق سوريا، يمكن أن يسهل عمليات أكثر فعالية ضد داعش”.

في الوقت ذاته، أشار كبار المسؤولين الأمريكيين إلى غارة القوات الخاصة الأمريكية في 26 أكتوبر، والتي أدت إلى مقتل زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي كدليل على أن الولايات المتحدة تواصل ممارسة الضغط على الجماعة الإرهابية رغم الانسحاب وتوغل تركيا، كما أن المفتش يقول إن وكالة الاستخبارات الدفاعية تعتقد أن موته “لن يكون له تأثير يذكر على قدرة داعش على إعادة البناء”.

وقال التقرير إن وكالة الاستخبارات تقيم أن داعش “مهيأ لتحمل وفاة البغدادي، وربما سيحافظ على استمرارية العمليات والتماسك العالمي، ومساره الحالي على الأقل”.

خلال عطلة نهاية الأسبوع، أصدرت وزارة الدفاع التركية بيانًا قالت فيه إنها كانت العضو الوحيد في حلف الناتو أو التحالف الذي يقاتل ” داعش” بكل ضراوة. وقد تجاهل هذا البيان العمليات الأمريكية ضد “داعش”، بما في ذلك المهمة التي قتلت “البغدادي”، والخسائر الأمريكية التي تم تكبدها أثناء قتال “داعش”.

ويرى تقرير “البنتاغون” أن بيان تركيا مجرد ادعاء فارغ، حيث وجد أن الميليشيات التي تقودها تركيا والتي تشكل غالبية قوات الغزو المدعوة من أنقرة من غير المرجح أن تقاتل “داعش”.

وقال التقرير: “قوات المعارضة السورية التي انضمت إلى التوغل التركي لم تنفذ أي عمليات لمكافحة الإرهاب ضد داعش منذ بدء الهجوم، وكان من غير المرجح أن تفعل ذلك”، مضيفًا أن “تقارين قالت إن بعض الميليشيات التي تدعمها تركيا ساعدت في السابق في تهريب مقاتلي داعش عبر الأراضي التي تسيطر عليهاالمعارضة، وربما حافظت على صلات متدنية مع داعش لأنهم يتقاسمون تفسيرًا مشابهًا صارمًا للشريعة”.

وبينما كان البعض يأمل في أن يسمح توقف تركيا في عملياتها العسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية بإعادة التركيز على القتال ضد “داعش”، إلا أن “وقف إطلاق النار” الذي أعلمته إدارة “ترامب” والذي تفاوضت عليه بين تركيا والأكراد، بات يتعرض للخطر بشكل متزايد.

يقول الأكراد السوريون والمسؤولون الأمريكيون إن الجماعات المدعومة من تركيا تواصل شن هجمات رغم وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه الشهر الماضي.

ووصف اثنان من مسؤولي الدفاع الأمريكيين الترتيب بأنه وقف لإطلاق النار بالاسم فقط. وقال مسؤول دفاعي أمريكي لشبكة “سي.إن.إن”، إن الميليشيات التي تدعمها تركيا ما زالت تمارس أعمال عنف واسعة النطاق في بعض الأماكن.

وبينما لم يعد يتم دعم هؤلاء المقاتلين بالوكالة من خلال ضربات المدفعية التركية، يقول المسؤولون الأمريكيون إن الميليشيات تواصل مهاجمة المواقع في شمال شرق سوريا.

ونقلت الصحيفة عن وزارة الخارجية قولها إن “هذه الاضطرابات ستجعل من الصعب تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة”.

وقدرت الأمم المتحدة أنه حتى 24 أكتوبر، أصبح أكثر من 99000 شخص مشردين في شمال شرق سوريا بسبب التوغل التركي. ومع ذلك، أصر “ترامب” قبل بضعة أيام على أن وقف إطلاق النار لا يزال فعالا.

وقال “ترامب”، الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن “وقف إطلاق النار مستمر.. أنا من أشد المعجبين بالرئيس. علي أن أخبرك بذلك. وأنا أعلم أن وقف إطلاق النار، رغم تعقيده، يتحرك إلى الأمام ويمضي قدماً بسرعة كبيرة”.

رفض البنتاغون التعليق على حالة وقف إطلاق النار، وأحال الاستفسارات إلى وزارة الخارجية، والتي لم ترد على الفور.

وصرح مسؤول أمريكي لشبكة CNN بأننا “نستمر في إشراك كل من حكومة تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، للحصول على وضوح أكبر حول الوضع الحالي على الأرض”.

كما اتهم قائد قوات سوريا الديمقراطية الميليشيات التي تدعمها تركيا بمواصلة هجماتها، قائلاً إنها “استهدفت منطقة يسكنها مسيحيون في اليوم الدولي للتسامح. وهذا يهدد بقية الناجين من الإبادة الجماعية المسيحية بالقرب من تل تمر”.

وقال مسؤولون أميركيون كبار في وقت سابق، إن الميليشيات التي تدعمها تركيا مرتبطة بجرائم حرب محتملة لأنها تسعى إلى تحقيق الأهداف العسكرية لأنقرة في شمال سوريا، حيث وصفها أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية بأنها “خطيرة للغاية وفي بعض الحالات متطرفة”. 

——

للاطلاع على النص الأصلي باللغة الإنجليزية.. اضغط هنا

ترجمة: أمنية زهران

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد