محمد دروش: أردوغان متردد في حل القضية الكردية

المركز الكردي للدراسات
قدم المركز الكردي للدراسات في 27 أبريل/نيسان برنامجاً حوارياً حول عملية السلام في شمال كردستان وتركيا والتطورات الأخيرة في المنطقة. واستضاف البرنامج، الذي قدمه الزميل د. طارق حمو، الصحافي الكردي محمد دروش. وفي بداية حديثه، أشار الصحافي محمد دروش إلى الحالة الصحية لعضو وفد إيمرالي سري ثريا أوندر، وقال إن أوندر لا يزال في المستشفى ويزوره الكثير من الشخصيات والجهات. ولكن بحسب المعلومات الواردة، فإن حالته لا تزال حرجة، ومن المتوقع أن يصدر أطباؤه بياناً للرأي العام.
كما قيّم محمد دروش عملية السلام قائلاً: «في الواقع، لا تسير هذه العملية بالشكل المطلوب. إنها تسير ببطء شديد. فقبل الإعلان عن العملية، كان من المقرر أن يتم تنفيذ بعض الخطوات بعد أن يُطلق القائد أوجلان نداءه، بمعنى آخر، فقد جاءت دعوة القائد أوجلان في إطار الاتفاق مع الدولة التركية».
وفيما يخص الأسباب التي استدعت إطلاق عملية السلام، قال دروش إن تركيا عندما رأت أنها تفقد أهميتها الجيوسياسية في المنطقة قررت منح الفرصة لبدء هذه العملية. وتابع قائلاً: «مع الحرب العالمية الأولى، تأسست تركيا وبدأت عودة الشعب اليهودي إلى المنطقة، كما دخلت اتفاقية سايكس بيكو حيز التنفيذ. وفي الحرب العالمية الثانية، تأسست دولة إسرائيل. أما في الحرب العالمية الثالثة، فقد بدأت تركيا تفقد أهميتها الجيوسياسية، وأصبح التوجه أن تلعب إسرائيل دور القوة المهيمنة الأكبر في المنطقة. ترى تركيا هذا التطور وتشعر بخوف شديد، ولهذا السبب بدأت في التوجه إلى كسب الكرد إلى جانبها حتى لا تخسرهم». وأضاف: «نتيجةً لذلك، توجهت تركيا إلى الزعيم أوجلان، وتم التوصل إلى اتفاق هناك. ووفقاً لهذا الاتفاق، وبعد نداء القائد أوجلان، كان ينبغي لتركيا أن تمنح ‘حق الأمل’ (وهو إجراء يعني إطلاق سراح السجين الذي قضى مدة 25 عاماً في السجن) في السادس من مارس خلال الأسبوع الأول، أي أن ظروف إيمرالي كان يجب أن تتغير وينتهي نظام التعذيب فيها، ويُمهّد الطريق أمام عمل القائد أوجلان بشكل معلن يتيح له التواصل مع العالم الخارجي. وفي الوقت نفسه، كان ينبغي الإفراج عن السجناء الذين أمضوا في السجون أكثر من 30 عاماً، وكان ينبغي اتخاذ العديد من الخطوات. ولكن حتى الآن، نرى أن الدولة التركية تتصرف وكأن شيئاً لم يحدث، وكأنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق. لكن تركيا مجبرة على تنفيذ هذه العملية، وبشكل عام، ستحاول تركيا تحريك العملية ببطء».
وأشار دروش إلى أنه في جميع جهود عملية السلام السابقة، تصرفت تركيا دائماً بأسلوب كسب الوقت. وتابع: «أردوغان وبهجلي طرفان غير متشابهان تماماً. فرئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي يتصرف وفقاً لمصالح الدولة. لكن أردوغان يتصرف بشكل مختلف، أي أنه يفكر في مستقبل سلطته لأنه متورط في قضايا كبرى تتعلق بالإجرام والفساد. لكن بعد انطلاق العملية، تعرض كل من بهجلي وأوندر لوعكة صحية. وبالنسبة لي، فإن الوضع المتعلق بصحتهما لا يبدو طبيعياً لأن أردوغان يريد إبطاء هذه العملية. لو كان بهجلي في وضع أفضل، لربما كانت العملية ستسير بشكل مختلف. لكن نتيجة للمقاومة التي أبداها الكرد في سد تشرين وجسر قره قوزاق، اضطرت تركيا للعودة إلى طاولة الحوار».
ولدى سؤاله عمّا إذا كانت عملية السلام مرتبطة باعتقال أكرم إمام أوغلو، أجاب الصحافي محمد دروش أن «أكرم إمام أوغلو يحظى بشعبية كبيرة في تركيا، وهو البديل الصريح لأردوغان، وهزمه مرتين في إسطنبول. يمكن القول إن فرص إمام أوغلو في الوصول إلى الرئاسة ازدادت بعد اعتقاله. مع ذلك، أراد أردوغان إبعاد حزب الشعب الجمهوري عن عملية التفاوض لافتعال صراع بين الكرد وحزب الشعب الجمهوري حتى يصطف الكرد إلى جانب أردوغان. إلا أن القائد أوجلان أفشل هذه الخطة لأنه طلب من زعيم حزب الشعب الجمهوري، عبر وفد إيمرالي، المشاركة في هذه العملية».
وفي معرض حديثه، أشار محمد دروش إلى العلاقة بين هيئة تحرير الشام وقوات سوريا الديمقراطية، قائلاً: «على الرغم من أن مواقف سلطة هيئة تحرير الشام الحالية إيجابية بالنسبة لتركيا، إلا أن تركيا لا ترى للهيئة مستقبلاً جيداً في المدى المنظور. لذلك، تخشى أن تتصدر قوات سوريا الديمقراطية بقيادة مظلوم عبدي المشهد في سوريا بأكملها».
 وقال دروش إن أردوغان يستطيع تقديم كافة التنازلات بغية إدامة سلطته، فإذا منح أردوغان الكرد حقوقهم واعترف بهم في كل من شمال وغرب كردستان وأصبح القائد أوجلان حراً، لن تكون هناك مشكلة في أن يصبح أردوغان رئيساً مرة أخرى. ولكن في وضعه الحالي، لا يمكن لأردوغان أن يصبح رئيساً مجدداً.
ولفت دروش إلى استمرار الحرب والعمليات العسكرية التركية ضد قوات حزب العمال الكردستاني في مناطق حق الدفاع المشروع، موضحاً: «بالرغم من إطلاق العملية، إلا أن الهجمات العسكرية التركية تزايدت، وهناك جهة في السلطة التركية تريد استمرار ومواصلة الحرب، ويمثل هذه الجهة هاكان فيدان، الذي يعارض هذه العملية منذ البداية وحتى الآن. لكن إذا أراد أردوغان ترجيح كفة السلام فبإمكانه إيقاف هؤلاء».
وقال دروش إن انعقاد مؤتمر الوحدة الكردية في شمال وشرق سوريا هو ثمرة جهود القائد أوجلان والمقاومة البطولية لقوات سوريا الديمقراطية في سد تشرين وجسر قره قوزاق. وتابع: «خلال الفترة 2013-2015، طلبت الدولة التركية من القائد أوجلان تسليم روج آفا لتركيا، لكن القائد أوجلان قال إن روج آفا خط أحمر بالنسبة له، فعمدوا إلى إنهاء العملية. كما أخبرني أشخاص من وفد إيمرالي يركز القائد أوجلان كثيراً على ثورة روج آفا وإنجازاتها. في الحقيقة، فإن القائد أوجلان يعتبر روج آفا قرة عينه ولها مكانة كبيرة في قلبه وعقله. ولهذا السبب، يوصي بحماية روج آفا من كل أنواع الهجمات. وفي كل لقاء مع القائد أوجلان، تُطرح مسألة كيفية حماية روج آفا وبناء سوريا جديدة».
وذكر دروش أن إسرائيل استولت حالياً على مكانة تركيا في الشرق الأوسط، حيث أرادت تركيا بناء قواعد في وسط سوريا، لكن إسرائيل استهدفتها، مضيفاً أن هناك أنباء عن مقتل مهندسين أتراك في ذلك الاستهداف. وفي ختام حديثه، قال الصحافي الكردي إنه لم يتضح بعد فيما إذا كان وفد إيمرالي سيذهب للقاء أوجلان قريباً، لكن المسؤولين الأتراك يصرحون بأن تغييرات كبيرة إيجابية باتجاه الحل والتسوية ستحدث في الأيام المقبلة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد