رسم وزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو الخطوط العريضة للدبلوماسية الأميركية في عهد دونالد ترامب في بيان نشره على موقع وزارة الخارجية الأميركية. اللافت في هذا البيان الموجز أن المطلع على مضمونه سيعتقد أن المحتوى يخص وزارة الداخلية أو هيئة فيدرالية أميركية وليس وزارة ترسم المسارات الرئيسية للعلاقات الدولية برمتها وليس فقط نهج السياسة الخارجية الأميركية. فليس هناك حديث عن الشرق الأوسط ولا الصين ولا صورة العالم الذين تريده واشنطن. إن هذه الأولوية، أي الداخل الأميركي، في البيان الأول، يترك لوزارة الخارجية هامشاً أكبر للمبادرة في صناعة سياسة خارجية أكثر اتساقاً مع مبادئ «أميركا أولاً».
في كل الأحوال، لا يبدو بيان وزارة الخارجية جزءاً من النهج الفعلي للوزارة في عهد روبيو إنما أقرب إلى رسالة استرضاء لترامب وطمأنة بأن نهجه يمثل أساس التحرك في علاقات واشنطن الدولية. لذلك، سيكون استعراض هذا البيان مقدمة للدخول لاحقاً في تحليلات وقراءات لـ«الملامح الدولية» للسياسة الخارجية الأميركية.
جاء في مقدمة البيان: إن العمل كوزير خارجية الولايات المتحدة الثاني والسبعين هو أعلى شرف في حياتي المهنية. لقد أعطاني الرئيس ترامب توجيهاً واضحاً لوضع مصلحتنا الوطنية الأساسية كمهمة توجيهية للسياسة الخارجية الأميركية. يجب تبرير كل دولار ننفقه وكل برنامج نموله وكل سياسة نتبعها بالإجابة على ثلاثة أسئلة بسيطة:
هل يجعل أميركا أكثر أماناً؟
هل يجعل أميركا أقوى؟
هل يجعل أميركا أكثر ازدهاراً؟
يقول روبيو: «من أجل تعزيز مصلحتنا الوطنية، سنبني وزارة خارجية أكثر ابتكاراً ورشاقة وتركيزاً. وهذا يتطلب استبدال بعض الأولويات وتقليل التركيز على بعض القضايا والقضاء على بعض الممارسات.
أولاً، يجب علينا الحد من الهجرة الجماعية وتأمين حدودنا. لن تقوم وزارة الخارجية بعد الآن بأي أنشطة تسهل أو تشجع الهجرة الجماعية. ستعطي علاقاتنا الدبلوماسية مع البلدان الأخرى، وخاصة في نصف الكرة الغربي، الأولوية لتأمين حدود الولايات المتحدة ووقف الهجرة غير القانونية والمزعزعة للاستقرار والتفاوض على إعادة المهاجرين غير الشرعيين. بعد ذلك، يتعين علينا مكافأة الأداء والجدارة، بما في ذلك داخل صفوف وزارة الخارجية».
لقد أصدر الرئيس ترامب أمراً تنفيذياً يقضي بإلغاء متطلبات «DEIA» (أي برامج التنوع الاجتماعي والثقافي) والبرامج والمكاتب في جميع أنحاء الحكومة.
يمثل ذلك نقطة تحول جذرية بالنسبة للدبلوماسية الأميركية التي أرساها الرئيس السابق جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي قام بتعيين أول مبعوث خاص للولايات المتحدة لحقوق مجتمع الميم في الخارج.
وقال روبيو: «علينا العودة إلى ركائز الدبلوماسية من خلال التوقف عن التركيز على القضايا السياسية والثقافية التي تزرع الانقسام في بلادنا ولا تحظى بشعبية في الخارج. سيسمح لنا هذا بإدارة سياسة خارجية عملية بالتعاون مع دول أخرى لتعزيز مصالحنا الوطنية الأساسية».
تحدث روبيو أيضاً عن إعادة بناء أسس مكافحة الدعاية المضادة:
«يتعين علينا وقف الرقابة وقمع المعلومات. لقد توسعت جهود وزارة الخارجية لمكافحة الدعاية الخبيثة وتغيرت بشكل أساسي منذ عصر الحرب الباردة، ويجب علينا إعادة تحديد الأولويات. ستدعم وزارة الخارجية التي أقودها وتدافع عن حقوق الأميركيين في حرية التعبير وتنهي أي برامج تؤدي بأي شكل من الأشكال إلى فرض الرقابة على الشعب الأميركي. في حين سنكافح الدعاية المعادية الحقيقية، لن نفعل ذلك إلا بالحقيقة الأساسية المتمثلة في أن أميركا دولة عظيمة وعادلة وشعبها كريم وقادتها الآن يعطون الأولوية للمصالح الأساسية للأميركيين مع احترام حقوق ومصالح الدول الأخرى.
وأخيراً، يتعين علينا الاستفادة من نقاط قوتنا والتخلص من سياسات المناخ التي تضعف أميركا. وفي حين لن نتجاهل التهديدات لبيئتنا الطبيعية وسندعم الحماية البيئية المعقولة، فإن وزارة الخارجية ستستخدم الدبلوماسية لمساعدة الرئيس ترامب على الوفاء بوعده بالعودة إلى الهيمنة الأميركية على الطاقة».
يختتم روبيو بيانه بالقول: «باختصار، فإن أجندة الرئيس ترامب لبلدنا والعلاقات الخارجية ستوجه إعادة تركيز وزارة الخارجية على المصالح الوطنية الأميركية. وفي خضم التنافس بين القوى العظمى الناشئة اليوم، سأعمل على تمكين سلكنا الدبلوماسي الموهوب من تعزيز مهمتنا لجعل أميركا أكثر أماناً وقوة وازدهاراً».
خلال جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، قال السناتور الجمهوري السابق إنه يريد تنفيذ شعار ترامب «أميركا أولاً» الرافض للتعددية التي كانت في قلب دبلوماسية إدارة بايدن. ولدى وصوله إلى وزارة الخارجية، حذر أمام مئات الموظفين من أن «التغيير آت وليس بالضرورة أن يكون مدمراً أو عقابياً».