«هدى بار» في شمال كردستان.. الأداء الانتخابي وأبواب «الكرمانج» المغلقة

حسين جمو 

بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية في 31 آذار/ مارس 2024، أدلى رئيس حزب “هدى بار” (حزب الله سابقاً)، زكريا يابجي أوغلو ببيان، اعترف فيه بأن حصيلة حزبه في الاستحقاق أقل من التوقعات، لكن رغم ذلك لم يجد نقطة إيجابية سوى الحديث عن زيادة عدد الأصوات مقارنة بالانتخابات السابقة.
فقد حصل على 253 ألف صوت في مختلف الولايات، واعتبر يابجي أوغلو أن حزبه لم يفز بأي بلدية كبيرة لكنه زاد من أصواته. مع ذلك، من الصعب العثور على بيانات متسلسلة لـ “هدى بار” في عمليات الاقتراع السابقة، المحلية والنيابية. ومقارنة مع الانتخابات العامة البرلمانية لعام 2018، حصل “هدى بار” على إجمالي 155 ألفًا و539 صوتًا.
والجدير أن المقارنة بين أرقام الانتخابات البلدية والبرلمانية مؤشر غير مرغوب فيه لرصد اتجاهات الأداء للأحزاب السياسية، ذلك أن طبيعة الانتخابات مختلفة، والمنهج الأصوب هو مقارنة الانتخابات البلدية الحالية بأقرب انتخابات بلدية سابق.
لسبب ما، لم يذكر زكريا يابجي أوغلو في خطابه الانتخابي فوزاً يتيماً وصغيراً حققه حزبه، وهو الفوز ببلدية قرية كايابينار (عينكاف الاسم المعتمد محلياً وتاريخياً)
التابعة لمقاطعة كرجوس في أقصى جنوب غرب ولاية باطمان. يبلع عدد سكان القرية 2300 نسمة. حصل “هدى بار” على 777 صوتاً بنسبة 57 % من إجمالي المقترعين. وحصل مرشح حزب العدالة والتنمية على 544 صوتاً، ومرشح حزب الرفاه الجديد على 10 أصوات.

خريطة توضح موقع بلدة كايابينار/ عينكاف

إن تحليل أصوات قرية “عينكاف” مهم كدلالة على كيفية تأثير الأصول القومية والعشائرية على اتجاهات التصويت.
تهيمن على القرية عشيرة واحدة هي “حبزبني -HABEZBENİ”. في العشيرة اتجاهان، منهم من يقول إن أصل العشيرة كردي، ومنهم يزعم أن العشيرة تنحدر من قبيلة بني عبس العربية. ورواية الأصل العربي في تراث العشيرة غريبة من حيث أن “عبس” قبيلة غير مشهورة سوى بحكايات عنترة بن شداد، وليست حتى قريبة من قريش أو آل البيت. في العموم، يميل ألتان تان، السياسي السابق في حزب الشعوب الديمقراطي، إلى تصدير الأصل العربي للعشيرة وذلك في اقتباس منسوب لكتابه “من طورعابدين إلى البرية” منتشر في صفحات العشيرة على الفيسبوك، وليس مؤكداً ما إذا كان ألتان تان نفسه ينحدر من هذه العشيرة.
بكل الأحوال، هوية “هبزبني – عبس بني” ملتبسة. ومن الشائع أن تعمد المجتمعات الواقعة تحت ضغط أمني كبير عبر التاريخ إلى الهروب من هويتها إذا كانت هويتها مصدراً لانعدام الأمن. فعلى مدار السنوات المئة من عمر الجمهورية، من 1923، باتت الهوية الكردية عبئاً معيشياً على السكان الكرد، فمنحت السلطة “طوق نجاة” في البداية لعائلات الشيوخ والملالي الذين ينسبون أصولهم للعرب أو “آل البيت”.
أحد زعماء عشيرة “هبزبني” في كايابينار، ويدعى عز الدين آغا، كان على اتصال مع زعيم قبيلة هفيركان، عليكي بطي (قتل عام 1919)، ويشاع أنهما اتفقا على إقامة دولة كردية، لكن آغا “حبزبني” تراجع! بالتأكيد تعمد العشائر إلى المبالغة في تصوير تاريخها، لأن عليكي بطي لم يكن سياسياً ولا أهمية سياسية لحركته التي اعتمدت على الهروب من مكان لآخر.
رغم ذلك، تفيد هذه الروايات في التعرف على الجانب الكردي من العشيرة، مقابل القسم الذي يعتبر نفسه من بني عبس، ربما اعتقاداً من بعضهم أن هذه القبيلة العربية ذات أمجاد أسطورية! يبقى أن “هبزبني” محسوبة على المجتمع الكردي رغم محاولات السلطات المتعاقبة اختلاق نسب تعريبي لأبناء البلدة، وذلك لأن العروبة في تركيا، عبر التاريخ، مطيعة للسلطة المركزية التركية، ومطواعة للتتريك الطوعي، وهذا الافتراض يحتاج إلى تقصي وبحث لمعرفة حدود التمرد والخضوع في المجتمعات المحلية بتركيا، لعل أبرزها أن التجمعات التي تعود بنسبها إلى أصل عربي بنت لنفسها على مدار عمر الجمهورية التركية جداراً من النفور مع التيارات القومية الكردية رغم أن أجادهم كانوا من قادة الثورات الكردية في نهايات العهد العثماني.
في كل الأحوال، هذه البلدة هي في الأصل سريانية واسمها “عينكاف”، وكان سكانها مسيحيون حتى مذابح عام 1915، ثم سكنها أبناء “هبزبني”.
يفيد التعرف على البنية الاجتماعية لبلدة “كايابينار” الباطمانية- تمييزاً لها عن ناحية كايابينار في ولاية آمد – في تحديد الخطوط السياسية لحزب “هدى بار” والإجابة على سؤال أساسي في علم السياسة: أين هي حدود الدعوة السياسية للحزب؟ فقد صوتت غالبية “كرد هبزبني” لحزب هدى بار، وصوتت مجموعة “عرب هبزبني” لحزب العدالة والتنمية. وتصويت الكرد في البلدة جاء اعتماداً على شبكة القرابة مع المرشح الكردي الإسلامي سمير أوزهان، وهو عضو سابق في حزب العدالة، وبالتالي لا تعكس هذه الأصوات أي توجهات أيديولوجية محسومة مؤيدة لـ “هدى بار”.
في مقاطعة كرجوس، التي تتبع لها بلدة كايابينار، فاز حزب العدالة والتنمية بالبلدية المركزية بـ 1360 صوتاً بفارق 54 صوتاً فقط عن حزب الديمقراطية والمساواة (دم)، ونال حزب السعادة 706 أصوات، فيما حصل هدى بار على 208 صوتاً وحزب الرفاه الجديد 74 صوتاً.

نتائج الانتخابات البلدية في ناحية كرجوس

واللافت أنه، إلى حد كبير، تتطابق خريطة الأصوات الحزبية على الأصول القومية والأيديولوجيا الدينية، فغالبية الكرد في كرجوس منحت أصواتها لحزب “دم” وأقلية صغيرة لـ “هدى بار”، فيما توزعت أصوات من يعرفون أنفسهم كعرب وأتراك على حزبي العدالة والتنمية والسعادة. وإلى جانب خطوط الولايات القومية الواضحة، هناك دائما أقلية كردية تصوت لأحزاب تركية وأقلية ترفض المشاركة في الانتخابات، لكن تبقى نسبة الأقلية الكردية الموالية للأحزاب التركية هامشية كعدد ونسبة، وهذه من الحقائق الانتخابية الملفتة، فمناطق شمال كردستان ليست – كما يتصورها الكثير من الكرد خارجها- كردية مطلقة، وليست على غرار إقليم كردستان العراق حيث تكاد نسبة غير الكرد لا تزيد عن 5%. هناك في شمال كردستان مقاطعات كبيرة ورئيسية تصل نسبة الكرد فيها إلى أقل من 40 %، وبعض المدن الرئيسية مثل سرت، لا تقل نسبة العرب فيها عن 35 %. لذلك تكون الأصوات الانتخابية فيها متقاربة بين الأحزاب الكردية والتركية، ولا تعني كما يشاع خطأ أن 27 % من الكرد في مدينة سرت قد صوتوا لأحزاب تركية وهي النسبة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية. بينما حصل حزب هدى بار على أقل من 3% من الأصوات، فلم يستطيع كسب أصوات من العرب رغم أنه حزب إسلامي، ولم يكسب شيئاً يذكر من أصوات “الكرمانج”. وبالنظر إلى المناطق الانتخابية المختلطة، فلا مكان لـ”هدى بار” بين المجتمعات العربية والتركية والشركسية والأذرية في شمال كردستان، وبالتالي ما زالت الأحزاب التركية تبني حضورها في المناطق الكردية بناء على هذه الأصوات غير “الكرمانجية”. وتمييز الكرمانج مهم في هذا السياق تمييزاً عن توجهات كتلة “الزازا السنة” الكردية فهي ما زالت تصوت في الغالب للأحزاب الإسلامية، رغم ذلك لا يوجد حضور لـ”هدى بار” في أصوات هذا القطاع الانتخابي، لأن الجمهور الانتخابي نفسه بات يعرّف “هدى بار” كحزب إسلامي كرمانجي سني. ولا يبدو أن الحزب سينجح في كسر هذه الحلقة المغلقة انتخابياً. والغالب أن دعم السلطة لـ”هدى بار” مبرمج من أجل تقليص أصوات حزب “دم”، وهو ما لم ينجح فيه مطلقاً. على العكس، لم يستطع “هدى بار” سوى زيادة أصواته بين “الكرمانج” الإسلاميين الذين كانوا يصوتون لحزب العدالة والتنمية، والمثال الواضح لذلك هو أصوات دياربكر حيث حصل على 53 ألف صوت، بنسبة 7%، واقتطع هذه الحصة من حزب العدالة والتنمية، بالاشتراك مع حزب الرفاه الجديد، بدون أن يؤثر على هيمنة حزب “دم” في الولاية الكبرى بشمال كردستان.

خريطة توزع الأصوات في ولاية آمد – دياربكر

من ضمن العينات الانتخابية المفيدة في سياق دعم المؤشرات على هوية الحزب “الإسلامي الكرمانجي السني” هو انتخابات مقاطعة فارتو في موش. فهذه المقاطعة ذات غالبية زازية علوية صوتت لحزب “دم” (60%)، وأقلية عربية سنية صوتت لحزب العدالة (22%). في مقاطعة هسكوي في موش أيضاً، لم يتقدم حزب “هدى بار” بأي مرشح، رغم أن هوى السكان الانتخابي، إسلامي. والسبب أن المقاطعة ذات غالبية عربية وتركمانية، وتقاسمت أصواتها الأحزاب التركية.

توزع الأصوات في مقاطعة هسكوي ويلاحظ الغياب التام للحضور الكردي انتخابياً

وفي مدينة موش نفسها، تبلغ نسبة العرب والترك نحو 40% ، وهي قريبة من النسبة التي حصل عليها مجموع الأحزاب التركية في الانتخابات الأخيرة بالمدينة، رغم ذلك أدى التكتل الكرمانجي حول حزب “دم” إلى فوزه بالبلدية بنسبة 42%. بينما حصل حزب “هدى بار” على 5% فقط.

خريطة توزع الأصوات في ولاية موش، ويلاحظ تعزيز حزب “دم” أصواته مقارنة بانتخابات 2019 والحضور الضعيف لـ”هدى بار”

تكشف خريطة الانتخابات في بدليس معضلة مشابهة حول ضيق هوية “هدى بار” واقتصارها على “الكرمانج السنة”.
مقاطعة موتكي، ذات غالبية زازية كردية سنية بنسبة الثلثين، والثلث المتبقي من العرب والأذريين. لم يتقدم حزبا “دم” و”هدى بار” بأي مرشح. وإذا كانت خطوة “دم” مفهومة كون الأصوات في موتكي تاريخياً تميل للأحزاب الإسلامية، فما الذي يمنع دخول “هدى بار” للمنافسة في ساحة انتخابية إسلامية غير كرمانجية؟ الأمر ذاته ينطبق على مقاطعة خيزان في بدليس، فهي ذات غالبية زازية سنية ثم كرمانج بنسبة لا تقل عن الثلث. فاز حزب العدالة والتنمية بالبلدية، ونالت الأحزاب التركية في المجموع (العدالة والتنمية، السعادة، الرفاه الجديد، المستقبل، والجيد) ما مجموعه 60% من الأصوات في مقاطعة خيزان، فيما ذهبت أصوات الكرمانج بشكل شبه كامل لحزب “دم” (25%) ونال حزب الشعب الجمهوري نسبة من أصوات الزاز العلويين (12%). أيضاً في هذه الساحة لا وجود لحزب “هدى بار”.

خريطة الأصوات الانتخابية في ولاية بدليس

مثال آخر على شلل حزب “هدى بار” هو انتخابات مقاطعة خلاط، وهي مقاطعة فريدة من نوعها عرقياً، وتعرضت لعملية تتريك شديدة منذ إبادة الأرمن عام 1915. وكانت في القرون الوسطى أكبر مركز سكاني للأرمن. التقديرات الحالية التي رصدها المركز الكردي للدراسات تشير إلى غالبية أذرية موالية للأحزاب الإسلامية والطورانية. وتنحدر من هذه المقاطعة عائلة فتح الله غولن قبل انتقالها إلى حسن قلعة في أرضروم. تضم خلاط 4 قرى متوسطة للشركس واستوطنت فيها نحو 100 عائلة أوكرانية من أصول تركية تحت رعاية الحكومة في العام 2016. مجموع الكرد في خلاط لا يزيد عن 40%، وجميعهم من الكرمانج. وحصد حزب “دم” نسبة 34% من أصوات المقاطعة، هي فعلياً أصوات الكرمانج. الخلاصة أنه في المقاطعات المختلطة، المنقسمة قومياً، لا يستطيع حزب “هدى بار” أن يكون طرفاً، فالممثل الوحيد للكرد الكرمانج بدون منازع هو حزب “دم”، مثل مدينة بدليس، حيث تصل نسبة الكرمانج إلى نحو 45 % في مركز المدينة ونحو 15% من الكرد الزازا السنة، وبقية النسبة (40%) تتوزع على الأتراك والأذريين والعرب والشركس. ونسبة من هؤلاء الكرمانج والزاز أساساً ينسبون أنفسهم إلى “الهاشميين العرب” ويميلون إلى الأحزاب الإسلامية التركية. لقد دافع حزب “دم” عن الحضور الكردي في بدليس وحصد المركز الأول فعلياً بنسبة 37% وفق تقديرات وأرقام حزب “دم” لكن التجاوزات الممنهجة الكبيرة منحت الفوز لحزب العدالة والتنمية بفارق أقل من 200 صوت. أيضاً في بدليس لم تتجاوز نسبة أصوات “هدى بار” 5% ليتكرس موقعه كحزب هامشي غير قادر على قيادة المجتمع السياسي الكردي في أي منطقة فيها استقطاب قومي.
الخلاصة، لا يظهر حزب هدى بار في أي ساحة انتخابية سوى ساحة أصوات الكرمانج! والساحة الوحيدة التي نافس فيها كانت باطمان، حيث حصل على 15% مقابل 66% لحزب “دم”، رغم أن “هدى بار” يعتبر باطمان معقله التاريخي، ومنها نفذ عمليات إرهابية في التسعينيات ضد الحركة القومية الكردية بمؤازرة وتغطية من أجهزة الدولة.

انطلاقاً من نموذج كايابينار، وخريطة الأصوات الانتخابية، فإن “هدى بار” حزب إسلامي في ساحة شعبية محددة، هي ساحة مجتمع “الكرمانج”، وهي ساحة محدودة الفرص بالنسبة لأيديولوجية “هدى بار”، حيث لا فرص تذكر أمامه لسحب الأصوات من حزب الديمقراطية والمساواة، وهو الحزب المركزي في شمال كردستان وكتلة الكرمانج الانتخابية، وبالتالي فإنه بدون فتح حزب “هدى بار” لساحات جديدة لنفسه، سيبقى حزباً صغيراً وقد تكون نتائجه في الانتخابات البلدية هو أقصى ما يستطيع تحقيقه.
قدم “هدى بار” نفسه في بداية التأسيس، كحزب إسلامي متجاوز للشبكات الاجتماعية التقليدية، ومنها شبكات القرابة القائمة على العشيرة والسكن، وأدى ذلك إلى حالة من الجمود أصابت الحزب، وعجز عن خلق شبكات ولاء بديلة. فاتجاه “الفوز بالقلوب” بناء على أيديولوجيا الإسلام السياسي لم يفلح لدى “هدى بار”، رغم دعم سلطة حزب العدالة والتنمية للحزب والتحالف الذي انضم له “هدى بار” في انتخابات 2023 البرلمانية والرئاسية، وبفضل أصوات العدالة والتنمية حصل على أربعة مقاعد برلمانية.
لذلك/ انتقل الحزب إلى تكتيك جديد لا يتماشى مع أيديولوجيته المعلنة، وهو محاولة بناء علاقات عشائرية. مثل عشيرة رامانلي (الكرمانجية). فقد أعلن وجهاء هذه العشيرة في باطمان ونواحيها فك تحالفهم مع حزب العدالة والتنمية والانضمام إلى “هدى بار”. وقد رشح الحزب أحد شخصيات العشيرة للمنافسة على بلدية باطمان، وحصل فيها على 15% من الأصوات.
لكن هناك تساؤلات عديدة عما إذا كان تأطير “هدى بار” لساحته الانتخابية وحصرها عملياً في “الكرمانج” تكتيك متفق عليه مع “الدولة – السلطة” لمنافسة “حزب الشعوب الديمقراطي في السابق (منذ 2014) و حزب “دم” في الوقت الحالي في الساحة الكردية. وهو سؤال يترك أسئلة أخرى حول سبب عدم تغيير “هدى بار” خطابه السياسي ليصبح حزباً عاماً يستقطب الأصوات الإسلامية في كل ساحات تركيا، سواء الكرد أو الترك أو غيرهما من الشعوب، وسبب إصراره على البقاء في ساحة “الكرمانج”. ويترك هذا الدور شكوكاً عما إذا كان دعم الدولة للحزب مشروط بنشاطه فقط خارج ساحة الإسلاميين العامة، بما يعني أن خطاب “هدى بار” الموجه للكرد فقط هو التزام بهذا التفاهم الضمني بأن لا يكون حزباً إسلامياً ديمقراطياً، بل فقط حزب إسلامي كردي- كرمانجي.

وقد ثبت عملياً أن “هدى بار” عاجز عن المنافسة في ساحة أصوات الكرمانج، والتغير الوحيد الذي طرأ على خريطة الأصوات هو تقليله الأصوات الكردية المؤيدة لحزب العدالة والتنمية، خاصة في دياربكر، ونال فيها نحو 53 ألف صوت. ولدى مقارنة مع الجولات الانتخابية السابقة، يتضح أن هذه الأصوات جاءت من “الكرمانج” الذين كانوا يصوتون لحزب العدالة والتنمية ثم غيّر غالبيتهم اتجاههم السياسي بعد الاحتلال التركي لعفرين في 2018.
في كل الأحوال، ستبقى الأحزاب التركية لها حصة في خريطة الانتخابات في الولايات الكردية عن طريق التجمعات السكانية غير الكردية (العرب والتركمان والآذر والشركس والتات)، وهم نسبة مؤثرة تتجاوز في بعض الولايات 35 % (بدليس وآغري وقارس وموش وماردين وبدليس ورُها)، وبعض المقاطعات في هذه الولايات تخلو من الكرد. ولا يبقى لحزب “هدى بار” سوى العمل ليكون الحزب الثالث في شمال كردستان، وهو أقصى ما قد ينجح فيه، أي بعد حزب “دم” وحزب العدالة والتنمية أو أي حزب حاكم يحل محل العدالة والتنمية وينال أصوات المجموعات غير الكردية في الولايات الكردية.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد