المركز الكردي للدراسات يناقش المواجهات الأميركية-الإيرانية

قدم المركز الكردي للدراسات في العاشر من الشهر الجاري ندوة حملت عنوان (إيران وأميركا: مواجهات تشعل المنطقة)، للوقوف على التداعيات التي يمكن أن تحدث في الفترة القادمة. واستضافت الندوة التي أدارها الزميل الباحث في المركز شورش درويش، عبر تطبيق زووم، كلاً من الدكتور غابرييل صوما، وهو بروفيسور في القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق دونالد ترامب، والدكتور جمال عبد الجواد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
بدأت الندوة بالسؤال عن طبيعة المواجهات بين الولايات المتحدة وإيران والتي بدأت بعد 7 أكتوبر، وإلى أين تتجه هذه المواجهات، خاصة أن إيران قصفت عدة مواقع تابعة للقوات الأميركية في الشرق الأوسط خلال يوم واحد الشهر الماضي. وقد بيّن د. جمال عبد الجواد أن ما شهدناه كان “ذروة مقصودة من إيران في المنطقة بحيث الرسالة تصل إلى الجميع بأن يمتلكون القدرة بأن يصلوا إلى كل المناطق الهامة خلال فترة زمنية قصيرة، والرسالة وصلت لدرجة أن أميركا قامت بالرد عليها”.
ورأى مستشار مركز الأهرام أن إيران ليست في وارد المزيد من التصعيد أو المواجهة المباشرة في هذه الفترة، فهي “ماهرة جداً في تسجيل النقاط وتوظيف الأذرع لتغيير سلوك الأطراف الأخرى في المنطقة”. ولكن لا توجد تصورات “أننا سنشهد تكرار الحدث في الفترات القريبة القادمة، فإيران تعرف الالتزام بقواعد الحفاظ على التوازن”.
وأشار د. عبد الجواد أن هناك متغير غير متوقع أحداثه وهو غزة، ولكن إيران لا ترى نفسها معنية بمصير أهل غزة، وما يحدث في غزة يسهّل التوسع الإيراني وتحقيق أهدافها. وأن الرواية التي تقول بأن الأذرع الإيرانية تتصرف بشكل فردي ليست معقولة، فهي لا تملك سياستها الخاصة بها، ولفت النظر أن حماس ليست تابعة لإيران ولكن حزب الله يعتبر “الحالة المثالية لتبعية إيران”. وإيران تملك مستويات مختلفة للسيطرة على الإرادة السياسية لأذرعها.
وعند السؤال عن حادثة معسكر البرج 22 والهجوم الذي شنته كتائب حزب الله، وأن الرد الأمريكي جاء متأخراً وانقسمت الآراء في الكونغرس الأميركي، وعن كيفية قراءة الوضع في أميركا ما إذا كانت ذاهبة باتجاه الوصول إلى ما يسمى بــ”عقيدة بايدن” بما يخص التعامل مع إيران، أو عقيدة شرق أوسطية جديدة، بيّن د. غابرييل صوما أن سياسة بايدن شبيهة بسياسة أوباما الذي كان يكنّ الكراهية للدول العربية وكان يهدف إلى علاقات مميزة مع إيران ويريد أن يعطي إيران دور أكبر لقيادة الشرق الأوسط.
ولفت د. صوما النظر إلى أن بايدن أراد أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات بشأن الملف النووي، وقرر وقف بيع طائرات F35 إلى الإمارات ورفع الحوثيين من لائحة الإرهاب. وكأنه يريد أن يتعامل مع إيران معاملة حسنة. على عكس الرئيس السابق دونالد ترامب الذي قام باتباع سياسة ترمي إلى إفقار إيران وتجريدها اقتصادياً، وقد نجح في ذلك نجاحاً كبيراً حتى وصل إلى حد القضاء على قاسم سليماني وكان اسماء أخرى على قائمة التصفيات إن اضطر الأمر. كما أشار د. صوما في معرض حديثه إلى أن إيران كانت “تخشى أميركا أثناء ولاية ترامب. حتى أن علاقات أميركا مع الصين وروسيا وحتى كوريا الشمالية كانت علاقات جيدة، وأن الوضع تغير عندما قام بايدن بسحب القوات الأميركية من أفغانستان بطريقة غوغائية، واتبع السياسات الخاطئة تجاه الدول الكبرى ودول الشرق الأوسط”.
ورأى عضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق ترامب أن الأذرع الإيرانية وكذلك حماس أخذت الجرأة من ردود أفعال بايدن الضعيفة، وأكد أن إيران هدفها الأساسي هو إخراج القوات الأميركية من الشرق الأوسط، لكي تتمكن من الهيمنة الكاملة وبصورة خاصة على دول الخليج العربي لتصبح دولة عظمى وتقضي على إسرائيل. واعتبر ذلك “خطراً على جميع شعوب المنطقة بما فيها شمال وشرق سوريا وإقليم كردستان العراق”.
وعند السؤال عن إمكانية الحديث على قدرة إيران على ممارسة الشغب في المنطقة، وبالتالي قطع الطريق على أي تسوية محتملة بين فلسطين وإسرائيل. رأى د. عبد الجواد أن الهدف الأمريكي المباشر هو ترتيب أوضاع إقليمية تضم دول الخليج وإسرائيل تحت مظلة أمريكية، وتأمين قدرات نووية للمملكة العربية السعودية، واعتبر أن ذلك مشروط بتوفر عنصر سياسي يمثل المشروع الكبير بشأن “حل الدولتين”، وأن هناك توجه سعودي باتجاه ذلك، وذلك لوجود مخاوف سعودية وإسرائيلية من تحول إيران إلى دولة نووية مسيطرة على المنطقة، وأنه لا بد من الوقوف في صف واحد في وجه التهديد الإيراني. وأشار أنه لا يتصور أن إيران تستطيع منع التكاتف السعودي الإسرائيلي مع بعض دول الخليج الأخرى. وأنه من الواضح أن السعودية طورت سياستها إلى درجة أنها لا تهتم بمن يفوز بالانتخابات الأميركية وتستطيع أن تناور أميركا لتحصل على التقارب المطلوب.
وتساءل الزميل شورش درويش عن الخيارات في الانتخابات الأميركية القادمة، وإذا افترضنا أن جو بايدن فاز مرة أخرى، فهل سيطور الديمقراطيون نهجاً أكثر وضوحاً لردع إيران؟ أما في حال فاز الرئيس السابق دونالد ترامب، هل سيتوجه إلى تعزيز سياسات الانسحاب من الشرق الأوسط وخاصة سوريا والعراق؟
وفي معرض إجابته، أكد د. صوما أن سياسة بايدن ترمي إلى زيادة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. وأنه إن بقي بايدن في رئاسة الولايات المتحدة، ستتمكن إيران من إنتاج الطاقة النووية بكل تأكيد، وسيكون ذلك بمثابة دمار شامل لدول الشرق الأوسط وتهديداً للدول المجاورة. فبحسب د. صوما أن إيران تعتقد أن الدول العربية مع جيوشها هي صنيعة الغرب، وقد قامت بزرع وكلائها في كل مكان في الشرق الأوسط للسيطرة، حتى أصبح رؤساء العديد من الدول تأتمر بأوامر إيرانية وخاصة العراق وسوريا ولبنان واليمن. وأن إيران سوف تفعل نفس الشيء مع دول الخليج وغيرها في المنطقة حين تسنح لها الفرصة. ويعتقد أنه إذا وصل ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض سوف يبدأ بمنع تصدير النفط الإيراني وشل الاقتصاد الإيراني.
وفي الحديث عن إمكانية تطور المواجهات إلى الحرب المباشرة، استبعد د. عبد الجواد ذلك وأكّد أن الحرب المباشرة والمفتوحة تحتاج إلى تطورات عديدة ودرجات أكبر من التصعيد ما زالت بعيدة، “فكل طرف يرسل رسائل إلى الطرف الآخر ويدعوها إلى التأني في اتخاذ مواقف حادة، لكنه لم يستبعد انتشار نطاق الصراع وزيادة مستوى العنف”. مشيراً أن كل الأطراف “لها مصلحة أن يبقى هذا الصراع مضبوطاً بما في ذلك الصين التي ليس من مصلحتها إخراج أميركا من الشرق الأوسط، لرغبتها في الحصول على حرية الملاحة في البحر الأحمر بتسهيلات أميركية”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد