مايكل روبين
هز هجومٌ إرهابي اسطنبول الأحد الماضي أسفر عن مقتل ستة على الأقل وإصابة العشرات. يُظهر مقطع فيديو امرأةً ترمي حقيبةً في شارع تسوقٍ مزدحم للمشاة قبل دقيقة أو دقيقتين من الانفجار. لا يوجد أي مبررٍ لمثل هذا الإرهاب، ومن ارتكبه ينزع الشرعية عن قضيته مهما كانت. كما أنه من الضروري محاسبة المسؤولين. لكن يبقى السؤال هو كيف سيتم تحديد المسؤول عن هذا العمل الإرهابي؟
غالباً ما يتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معارضيه بالإرهاب بدليلٍ ضعيف أو حتى من دون أدلة. في عام 2013، على سبيل المثال، اتهم المتظاهرين البيئيين المستائين من خطط التسيير الذاتي لتمهيد مساحة خضراء في حديقة «غيزي» بالإرهاب. بعد هذه الحادثة بعاميين، قتل تنظيم داعش أكثر من 100 شخصٍ وسط أنقرة. حاول أردوغان توجيه أصابع الاتهام إلى الكرد، لكن المعلومات التي تلت الحادثة أشارت إلى مسؤولية التنظيم. المخزي في الأمر أن والدة المفجر حاولت تسليم ابنها، لكن الشرطة التركية رفضت قبول معلوماتها لأن أردوغان لم يعتبر «داعش» جماعةً إرهابية.
بعد الخلاف بين أردوغان وحليفه السابق فتح الله غولن قبل عشرة أعوام، بدأ مساعدو غولن داخل الأجهزة الأمنية في تسريب أدلةٍ على فساد أردوغان، بما في ذلك المكالمات الهاتفية المزعومة التي تظهر أردوغان وابنه بلال يناقشان مكان وكيفية إخفاء الأموال. في أعقاب ذلك، أعاد أردوغان صياغة أتباع غولن على أنهم أعضاء في جماعة إرهابية، ثم ما لبث أن اتهمهم لاحقاً بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016. تشابهت تلك الحادثة إلى حدٍ كبير مع حادثة حريق «الرايخستاغ»، حينما شنّ الزعيم النازي أدولف هتلر حملةً على معارضيه في الجيش والحكومة.
يحتاج أردوغان إلى تشتيت الانتباه بعد ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 85 في المئة وتراجع العملة التركية. وقد يلقي باللوم على أتباع غولن كما فعل عندما اغتال أحد أتباعه المتشددين السفير الروسي لدى أنقرة. أو بسبب هوسه بالحكم الذاتي الكردي، قد يسعى أيضاً إلى وصف الكرد السوريين بأنهم إرهابيون، من خلال ربط الانتحاري بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. كما أنه من الممكن أن يعمل على استغلال الدم المراق واتهام الكرد لابتزاز تنازلاتٍ من السويد. في الواقع ، في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عرضت الشرطة التركية مواطنة سوريةً اتهمتها بالعمالة بناءً على أوامر من الكرد السوريين. ولم لا؟ قد يشير إلى أن المشتبه به (أو كبش الفداء) هو كردي سوري من جماعة غولن له صلات بكل من يهود العالم والكماليين من حزب الشعب الجمهوري.
لم يكن أردوغان أول من استخدم الإرهاب لمثل هذه الأغراض التي تصب في صالح سلطته، إذ فعلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما كان رئيساً للوزراء من خلال قصفٍ شيشاني مزعوم لمجمعٍ سكني في موسكو، في وقت يعتقد العديد من المحللين اليوم أن بوتين نفسه كان وراء الهجوم.
من المؤكد أن أردوغان سيوجه أصابع الاتهام إلى هذا وذاك. لكن إذا كان يسعى حقاً إلى الحصول على دعم المجتمع الدولي، عليه أن يسمح له بالتحقيق بشكلٍ مستقل. ببساطة، يفتقر أردوغان ووزارة الداخلية إلى المصداقية لدى حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي لأخذ ما يصدر عنه وعن وزارته على محمل الجد. وإذا لم يكن لدى أردوغان ما يخفيه، عليه ألا يرفض فرصة أن يؤكد شريكٌ في الخارج صحة تحقيقاته بشأن الحادثة.
من الضروري إدانة الإرهاب في اسطنبول. يستحق الأتراك مثل غيرهم من الشعوب الأمن والأمان. يجب أن يكون المدنيون العاديون قادرين على التنزه في الشوارع والتسوق وزيارة المقاهي من دون خوف من العنف والقتل. على المجتمع الدولي والأتراك محاسبة المسؤولين عن هذا العمل الإرهابي أينما كانوا، سواءً في صحارى سوريا أو الأحياء الفقيرة في اسطنبول أو جبال العراق أو القصر الرئاسي في أنقرة.