طاقم المونيتور
أعربت الولايات المتحدة وبعض حلفائها المقربين من الغرب نية روسيا غزو أوكرانيا خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي حال نشوب الحرب ، ستكون تداعياتها كارثيّة على أوروبا الشرقية وستثير اضطرابات لم تشهدها المنطقة منذ ثلاثة عقود، إن لم يكن منذ الحرب العالمية الثانية.
بيد أن نتائج وتداعيات هذه الحرب لن تكون محصورة في أوروبا فقط. فخلال الاسبوع الماضي، أوضح المرشح لمنصب قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط للمشرعين أن الغزو الروسي لأوكرانيا من المرجّح أن يكون له مضاعفات في سوريا، حيث يدعم الجنود الروس والأمريكيون والأتراك وغيرهم من الأطراف الدولية الفاعلة جماعات من الفصائل المحلية تحكمها اتفاقات وقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق، قال الجنرال مايكل كوريلا خلال مداخلة له بمجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي: « في حال أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا، سيعمدون إلى تصدير الأزمة لتشمل سوريا أيضا».
ما الذي يعنيه ذلك: تعمدت القوات الروسية التي تدعم النظام السوري إلى استفزاز القوات الأمريكية وحلفائها الكرد شرقي نهر الفرات خلال السنوات الأخيرة.
تطورت المعارك بين روسيا والولايات المتحدة من حرب إلكترونية إلى حرب مواجهة مباشرة ومهلكة. ففي مطلع عام 2018، لقي المئات من مرتزقة “فاغنر” الروسية إلى جانب القوات السورية غير النظامية حتفهم بضربات جوية أمريكية بتفويض مباشر من البنتاغون بعد محاولتهم الاستيلاء على حقل غاز تسيطر عليه الولايات المتحدة والكرد شرقي البلاد.
يحتفظ كل من الأمريكيين والروس بخط ساخن يعرف باسم ” ألية تفادي الصدام” للحيلولة دون حدوث صدام عسكري في سوريا. وقد أثبتت هذه الألية نجاعتها على مدى السنوات الأخيرة، وقد كانت تتم عبر أعلى المستويات بين رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارك ميلي ونظيره الروسي فاليري غيراسيموف.
ووفقًا لتقرير صادر عن البنتاغون الأسبوع الماضي، فإن القوات الروسية أصبحت أكثر حزما في سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية.
وجاء في التقرير: « أنتهكت روسيا بشكل متكرر ألية تفادي الصدام المبرمة مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لتنسيق التحركات الجوية والبرية في سوريا والتي لم تشهد مثل هذا الزخم مقارنة بفترات سابقة».
وأضاف التقرير « إن معظم هذه الصدامات حصلت على الأرض بيد أنها لم تشكل خطرا على قوات التحالف الدولي».
يعتبر نهر الفرات فاصلا بين القوتين، حيث استغلت روسيا قرار الرئيس الأمريكي السابق ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا عام ٢٠١٩ للتقدم ولكنه سرعان ما تدارك الموقف وألغى القرار. وعلى الرغم من ذلك، يرى الساسة الأمريكيون أن القوات الأمريكية والتي يبلغ تعدادها ٩٠٠ عسكريا في سوريا تعتبر الأضعف مقارنة بانتشارها بأماكن أخرى في المنطقة.
علاوة على ذلك، تعرضت القوات الأمريكية لمضايقات من قبل القوات السورية في السنوات الأخيرة، على الرغم من حرص التحالف بقيادة الولايات المتحدة عدم المرور من النقاط العسكرية التابعة للنظام.
تطورات لافتة
في الوقت الذي لاتزال فيه الولايات المتحدة تسيطر على المجال الجوي في شمال شرق سوريا إلا أنه خلال الأسبوع الماضي ارتفعت وتيرة إستفزاز المقاتلات الروسية لنظيراتها الأمريكية في تلك المنطقة.
في نهاية الأسبوع الماضي، أجرت طائرة تابعة للبحرية الأمريكية من طراز ” بوينغ بي 8 بوسيدون” ثلاث مكالمات منفصلة تحذيرية مع مقاتلات روسية فوق البحر الأبيض المتوسط اقتربت منها، والتي وصفها مسؤولون بالبنتاغون بأنها “غير مهنية”. وبحسب المصادر، فقد اقتربت مقاتلة روسية ” سوخوي ٣٥” على بُعد خمسة أقدام من طائرة تابعة للبحرية الأمريكية. وتعتبر هذه المواجهة هي الأولى من نوعها التي يتم الإبلاغ عنها في المنطقة منذ عامين.
أما بالنسبة لأوكرانيا، فقد استبعدت الولايات المتحدة التدخل العسكري المباشر لصالح كييف، بيد أنها استمرت في إرسال قوات إضافية لدعم دول حلف شمال الأطلسي في أوروبا.
وصفت روسيا واشنطن بالمخادعة، وردا منها على نشر الولايات المتحدة لقاذفات ” بي ٥٢” النووية في أوروبا الشرقية عمدت بدورها لنشر قاذفاتها جنوبًا باتجاه البحر الأبيض المتوسط . ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، تم نشر قاذفات بعيدة المدى من طراز ” توبوليف تو-22″ و ” ميغ ٣١ كي” التي تحمل صواريخ “كينجال” فرط الصوتية المتطورة في قاعدة حميميم، على الساحل الشمالي الغربي لسوريا.
وخلال الأسبوع الماضي زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو سوريا تزامنا مع اجراء مناورات بحرية روسية في البحر المتوسط.
أهميّة سوريا
استطاعت روسيا بعد تدخلها لحماية نظام الأسد عام 2015 من وضع موطئ قدم إستراتيجي لها على البحر الأبيض المتوسط ، حيث تمكنت موسكو من نشر المرتزقة في ليبيا و في الدول الأفريقية جنوب الصحراء ، مما مثّل تحديا استراتيجيا للولايات المتحدة خارج أوروبا.
وللخوض في غمار هذا الموضوع : راجع تحليل الكاتب الروسي كيريل سيمينوف حول التجربة العسكرية الروسية في سوريا و انعكاساتها على الوضع المتوتر في أوروبا.
المصدر: المونيتور
ترجمة: المركز الكردي للدراسات