روسنفيلد جيسي
علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع المحاربين الأكراد غير رسمية، لكنها جيدة مع قوات حزب العمال الكردستاني. ماتاراـ العراق: “تم التنسيق فيما بين العاملين في الجيش الأمريكي و حزب العمال الكردستاني (PKK) على خطوط الجبهة الساخنة الدائرة ما بين المقاتلين الأكراد وعناصر تنظيم “داعش” خارج مدينة كركوك في شمال العراق”. ووفقا لقائد محلي: فإن “هذه المجموعات المسلحة لا تزال على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لدى وزارة الخارجية الأمريكية”.
وقد أمر القائد الميداني “عكيد كلاري” في ديسمبر/كانون الثاني وحدة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني من أصل 30 وحدة، بالتمركز على بعد حوالي 500 متر من خط النار.ويدعّي “عكيد” إنه التقى بأفراد من الجيش الأمريكي الذين كانوا برفقة قادة من إقليم كردستان العراق، وبحسب ما قاله “عكيد” فإن جنود البيشمركة لديهم دعم أمريكي قوي، ولكن التنسيق فيما بينهم وبين الأمريكان ليس بالضرورة أن يكون مكشوفا: ” لا يوجد بيننا وبين الأمريكيين اتفاق رسمي، لكننا نتبادل المعلومات، وهم يخبروننا بما يحتاجون إليه”. ويجري تقاسم التحصينات بين حزب العمال الكردستاني الذي اتخذ من ضفة نهر الزاب الصغير مكانا له، وبين وحدة من الجنود الأكراد في الجيش العراقي الذي نصب قناصيه لاصطياد مقاتلي “داعش” على خط النار، وتسمية “داعش” هي اختصار ل(الدولة الإسلامية في العراق والشام ).
هذه الجبهة الساخنة في مواجهة “داعش” تضم كل من وحدات البيشمركة الكردية، قوات حزب العمال الكردستاني، إلى جانب الجيش العراقي والميليشيات الشيعية، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم الدعم اللوجستي والضربات الجوية للحفاظ على أغنى مناطق شمال العراق بالنفط، وتخليصها من براثن الجهاديين.في حين يؤكد الجيش الأمريكي بأنه يوفر الدعم الاستشاري لجميع قوات الأمن الكردية من خلال مركز العمليات المشتركة في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ما تزال على موقفها على مواصلة وضع حزب العمال الكردستاني على قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية”. لكن المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية (Mark Blackington) لم ينف بشكل قاطع أنه كان هناك تنسيق بينهم وبين مقاتلي حزب العمال الكردستاني في العراق، وعندما وصف (كالاري) هذه العلاقة بأنها “تعاون”، فقد وصفه (Mark Blackington) بأنه “تشويه لصورة أمريكا”.في صيف 2014 دخلت قوات حزب العمال الكردستاني غلى العراق لتعزيز قدرات القوات الكردية التي كانت تعمل على صد قوات تنظيم “داعش”.
من كركوك الى جبال سنجار كانت التكتيكات بالأسلحة الخفيفة، وكان هناك كر وفر، فكان تجهيز المقاتلين ضروري لوقف الزحف الدموي الطائفي للأصوليين اللذين ارتكبوا الفظائع، وتركوا في أعقابهم مقابر جماعية للمدنيين.من تجربة القتال في الجبال ضد الجيش التركي أخذ مقاتلي حزب العمال الكردستاني قوة أعطته ميزة على مقاتلي “داعش”. يواصل حزب العمال الكردستاني نشاطه الهجومي، فيلعب دورا محوريا في جبهة كركوك، ويدرب المقاتلين الإيزيديين في جبال سنجار، وفي نفس الوقت يوفر لهم الأمان ويقوم بتحرير أراضيهم هناك.
(كالاري) ومقاتليه عبروا الحدود إلى العراق من المنطقة الحدودية الجبلية بين إيران وتركيا في يوليو\تموز الماضي، ويقول في هذا الموضوع: “إن اسلوب قواته، أي الحرب غير النظامية،هو الأكثر فاعلية ضد الجهاديين، وهذه الحرب تأتي من خبرة قد اكتسبوها من القتال ضد الجيش التركي، والتي أعطتهم قوة ميزتهم عن مقاتلي “داعش”. مقاتلو حزب العمال الكردستاني يرتدون الزي الأخضر الزيتوني، ويحتمون بتحصينات من أكياس الرمل، وبنادق الكلاشنكوف لا تفارقهم استعدادا لأي تحرك للعدو، فهم يقاتلون حتى خارج اسوار قواعدهم في مناوبات دورية، والرشقات النارية المعادية تحاصرهم من جميع الجهات.
وهو يستريح على بعد 16 ميلا من الجبهة في فراشه في زاوية الثكنة، شعر (كالاري) بالأسى وهو يرى العلم الأصفر يرفرف وعلى وجه العلم تظهر ملامح الزعيم المسجون عبد الله أوجلان: “نحن نقاتل من اجل حريتنا، وهم يرون أن التواصل معنا عمل خاطئ لأنهم يصفوننا بالإرهابيين”. ويقول المقاتل الذي غزا الشيب رأسه، والذي تحدث عن تقدم “داعش” شاكيا: ” إننا نواجه العدو الأكبر للعالم اجمع، ووصفنا بالإرهاب يعيق حصولنا على السلاح والمعدات اللازمة لمواجه العدو ويجعل مهمتنا اكثر صعوبة”.
وحدات حماية الشعب(YPG)، وهي منظمة شقيقة لحزب العمال الكردستاني، متواجدة على الأراضي السورية، استفادت العام الماضي من دعم الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك من الغارات الجوية خلال معركة صعبة في كوباني. تلقى (YPG) الأسلحة الأمريكية، ولكن (كلاري) يقول: “إن لم تقدم الولايات المتحدة دعما مماثلا لحزب العمال الكردستاني، فإنها تقع في أعمال متناقضة”. قرارات الولايات المتحدة الأمريكية تستند إلى المصالح والمنافع، حيث أنها ترى مقاتلي حزب العمال الكردستاني عدوا بدلا من أن تراهم في المستقبل شريكا محتملا لها.
بغض النظر عن دور حزب العمال الكردستاني في العراق، فإن العلاقات الأمريكية مع المنظمة التي مقرها تركيا ستكون صعبة، طالما أن أنقرة، وهي حليف رئيسي وعضو في حلف الشمال الأطلسي تحظر هذه المنظمة. حيث يواصل اوجلان الإقامة في سجون تركيا، وتواصل مجموعاته استهداف الجيش التركي و”المدنيين الأتراك”. التمرد الكردي الذي استمر 29 عاما، كافح لأجل حق تقرير المصير السياسي والثقافي للكرد، وشهد الكرد وحشية القمع العسكري التركي في جنوب شرق البلاد، حيث يقاتل المسلحون الكرد في الجبال، ونفذ المتمردون تفجيرات واغتيالات في جميع أنحاء البلاد.
بينما تم تأجيل الحملة المسلحة في تركيا التي بدأت العام الماضي، لكن تبقى الأهداف السياسية لحزب العمال الكردستاني وتطبيق دعواته للسيطرة على المجتمعات المحلية الكردية في العراق وسوريا وإيران أيضا. ولكن لا يزال الطريق طويلا أمامها.على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها الولايات المتحدة لحماية مصالح شريك عضو في حلف الشمال الأطلسي، فإن الضغوط تتزايد من طرف حزب العمال الكردستاني على أربيل، وتساند الولايات المتحدة الأمريكية قوات البيشمركة التابعة لحكومة الإقليم للعمل معا بشكل افضل.
الحقيقة أن مختلف القوات الكردية تنسق مع بعضها في ساحات المعارك مع الحفاظ على هياكل قيادية منفصلة. تقول نيلوفر كوج الرئيس المشترك للمؤتمر الوطني الكردستاني، في أربيل اثناء شرب اكواب من الشاي المحلاة بالسكر ل (The Daily Beast): ” نحن بحاجة إلى قيادة مشتركة بين قوات البيشمركة ومقاتلي حزب العمال الكردستاني”.
والمؤتمر الوطني الكردستاني يعتبر مظلة جامعة للكرد في سوريا، تركيا، إيران، والعراق, وهذه المنظمة تحظى بدعم حزب العمال الكردستاني.وتتابع نيلوفر كوج انه مع وجود تنظيم “داعش ” يجب إعادة تشكيل حدود الشرق الأوسط، وعلى القوات الكردية عبور الحدود السورية التركية لصد هجوم هذا التنظيم.
يجب إعادة رسم خريطة للمنطقة، ودمج جميع القوى الكردية معا لتحقيق النصر على هذا التنظيم.حتى الآن لا تزال العلاقة معدومة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، التناقض الواقع في السياسة الأمريكية الرسمية والعمل الجاري على الأرض من المتوقع أن تستمر، مما يتيح الفرصة للجهاديين لاستغلال هذا الانقسام على الأرض.
* صحيفة (the daily beast) الأميركية. الترجمة: رويا معو.
ترجمة: المركز الكردي للدراسات