مقابلة مع نساء خاضوا معارك ضد “داعش”!

نيوشا تافاكوليان

وشاح ملون هو كل ما بقي من جثة “جيجك” الفتاة الكردية التي كانت تبلغ من العمر سبعة عشر عاما، والتي ماتت في مدينة كوباني المحاصرة، حيث لم يستطع المواطنون انتشال جثتها. كانت “جيجك” واحدة من بين مئات الفتيات المقاتلات اللواتي قاتلن “داعش” في صفوف وحدات حماية المرأة (YPJ)، والذي يعتبر فرعا من فروع حزب العمال الكردستاني، الذي حارب الدولة التركية على مدى سنين من اجل الحصول على الاستقلال.تخوض منظمة حزب العمال الكردستاني والمجموعات الكردية قتالا ضد “داعش” هذه الأيام.

هذا التنظيم الذي لا يعطي أي اعتبار للمرأة، سيواجه قتالا من قبل مقاتلات مثل “زيلان ديريك” التي تبلغ من العمر 18 سنة، حيث غادرت قريتها الصغيرة الواقعة على الحدود التركية ـ السورية لتنضم لصفوف وحدات حماية المرأة (YPJ) عام 2011 ، والتي قامت بدورها بقتل أحد مقاتلي تنظيم “داعش”، وهتفت بصوت عالي “أريد أن يعرفوا أن كوابيسهم قد أصبحت واقعا، فصديقهم قد قٌتل على يد امرأة”. لكنها ليست فقط معركة ضد “داعش”، فهؤلاء النساء جئن لحماية المجتمع مستندين على رسالة ونداء قائد حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، والذي نادى بالمساواة بين الرجل و المرأة.

هذه الأفكار التحررية انتشرت في الشرق الأوسط بدرجة قوية، حتى أن بعض النساء الريفيات قاموا بالتطوع في صفوف وحدات حماية المرأة. فكما قالت “ساريا زيلان “الفتاة التي تبلغ من العمر 18 عاما: “كانت لدى المرأة في الماضي العديد من الأدوار والمهام في المجتمع، لكن هذه الأدوار سٌلبت منهن، ونحن هنا لنعيد للمرأة دورها ومكانها في المجتمع”.على بعد عدة أميال من معسكر النساء كانت مقبرة جديدة تحفر من قبل الرجال لدفن جثث القتلى، وذلك قبل بزوغ الشمس، حيث كانت أعلام وحدات حماية الشعب (YPG) ترفرف فوق المقبرة، وعلى مسافة ليست بالبعيدة، كان يقع منزل الشهيدة “جيجك”، التي قضت فيه طفولتها مع ثلاث أخوات وأمها، واللواتي جلسن حول صورة المقاتلة الشهيدة.

لم تكن أم “نسيبة” والدة المقاتلة “جيجك” ترغب في أن تنضم ابنتها إلى صفوف (YPJ) حيث كان عمرها لا يتجاوز الثالثة عشر عاما عندما قابلت أحد مقاتلات النسوة في منزل شقيقها، والذي بدء بدوره بالتأثير عليها، إلى ان غادرت المنزل متوجهة إلى جبل قنديل ( القاعدة الأساسية لحزب العمال الكردستاني) في كردستان العراق، لتستشهد، فيما بعد، عن عمر يناهز السابعة عشر عاما. لم تكن “نسيبة” وحدها تنتقد (YPG)، فهناك قلق كبير حول حالات بعض المراهقات الصغار، من اللواتي يغادرن منازلهن بغية الانضمام إلى صفوف المقاتلين، وخاصة اللواتي لا يعدن إلى المنزل أمثال “جيجك”.

لكن “روجين” الأخت الأكبر ل”جيجك، رأت أن طريقة انضمام شقيقتها إلى وحدات حماية المرأة مختلفة، فعند عودتها من قنديل بعد أربع سنوات، كانت شخصيتها مختلفة تماما فحسب قولها “كانت قوية وواثقة من نفسها”.ومع غروب الشمس وحلول الظلام على المدينة، بدأت تظهر اضواء السيارات وبينها شاحنة تسير ببطء عبر البلدة، وتعلوها أصوات الأغاني الثورية الكردية التي تصدر من مكبرات الصوت، حيث كان الشباب والشابات الكرد يسيرون خلف تلك الشاحنة متكاتفين ومتأثرين بتلك الأغاني.

وفي زاوية مظلمة للمنزل، ومع قليل من الضوء الخافت، قامت أخت “جيجك” بالوقوف صامتة وهي تستمع للأناشيد الثورية والأغاني حول كوباني والشهادة، تلك الأغاني التي تحث من بقي على قيد الحياة للاستمرار في مسيرة النضال أو الاستشهاد في سبيل الوطن، كانت “روجين” آخر فتاة تغادر قافلة الحداد التي تتبع الشاحنة وهي مشتتة التفكير.

* مجلة (Time) الأميركية. الترجمة : عبد الرحمن داوود. خاص بالمركز الكردي للدراسات.

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد