فركين ملك أيكوج*
عند تتبع مسيرة التاريخ والنظر في الصفحات السوداء، حيث الإبادات والمذابح والتهجير، نرى بأن المحتلين والغزاة كانوا دائما يستخدمون في حروبهم سلاحا، هو عبارة عن تشكيلات تضم مجموعات إجرامية، وخونة مأجورون، ومرتزقة يعملون لمن يدفع أكثر، وأناس جبلوا على القتل وانتهاك الأعراض وسفك الدماء. التاريخ يحكي لنا بأن المحتلين كانوا يرتكبون مجازرهم أثناء احتلال الأوطان وإبادة الشعوب، عبر هذه الفئات، ويسودون ويحكمون من خلال جرائمها الدموية الوحشية. الكثير من القوى الكبرى الآن، اعتمدت في السابق على مثل هذه الفئات في التوسع والاستحواذ على اراضي وأملاك الغير، أما الشعوب التي وقعت تحت نير الاحتلال والنهب، فهي الآن ضعيفة لا حول لها ولا قوة، ما زالت تعاني من آثار القتل والترويع والاستباحة، مثال الشعب الكردي هنا. فهو مظلوم يعاني الوهن والتقسيم، ويناضل من أجل البقاء في مواجهة قوة مدججة بالسلاح، مستفيدة من صمت العالم.
منذ زمن العثمانيين وحتى وقتنا الحاضر، تمارس هذه المنظومة التي تطلق على نفسها الدولة التركية، المذابح والإبادات والتطهير العرقي والديني ضد المكونات في المنطقة التي تستحوذ عليها. هي اعتادت على القتل والنفي والتشريد كطريقة للتوسع والنمو. هذه الدولة الحالية، والإمبراطورية السابقة، مارست القتل والإبادة مستخدمة عساكر كثيرة من المرتزقة والقتلة والمأجورين. جلبت شذاذ الآفاق، وربتهم على الحقد الديني والقومي، واستخدمتهم في القتل والسبي والنهب. منحت هذه المنظومة لهؤلاء المجرمين أعلى المراتب والامتيازات. عملت من بعضهم، ممن لم يكن أصله وفصله معروفا، قادة ومسؤولين. أغرتهم بالمناصب والأموال والنساء. شكلت فرق الانكشارية، وعساكر البلقان، والفرق الحميدية، من أجل استخدامها في حملات القتل والإبادة والتطهير العرقي في داخل وأطراف الامبراطورية العثمانية. نجمت عن هذه السياسة إبادة ملايين البشر المختلفين بالدين والعرق. شعوب وملل كاملة أبيدت. تركيا الحديثة أقيمت على أرض وأشلاء هذه الشعوب.
وفي زمننا الحاضر، زاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هذه السياسة، فصلا آخرا، وهو استعانته بالجهاديين والفاشيين الإسلاميين في حربه المعلنة ضد الشعب الكردي. لقد جمع أردوغان المرتزقة، والمجرمين، والجهاديين الموتورين، والعنصريين الحاقدين على الشعب الكردي، ممن يريدون قتله ونفيه من تلك الجغرافية، وضمهم كلهم في جيش واحد، أطلق عليه اسم (الجيش الوطني السوري) غرضه فقط قتل الكرد وتهجيرهم وسبيهم والاستيلاء على أموالهم وأرضهم. الآن يتابع العالم كله فصول الحرب التي تشنها تركيا أردوغان عبر هؤلاء المرتزقة المجرمين على الشعب الكردي. لن يستطيع العالم أن يشيح بوجهه أكثر مما فعل. شعوب العالم خائفة على حياتها وأمنها من عشرات الآلآف من الجهاديين الدمويين الذين يدربهم أردوغان، ويهدد بهم العالم كل يوم.
الكماليون أيضا لم يحيدوا عن منهجية العثمانيين في استخدام المجرمين والمرتزقة لصالح سياسة التطهير العرقي والقتل التركية. لكنهم فضلوا الاعتماد على الخونة من بين صفوف الشعوب التي حاربوها. ومن هنا ظهر بعض الخونة من بين صفوف الكرد. أحدهم رافق عصمت إينونو إلى مؤتمر لوزان، وقدم نفسه كممثل للشعب الكردي، ووقع الاتفاقية التي تضمن الولاء للدولة التركية الأحادية الناكرة لحقوق ووجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية كردستان، فأسماء مثل عزيز فوزي برينجزاده ودياب آغا وعلي صائب أورسافاش، قدموا الخدمات للعدو، ومهدوا وشرعنوا له التنكيل بالكرد والسطو على أرضهم ووجودهم. والآن يستخدم “أردوغان” بعض المرتزقة والخونة، ليوهم العالم بأن الحرب ليست ضد الكرد، بل ضد حركة التحرر الكردستانية فقط. هذا فضلا عن مجموعة من المستفيدين والمنتفعين، ومرتزقة القلم والكلمة، والنواب من أصل كردي ضمن حزب أردوغان، وهم كلهم مجندون لخدمة الفاشية الدينية الأردوغانية، وشرعنة هجمات المرتزقة والمجرمين في المعارضة السورية العميلة ضد الشعب الكردي. حتى رئيس المعارضة، كمال كليجدار أوغلو يتحرك ضمن منهجية الإبادة والتوسع التركية، وتستخدمه الدولة العميقة كبيدق، ولكن من جانب علماني هذه المرة، للترويج لسياسة القتل والإبادة والتطهير العرقي ضد الكرد.
الفاشية الأردوغانية هي خليط عجيب من الفاشيتين القومية التركية والإسلامية، فضمن صفوف عسكر “أردوغان”، هناك قطعان الذئاب الرمادية وعناصر تركية قادمة من خارج تركيا، وهنا الجهاديين الدواعش وجماعة القاعدة، وهناك الإخوان المسلمين السوريين، وهناك اللصوص والمرتزقة والمأجورين، الذين ينشدون السلب والنهب.
المطلوب من العالم الآن محاكمة الفاشية الأردوغانية وكف بلائها عن الشعب الكردي. فهذه الفاشية إذ ما تطورت سوف تهدد كل العالم الحر. فرق الجهاديين المسلحين، ومئات الآلاف من الشباب المتطرف الحاقد، من الذين يعتبرون أردوغان سلطانهم، يشكلون خطرا حقيقيا على المنطقة وعموم العالم. يجب لجم الفاشية الأردوغانية، ومعاقبتها والتصدي لها. على العالم عدم منح الفرصة مرة أخرى لهذه الدولة بتكرار مجازر الابادة والقتل والتهجير. عيون ملايين المظلومين ترنو إلى العالم وشعوبه الآن، والأمل في أن تتدخل هذه الشعوب لوقف الجهاديين والفاشيين المجرمين من قتل المزيد من البشر وحرق المدن والقرى ونهب الحقول والممتلكات.
——
*كاتب وروائي كردي.
ترجمة: المركز الكردي للدراسات