قمة بايدن وبوتين.. هل سيكون الملف السوري على طاولة الحوار؟

المونيتور

عندما عقد في تموز/يوليو عام 2018، كلٌّ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اجتماعاً في العاصمة الفنلندية هلسنكي، كان محور الحوار من طرف بوتين تحديداً يدور حول الوضع في سوريا. وقد أخبر ترامب مستشاره الأمن القومي جون بولتون بعد اجتماع استمرّ نحو ساعتين متواصلتين مع نظيره الروسي، وبحضور مترجمين فقط:” بأنه من الواضح أن بوتين يرغب بخروجنا من سوريا”، حسبما ما دون بولتون في مذكراته فيما بعد تحت عنوان ” القاعة التي تم فيها الاجتماع”.

وحينما يجتمع بايدن مع نظيره بوتين في جنيف 15 حزيران/يونيو، من المرجح أن يكون الملف السوري على جدول الاعمال، لكن لن يرتقي ربما إلى مستوى الاجتماع الذي جمع ترامب وبوتين في اجتماع هلسنكي، سيتم التركيز خلال الاجتماع على عدّة قضايا، أهمها، الهجمات الإلكترونية التي طالت البنية التحتية الأمريكية، وحقوق الإنسان وتحشيد روسيا لقوّاتها في أوكرانيا، والعقوبات الأمريكية على روسيا وحتى مستقبل المحادثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني.

وإذا ما تمّ النقاش حول الوضع في سوريا بين بايدن وبوتين في القمة القادمة، سيعمل بايدن على إعادة العمل بمعبر باب الهوى على الحدود التركية السورية، والذي يُعتبرُ الممرّ الوحيد لدخول المساعدات الدولية إلى سوريا التي تُشرف عليها الأمم المتحدة. خاصة أن تفويض مجلس الأمن الدولي للمعبر ينتهي في العاشر من يوليو/ تموز. وبعد امتناع موسكو العام الفائت عن التصويت لإعادة فتح المعبر، تعمل روسيا على ابتزاز المجتمع الدولي لتحقيق مصالحها مقابل السماح بإعادة فتح المعبر، بينما ضاعفت الولايات المتحدة من جهودها في السجال الدائر داخل أروقة مجلس الأمن، في الوقت الذي يندرج معبر باب الهوى ضمن سُلَّمِ أولويات الولايات المتحدة.

وحسب ما ورد في بيان لوزارة الخارجية الأميركية في 19 أيار/مايو في إيسلندا عقب لقاء وزير الخارجية الامريكية أنتوني بلينكن مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إذ شدد بلينكن :” على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري”. وبدورها، أعلنت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، في الثالث من حزيران / يونيو رصد مبلغ 240 مليون دولار كمساعدة لسوريا بعد زيارة للمعبر.

وتأتي زيارة ليندا غرينفيلد في أقل من ثلاثة أسابيع بعد توجه مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، على رأس وفدٍ إلى شمال شرق سوريا. وأكد بيان وزارة الخارجية أن هود شدّد على التزام الولايات المتحدة بالتعاون والتنسيق مع التحالف لدحر تنظيم الدولة الإسلامية، ودعم الجهود الرامية لحلٍّ سياسيٍّ للصراع السوري مع” التأكيد على إعادة العمل بالمعابر لضمان وصول المساعدات إلى سوريا “.

موسكو ” لن ندعم الموقف المنافق”

ارتأت روسيا أنه من الأفضل أن تدخل المساعدات إلى سوريا عن طريق الحكومة السورية، وليس عبر المناطق التي تُسيطر عليها قوات المعارضة، وينبغي على الغرب السعي لوضع حدٍّ للإرهابيين في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

وتُعتبرُ إدلب آخر معاقل الإرهابيين الذين يقاتلون الحكومة السورية، والتي يرزح جزءٌ كبيرٌ منها تحت حكم هيئة تحرير الشام الفرع السوري للقاعدة، والتي صنّفتها كلٌّ من الولايات المتحدة وروسيا ومجلس الأمن، منظمةً إرهابية.

وتخشى هيئة تحرير الشام  من هجوم مباغت للقوات السورية المدعومة من روسيا، في الوقت الذي تتعامل فيه مع جماعات متطرفة معارضة وسط تنامي الاحتقان الشعبي ضدها، جراء فرض دستور إسلامي وحشي واعتباطي. وحسب ما أفاد به سلطان الخاني من إدلب، فأن هيئة تحرير الشام :” شنّت حملة اعتقالات واسعة النطاق ضد مؤيدي الأسد، لكن هدفها أبعد من ذلك بكثير”.

أعرب النائب الأول والممثل الدائم لروسيا، ديمتري بوليانسكي، في كلمة مقتضبة داخل مجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا في 26 أيار/مايو عن مخاوف روسيا موضحاً:” لا ينوي الغرب اتخاذ أيّة خطواتٍ ضد الإرهابيين المتواجدين في إدلب، هم يعتبرون أنّ آلية فتح الحدود هي الحلُّ الوحيد للمشاكل الإنسانية في إدلب، لا نستطيع دعم هكذا موقف منافق، بالطبع، سوف نأخذ ذلك بالحسبان عندما يتم اتخاذ قرار بتجديد آلية فتح الحدود”.

وتدّعي موسكو أنّ إعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد من شأنه إرساء الاستقرار وإضفاء الشرعية للحكومة السورية، في حين وصفت الولايات المتحدة الانتخابات “بالمخزية”، وقد علق مبعوث الامم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون في كلمة مختصرة في مجلس الأمن الدولي في 26 أيار / مايو، :” لم تشرف الأمم المتحدة على هذه الانتخابات”.

في غضون ذلك، وحسب ما أشار محمد حردان، فأن روسيا تعمل على توسعة قاعدة حميميم الجوية في سوريا بمحافظة اللاذقية كجزء من مخططاتها لتعزيز نفوذها في سوريا وشرق المتوسط. وتُشدّد روسيا على ضرورة عودة نحو 5.6 مليون لاجئ سوري و6.7 مليون سوري مهجّرين في الداخل إلى بلدهم ومنازلهم، وهي عملية معقّدة ومحفوفةٌ بالمخاطر نظراً للظروف السياسية والأمنية والاقتصادية المزرية في سوريا.

وحسب ما أكد الناشط خالد الخطيب من سوريا فأن:” مئات المهجّرين السوريين عادوا إلى قُراهم في منطقة اللجاة بمحافظة درعا برعاية القوات الروسية، التي توسّطت مع الحكومة السورية لعودة المهجّرين لمناطقهم التي تقع تحت سيطرة الحكومة”.

خلافات أردوغان مع الولايات المتحدة في سوريا

تبدو المشكلة السورية معقدة، ولا تزال إدارة بايدن تُقدّم الدعم لشريكتها في المقام الأول، قوات سوريا الديمقراطية بهدف مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، كما يدير جناحها السياسي مع المجتمعات المحلية إدارة شمال وشرق سوريا. وتعتبر تركيا متمثّلةً برئيسها، رجب طيب أردوغان، بأن قوات سوريا الديمقراطية تُشكّل تهديداً لأمنها القومي أكثر من تنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة.

بموازاة ذلك، ترفض روسيا فكرة إقامة منطقة تتمتع بحكمٍ شبه ذاتي في منطقة النفوذ الأمريكي، لأن ذلك من شأنه تقويض السيادة السورية، وفي 26 أيار / مايو، حيث صرّح متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية:” يسعى البنتاغون ليكون له موطئ قدمٍ في سوريا بشكلٍ غير شرعي تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وأنّ ذلك لن يساعد استقرار المنطقة، وللأمريكيين أجنداتهم الخاصة هناك، بما في ذلك امتلاك موارد النفط والغاز “.

واماطت الصحفية عمبرين زمان مؤخراً، اللثامَ عن القضية التي تتضمّن عدم تجديد إدارة بايدن للاستثناء الذي مُنحَ لشركة دلتا كريسنت إنرجي ” Delta Crescent Energy” الأمريكية العام الفائت لإنتاج وبيع النفط في المنطقة الكردية السورية.

ويتعارض موقف تركيا من حليفتها بالناتو، الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالكرد، وحسب ما ذكرت عمبرين زمان في تقريرها التي نشرت في المونيتور في وقت سابق، فأن شركة دلتا كريسنت إنرجي:” عمّقت المخاوف التركية حول سعي الولايات المتحدة لتشكيل دويلة كرديّة، والتي ستضمُّ أجزاءً واسعة من المناطق ذات الغالبيّة الكردية جنوبي البلاد في تركيا”. سيما أنّ هذه الدعاية التي تنشرها الدولة التركية تستند على ذرائع من قبيل بأن :” قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية اللذان يُدارانِ من قبل أشخاصٍ كانوا سابقاً جزءً من حزب العُمّال الكُردستاني”.

عندما يجتمع بايدن مع أردوغان في بروكسل في 14 حزيران/يونيو على هامش قمة الناتو، سيكون الوضع السوري في سلّم أولوية جدول أعماله. ففي اجتماعٍ جمع بين المتحدث الرسمي باسم الرئيسي التركي إبراهيم كالن مع نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان في أنقرة في 29 أيار/مايو تمهيداً للمحادثات التحضيرية للاجتماع الذي سيجري بين بايدن ونظيره التركي، قام كالن بإدراج مخاوف تركيا حيال حزب الاتحاد الديمقراطي القريب من قوات سوريا الديمقراطية من جهة، وجماعة الداعية التركية فتح الله غولن الذي يقيم في الولايات المتحدة من جهة أخرى، حيث تتهم حكومة أردوغان الاخيرة، بضلوعها في محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016.

وكتب متين غوركان في مقالة تحليلية حول المخاطر الناجمة عن القمة التي سيعقدها أردوغان مع بايدن، حيث أشار:” سيكون اجتماع مضطرب ومصيري “. لافتاً في الوقت نفسه:” بقي أردوغان متأرجحاً بين الحاجة إلى إعادة علاقاته المتوترة مع واشنطن أو التماشي مع مصلحة بلاده، والتي تشهد عداءً متزايداً ضد الولايات المتحدة، لكنه هو من يتحمل إثارة هذه المشاكل بصورة واضحة”.

المأساة السورية

وأشار المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، في كلمته المختصرة أمام مجلس الأمن الدولي في الشهر المنصرم، حول تطورات الوضع السوري، قائلاً: ” إنها لمفارقةٌ مأساوية بأن هذه الفترة من الهدوء النسبي مقارنة بأعوام الصراع السابقة، هي أيضاً مرحلة حرجة للمعاناة الإنسانية المتنامية والهائلة التي يواجهها السوريون”.

مع تعثُّر العملية السياسية والوضع الصحي والإنساني المُزري، وكذلك نقص الخبز، حسب ما أفاد به خالد الخطيب من حلب، فأن بيدرسون شدد بقوله: ” إن لم نستغلّ هذه المرحلة فإن مخاطر جسيمة ستترتب على ذلك، سوريا بحاجة لتظافر الجهود الحثيثة، وبناءً على هذه الآلية نستطيع الاستمرار في هذا المنحى”. كما قال في كانون الثاني/ يناير في ذات السياق :” لا نستطيع التقدم في هذا الملف أيّة خطوةٍ إذا بقي الوضع على ما هو عليه “.

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد