ملامح من تاريخ غرب كردستان

خرزي خرزان

تعد منطقة مزوبوتاميا مهد الحضارات وفق ما تثبته أحدث الدراسات والتنقيبات الأثرية. فالعصر الحجري للبشرية انطلق من هذه المنطقة التي تسمى أيضاً “الهلال الذهبي”، وفيها تم تدجين الحيوانات لأول مرة وبدأت الزراعة وتأسست أولى القرى البشرية في التاريخ . وفي السنوات الأخيرة ومع الاكتشافات الفريدة في معبد خراب رشك (Göbeklitepe)، نستطيع القول أن تاريخ الأديان، وعبادة الآلهة والمعتقدات الدينية الأولى قبل 11 ألف سنة أيضاً بدأت على يد سكان الهلال الذهبي.

كما أن حضارة “حَلَف” والتي هي أساس المدنية والتراث اللذيْن بناهما سكان هذه المنطقة، تأسّست في مركز منطقة الهلال الذهبي، أو غرب كردستان، و من هذه المنطقة انتشرت في عموم منطقة مزوبوتاميا، وتعرف منطقة الهلال الذهبي بخصوصية تميزها، ففيها عرفت البشرية، وللمرة الأولى، التنظيم، وبناء المجتمعات.

معابد خراب رشك في مدينة “رها” و حضارة حلف في “تل حلف” بريف مدينة سري كانيه (رأس العين) كلّها تشير إلى أن مهد الحضارة ومركزها في منطقة الهلال الذهبي قد انطلقت من غرب كردستان، وأيضاً الضفتين الشماليتين من نهري دجلة والفرات. والحفريات والاكتشافات الأخيرة تؤكد صحة ذلك.

بعد العصر الحجري ومرحلة حضارة “حلف” في مزوبوتاميا العليا (كردستان) في الألفية الرابعة بدأت مرحلة جديدة من قبل الخورديين (أو كما يعرف باللغات الحديثة الهوريين) وهم يعرفون بالكرد الأوائل “أجداد الكرد”.

ولا يجب تعريف الخورديين كعشيرة أو قومية، أو دولة، بل كاسم لتجمع بشري منظم أو حضارة، لذا، قاموا ببناء العشرات من التجمعات البشرية المنظمة والإدارات المدنية والإمارات، كبيرة أم صغيرة، وتم تأكيد أن القوميات التي عاشت في جبال طوروس وزاغروس بقيت تحت تأثير ثقافة الخورديين وحتى الآن فإن لغة وحضارة الخورديين ماتزال حية بين ثقافات هذه الشعوب والأقوام.

الكتّاب المعروفون يربطون اسم الخوردييين باللغة السومرية، خور، هور، كور، أو أور أيضاً، في اللغة السومرية تأتي بمعنى العلو، الجبل، أو التلة، وفي اللغة الكردية الحديثة هذه الكلمة تلفظ “jor”.

خور-ري تأتي بمعنى الشخص الذي يأتي من علوّ وأيضاً الشخص الذي يسكن الجبال، وهنا يجب القول أن؛ جميع حضارات مزوبوتاميا العليا-الجنوب، ومزوبوتاميا العليا- الشمال أو شعب كردستان الحالية تم تسميتهم بالـ” هور-ريين، كور-تيين، كو-تيين، أو غو-تيين” وبكل الأحول هناك معنى واحد لكل هذه التسميات وهي تعني الجبلي، أو المكان المرتفع.

سبب ذلك أن الشعوب العليا نزلوا من أعالي جبال طوروس وزاغروس وقفقاسيا نحو الأسفل، كانوا يأتون من شمال مزوبوتاميا باتجاه جنوها، ولكن سبب نزولهم باتجاه الجنوب لم يكن الاحتلال، بل للحماية، لذلك فالكثير من هجمات السومريين والآشوريين والأكاديين كانت باتجاه الشمال، هذه الدول القائمة على العبودية كانت بين الفينة والأخرى، ولتقوم بالحصول على عبيد جدد، وتحتل أراضي الخورديين، كانت تقوم بالهجوم على الشعوب التي تسكن في الجبال”الشعوب العليا” أو الخوريين أو الغوتيين، وهذه الشعوب الجبلية بدورها كانت تقوم بالدفاع عن نفسها.

قامت العشائر الخوردية في البداية بتنظيم نفسها وعاشت وفق الأسلوب العشائري، ومع الزمن قامت بتنظيم نفسها ووقفت في وجه الدول الإستعمارية التي كانت تأتي من جنوب مزوبوتاميا، وحاربتها بشكل مشترك.

لغة هذه الأقوام كانت تعرف بالنسبة لجيرانهم باللغة “الخورية” هذه اللغة كانت شراكة بين اللغات القفقازية والآرية، لذلك قسم من الخورديين والقفقازيين نزل من مزوبوتاميا العليا وزاغروس وعرف باسم خورديين توروس وزاغروس، وبنوا اتحادهم المشترك.

وبسبب هذه الوحدة القوية والمتينة، قاموا ببناء دول وممالك كثيرة وتوحدوا مع شعوب آرية أخرى كالميتانيين، وقاموا بتأسيس كيانات قوية ومستقلة على الأرض التي باتت تعرف لاحقاً بكردستان.

الكونفدراليات السوبارية، الغوتية، الخوري-ميتانية، النائيرية، أورارتو ومد(ميديين)، يمكن تقديمها كأمثلة على ذلك، هناك الكثير من النقاش حول اللغة الخورية، ولذلك يجب القول أيضاً أن الخورية حضارة مترامية الأطراف وواسعة و تعددية، وانصهرت فيها العديد من القوميات، لذلك، من وقت لآخر تصبح لغة الزمرة الحاكمة لغتها أيضًا، وتجدد نفسها. وبالإضافة إلى التأثيرات والمتغيرات التاريخية وما تحمله من غنى، فإن اللغة جددت نفسها وزادت في غناها.

إن الثقافة الآرية كانت ذات تأثير قوي وواضح، وضمن السياق التاريخي، انصهرت الثقافة الخوردية في الآرية، وكذلك انصهرت اللغة واللهجات الخورردية في اللغات الآرية. هذا الأمر استمر لآلاف السنين. من هذا الاندماج، تشكلت القومية الكردية الحالية.

الشعوب والمجموعات التي قدمت سلالات حاكمة، مثل الغوتي، لولوـ كاسي، ميتاني، ونايري، وأورارتو، والميدية، ساهمت في جعل الثقافة الآرية مهيمنة في المنطقة، واستوعبت الثقافات المحلية الأخرى. لذلك، اللغة الكردية ولهجاتها، وكذلك الثقافة الآرية ومعتقداتها، التي لا تزال بعض رموزها حية بين الشعب الكردي، هي تأكيد لهذه النظرية.

 العصر الميتاني في غرب كردستان (1500-1270 ق.م)

الملفت هنا ما أثبتته الدراسات التاريخية والأثرية من أن الخورديين (الهوريين) استقروا في منطقة كردستان الحالية منذ بداية التاريخ، منذ العصر الحجري، ولم يأتوا من أي منطقة باتجاه كردستان، لنكون أكثر دقة، فإن سكان كردستان الأصليين هم الخورديون، فقد أنشأوا اتحادات وكيانات قوية ومنتظمة في جميع مناطق كردستان الأربع بأسماء متعددة. واحدة من هذه الكيانات والحضارات هي الميتانية، وتم تأسيسها في شمال وغرب كردستان، ومركزها الرئيسي كان في الأخيرة.

حوالي 1500 قبل الميلاد، فقد الخورديون سلطتهم بسبب هجمات الهتيين (المعروفون بالحثيين في المصادر العربية الحديثة) والمصريين والآشوريين، وعاشوا مرة أخرى كدول حضرية وقبائلية. وفقًا لبعض المؤرخين ، كان الميتانيون أحد فروع الشعب السوباري أو من مجموعة محلية آخرة هي الكاسيين أو الكاشيين. في فترة الضعف هذه، قامت قبائل الخورديين بتشكيل اتحاد قوي مع الآريين. في البداية عرفوا باسم الخوردي-ميتانيين ولكن بعد ذلك بوقت قصير تم تثبيت اسم الميتانيين فقط. والسبب في ذلك هو أن ميتان لم يكن اسم الشعب، وذلك حسب الدراسات بل اسم قبيلة العائلة الحاكمة. الميتانيون كانوا من العنصر الآري المتجانس، وهذه خاصية عرفت عنهم بشكل واضح.

ميتان هي الكيان المنظم الأول الذي يظهر فيه تأثير الثقافة الآرية بشكل مهيمن. النخبة الحاكمة ولأول مرة تكون آرية خالصة، واجتمعت قبائل الخورديين / السوباريين حول هذه السلطة. ضمت منطقة حكم الميتانيين منطقة واسعة شملت المدن التي تعرف بأسمائها الحالية: ماردين، نصيبين، آمد، رها، سري كانيه، منبج، حلب. وتظهر الوثائق التاريخية بالفعل أن عاصمتهم كانت واشوكاني.

واشوكاني في اللغة الكردية اليوم تعني النبع الجيد، النبع الجميل، أو نبع الماء العذب، وأيضاً وفق الدراسات الأخيرة، تم التأكد أنه تم بناء واشوكاني المنطقة التي تعرف بمدينة سري كانيه الحالية، كما أن تل حلف التاريخي قريب أيضًا من هذه المنطقة ويبدو مرة أخرى أن هناك علاقة قوية بين ثقافة حلف ومعبد خراب رشك والميتانيين. تحتوي أساطير الميتانيين على معتقدات آرية قديمة وفي رسائلهم وعهودهم القديمة التي تم العثور عليها ، تمت قراءة أسماء آلهة معتقداتهم القديمة وهم أسماء آلهة الآريين القديمة أيضاً.

مرة أخرى، قاتلوا في مواجهة الدول الإستعمارية الإستعبادية مثل مصر وآشور. الدول الرئيسية في ذلك الوقت كانت مصر وهتيي وآشور. كانت حربهم مع الآشوريين والهتيين كثيرة، لكن كانت تربطهم علاقات جيدة مع المصريين، علاقات قائمة على السلام.

الملكات المصريات مثل نفرتيتي ونفرتاري كانت تربطهم علاقات جيدة مع الأمراء الميتانيين، ميتان كان أول كيان منظم للعشائر الآرية بهذا الشكل الواسع، مع أنهم لم يكونوا بذات تأثير وقوة الميديين، لكن نستطيع القول أن العشائر الآرية تجمعت لأول مرة تحت راية الميتانيين ككونفدرالية موحدة. الأسرة الحاكمة آريّة والرعيّة في غالبيتهم آريون. امتد حكمهم من زاغروس إلى طوروس وأمانوس وكانوا مثل السوباريين من حيث الشهرة في ركوب الخيل والفروسية. كما تقدموا في مجال صناعات الحديد.

كان الهتيون يقلدون نموذج حدادة الميتانيين، والمصريون أخذوا فكرة العربات التي تجرها الخيول من الميتانيين. من حوالي 1500 حتى حوالي 1270 قبل الميلاد ، حكم الميتانيون لمدة 250 عامًا وهزموا في النهاية من قبل الآشوريين. وقد أشار الأشوريون للميتانيين باسم “خاني بالغات” والمصريون بـ “النايريين” أو أهل الأنهار. بعد الإطاحة بهم، عاش الميتانيون في وطنهم القديم باسم النايريين.

بعد الإطاحة بالحكم الميتاني الأول، تشتت العشائر والقبائل الخوررية والميتانية، وعاشوا مرحلة صعبة حتى تأسيس الكونفدرالية الخالتية “أورارتو” والميدية.

حاولت هذه القبائل التوحد باسم “نايري” ، لكن القوى المضادة كانت شرسة للغاية، وعلى وجه الخصوص الآشوريون، وبسبب ذلك انتقلت العديد من القبائل والعشائر من الخورديين والميتانيين إلى أعالي الجبال الحصينة مثل طوروس وزاغروس وحموا أنفسهم، وتقلصت المكاسب التي حققوها في السهول القريبة خلال القرون الماضية.

هناك، في البداية أسسوا اتحاد خالتي (أورارتو)، ومن ثم الإتحاد الكبير، اتحاد ميديا القبلي، وأنهوا حكم الرقيق الأشوري”الاستعبادي”، وفي الميثولوجيا الكردية عرفت باسم أسطورة كاوا الحداد ويوم النوروز، ووصلنا هذا النصر بأساليب ومرويات متعددة.

لكن بعد ذلك بفترة قصيرة (150عام) انقلب الفرس على أقربائهم الميديين ووصلت السلطة إلى الفرس، واستمرت حروب الملوك الميديين مع الفرس 35 سنة، في هذه الحروب التي اندلعت حوالي 550 قبل الميلاد، أطيح بالحكم الميدي الذي استمر لما يقارب 150 سنة، لتظهر السلالة الفارسية على مسرح التاريخ.

هذه النقطة يجب أن تعرف بانتقال الحكم من الخوردي-مياتني إلى الأورارتو ومن الأورارتو إلى الميديين ومن ثم في النهاية إلى الفرس. كانت عملية انتقال الحكم من الأورارتو إلى الميديين ثم الفرس ضمن تحولات في الحكم الآري. هذه المرحلة تفهم جيداً من اسم “الامبراطورية الميد-فارسية” لذلك عرّفها أبو التاريخ هيرودوت بهذا الاسم، هيرودوت يذكر في مواقع عدة اسم حفيد أول ملك فارسي باسم “ملك الميديين”.

تربع الفرس على عرش الحضارة الميدية، وقاموا بتطويرها، وبنوا أيالات الأكامنيد “اسم أول دولة فارسية” وعبروا مياه هاليساس (قيزلرماك الحالية) وكانت تشكل حدوداً طبيعية بين الغرب والشرق، وبنوا إمبراطورية أكبر وأكثر نجاحاً، وبهذا فإن الإمبراطورية الميد-فارسية توسعت وأصبحت أكثر قوة، فقط تغير الحكام وليست الإمبراطورية القائمة، وهذا ما كتبه أبو التاريخ هيرودوت. تعاقب على حكم كردستان الأكامانيد الفرس وبعدها الساسانيون، وحمى الكرد أنفسهم في جبالهم الحصينة، بعد ذلك ظهرت ممالك صغيرة وضعيفة مثلك الكادروح، الأديابان، كومانجن، سوفين، والكورديون، لكن بكل الأحوال كانت تحت سيطرة الفرس، وأحيانا الرومان، وفي النهاية تلك الدول ذات النفوذ قامت بالقضاء عليها.

حتى المد الإسلامي استمر الوضع على هذه الشاكلة ، بعد ذلك ظهر بالتتالي حكم الأمويين وبعد ذلك العباسيين والفاطميين في كردستان. بدأت الجيوش العربية في الغزو من الجنوب ، وعلى مدار التاريخ ، اعتنقت الشعوب الآرية ، وفي مقدمتهم الشعب الكردي ، تدريجيًا الدين الإسلامي، وبدأت حقبة جديدة في كردستان.

بالطبع، حدثت تغيرات تاريخية أيضًا في غرب كردستان. الأكراد الذين كانوا على أرضهم القديمة منذ زمن الخوررديين الميتانيين والميديين ، واجهوا الآن تحدياً آخر، وبالأخص كرد إقليم الجزيرة، رها، وسري كانيه، وسروج وشهبا وعفرين وجبل الأكراد. وفقاً لتلك الظروف قاموا بتجهيز أنفسهم، ودخلوا في مرحلة جديدة.

لأن الجيوش العربية قد حلت محل الساسانيين وجلبت دينًا جديدًا لهم ، فإن محنة الكرد تفاقمت بسبب بقائهم محاصرين بين قوتين كبيرتين متخاصمتين، العرب من الجنوب والرومان من الشمال،فتحولت الأراضي الكردية وكذلك الشعوب الواقعة على خط التماس بين القوتين إلى ما عرف في الأدبيات الإسلامية بمنطقة “الثغور”.

تحول نهر الفرات إلى حد طبيعي بين الطرفين، واستمرت الحال على ما هي عليه حتى القرن الحادي عشر الميلادي، في بداية القرن الحادي عشر ظهرت إمارة كردية جديدة جمعت كرد المنطقة تحت مظلتها في غرب كردستان، واسم تلك المملكة التي بنيت في غرب الفرات عرفت بـ”المرداسية”.

 بحلول منتصف القرن العاشر، لم تكن الخلافة العباسية قوية كما كانت، لذلك تم تشكيل العديد من الإمارات والدول الصغيرة والكبيرة شبه المستقلة والمستقلة أيضاً في جغرافيا حكم العباسيين.

تم الإعلان عن خلافة أخرى في مصر باسم الخلافة الفاطمية، وبذلك حكمت سلطتان الجغرافية الإسلامية. وفي مقابل الفاطميين ظهرت ممالك وإمارات صغيرة أخرى.

واحدة من تلك الإمارات كانت الإماراة المرداسية، والتي ظهرت في فترة 1015-1080 في حلب (كانت مركز حكمهم وعاصمتهم) ومنبج وإقليم الشهباء، والباب وإعزاز، وجرابلس، وجبل الأكراد، وعفرين ومحيط الرقة، أو بمعنى آخر فإن المنطقة من غرب نهر الفرات حتى البحر الأبيض كانت جزءاً من هذه الدولة.

مؤسسها كان صالح المرداسي، وكل الكتاب والمؤرخين الإسلاميين قامو بكتابة اسمه واسم دولته التي أسسها، لكن لم يذكروا أصله، وموطنه الأصلي بشكل صحيح، وذكروا ذات المعلومات بأنه كان زعيم قبيلة بني كلاب.

عرف عن هذه القبيلة شدة وبأس مقاتليها، لكن مؤسس الدولة كان من الكرد المرداسيين، وكانوا قد قدموا في القرن العاشر الميلادي من منطقة هكاري إلى محيط حلب، وبالتعاون مع الكرد الميتانيين الذين يسكنون المنطقة منذ زمن بعيد أسسوا كياناً قوياً وقاتلوا الفاطميين والرومان، وفي النهاية قاوموا السلاجقة أيضاً.

للأسف لا تتوفر الكثير من الدراسات حول المرداسيين، خاصة حول كرديتهم، لم يكتب بشكل وافي حول الموضوع، فقط يكتب اسم مؤسس الدولة صالح المرداسي فقط… وهذا يذكرنا بالأيوبيين أيضاً من حيث تنسيب دولته إلى العرب أو الترك.

السؤال هو: ألم تكن كل الدول القبلية العربية التي أقيمت في ذلك الوقت، تسمى باسم القبائل التي تنتمي إليها؟ على سبيل المثال ، شكلت قبائل بني عقيل دولة تسمى العقيلية ، وشكل بني نميران دولة تسمى النميرية وكتبت باسمهم القبلي. فلماذا اسم دولة بني كلاب ليس كلابي، بل مرداسية؟

لو كان صالح مرداسي من بني كلاب ، لكان اسم دولته ، مثل القبائل العربية الأخرى ، سيكتب باسمه القبلي. علاوة على ذلك ، في اللغة الكردية لا يتم استخدام كلمة مثل “صالح بن مرداس”. الكرد إذا أرادوا تعريف الابن بأبيه يقولون “صالحي مرداس” وليس صالح بن مرداس.

مرداس اسم، وحين يصبح اسم قبيلة أو عشيرة يتحول لمرداسي، لكن حين يكون مجرداً يكون مرداس، ووفق خصوصية تحويل الحروف a ,e في اللغة الكردية عند اللفظ يتحول إلى MIRDÊS وبإضفة حرف î للوصف يتحول إلى Mirdêsî.

مرداس اسم كردي ومرداسي أو مرديسي اسم عشيرة، هذه العشيرة تقطن منطقة هكاري، والمعطيات التي بين أيدينا، تؤكد هذه المقولة.

جميع المؤرخين في العالم – سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهود – صنفوا هذه الدولة على أنها “الدولة المرداسية” ولا توجد قبيلة أو عشيرة في العالم العربي تسمى مرداسي.

دعونا نستمر في توضيح هذه الإشكالية: من بين الدول المستقلة الجديدة المذكورة أعلاه – والتي تأسست في بداية القرن العاشر – كانت أقوى دولة هي البويهية.

استولى البويهيون على السلطة حولي العام 950 على الحكم العباسي في بغداد وشنوا هجمات على محيطهم في عام 980 م ، قام حاكم البويهيين عضد الدولة بحملة كبيرة استهدفت الكرد. يشير جميع المؤرخين وكتّاب الإسلام إلى أن هذه الحملة كانت شرسة للغاية وأوجعت الكرد كثيراً خاصة في منطقة هكاري. وتسببت بقتل أهالي المنطقة من الأطفال والكبار، ، والباقي إما تم نفيهم أو فروا من منازلهم واحتموا بالجبال.

كانت كتابة هذه الحادثة الدموية خطوة ضرورية لتوضيح أصل ومنبت المرديسيين. لذلك، قام العالم والمؤرخ الكردي مير شرف خان بدليسي ، وفي كتابه الموسوعي شرف نامه قام بإفراز قسم خاص بالإمارة المرداسية.

حين يتحدث عن المرداسيين، ومرحلة قدومهم باتجاه آمد، نفهم من كتابات شرف خان جيداً عن كردية هذه العشيرة ومن أين ومتى ولماذا أتت؟

شرف خان ووفقاً لحديث أحفاد “بير منصور مرديسي” يقول: “في البداية عاش منصور مرديسي في هكاري، وبعد رحل باتجاه غيلي” أغيلي” واستقر في قرية بيران، التي تقع بالقرب من قلعة غيلي…” لكن شرف خان لم يكتب أسباب قدوم بير منصور وعائلته. كما أنه قدّم هذه العائلة الكردية المعروفة، كعائلة عباسية، ولم يذكر سبب لقب Pîr، وهذا اللقب في الثقافة الكردية لها خصوصية مرتبطة بالمعتقدات.

ويكمل شرف خان باختصار : “أسس بير منصور طريقة صوفية كبيرة وبعد موته استلم ابنه بير موسى مكانه ، وبعد وفاته أصبح ابنه بير بدر شيخ التكية. لكن بير بدر تجاوز والده وجده واستولى على قلعة غيل بمساعدة أبناء عمومته وتابعيه، واستولى عليها بالقوة. ولكن بعد فترة، استهدف سلطان السلاجقة قلعته، فلجأ بير بدر إلى سلطان المروانيين، واحتمى عنده في قلعة سليفان “قلعة فارقين”، وأثناء احتلال السلاجقة فارقين قتل شيخ بدر في القلعة. كما قُتل معظم سكان المدينة وقطعت رؤوسهم، نجت زوجة بير بدر من تلك الإبادة الجماعية وهي حامل، وأنجبت صبياً، وتمت تربيته على يد المرداسيين، وجلس على عرش أبيه، وأيضاً حسب شرف خان، فقد استمرت إمارة المرديسيين في غيلي حتى عام 1596.

نجد هنا أن بير بدر قتل في عام تدمير قلعة سيلفان واحتلال بلاد المروانيين، وقتل على يد السلاجقة. هذه الحادثة الوحشية وقعت في عام 1085. بير بدر حفيد بير منصور الذي جاء إلى هكاري، وحسب تقديراتنا فقد ولد بير بدر حوالي العام 1020-1030، ونفهم من هذه المعلومة أن بير منصور، جد بير بدر، رحل حوالي العام 970-980 من هكاري.

إن هذه المعطيات تؤدي إلى ترجيح ما نذهب إليه، وهو أن قسماً كبيراً من المرداسيين قد هربوا بداية الأمر من هكاري نتيجة الاحتلال البويهي، وقاموا بتأسيس إمارة لهم في غيلي، بشمال كردستان، لكن المؤكد أن العشرة لم تنزح بكاملها إلى نواحي آمد، فأين ذهب الباقي؟

يقول شرف خان بدليسي: “هذه العشيرة استقرت في هذه القلعة والولاية، لأن اسم زعيم بني كلاب مرداس، وسميت مرداسي… وقام قديماً بتأسيس دولته في محيط حلب…”

هنا يظهر جلياً أن شرف خان أيضاً استفاد من كتب ومخطوطات المؤرخين العرب، وهو يعيد كلامهم، وحينها كتب جميع المؤرخون العرب والمسلمون أن مؤسس إمارة مرداس التي بنيت في غرب الفرات ومحيط حلب، هو زعيم عشيرة بني كلاب.

 في الحقيقة، في الوقت الذي احتل البويهيون هكاري، كما ذكرنا أعلاه، جميع كرد تلك المنطقة (والمرديسيين ضمنهم) تشتتوا حتى ينجوا بأنفسهم، وهربوا مع عائلاتهم. بير منصور وعائلته اتجهوا نحو غيلي، هذه المعلومة كتبها شرف خان.

شرف خان يكمل الموضوع قائلاً: انتصر صالح المرداسي على الفاطميين في محيط حلب حوالي العام 1015، وأصبح حاكماً في تلك المنطقة، لكن في العام 1029اندلعت معركة أخرى بين المرداسي والفاطميين وانتصروا عليه وقتل صالح المرداسي.

نتيجة لهذه الحادثة، انتقلت عائلته وعشيرته من محيط حلب باتجاه غيلي، واستقروا هناك، بمعنى آخر أتوا إلى بير بدر، حفيد بير منصور، وهو ابن عمهم، وبعد ذلك استطاع بير بدر بمساعدة أبناء عمومته هؤلاء السيطرة على قلعة غيلي، وأصبح حاكماً لتلك البلاد. ينهي شرف خان الحديث هنا، دون التوسع في الموضوع، وبالتأكيد السبب الذي دفع شرف خان إلى التوقف، هو بسبب الظروف التي كانت موجودة آنذاك من قلة في المصادر، وعدم وجود المجال لذلك، وأيضاً عدم الوصول لمصادر محايدة.

قدوم المرداسيين المقيمين في حلب وغرب كردستان، باتجاه غيلي، لم يكن بسبب مقتل زعيمهم صالح مرداسي عام 1029. وقد سجل مؤرخوا الأحداث وقائع الدولة المرداسية بشكل مكثف، مثل إبن شداد، وابن الأثير، وأيضاً ياقوت الحموي الرومي، وسبط ابن الجوزي وابن خلدون.

وفقا لابن الأثير وسبط ابن الجوزي، ظهر صالح المرداسي لأول مرة في نهاية القرن العاشر، في حصن الرحبة في دير الزور هناك يقف هو وقواته مع حاكم محلي يدعى ابن محكان، ويأخذ على عاتقه حمايته من الفاطميين.

هنا يمكننا إجراء تقييم دقيق لإكمال الصورة. فقد طرد البويهيون قبيلة مرداسي من أرضهم الأصلية في ولاية هكاري في 980 م. ذهب جزء من القبيلة إلى غيلي تحت قيادة بير منصور – كما كتب شرف خان – ويمكن الاستنتاج بوضوح، بالاستناد إلى ما ذكره ابن الأثير والجوزي، أن بعضهم بزعامة صالح المرداسي انتقل بالفعل إلى ديرالزور وأصبحوا جنودًا لدى ابن محكان ، حاكم قلعة الرحبة. لذا فإن هجرة المرداسيين ووصول صالح مرداسي ومقاتليه إلى دير الزور حدث في وقت متقارب.

في الرحبة، يتزوج صالح المرداسي ابنة حاكم المنطقة ابن مهكان، وفي عام 1008، بمساعدة بني كلاب، وهي قبيلة قوية ومستقرة في تلك المنطقة، ينقلب على ابن مهكان، ويقتله ويجلس على عرشه، بذلك حصل على زعامة بني كلاب، وضم مقاتلي بني كلاب إلى مقاتليه وبنى جيشاً قوياً واتجه نحو الرقة وحلب.

سيطر صالح المرداسي على الرقة ثم حلب، بمساعدة مؤيدن له في المدينة، من العرب والكرد، الذين كانوا مستائين للغاية من ظلم الفاطميين، وأصبح حاكماً لحلب، والرقة والرحبة، من جرابلس الحالية إلى أنطاكية، ومن الرقة إلى البحر الأبيض ، تمد أراضيها وتعلن استقلالها.

اتبع سياسة عقلانية مع جيرانه ووقع العهود مع البيزنطيين والمروانيين. وبذلك ، أصبح قوة قوية في منطقته وحكم حتى وفاته (1029).

في عام 1029، هاجم الفاطميون من مصر بقيادة أنوشتكين الدزبري، إلى جانب جيش كبير، وقتل صالح المرداسي في ساحة معركة، لكن مقتله لم يتسبب في انهيار دولته. وتجدر الإشارة هنا إلى أن شرف خان ينهي سلطة المرداسي عام ،1029 ولكن مرة أخرى ، وفقًا للمصادر المذكورة أعلاه، بعد مقتل صالح، هذه المرة جميع أبنائه الثلاثة (نصر وسيمال وعطية) تمسكوا بدولتهم وجيشهم القوي الذي بناه والدهم واستمروا في المقاومة، لا تزال حلب ومحيطها لنصر ، ومنبج والرحبة (دير الزور الحالي) بقوا لعطية وسيمال.

 حصن الأكراد

ربما تكون الآثار والشواهد التي تركها نصر مرداسي هي النقطة الأهم، ففي عصره (1029-1038) من أجل تاريخ والثقافة والعمارة الكردية هناك نتاج فريد نوعه تم تشييده، ومازال حياً وشاهداً حتى يومنا هذا ومعروف باسم حصن الأكراد.

بعد مقتل صالح مرداسي، خلفه ابنه (شبل الدولة نصر)، وواصل مسيرة والده ضد الفاطميين المصريين. كانت تشن هجمات شرسة من الجنوب، قادمة من مصر ولسد الطريق أمامها، وحسب المؤرخ ابن شداد الذي كان مؤرخ الدولة الأيوبية، وفي العام 1031آي بعد مقتل والده بعامين، قام نصر ببناء قلعة كبيرة ومرتفعة على الطريق القادم من بعلبك باتجاه طرطوس وحمص، وسبب بناء هذه القلعة قطع الطريق أمام الفاطميين، وبنى حصنه فوق تلة مرتفعة، كان يحكم محيطها من الجهات الأربعة.

تقع القلعة على بعد 40 كيلومترًا غرب حمص، وتقطع إلى طرطوس. وبذلك، سعى نصر المرداسي إلى تأمين حدود دولته، لذلك أسكن قواته الأكثر موثوقية وقوة وخبرة في الحصن. القلعة مازالت حتى يومنا هذا، وقد أدرجتها اليونسكو في عام 2006 ضمن قائمة التراث العالمي.

بحسب كتابات ياقوت الحموي وابن شداد ، كان الجنود والمقاتلون الذين أسكنهم نصر مرداسي من جبال الأكراد، ومن هنا جاء اسم القلعة باسم القلعة الكردية (حصن الأكراد)، ولكن هناك جانب غير مكتمل من القصة.

لأنهم كانوا كرداً، ولأن الناس من حولهم (بما في ذلك العرب) كانوا يعرفون أن المرداسيين كانوا كرداً، فإن الحصن الذي بنوه سمي بحصن الأكراد، وحتى يومنا هذا هو إرث المرداسيين في تاريخ الشرق الأوسط وبالأخص التاريخ السوري.

الدليل والكلمة الأكثر أهمية وقيمة هي ذاكرة الشعوب. لا تزال تلك القلعة الفريدة والمشهورة في ذاكرة شعوب تلك المنطقة ولم يتم إعادة تسميتها منذ ألف عام. يتم تغيير النصوص ، يتم حرق السجلات وتدميرها ولكن ذاكرة الناس ، ذاكرة المجتمع لا يمكن محوها بسهولة. إن اسم القلعة يكفي فقط لتأكيد كردية المرديسيين وهذه حقيقة تاريخي محفورة في ذاكرة الشعوب.

بعد بناء “حصن الأكراد”، تم تقليل الخطر الفاطمي. لم يعد الفاطميون قادرين على مهاجمة حلب ومنبج بسهولة ، ولكن في بعض الأحيان كان يندلع قتال عنيف بين القوتين. في إحدى هذه المعارك ، قُتل نصر مثلما قتل والده في ساحة المعركة (1038) ، وهذه المرة انتصر الفاطميون. بعد هذه المعركة ، وفقا لسجلات ابن خلدون ، غادرت عائلة مرداس المنطقة قسراً، واتجه أفرادها نحو بلاد أخرى.

هذه المعلومات مهمة جدًا بالنسبة لنا ، لأن شرف خان يقول، إن المرداسيين الذين قدموا من حلب في ذلك الوقت انضموا إلى مرداسيي غيلي قرب آمد، وسيطروا معاً على قلعة غيلي وأسسوا الإمارة المرداسية هناك. لقد زادوا قوتهم وذلك حتى احتلال السلاجقة (1075-1076) ، وبعد قتل بير بدر على يد التركمان ، هذه المرة انتقلت الزعامة إلى ابن بير بدر بير بولدوك، واصلوا حكمهم من ذلك اليوم حتى زمن شرف خان لمئات السنين.

جدير بالذكر أن مرداسيي غرب كردستان لم يغادروا البلاد بعد مقتل زعيمهم الكبير صالح (1029) ، ولكن بعد بناء “حصن الأكراد” (1031) حين قتل نصر ابن صالح (1038). فذهب قسم منهم إلى أبناء عموتهم في غيلي واحتموا بهم، فيما ذهب بعضهم إلى شقيق نصر، أي ذهبوا إلى الرقة حيث كان يحكم سيمال مرداسي. وهذا يعني أن الروابط بين مرداسيي غيلي وغرب كردستان لم تنقطع، ومنذ هجرتهم من هكاري وحتى انهيار دولتهم في حلب، كانوا على اتصال دائم، ونتيجة لذلك، حين وقعوا في ضائقة، استطاعوا أن يصلوا لبعضهم البعض.

بعد نصر المرداسي، خرجت حلب من أيدي المرداسيين (1038) ، لكن منبج ومحيطها باتجاه إلى الرقة والرحبة ، أو بمعنى آخر ضفاف الفرات بقيت بيد أخيه سيمال، دخل سيمال في اتفاق مع البيزنطيين ضد الفاطميين وحمى نفسه في مواجهتهم، ثم عام 1042غزا حلب وبعد أربع سنوات، سيطر على حلب وهزم الفاطميين هناك وأعلن حكمه فيها. في ذلك الوقت وصل جزء من المرداسيين إلى غيلي ، وانضم الباقون إلى جيش سيمال. تنازل سيمال عن الحكم لابن أخيه محمود ابن نصر، في عام 1062، لكن الطوفان الكبير”الهجوم السلجوقي” باتجاه بلاده كان قد بدأ.

في بداية عام 1071 ، قبل معركة ملازكرت مباشرة، هاجم ألب أرسلان السلجوقي المرداسيين وقام بدعوة محمود مرداسي للمجيء إليه ومبايعته فاكتفى الأخير بالموافقة عبر رسالة. وهذا ما أثار غضب القائد السلجوقي الذي أدى انشغاله بهجوم بيزنطة في ملازكرت إلى تفادي المعركة مع الإمارة المرداسية في شمال كردستان.

توفي محمود المرداسي سنة 1075واستلم ابنه نصر الثاني الحكم مكانه، بعد ذلك بعام استلم أخوه محمود الثاني الإمارة، لكن المرداسيين كانوا منهكين من هجمات التركمان، ونتيجة لذلك، سنة 1080 شن العقيليون العرب هجوماً شرساً وأنهوا الدولة المرديسية، بعد 1080 سيطر السلجوقيون على كامل غرب كردستان، وبقي الحال على ما هو عليه حتى عصر الزنكيين والأيوبيين، بعد الأيوبيين حكم المماليك حتى عصر العثمانيين.

لكن مع الاضطراب الذي أصاب الدولة المرادسية، فإن “حصن الأكراد” بقي شاهداً على حقبة أطول. بقيت القلعة في أيدي الحامية العسكرية الكردية حتى عام 1099 م. فقد وقف الحصن المنيع في وجه الحملة الصليبية المتجهة إلى بيت المقدس، لكنهم استطاعوا الاستيلاء عليها في النهاية بموجب اتفاق تسليم، وبات الحصن في أيدي “حماة الصليب” حتى عام 1271، وأسموها (Le Crat) لأن العرب كانوا يسمونها حصن الأكراد. لم يغير الأوربيون الاسم، لكن بعد مدة من الزمن أسموها (Krak de chevaliers) وتعني قلعة الكرد. حاصر صلاح الدين الأيوبي القلعة عدة مرات، لكن لم يستطع السيطرة عليها، لكن السلطان المملوكي بيبرس في عام 1272 وبسبب ضعف الشوفاليين (حماة الصليب) سيطر على القلعة ونشر جنوده فيها، بعد ذلك وفي عام 1517 أنهى العثمانيون حكم المماليك، وسيطروا على القلعة التي ما زالت من أبرز الشواهد العمرانية على ميراث المرداسيين.

 العم أوصمان صبري المرداسي

عندما يحاول المرء كتابة تاريخ المرداسيين، فمن المؤكد أنه من غير الممكن تجاوز الكاتب والشاعر والمناضل الكردي، العم أوصمان صبري (1905 – 1993)، كان العم أوصمان أيضًا أحد أبناء العائلات المرداسية المعروفة ، وذكر ذلك في مذكراته.

يقدم أوصمان صبري أيضًا معلومات مهمة عن المرداسيين وتشتتهم عبر التاريخ، يقول العم أوصمان في المقطع الذي يتحدث فيه عن المرديسيين: قبيلتنا مرديس هي جزء من إمارة مرديس التي كان مركزها مدينة “غيلي”. بعد ضعف وانهيار الإمارة، استولى الحكام على جزء من الإمارة… ” ويكمل حديثه بأنه بعد ضعف مدريسيي غيلي، انقسم أهله وأبناء عمومته إلى ثلاثة أقسام واتجه كل منهم في جهة منفصلة. انتقل جزء منهم إلى أنقرة وقونية واستقروا هناك ، والجزء الثاني باتجاه آمد (ديار بكر) والجزء الثالث الذي تنتمي عائلة العم أوصمان صبري إليها اتجهوا نحو سمسور، ومحيط جبل نمرود واستقروا هناك، من كلمات العم أوصمان نصل إلى أن قدر المرداسيين كان دائماً الهجرة والنضال.

اليوم، يقاوم أحفاد الميتانيين والميديين والمرديسيين وجميع تفرعات الشعب الكردي، وحلفاءهم من أبناء المنطقة، العبودية، وبالاستناد لثقافة وتاريخ يعود لآلاف السنين في مواجهة الاستعباد والوحشية والتدمير.

**تمّت ترجمة هذا البحث من اللغة الكرديّة لموقع المركز الكردي للدراسات كما هو منشور في موقع DÎROKURD باللغة الكرديّة، حيث أشار الموقع ذاته إلى أنّ البحث نُشر في العددين 14و15 من مجلّة Sormey في العام 2017.

ترجمة: باز علي بكاري

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد