حتى نتمكن من دراسة الجذور والأسس الفلسفية للانظمة السياسية والقانونية، فمن المهم الانطلاق من التصورات والفلسفات القديمة، بل وحتى الاديان والعقائد، في سبيل تقديم اجابة شافية وسرد تاريخي وفكري معقول، يمكن الحصول بعده على تصور شامل لكيفية تبلور الانظمة السياسية والقانونية الحالية.
ويمكن الانطلاق من العالم الهيليني في البحث عن الجذور النظرية والفلسفية للانظمة السياسية والقانونية. من المهم القول بأن الهيلينية هي في الأصل حضارة وثقافة طبعت مجموعة من القبائل والشعوب التي انصهرت بعضها ببعض في ما عرف عبر التاريخ بالأغريق. وقد طبعت هذه الحضارة المنطقة بسمات حضارية وثقافية وفلسفية، كما برع أهلها في فنون الحرب والفكر العسكري ووسائل وفنون خوض الحروب أو صد الهجمات. ومن هنا يمكن القول بأن ” الهيلينية كانت حضارة قد خرجت إلى الوجود في أواخر العصر الألف الثاني قبل الميلاد، واحتفظت بشخصيتها منذ ذلك التاريخ حتى القرن السابع من العصر المسيحي. وكان أو ظهور لها على جانبي البحر الإيجي، وانتشرت من هناك إلى ما حول شواطئ البحر الأسود والبحر المتوسط، ثم اتسع نطاقها برا فتوغلت صوب الشرق إلى آسيا الوسطى والهند، وامتدت غربا إلى شواطئ شمال أفريقيا وأوروبا المطلة على المحيط الأطلنطي، بما في ذلك جزء من الجزيرة البريطانية”.
وركز الأغريق في حياتهم على وجود الحاضرة، وهي نوع من التنظيم الذي يؤمّن لهم العيش في تجمعات تحافظ على حياة أعضائها وتنظم شؤونهم، وخاصة فيما يتعلق بالمأكل والمأوى والأمن والسلامة. لذلك فقد كانت الحاضرات قد ” وصلت إلى نقطة التوازن بحيث بدت في أعين الأغريق وكأنها الصيغة الوحيدة الصالحة: فقد كانت قادرة على تحدي كل المزاحمات، وعلى مقاومة كل الطموحات. وعمّد الأغريق إلى تصديرها إلى كل مكان، حسب استطاعتهم، وحتى الرومان أنفسهم اعتمدوها بعد أن أزالوا ما بها من اقليمية وضيق. وقد تحكمت يومئذ، وهي ما عليه في اغريقيا بطبيعة العلاقات الدولة”.
—-
لقراءة البحث كاملا.. اضغط هنا