روبرت فيسك: هل بات قبول الدمار السوري أمرًا طبيعيًا؟

روبرت فيسك | غارديان البريطانية

أمضيت شهورًا في السنوات الثماني الماضية في مدن سوريا الممزقة.  تلك الشهور التي تعد ندبة في كل حياتنا، بعدما قضى الروس والسوريون والإسلاميون المسلحون والقوى الغربية وقتًا أطول في محاولة تدمير سوريا أكثر من النظام السوري.

لقد دُفنت الجثث في أعماق أكوام من الخرسانة، أما الناجون الذين أصيبوا بجروح، ستبقى إصابتهم من الناحية الذهنية مستمرة إلى الأبد، دافعين ثمن القسوة واللامبالاة العسكرية. والعديد من أولئك الذين فروا من هذه المدن الضعيفة، موجودون الآن في أوروبا – أو في قاع البحر المتوسط. ونحن لا نعرف – أو حتى نهتم!  وبالنسبة للإحصاءات. هل مات 350 ألف هنا أم 450 ألف؟ فقد تم تداول هذه الأرقام كلها.

بيروت، وموستار، وسراييفو، وحلب، وحمص، والآن الموصل والرقة – نحن مجبرون على أن نسأل أنفسنا إذا كانت هذه الآثار التي سببت دمارًا -قوبلت بصمت القبور- هي شيء أصبحنا نعتبره طبيعيًا، نقبله أو قبلناه لمئات السنين، هذا الدمار الذي صار يعد جزءا طبيعيا من التاريخ!

آمل ألا أصدق ذلك. لقد قطعت آلاف الأميال عبر سوريا دون أي عقل- حيث يتم استدعاء الذين يقومون بذلك في الغالب في الجيش- فلا توجد حماية للوصول إلى الخطوط الأمامية، حيث يهرب جنود الحكومة السورية، وغالبًا ما تتم إصابتهم ثم يزحفون عبر  الدمار، ولكن في الجهة الثانية أرى أعلام تنظيم “داعش” الإرهابي، أو داخل منزل مُحطم.

وبنجاح أحد الصحفيين في عبور الخطوط الأمامية، يقطعون رأسه، لذلك لا يوجد مراسلون غربيون مقيمون في محافظة إدلب المحاصرة من قبل الحكومة السورية -نادرًا ما يزورونها على الإطلاق-  لقد اعتقدت دائمًا أن الأنظمة يجب تجنبها. وأنا واحد من الصحفيين القلائل الذين لم يحاورا “الأسد”، فالتحدث إلى الجيوش يمكن أن يكشف الحقيقة.

أعتقد أن نصف الجنود السوريين الذين أجريت معهم حوارًا قتلوا فيما بعد، حيث إن إجمالي القتلى من الجيش بأكمله هو سر تحتفظ به الدولة، لكنني اكتشفت الرقم الحقيقي، وهو حوالي 85 ألف جندي، ما يعد عددًا كبيرًا للغاية بالنسبة للمدافعين الحقيقيين عن نظام “الأسد”، حتى جاء الروس إلى الملعب.

أتحدث إلى العناصر الروسية جميعها -بحكم مهنتي- فقد كان أحد الجنرالات “النمر”، معتادًا على إطلاق النار لدرجة أنه كان يتحدث أثناء جلوسه في مكان يعج بالانفجارات والقذائف -حتى أدركت أنه بالفعل مستعد أن يُقتل، وشرحت أنني سأسمع له بشكل أكثر وضوحًا إذا كنا نجري الحوار في خندق. هذا ما يجب أن تتذكره في كل الحروب؛ أنك ذاهب إلى هناك كي تنقل ما يحدث ولست ذاهبًا للموت.

—–

للاطلاع على النص الأصلي باللغة الإنجليزية.. اضغط هنا

ترجمة: رنا ياسر

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد