اتخذت وزارة الخزانة الأمريكية، يوم الأربعاء، إجراءات جديدة ضد شبكة عالمية تصدر النفط الإيراني لصالح فيلق الحرس الثوري الإسلامي (IRGC)، وهو منظمة إرهابية أجنبية وفقا لتصنيف الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب تحركت بقوة منذ أبريل/نيسان لمنع صادرات النفط الإيرانية، وهي حملة تسعى الآن الإدارة الأمريكية إلى تعزيزها من خلال فضح العلاقات بين قطاع النفط والبنية التحتية الإرهابية في إيران.
بدأت الولايات المتحدة في التأكيد على العلاقة بين صادرات النفط والإرهاب الإيراني الشهر الماضي، حين أصدرت وزارة العدل مذكرة بضبط ناقلة النفط الإيرانية “آدريان داريا”، التي احتجزتها السلطات البريطانية مؤقتًا في طريقها إلى سوريا. وفي شكوى المصادرة المرتبطة بأمر الضبط، حددت الإدارة شبكة معقدة من الروابط بين الحرس الثوري الإيراني ومجموعة من الشركات المستخدمة كواجهة في سنغافورة والإمارات العربية المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي، وكان دورها تسهيل صادرات النفط الإيرانية، بما في ذلك شحنة البضائع المحملة على “آدريان داريا”.
وفي إعلانها لعقوبات الأربعاء، نشرت وزارة الخزانة معلومات جديدة مهمة حول كيفية إدارة الحرس الثوري الإيراني لصادرات طهران النفطية، وكانت الشخصية الرئيسية في الشبكة الإيرانية هي وزير البترول السابق رستم قاسمي، الذي بات الآن مسؤولا كبيرا في فليق “القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو فرع العمليات الخارجية التابع لها. ويشرف “قاسمي” على “شبكة مترامية الأطراف، تضم عشرات من مديري السفن والمراكب والميسرين”، بما في ذلك ابنه مرتضى قاسمي. ويعتمد فيلق القدس “اعتمادًا كبيرًا على مسؤولي حزب الله والشركات الواجهة للتوسط في الاتصالات المرتبطة بها”، وقد فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في البداية عقوبات على “قاسمي” في عام 2010، بسبب أنشطة أخرى متعلقة بالحرس الثوري.
وكجزء من الإجراءات التي تمت يوم الأربعاء، أضافت وزارة الخزانة تسعة أفراد و 16 كيانًا وست سفن إلى قائمة المواطنين الإيرانيين الخاصة، وهي قائمة تضم الخاضعين للعقوبات الأمريكية. وتشمل الكيانات الجديدة المدرجة في القائمة شركات مقرها في لبنان وسوريا وإيران والهند وسنغافورة.
سوريا هي الوجهة الأولى لنفط الحرس الثوري الإيراني. ووفقًا لوزارة الخزانة، قامت شبكة فيلق القدس بتصدير ما يقرب من 10 ملايين برميل من النفط الخام “في الغالب إلى النظام السوري”، وكذلك حوالي 4 ملايين برميل من متكثفات الغاز الطبيعي، وهي مادة هيدروكربونية سائلة أخرى. وبلغت القيمة الإجمالية لهذه الصادرات حوالي 750 مليون دولار. وتؤكد العلاقة بين هذه الصادرات ونظام بشار الأسد، أن الضغط على “الأسد” لا يخدم غرضًا إنسانيًا فحسب، بل يعرقل أيضًا تمويل الإرهاب الإيراني.
ويهدف عمل الخزانة الأمريكية إلى توجيه ضربة مُلحة لصادرات طهران إلى سوريا، والتي وصلت إلى 158.000 برميل يوميًا في أغسطس/آب، وفقًا لما ذكرته شركة “تانكر تراكرز”. وفي الوقت الذي انخفضت فيه الصادرات الإيرانية بشكل حاد، وصلت الشحنات إلى سوريا إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ تنفيذ “واشنطن” لسياسة تصفير الصادرات، والتي دفعت المشترين الشرعيين إلى الخروج من سوق النفط الإيراني.
لا يزال من غير الواضح من هو الذي يقوم بشراء النفط الذي يجري تسليمه إلى سوريا، حيث إن بيان وزارة الخزانة صيغ بعناية، بشكل لا يحدد نظام “الأسد” أو أي طرف آخر على أنه المشتري، على الرغم من أنه يؤكد بوضوح أن النفط يتم بيعه إلى سوريا. وفي حين أن “الأسد” يعتمد على الواردات الإيرانية، فقد اعتمد نظامه على اعتمادات من “طهران” لتمويل مشترياته. وحاليا، أحد الاحتمالات المطروحة هو أن النظام يعالج النفط ويدفع مقابله للحرس الثوري الإيراني بعد بيع المنتجات المكررة للمستهلكين السوريين. وبالمثل، قد يدفع “الأسد” ثمن النفط من الأصول الثابتة، على غرار ما حدث من نقل لحقوق تعدين الفوسفات إلى الشركات الروسية. وكذلك، قد تعيد شبكة الحرس الثوري الإيراني تصدير النفط إلى مشترين آخرين في السوق السوداء في الخارج.
أيا كان المشتري، فإن أضمن وسيلة لتعطيل الصادرات إلى سوريا هي منع السفن الإيرانية من عبور قناة السويس، وهو هدف يتطلب تعاون من جانب مصر. وفي الوقت الحالي، لا تمنع “القاهرة” منتهكي العقوبات من عبور القناة، لكن يتعين على الولايات المتحدة أن تضغط بقوة من أجل تغيغير هذا الأمر، مع تشجيع مصر على حظر السفن الإيرانية الفردية التي تنتهك بروتوكولات السلامة البحرية.
—-
ديفيد أدينيك: مدير الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية (FDD)، حيث يساهم أيضًا في مركز القوة الاقتصادية والمالية للمؤسسة.
ترجمة: المركز الكردي للدراسات