المركز الكردي يناقش نداء أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي

قدّم المركز الكردي للدراسات برنامجاً حوارياً باللغة الكردية حول نداء “السلام والمجتمع الديمقراطي”، الذي طرحه الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، وتداعيات هذا النداء على شمال كردستان وتركيا، فضلاً عن تأثيراته المحتملة على شمال وشرق سوريا.
واستضاف البرنامج الذي قدمه الزميل طارق حمو، كل من الكاتب والصحفي آمد دجلة ومدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل.
وتحدث الكاتب والصحفي آمد دجلة عن تفاصيل النداء الذي أطلقه الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، وقال أن وفد حزب المساواة والديمقراطية للشعوب الذي ذهب إلى جزيرة إيمرالي أفاد بأنه تم تصوير نداء أوجلان بواسطة ثلاث كاميرات، لكن الدولة التركية لم تسمح بنشر شيء سوى صورة واحدة مأخوذة من الفيديو. وما يزال هناك ترقب أن يتم نشر العديد من الفيديوهات والرسائل المصورة إلى الرأي العام خلال المراحل القادمة لعملية السلام الناشئة.
وأضاف دجلة أنه بعد أن أطلق السيد أوجلان نداءه التاريخي، أصدر حزب العمال الكردستاني بياناً قال فيه أنهم يستجيبون لدعوة أوجلان. كما أن كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا وألمانيا والصين والسعودية وإيران وغيرها من الجهات تفاعلوا مع النداء بشكل إيجابي، حيث أنهم لأول مرة يتحدثون عن القضية الكردية دون أن يربطوها بالإرهاب. بناء عليه، نجح السيد أوجلان في جعل القضية الكردية على أجندة العالم، ويمكننا القول أنه حقق الخطوة الأولى من هدفه، وهي تفنيد مزاعم الدولة في إنكار وجود أي مشكلة كردية في البلاد. وكان أوجلان قد قال لهم: “دعونا نناقش هذه القضية ونضع السلاح جانباً”. وقبل أن يطلق هذا النداء، أرسل السيد أوجلان رسالة إلى كافة الأحزاب السياسية والجهات المعنية في تركيا وأجزاء كردستان الأربعة، وأوضح فيها هدفه. وقال وفد إيمرالي أن أوجلان شرح أفكاره ومقصده من كل جملة وردت في رسائله بالتفصيل. حيث يقول السيد عبد الله أوجلان “أننا بدأنا النضال المسلح في عهدنا وفق شروط معينة باتت معروفة للجميع، والآن وفقاً للظروف الحالية لم يعد بإمكاننا أن نستمر بهذا النضال بالصيغ القديمة ويجب أن نعطي الدور للنضال السياسي وأن نعيد تنظيم أنفسنا”. ولكن بعض الأشخاص فسروا هذا، دون قصد،على أنه يعني وقف النضال، وبعضهم تقصّد أن يعطي معنى مغلوطاً للنداء.
وأوضح دجلة أن السيد أوجلان أكد أنه من خلال نضال حركة التحرر الكردستانية تم القضاء على سياسات إنكار وجود الكرد وأصبح الكرد فاعلاً رئيسياً في الشرق الأوسط سياسياً واجتماعياً. وقال “لقد أودت الدولة التركية بكل الثورات الكردية التي حصلت في القرن الماضي، لكن هذه هي المرة الأولى التي تعجز فيها الدولة التركية عن هزيمة كفاح حركة التحرر الكردستانية، أو حزب العمال الكردستاني”. حيث تفيد العديد من التصريحات الصادرة عن الحكومة التركية أن القضية الكردية لا ينبغي أن تناقش، وتقول فقط أن عليهم إلقاء السلاح. لكن الدولة التركية نفسها كانت تعلم أن النداء سوف يحدث كل هذا الصدى. حيث يقول الجميع أن النداء الذي أطلقه أوجلان يعتبر فرصة تاريخية لتركيا، وقد أفاد بهجلي، الأكثر تعصباً، إن موقف حزب العمال الكردستاني متناغم مع موقف أوجلان وقيّم الخطوة ووصفها بالإيجابية. كما أن تصريحات أردوغان أيضاً إيجابية لحد الآن حيث صدر منع تصريح يقول فبه “أن أحفاد صلاح الدين وأحفاد آلب أرسلان سيتوحدون معاً بعد هذه العملية”.
بدوره أشار مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل أنه تم اتخاذ خطوات عديدة قبل النداء، حيث أن المحادثات قد بدأت قبل عام من الآن. فالدولة التركية لديها مخاوف من تصاعد دور الكرد في الشرق الأوسط، حيث أن الكرد في سوريا يمتلكون قوة عسكرية كبيرة، ولهم الدور الأساسي في رسم مستقبل سوريا ويحصلون على الدعم الدولي. وفي العراق يتمتع الكرد بحكم فيدرالي معترف دولياً. وقد أوضح السيد أوجلان أن هذا العصر يشبه عصر ما قبل معركة (جالديران) حيث النصر كان من نصيب من تحالف مع الكرد. كما أوضح خليل أنه وبعد أحداث 7 أكتوبر، وتغير التوازنات الدولية والإقليمية وتصاعد دور اسرائيل على حساب دور تركيا في الشرق الأوسط والدعم اللامحدود الذي تحصل عليه اسرائيل من الولايات المتحدة في رؤيتها حول خريطة الشرق الأوسط الجديدة، باتت تركيا تخشى من هذه التغيرات وتنظر إلى مشاكلها الداخلية بجدية. وبعد إطلاق هذا النداء، نرى أن جميع الجهات، من ضمنها الدول التي لعبت دوراً سلبياً جداً مثل ألمانيا، تدعم العملية وتقدم استعدادها للمساعدة في حل القضية الكردية. وأردف خليل أن هذا اليوم يشبه ما حدث في الجزائر حيث أن فرنسا انسحبت من الجزائر بعد 132 عاماً من الاستعمار، وتركيا الآن وبعد 102عام من الظلم مقبلة على السماح بانفراج في القضية الكردية.
وبالحديث حول دور السيد أوجلان وحركة التحرر الكردستانية في القضية الكردية بعد أكثر من مائة عام من الإنكار، قال آمد دجلة يمكننا أن نفسر مضمون دعوة أوجلان على النحو التالي: إن دعوة الزعيم أوجلان في 27 فبراير ليست اتفاقاً تم التوصل إليه نتيجة صفقة، بل بداية عملية لمرحلة جديدة، كما إنه يدعو الدولة إلى اتخاذ خطوات سياسية، وهذه الدعوة من أوجلان هي مبادرة ستؤدي لاحقاً إلى توقيع اتفاق. ومن ناحية أخرى، فإن الدولة التركية لديها خطط لإبادة الكرد، لكن اتخاذ أوجلان لهذه الخطوة يمنع هذه الإبادة. كما أن أوجلان يريد أن يوسع هذه القضية ويخرجها من حدود الكرد وكردستان، إلى حدود تركيا والعالم أجمع. ولتجنب تكرار مشاهد غزة تم إطلاق هذه المبادرة التي لا تحمي الكرد فقط بل تحمي الشعب التركي أيضاً.
أما بالنسبة لمطالبة السيد أوجلان بالمجتمع الديمقراطي، فهو لا يعني به أن يتم حرمان الكرد من حقوقهم، كما إنه لا يخص بكلامه دعوة للحكم من مدينة آمد، فهذا لا ينطبق على تركيا فحسب، بل على سوريا وإيران أيضاً. هذه المطالبة هي دعوة لوقف سفك الدماء. مع الأخذ بالاعتبار بأن السياسة ليست عبارة عن ثقة، بل هي مناورة وتوازنات وقوة.
ومن جهته أشار نواف خليل بأن النداء التاريخي للسيد أوجلان قضية تحتاج إلى تقييم. فإذا لم يتم تقييم حركة التحرر الكردستانية وزعيمها السيد عبدالله أوجلان بشكل صحيح، فلا يمكن التوصل إلى نتائج سليمة. كما أكد على ماقاله الصحفي آمد دجلة، بأن هذه مبادرة وليست معاهدة. وبناءً على ذلك لا يمكن الثقة التامة بالدولة التركية، فالدولة التركية تهاجم الكرد منذ قرن من الزمن. كما أكد بأن المرحلة تتطلب المزيد من التحلي بالصبر والمتابعة الدقيقة، حيث أن الأمور سوف تتضح تدريجياً.
وبمتابعة الحديث عن هجمات الدولة التركية أكد الكاتب والصحفي آمد دجلة أن الهجمات الجوية للدولة التركية ازدادت بعد النداء، وكان هذا واضحاً فيما قالته وزارة الدفاع عن مواصلة هجماتها. ولكن المرحلة تغيرت الآن، حيث أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيطر على العملية، وأكد على ذلك من خلال قوله بأنه اعتباراً من اليوم، ستتصدر السياسة إلى الواجهة. كما تحدث دولت بهجلي مع كثير من الشخصيات والجهات حول هذه القضية. وكان من المقرر عقد اجتماع مهم بين حزب المساواة والديمقراطية للشعوب ومسؤولي الدولة، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان قد جرى هذا الإجتماع بالفعل. ويعقد حزب المساواة والديمقراطية للشعوب حالياً اجتماعات مع كافة الأحزاب السياسية في تركيا. وبهذا، نستطيع القول أن الدولة التركية وصلت إلى مرحلة لم تعد قادرة فيها على التراجع بالرغم من أنها تتظاهر أن الوضع يسير وفق ما تتمناه. وأوضح دجلة أنها عملية مهمة ويقوم فيها الكرد بكل ما في وسعهم، ويتعين على الدولة التركية الآن أن تتخذ الخطوات المناسبة أيضاً. كما أن بعض الأمور سوف تتضح في غضون أسبوع. كذلك نوّه دجلة إلى ماقاله المسؤول في حزب العمال الكردستاني مصطفى قره سو بأنهم سوف يغيرون موقفهم ويعقدون مؤتمرهم الخاص، وبحلول الصيف، سيتم حل 80 بالمائة من هذه المشاكل.
وفي نهاية الجلسة، وبالحديث عن علاقة شمال وشرق سوريا بالمجريات الأخيرة، قال مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل بأن مناطق شمال وشرق سوريا حاضنة لخليط من الشعوب وليس للكرد فقط، كما أن قوات سوريا الديمقراطية لديها أكثر من 100 ألف مقاتل ليسوا فقط من الكرد، حيث قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي إن هذه الدعوة الموجهة من السيد أوجلان ليست لنا. إذا تم حل القضية الكردية في شمال كردستان فإن مراحل الحرب والقتل سوف تنتهي. وسيصبح الكرد الركيزة الأساسية للديمقراطية في المنطقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد