المركز الكردي يناقش الانتخابات البلدية والتهديدات التركية لشمال وشرق سوريا
استضاف المركز الكردي للدراسات السبت الماضي حسن كوجر، نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا. وناقش البرنامج، الذي أعده وقدمه الزميل طارق حمو، الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها في 11 يونيو/حزيران الجاري والتهديدات التركية المستمرة وموقف النظام السوري، بالإضافة إلى آخر التطورات المحلية.
واستعرض حسن كوجر، بشكل تاريخي موسع، السياسات العدوانية التي اتبعتها الدولة التركية ضد الشعب الكردي منذ أكثر من مائة عام وحتى يومنا هذا، مشيراً إلى مقاومة الشعب الكردي لسياسة الحرب والتصفية التركية.
ولفت كوجر إلى أن الانتخابات المحلية في إقليم شمال وشرق سوريا شأن داخلي خاص بالإدارة الذاتية وبالاتفاق الحاصل بين مكوناتها وفق العقد الإجتماعي، منوهاً إلى أن حزب العدالة والتنمية، وشريكه حزب الحركة القومية، موكلان من الدولة التركية لشن وتوسيع الحرب ضد الشعب الكردي داخل وخارج تركيا واستخدام كل الأساليب والطرق بهدف النيل من الكرد ونشر الحرب والفوضى والخراب في مناطقهم.
وقال كوجر إن الحزب الحاكم في تركيا يريد إشراك حزب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري، في مخطط الحرب والاحتلال وشن عمليات عسكرية موسعة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا. وذكر أن التقارب الأخير والزيارات المتبادلة بين الجانبين تهدف إلى الوصول لاتفاقات في الملفات الداخلية، بغية صنع موقف موحد مؤيد لحملات الحرب والتصفية. وأشار إلى أن التهديد بالحرب والتلويح بالتدخل العسكري في بلد آخر، بسبب انتخابات محلية خدمية غرضها تمثيل المواطنين وتحقيق الديمقراطية الشعبية لخدمة الأهالي، لا ينم إلا عن عقلية فاشية مستهجنة لا توجد سوى عند القائمين على الدولة التركية. وأوضح أن هذا الأمر يحدث لأول مرة في التاريخ، وهو أن تهدد دولة شعب دولة أخرى وتطالبه بالتوقف عن إجراء الانتخابات المحلية الخدمية وأن تعتبر هذه الانتخابات خطراً على أمنها القومي.
وأشار كوجر إلى المناطق السورية التي احتلها الدولة التركية في عمليات عسكرية سابقة، وقال إن أنقرة تمارس سياسة تتريك وتغيير ديمغرافي وتهجير للكرد وربط المناطق إدارياً وتعليمياً بتركيا، بغية خلق واقع جديد يمهد لإلحقاها بالدولة التركية في المستقبل. ونوه إلى أن الأهالي في تلك المناطق يعانون تحت حكم أمراء الحرب وقادة الميليشيات الذين يتقاسمون الأموال والمعابر ويتقاتلون على الموارد والثروات وأملاك المواطنين المهجّرين.
وبالحديث عن الاستعدادات للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 11 يونيو/حزيران الجاري، أوضح كوجر أن الاستعدادات للانتخابات باتت مكتملة، وأن هناك أكثر من خمسة آلاف مرشح ومرشحة، في حين أعلن أكثر من 30 حزباٍ سياسياً وأكثر من 270 مرشحاً مستقلاً مشاركتهم في الانتخابات. وأضاف أن إعلان بعض الأحزاب والقوى المعروفة بعلاقاتها مع المعارضة المسلحة الموالية لتركيا مقاطعتها للانتخابات جاء نتيجة أوامر تركية مباشرة، وأن هؤلاء معروفون لدى الشارع في مناطق الإقليم بأنهم جزء من سياسة الاحتلال التركي، وبالتالي لا أهمية ولا حضور لهم.
كما انتقد كوجر موقف الولايات المتحدة من الانتخابات، وقال إنهم يتحدثون دائماً عن «الحوكمة» و«الإدارة الرشيدة» و«مشاركة الجماهير» وضرورة تمثيلها لنفسها في المجالس والمؤسسات المختلفة، إلا أنهم يرفضون الآن الانتخابات البلدية، رضوخاً للضغوط التركية، ويناقضون أنفسهم ويمثلون الإزدواجية في أوضح صورها. ودعا كوجر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إرسال مراقبين لمرافقة سير العملية الانتخابية بدل الدعوة إلى تأجيل الانتخابات والتماهي مع الموقف التركي. كما أوضح أنهم في اللقاءات القادمة مع ممثلي المنظمات الأهلية، التي تدعم الحكومة والمشاركة الشعبية ونشر الوعي البيئي وحماية حقوق الإنسان والطفل والمرأة والبيئة، سوف يتحدثون عن هذه الإزدواجية وينقلون غضب واستياء الناس منها ومن الرضوخ لسياسات التهديد التركية وعداء أنقرة للديمقراطية والاستقرار.
وبالحديث عن موقف النظام السوري من الانتخابات البلدية، أشار نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا إلى أن النظام السوري لم يغير من عقليته القديمة، وهو ما يزال يريد العودة بالوضع في البلاد إلى ما قبل عام 2012، وقال: «لولا الإدارة الذاتية، لكانت سوريا مقسمة منذ فترة طويلة. إن فلسفة واستراتيجية الإدارة الذاتية هي التي صانت وحدة الأراضي السورية وهي التي حافظت على وحدة سوريا أرضاً وشعباً وهي التي طردت الإرهاب بمختلف مسمياته، بينما تعاون النظام السوري وأدواته مع دولة الاحتلال التركي في ضرب الإدارة والعمل على زرع الشقاق والتنازع بين مكوناتها، كما حدث في دير الزور قبل أشهر عندما عمل الطرفان على إذكاء الفتنة وضرب الاستقرار والأمن هناك. إن رهان الإدارة يبقى على تلاحم المكونات وإصرارها على حماية منجزها المتمثل في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، ذلك المنجز الذي حمته ودافعت عنه بدماء الآلاف من أبنائها. وأن التلاحم بين المكونين العربي والكردي هو السلاح الأقوى في الحفاظ على الإدارة وتوطيدها وترسيخ الديمقراطية والمشاركة الشعبية، بحيث تصبح ملاذاً وحاضنة لكل السوريين بغض النظر عن أصولهم وعقائدهم. ومن هنا، فإن الكل متفق على رفض الاحتلال التركي وحكم أدواته ومُصرّ على الدفاع عن الإدارة بكل قوة وحزم».