المركز الكردي للدراسات يناقش العدوان التركي على إقليم شمال وشرق سوريا في برنامج حواري
المركز الكردي للدراسات
قدم المركز الكردي للدراسات برنامجًا باللغة الكردية حول الهجمات التركية الأخيرة على البنية التحتية في إقليم شمال وشرق سوريا، والتطورات والمستجدات داخل تركيا، وسياسة تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية القائمة على العداء للكرد ومواصلة الرهان على الحرب والقمع بحقهم. واستضاف البرنامج الذي قدمه الزميل طارق حمو، كل من حسن كوجر نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الادارة الذاتية الديموقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا والصحفي والإعلامي الكردي محمد دروش.
وشرح حسين كوجر سياسة الدولة التركية حيال الكرد عمومًا ومناطق الإدارة الذاتية خصوصًا، وقال أن الهجمات الحالية التي تطال البنية التحتية في إقليم شمال وشرق سوريا إنما هي في الحقيقة نتاج العقلية القائمة على الإنكار والتصفية التي تنتهجها الدولة التركية إزاء وجود وحقوق الشعب الكردي منذ مائة عام. إنها عقلية عنصرية لا تقبل أي حضور أو حقوق للكرد في أي مكان. وتستغل الدولة التركية الآن كل الظروف والمستجدات لإدامة هذه السياسة العدائية تجاه الكرد، وما الدعم الذي تقدمه الحكومة التركية الحالية لتنظيمات الإخوان المسلمين والجهاديين ، إلا إحدى أوجه تفعيل هذه المنظمات واستخدامها كأدوات لمحاربة الشعب الكردي والنيل من مكتسباته.
واضاف كوجر بأن تركيا ترى في إقليم شمال وشرق سوريا خطرا على سياستها وعقليتها ومخططاتها في إبقاء الكرد بدون حقوق وحضور سياسي في المنطقة. وتستفيد تركيا من عداء الأنظمة الحاكمة في كل من سوريا وايران للشعب الكردي، وكذلك الصمت والتواطؤ الواضح من قبل روسيا وبعض القوى الإقليمية، في محاصرة الكرد وتدمير مكتسباتهم. تركيا حاولت وتحاول تدمير مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، بكل الوسائل والسبل، فهي تتدخل لتحريض المكونات ضد بعضها البعض، وتدعم الجهاديين والمجموعات الخارجة عن القانون، وكل ذلك بغيةالنيل من مشروع الإدارة الذاتية ونشر الخراب والدمار في كل المنطقة ودفع سكانها للهجرة. إن آثار الاحتلال التركي لكل من عفرين وسريكانيه/ رأس العين، وتل أبيض/ كري سبي، وما حدث من تهجير للكرد وإحداث تغيير ديمغرافي كامل، يشرح حقيقة السياسة التركية حيال الكرد وما تخطط له تركيا من إبادة وتهجير واقتلاع للكرد من مناطقهم.
وتابع كوجر إذا ما توافقت وسمحت الظروف فإن الدولة التركية لن تدخر أي فرصة للهجوم البري على مناطق شمال وشرق سوريا، وإذا لم يحدث الهجوم البري، فذلك ليس لأن تركيا لا ترغب في ذلك، بل لأن الظروف الدولية لم تسمح بذلك. الواضح بأن هناك موافقة ضمنية من قبل اميركا وروسيا وضوء أخضر للدولة التركية بإستخدام المجال الجوي السوري للهجوم على البنية التحتية في شمال وشرق سوريا، لكن دون تقديم الموافقة بالهجوم البري. الدولة التركية تستغل الآن ما يحدث في غزة من هجوم إسرائيلي، في التغطية على هجومها على مناطق شمال وشرق سوريا. الواضح أنها تريد أن تمارس البطش والعنف المفرط في مناطقنا، على غرار ما تفعله إسرائيل في غزة. وهي الآن تريد أن يوافق العالم كله وأن يصمت على هجماتها على مناطقنا، وتعتبر ذلك ثمنا للسكوت على ما تفعله إسرائيل في غزة، أي انها تمارس سياسة تشبه المقايضة أو سياسة واحدة بواحدة.
واوضح كوجر بأن سكوت العالم على هجمات الدولة التركية التي تطال البنية التحتية في إقليم شمال وشرق سوريا، عبر منح تركيا الضوء الاخضر والموافقة الضمنية على شن المزيد من حملات الحرب والقتل والتخريب، والقول بأن هذه الدول تتفهم “دواعي ألأمن القومي التركي” ما هو في حقيقة الأمر الا موافقة ضمنية لتركيا بالهجوم. والواضح أن العالم كله يعرف بأن حجج الدولة التركية في الهجوم على مناطقنا غير محقة، وأن تركيا تدعم تنظيم “داعش” وتعمل على تأهيله واستخدامه ضد الإدارة الذاتية. والآن الهجمات التي تطال السجون التي يحتجز فيها أعضاء “داعش” تستهدف لتحرير هؤلاء ومنح خلايا التنظيم النائمة فرصة جديدة للظهور وتنظيم صفوفها والهجوم على مؤسسات ومظاهر الإدارة الذاتية لتخريبها وتقتيل المدنيين. من المهم إفهام التحالف الدولي بأن أي ظهور لتنظيم “داعش” سيكون تركيا المسؤولة عنه، وأن ما يحدث الآن من هجمات تركية على مناطقنا إنما الهدف منها هو إعادة “داعش” للوجود. ان السكوت على هجمات تركيا ومنحها المجال الجوي لاستخدام الطائرات الحربية والمسيرات، إنما هو في واقع الحال موافقة على هذه الهجمات، وكل هذه الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها آلة الحرب التركية لحقوق المدنيين في مناطقنا. وهذه السياسة المداهنة لتركيا ستقوض الحرب على الارهاب، وستكون السبب في منح “داعش” الفرصة للعودة مرة أخرى واستهداف المنطقة وعموم العالم.
واختتم حسن كوجر نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية الديموقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا مشاركته بالقول: أن المطلوب من التحالف وروسيا فرض حظر جوي على المنطقة، ومنع الطائرات التركية من انتهاك المجال الجوي السوري وشن الهجمات ضد البنية التحتية في الإدارة الذاتية، مشيرًا بان مكونات إقليم شمال وشرق سوريا متمسكون بأرضهم، رغم حجم جرائم الدولة التركية وهجماتهم العنيفة. هناك تعاون وتعاضد بين المكونات. والكل متفق على مواجهة العدوان التركي ورفض مغادرة المنطقة والهجرة منها. المكون العربي في دير الزور والرقة ومنبج متمسك بالإدارة الذاتية ولن يقبل بديلا عنها أي نموذج آخر. أهالي تلك المناطق يرفضون آن يعيشوا تحت حكم النظام والميليشيات الإيرانية، أو تحت حكم المناطق المحتلة من قبل تركيا وامراء الحرب التابعين لها. هم يريدون الإدارة الذاتية القائمة على إخوة الشعوب والعقد الاجتماعي، والرافضة لكل أشكال التطرف القومي والديني، أو الارتهان للخارج ومشاريع القوى الإقليمية المعادية لمصلحةالوطن والشعب السوري.
من جهته أوضح الصحفي والإعلامي محمد دروش بأن الدولة التركية التي ابادت الأرمن ومن ثم السريان ومن ثم هجرت اليونانيين في الخمسينيات ، تريد الآن إبادة الكرد وتهجيرهم وصهرهم. هي ترى بأنها لم تنجح في مخططها ذلك، كما نجحت مع الأرمن والسريان واليونانيين. الواضح بان الهجمات الحالية التي تستهدف البنية التحتية في إقليم شمال وشرق سوريا إنما هي هجمات مخطط لها، وتندرج ضمن السياق العام لسياسة الحرب التركية المعلنة ضد وجود وحقوق الشعب الكردي. من الخطأ إرجاع الهجمات إلى حادث هنا أو هناك. تركيا تستغل كل حدث أو مستجد سياسي، سواء في الإقليم أو العالم، لشرعنة وتبرير حربها ضد الكرد. كذلك فهي تقايض مواقفها في أي ملف، بموقف معادي ضد الكرد تستحصل عليه من الدول الأخرى. راينا ذلك في موقفها من انضمام كل من السويد وفنلندا لحلف شمال الاطلسي( الناتو)، كان ثمن موافقة تركيا هو ممارسة البلدين التضييق على الإدارة الذاتية وعلى الجاليات الكردية فيهما. والموافقة على ضم السويد كان ثمنها الحصول على موافقة منح تركيا طائرات أف 16 الحديثة، والتغاضي عن قصف مناطق شمال وشرق سوريا.
وتابع الصحفي محمد دروش بأن الدولة التركية التي مارست إبادة سياسية ضد الكرد في شمال كردستان ، من حيث اعتقال الآلاف من السياسيين الكرد، ووضع اليد على البلديات ورفع الحصانة عن البرلمانيين، واعتقدت بأنها أضعفت حزب الشعوب الديموقراطي وخليفته الحالي حزب المساواة والديمقراطية للشعوب، وهو ما لم يحصل. وقد تفاجأت الدولة التركية بالحراك الكردي مجددًا عندما رأت عشرات آلاف المواطنين وهم يتجهون الى معبر كملك لتحية القائد الكردي عبد الله اوجلان المحتجز في سجن جزيرة ايمرالي منذ عام 1999، وكذلك الحضور الجماهيري الكبير للمؤتمر التأسيسي لحزب المساواة والديمقراطية للشعوب، وأخيرا العملية العسكرية النوعية التي نفذها المقاتلون في حزب العمال الكردستاني ضد قواعد الجيش التركي في إقليم جنوب كردستان، واسفرت عن مقتل عشرات الجنود الاتراك.
واختتم الصحفي والإعلامي الكردي محمد دروش مداخلته بأن السبب في اعتراف الدولة التركية بأعداد قتلى الجيش التركي جراء عمليات حزب العمال الكردستاني، يعود الى بث المركز الإعلامي في قوات الدفاع الشعبي الكردستانى لمشاهد العملية، والتي تظهر خسائر الجيش التركي، ولأن قتلى الجيش هم من الجنود النظاميين ، وليسوا من المرتزقة الذين اعتادت الحكومة التعاقد معهم مقابل رواتب شهرية، واتفقت معهم إنهم في حال مقتلهم، يستفيد ذويهم من الرواتب شرط التكتم على خبر موتهم. وحكومة حزب العدالة والتنمية والحركة القومية تريدحشد الرأي العام ضد الكرد داخل وخارج تركيا، بغية الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات في الانتخابات البلدية القادمة في مارس/ آذار 2024. وما الهجوم الشامل على شمال وشرق سوريا بهذا العنف وتخريب البنية التحتية وتدميرها، إلا دليل واضح على محاولةالحكومة استغلال هذه الحرب لمصلحتها وفي سبيل الحصول على أصوات اكثر. تركيا على الصعيد الإقليمي والدولي تستغل الملفات العالقة للمقايضة على فرض مزيد من الحصار والتضييق على الكرد، فبالنسبة لها تقويض مكتسبات الكرد والنيل منها هو أهم واكبر انجاز تحققه، وهو أهم لديها من التنمية أو تحقيق الازدهار والديموقراطية