النهضة المُجهَضَة: من سيفر 1920 إلى لوزان 1923
خاص/ المركز الكردي للدراسات
مثلت فترة الحرب العالمية الأولى (1914-1918) ذروة الآمال الوشيكة ولكن المُجهَضَة للكرد وعدد من شعوب منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا في التشكل الدولتي الحديث والمشاركة الفعالة في النظام العالمي. كان الكرد الأمة الوحيدة تقريباً التي حدث نوع من “التواطوء التاريخي” بين فواعل السياسة الإقليمية والدولية على حرمانهم الدولة، فيما حصل العرب على عدد من الدول أو أشباه الدول، وحصل الترك والفرس، كل منهم على دولةـ ولو أن منجز الدولة لديهم غير متوافق عليه بالتمام، إذ إن ظاهرة الدولة في المنطقة غير مستقرة، والمهم أنها موضوع نزاع وصراع يهدد بتفجيرها. وهكذا، فإن دول المنطقة، وخاصة في غرب آسيا، تعد الكرد مصدر تهديد لها، وثمة توافق تام الأركان تقريباً بينها على ذلك. الأمر الذي يجعل القضية الكردية جرحاً نازفاً، وبلا توقف.
تتألف الورقة من ستة محاور: أولاً: في الرؤية والمقاربة، ثانياً: انتهازية تاريخية، ثالثاً: تحت راية مصطفى كمال، رابعاً: اتفاقية سيفر 1920، خامساً: اتفاقية لوزان 1923، سادساً: متلازمتا سيفر ولوزان!
أولاً: في الرؤية والمقاربة
ما الذي حدث بين “وعد الدولة” كردياً وفق معاهدة سيفر 1920، و”إجهاضه” وفق معاهدى لوزان 1923، وهل يعود إجهاض الحلم الكردي في النهضة وبناء الدولة، لـ “أسباب كردية”، أي تخص الكرد أنفسهم، أم لأسباب إقليمية ودولية؟
تتناول الورقة لحظة تاريخية حاسمة في تاريخ الكرد والمنطقة، 1920-1923، والواقع أنهما لحظتان فارقتان، ومتعاكستان: لحظة سيفر 1920، ولحظة لوزان 1923. وباعتبار أن التركيز على العامل الكردي، فإن السؤال هو: لماذا أمكن للترك والفواعل الأخرى القطع مع لحظة سيفر 1920 التي قالت بحق الكرد بكيانية دولتية، وإيقاف ذلك الاندفاع القوي للكرد نحو الدولة؛ ولحظة لوزان 1923 التي دشنت تاريخاً من التنكر والقمع والتسلط ضد الكرد في تركيا، بالمعنى المادي والرمزي، الأمر الذي أثار استجابات كردية متكررة تمثلت بعدد كبير من الانتفاضات والثورات.
وكيف أمكن لتركيا في بدايات القرن العشرين أن تعيد إدراج الكرد في سياسات الدفاع عن السلطنة، وتمكن مصطفى كمال من إدراجهم في قواته والمشاركة في حروبه مع الغرب والسلطان ومع الكرد أنفسهم، بل كانوا عماد القوة التي أقامت الجمهورية التركية؟
تحاول الورقة البحث في “العوامل الكردية” أو “الذاتية”، في تفسير وتحليل إخفاق مشروع الدولة لدى الكرد، على الرغم من بروزه المبكر في الفترة العثمانية المتأخرة، تحديداً، قبيل الانهيار العثماني مع الحرب العالمية الأول. ولو أن العامل الإقليمي والدولي كان غالباً وقاهراً على هذا الصعيد. وسوف تظهر التطورات ردود الفعل الكردية، وخاصة الثورات والانتفاضات المستمرة في الأناضول، وأن لدى الكرد الهمة والقوة من أجل تحقيق النهضة والكيانية الدولتية، ولاحقاً من أجل تحقيق السلام لشعوب المنطقة، في أفق “الأمة الديمقراطية”، بتعبير أثير للقائد الكردي عبد الله أوجلان. وهذا باب يتطلب المزيد من البحث والتقصي والتدقيق.
شهدت منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا، وليس فقط الكرد، تحولاً تاريخياً، عبر عنه إتفاقان تاريخيان: الأول هو سيفر عام 1920 والثاني هو لوزان 1923، كما لو أن كلاً منهما يحيل إلى ميزان للمعنى والقوة مختلف بالتمام عن الآخر. ويبدو أن لوزان “نَسَخَ” -بالمعنى الذي يرد لدى الفقهاء- اتفاق سيفر 1920، بكيفية لم تراع تطلعات شعوب المنطقة وكفاحها القومي أو نزوعها من أجل التشكل الكياني، دولة أو دولاً. ولا تذهب الورقة بعيداً أو عميقاً في خط الإجابة على الأسئلة المذكورة، إلا أنها تحاول تلمّس بعض أسس وأطر التفكير بهذا الخصوص.
ثانياً: انتهازية تاريخية
كان الكرد موضوع رؤيتين انتهازيتين سلطانية وكمالية، وحققتا إلى حد كبير ما كانتا تصبوان إليه كردياً، والكرد لم يخذلوا أحداً تقريباً، ولكن قواعد اللعبة ومنطق السياسة والتاريخ وإكراهات الواقع هو الذي شكل الأمور.
أعلنت السلطنة (كان السلطان تحت تأثير جماعة الاتحاد والترقي) “الجهاد ضد الكفار” خلال الحرب، وتم إيقاف الحياة السياسية والثقافية والجمعيات، ونجحت السلطنة في حشد الكرد في جبهات القفقاس والعراق، الكرد الذين قدموا:
جيشين، الجيش الحادي عشر (11) ومقرة خاربوط، والجيش الثاني عشر (12) ومقره العام في الموصل، وكانا من الكرد بالكامل. و(4-5) فرق من الخيالة من الجيش الاحتياطي، وقوات لحرس الحدود والجندرمة، والقوام الرئيس للجيشين التاسع (9) في أرضروم والعاشر (10) في سيواس، كان من الكرد؛ وقاد الكرد 135 سرية من الخيالة الاحتياط، بالإضافة إلى عدد من وحدات الحدود ومجموعات كاملة من رجال الدرك وقوى الأمن.[1]
تعرَّضَ المجال الكردي لدمار كبير جراء الحرب، وثمة تقديرات بأن مئات الألاف من الكرد قتلوا أو أصيبوا خلال الحرب، كما مات كثيرون جراء المجاعة والأمراض والفوضى. وربما وصل عدد الضحايا الكرد خلال الحرب إلى المليون.[2]
أرسل لطفي فكري عضو مجلس المبعوثان السابق عن ولاية ديرسيم إلى السلطان محمد (وحيد الدين) السادس في آب/أغسطس 1918 آملاً أن ينال الكرد حقوقهم، بعد مشاركتهم القوية في الحرب، وكونهم لم ينخرطوا في الصراع على السلطة بين الاتحاديين والسلطانيين، إذ وقفت “جمعية الدفاع عن حقوق الولايات الشرقية” التي كانت تنشط في إسطنبول على الحياد في ذلك الصراع. وفي عام 1919 كانت الجريدة الناطقة باسم الجمعية المذكورة في إسطنبول (حادثات) تتحدث عن حقوق للكرد، كما قامت الجمعية بمراسلة رؤساء دول الائتلاف التي دخلت قواتها إسطنبول بعد هدنة مودرس 1918.
ثالثاً: تحت راية مصطفى كمال
من الأمور التي يصعب تفسيرها قومياً! كيف أن رئيس فرع الجمعية المذكورة في أرضروم وجه دعوة إلى مصطفى كمال (10 تموز/يوليو 1919) لترؤس مؤتمر الجمعية. وكان كمال اتجه لتركيز جهوده على المنطقة الشرقية والكردية من أجل حشد القوى ضد الحلفاء ولاحقاً لاحتواء إسطنبول بشكل غير مباشر.
في (22 حزيران/يونيو 1919) وجه كمال خطاباً أو تعميماً حول الوضع إلى الأعيان وولاة الولايات ذات الأكثرية الكردية، مثل أرضروم وسيواس وآمد/ديار بكر ووان وغيرها، والزعماء والناشطين والقيادات، طلب فيه حضور ممثلين عنهم إلى مؤتمر في (10-23 تموز/يوليو 1919). وفي (28 حزيران/يونيو 1919) جرى استقبال احتفالي لـ كمال في سيواس، فقد نجحت حركته بكسب الكرد إلى صفه وحشدهم ضد قوات الحلفاء واليونانيين فيما سمي “حرب التحرير” أو “الاستقلال” التي انطلقت فعلياً من “المجال الكردي”!
في (18 تموز/يوليو 1919) وجه كمال رسالة إلى جعفر طيار قائد الجيش الأول في أدرنة متحدثاً عن عزمه تأسيس جبهة لتحرير البلاد تنطلق من شرق الأناضول، وطلب منه إرسال ممثلين من أسطنبول إلى أرضروم، حيث عقد المؤتمر (10-23 تموز 1919). وقد مثلت التطورات ضربة قاضية لمشروع إقامة “دولة كردستان المستقلة تحت الحماية البريطانية”، التي لم يعد لها أي معنى طالما أن الكرد انضموا للترك في مواجهة الغرب.
في (24 تموز/يوليو 1919) انتخب مؤتمر الجمعية كمال رئيساً لجمعية الدفاع عن الحقوق شرق الأناضول. بعد ذلك راسل كمال رؤساء العشائر الكردية ورجال الدين والطرق الصوفية والأعيان والولاة إلخ داعياً إياهم للمشاركة في الحرب بقيادته، ومتحدثاً عن دور الكرد في نصرة خليفة المسلمين إلخ ولكن كمال لم يسمح بتشكيل قوات أو تنظيمات على أساس كردي.
وعليه، انقسم الكرد إلى فريقين:
– الفريق الأول،
يؤيد الانضمام إلى جهود كمال في محاربة التحالف، وتأجيل المطالب الكردية، ومن ذلك جمعية الدفاع عن حقوق الولايات الشرقية. وشارك هؤلاء في مؤتمر سيواس (4 أيلول/سبتمبر 1919) بوفد مؤلف من مصطفى كمال! والشيوخ رائف أفندي وشوقي أفندي، وسامي بك. واتخذ المؤتمر المذكور قرارات “لا كردية” بتحويل الجمعية إلى جمعية الدفاع عن حقوق الأناضول وبلاد الروم، وعارض فكرة الدويلات والكيانات المستقلة، ورفض الانتداب.[3] ومضى كمال في تعبئة الكرد في حركته لمحاربة الحلفاء واليونان والكرد الآخرين الميالين للاستقلال.
وقف الزعماء الكرد مع كمال مُتخلّين عن طموحاتهم القومية من أجل بناء القومية التركية، ولم يدافعوا عن السيطرة والدولة في مناطقهم ضد الأرمن والروس (تواصل مع البلاشفة دقق) والبريطانيين، وإنما ضد القوميين الكرد أنفسهم أيضاً، وذهبوا لمقاتلة اليونانيين وقوات الحلفاء، وكان معظم قوات معارك سقاريا وإينونو والمعارك ضد الفرنسيين في كيليكيا من الكرد.
في الفترة (10-23 تموز/يوليو 1919)عقد مؤتمر أرضروم وهو المؤسس لتركيا والمُجهض للكيانية الكردية، وجاء في بيان المؤتمر أن “ولايات أرضروم، وسيواس، وديار بكر، وخربوط ووان، وبدليس هي جزء لا يتجزأ من الإمبراطورية العثمانية لا يمكن سلخه أو تقسيمه تحت أية ذريعة كانت. ويأخذ المسلمون القاطنون في هذه الأراضي بالحسبان الخصائص العرقية والاجتماعية لكل مجموعة من المجموعات، التي تتألف منها الأمة. وهكذا فإن جميع هذه العناصر الإسلامية تعتبر نفسها إخوة ولدوا من أب وأم واحدة”.[4] ويمكن تركيز خلاصات المؤتمر على النحو الآتي:
- الأناضول وطن موحد لا يقبل القسمة.
- إذا انهارت السلطنة العثمانية فإن الأمة التركية تناضل من أجل حقوقها، وتدافع عن الوطن ضد الأجنبي.
- عندما تفشل حكومة اسطنبول في حماية الوطن ستؤلف حكومة مؤقتة يختارها المجلس الوطني العام أو الهيئة التأسيسية.
- يجب العمل على تنظيم وتنشيط القوى الوطنية من أجل الحفاظ على سيادة وإرادة الأمة.
- لا يمكن منح المسيحيين حقوقاً وامتيازات تخل بالسيادة والتوازن الاجتماعي.
- رفض الانتداب أو الوصاية رفضاً باتاً.
تم انتخاب كمال رئيساً للهيئة التأسيسية المؤلفة من /9/ أشخاص، واندمجت الجمعيات الكردية للدفاع عن الولايات الشرقية إلى جمعية الدفاع عن الأناضول وبلاد الروم، وتم انتخاب 3 كرد من أصل 8 كلجنة إشراف على المؤتمر.
الفريق الثاني
يرفض الفريق الثاني التحالف مع الترك، ويدعو للتواصل مع الحلفاء من أجل إقامة كيان كردي أو دولة للكرد، ومنه جمعية تعالي كردستان (كردستان تيالي جمعيتي)، التي انطلقت من اعتبارات قومية متأثرة أو معتمدة على مبادئ ويلسون المعروفة، وأهمها “حق الأمم في تقرير المصير”.
وكان الكرد في أوج انخراطهم الحداثي المتعلق بالهوية والأمة والدولة، حسبما عبرت عنه الجمعيات والمنتديات الكردية. وسوف يتضح أن الأسئلة الكبرى مثل: من هم الكرد، والموقف من الدين والخلافة والعرب والترك الفرس، والموقف من الغرب… أسئلة لم يمكنهم التعاطي معها بكيفية مناسبة، أو أن قطار التشكيل الحديث لمنطقة الشرق الأوسط أبعدهم، بما هم كرد، وأدرجهم في كيانات ودول وأشباه دول، بما هم عرب أو ترك أو فرس، أو بما هم جماعات إثنية وتكوينات قبلية ولغوية موزعة بين عدد من دول الإقليم. وهذا هذا باب فيه كلام كثير.
أثناء الإعداد لمؤتمر سيواس (4 أيلول/سبتمبر 1919) التقى كمال بقادة كرد عرضوا له موقفهم الرافض لإقامة دولة للأرمن في مناطق شرق الأناضول ذات أغلبية كردية (مداولات سيفر)، وأنهم سوف يعملون على إقامة دولة كردية، علماً أن ممثلي الكرد في فرساي برئاسة شريف باشا وقعوا –على غير توقع ونتيجة تقديرات جديدة وضغوط غربية- اتفاقاً (20 تشرين الثاني/نوفمير 1919) مع بوغاس نوبار ممثل الأرمن في باريس يتضمن تعهد الكرد والأرمن بأن يدعم كل منهما استقلال الآخر، وترك القضايا الخلافية المتعلقة بالمستوطنات الحدودية لمؤتمر السلام.[5] وتم التصديق على الاتفاق في معاهدة سيفر (10 آب/أغسطس 1920).
رفض مصطفى كمال مشروع القادة الكرد حول دولة كردية ضمن تركيا وتحت راية الخلافة، قائلاً: إن الدولة الكردية مشروع بريطاني.[6] وأضاف كمال بأنه لا يعتقد أن وزارة فريد باشا السلطانية سوف تمنح الكرد حقوقهم، كما نبه إلى أن الكرد فوضوا كمال بتمثيل الولايات الشرقية في المفاوضات القادمة مع الحلفاء، وأن الأولوية هي لمحاربة الأوربيين الطامعين وتحرير البلاد من أعداء الدين.
رابعاً: معاهدة سيفر 1920
في (10 أب/أغسطس 1920) اتفقت الدول المتحالفة في مدينة “سيفر” قرب باريس على معاهدة سوف تعرف لاحقاً باسم المدنية المذكورة. وقع عليها دول: إنكلترا وفرنسا وإيطاليا واليابان وبلجيكا واليونان ورومانيا وبولونيا والبرتغال وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا والحجاز وأرمينيا من جهة، والإمبراطورية العثمانية من جهة أخرى.
نصت المعاهدة على: منح تراقيا والجزر التركية الواقعة في بحر إيجه لليونان، وخضوع كل من سوريا والعراق للانتداب، واستقلال شبه الجزيرة العربية (حسين أمير مكة)، واستقلال أرمينيا، واعتبار مضائق البوسفور والدردنيل مناطق مجردة من السلاح وتحت إدارة عصبة الأمم، واستقلال كردستان، والسماح لولاية الموصل بالانضمام إلى كردستان.
كان إعداد الاتفاقية جزء من منظومة الصلح في مؤتمر فرساي (1919-1920). وأعدت المعاهدة (5) لجان وجاءت في (13) باباً و(433) مادة. تناول الباب الـ (6) المواد (88 – 92) القضية الأرمنية. ونصت المادة (88) على استقلال أرمينيا. وأما المواد الأخرى فتتعلق بترسيم حدود الدولة الأرمينية، وحماية الإثنيات، والتجارة …استناداً إلى تقرير لجنة هاربورد التي أرسلها ويلسون إلى المنطقة.
أما القسم الـ (3) من الباب الـ(3) فتناول الكرد، وحمل عنوان كردستان، ويتألف من المواد (62-63-64)، حيث قضت المادة (62) بتشكيل لجنة ثلاثية (بريطانيا، فرنسا، إيطاليا) مهمتها الإعداد لتأسيس حكم ذاتي للكرد في جنوب شرق الأناضول، أو في المنطقة “التي تمتد من شرق الفرات إلى الحدود الجنوبية لأرمينيا، والتي يجب أن تسوى فيما بعد مع شمال الحدود السورية – التركية، وما بين النهرين”.
وحسب المادة (27) فإنه في حال حدوث خلاف حول الحدود في جنوب شرق الأناضول وقرب الحدود مع إيران، أو في العلاقات الإثنية هناك، فإن على اللجنة أن تضم ممثلين عن الكرد والفرس، لبحث وإقرار التعديلات الضرورية على الحدود. ونصت المادة (63) على إلزام الحكومة العثمانية بتنفيذ ما تقرره اللجنة المشار إليها خلال 3 أشهر من إبلاغها.
نصت المادة (64) على أن الكرد المشمولين بالمادة (62) يمكنهم الذهاب إلى مجلس عصبة الأمم في حال كانت لديهم الرغبة في الاستقلال، “وإذا وجد المجلس وقتها بأن السكان مؤهلون لهذا الاستقلال فإنه سيقترح مَنْحَهُ لهم، وعندئذٍ تلتزم تركيا اعتباراً من ذلك التاريخ، بالتقيد بهذا الاقتراح، وبالتخلي عن أية حقوق وامتيازات لها في هذه المناطق، وتكون تفاصيل إجراءات التخلي هذه، مادة لمعاهدة خاصة بين دول الحلفاء الأساسية وتركيا”. وفي حال لم تمانع أي دولة من الدول الرئيسة في التحالف، فلن يكون ثمة مانع من انضمام الكرد إلى دولة كردية مستقلة. وفي شرق الأناضول منحت أرميينا الاستقلال ومنح الكرد هناك حكماً ذاتياً. ووضعت الأمور الاقتصادية والمالية والعسكرية للسلطنة تحت إشراف بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
قام 72 نائباً كردياً بمراسلة الحلفاء وأعربوا عن رغبتهم بالبقاء مع الترك في دولة واحدة ولا يريدون الانفصال، فردت العشائر بإعلان دولة في منطقة كوجيكري في 15 حزيران/يونيو 1920. وعندئذ قررت حكومة أنقرة إرسال وفد من الكرد المقربين لها لإبداء النصح، ترأس الوفد عثمان فوزي نائب أرزنجان في المجلس الوطني الكبير ودياب آغا نائب ديرسيم. ويبدو أن إعلان الدولة لم يكن جدياً، إذ سرعان ما تجاوب سيد رضا وعلي شير قادة الحركة الكردية لوفد المناصحة وتقدموا بمطالب كردية قومية غير انفصالية.
في بداية عام 1920 اتفقت القيادات الكردية في شرق الأناضول على تشكيل قوة عسكرية قوامها 45 ألف رجل لإقامة دولة كردية، ولكنهم اختلفوا على الكيفية. فريقان: الأول برئاسة مجو آغا قائد الجندرمة السابق ورئيس عشائر عباسان رأى الإعلان عن استقلال كردستان. والثاني برئاسة علي شان بك رئيس عشائر كوجكيري ورأى اتباع وسائل أخرى، مثل استطلاع موقف أنقرة.
اتفق الفريقان على استطلاع موقف حكومة كمال بتوجيه استيضاحات وأسئلة محددة حول مصير كردستان، أهمها: توضيح موقف حكومة مصطفى كمال من قرار حكومة السلطان بمنح الكرد حكماً ذاتياً، وموقف حكومة كمال من الحكم الذاتي للكرد، وسحب الإداريين الترك من المناطق ذات الطابع السكاني الكردي.
لكن الحكومة لم تجب بل أرسلت فريقاً للاتصال بالعشائر الكردية في منطقة ديرسيم لتهدئة الأوضاع. ولكن الكرد طردوا اللجنة، وأبرقوا لأنقرة (25 تشرين الثاني/نوفمبر 1920) بأنهم سوف يقيمون دولة كردية حسب مقررات سيفر.
كانت قرارات مؤتمر أرضروم (10-23 تموز/يوليو 1919) بمثابة المؤتمر التأسيسي للحركة الكمالية و”الميثاق الوطني” الذي أقر لاحقاً في كانون الثاني/يناير 1920، وهو مؤتمر إخفاق الحركة الكردية في لحظة انتقالية جنينية مشوشة، إذ خرج مؤتمر أرضروم المذكور بمقررات من قبيل: الأناضول وطن واحد غير قابل للقسمة. وتفويض الأمة التركية بالدفاع عن “الوطن” في حال إنهار الحكم العثماني.
وتأكدت أو تعززت مقرراته في مؤتمر سيواس 4 أيلول/سبتمبر 1919. وفي (23 نيسان/أبريل 1920) انعقد مؤتمر مجلس الأمة الكبير في أنقرة بحضور 115 نائباً من مختلف المناطق والقطاعات والتكوينات الاجتماعية والدينية والإثنية والعسكرية والإدارية، وشهد تجاذبات وخلافات عديدة حول السياسات المتبعة وما ينبغي اتخاذه حيالها. وبرزت تكتلات وتيارات مختلفة، على أسس دينية وقومية ومناطقية وقبلية، ولكنه انتخب مصطفى كمال رئيساً له بالإجماع!
رأى مصطفى كمال أن يعيد النظر في تكتيكاته فأعاد إحياء جمعية الدفاع عن حقوق الأناضول وبلاد الروم التي مثلت فرصة لإعادة دمج الكتل والتيارات على أسس جديدة، تنظيمية وليس تمثيلية. وأصبح مجلس الأمة الكبير تابعاً للجمعية وليس مركز القيادة وصنع السياسات.
نهضت الكمالية أو ما يسمى “حرب التحرير” تحت أعباء جغرافيّة واجتماعية واقتصادية ثقيلة، بدت الجغرافيا إنجازاً ونصراً كبيراً أو “لئماً” – ولو مؤقتاً – لـ”جرح نرجسي” أصاب السلطنة بمقتل! ومع ذلك علينا أن ندقق في أن مصطفى كمال أتاتورك لم يكن راضياً بالتمام عن “جغرافية” دولته، ونجح بالسيطرة على إسكندرون وضمه 1939، وحاول جاهداً استعادة السيطرة على ولاية الموصل، لولا أن بريطانيا كانت متمسكة بضمها للعراق.
اتجه الكماليون للسيطرة على أراضي جمهورية يريفان السوفيتية، ولكن انتهى الأمر بتوقيع الكماليين لاتفاق تحالف مع الروس (16 أذار/مارس 1921) قضى بتنازل السوفييت عن باطوم وقارس، أو ما يعادل ثلثي أرميينا التي رسمت حدودها معاهدة سيفر، ما أدى إلى موت مشروع الدولة الأرمينية في تركيا وتوجيه ضربة قاتلة لمشروع أرمينيا الكبرى.[7] وتم توقيع اتفاق مماثل مع الجورجيين والأذريين (13 تشرين الأول/أكتوبر 1921).[8]
أدت هزيمة الجيش اليوناني أمام الكماليين في موقعة سقاريا (8-13 أيلول/سبتمبر 1921) إلى إنهاء الجزء الخاص باليونان أو اليونانيين في معاهدة سيفر (تراقيا حتى حدود تشاطلجة وجزيرتي أمبروس وتيندوس، وأزمير وملحقاتها)، وقام الكماليون بعدها بتهجير أكثر من مليون يوناني. وفي العام (1923) كانت اتفاقية لتبادل السكان بين تركيا واليونان، وانتقل (أو هُجِّر) بموجبها (1,3) مليوناً من اليونانيين (والترك المسيحيين) مقابل (500) ألف من الترك (والمسلمين اليونانيين).[9]
كان الكرد عماد القوات التي هاجمت الفرنسيين في كيليكيا، رافضة اتفاق سيفر وكذلك اتفاق شريف باشا –نوبار حول الدولتين الأرمنية والكردية. وأدت الضغوط الكمالية على فرنسا إلى انسحاب الأخيرة من الجزيرة العليا وتوقيع اتفاق الحدود بين تركيا وسوريا (20 تشرين الأول/أكتوبر 1921) المعروف باتفاق هنري فرانكلان بويون – يوسف كمال أو اتفاق أنقرة الأول.
قام مصطفى كمال بإعادة تشكيل قوة مؤسسة للدولة في تركيا من تحالف كردي – تركي –عربي متعدد، مستفيداً من آلية تشكيل ولعب على تناقضات وإدارة مخاوف ومخيال جمعي وفرعي. وهكذا أمكنه إدراج الكرد في حملته مستفيداً من مخاوف كردية مصدرها الأرمن الذين دخلوا في صراع مع الكرد والترك، وحشد الكرد في معركته من أجل “منع الكفار اليونان والأرمن والفرنسيين والبريطانيين من اجتياح وطنهم”.[10]
استفاد كمال من الاضطراب في سوريا وأدرج الثورات السورية ضد الفرنسيين في سياساته، ولعب بالورقة ضد فرنسا وضد الكرد وضد العرب أنفسهم. وكانت ثورات إبراهيم هنانو وصالح العلي وثورة الرقة على صلة وثيقة وتحالف عسكري وسياسي مع الكماليين، وفي أواخر العام 1921 كان الكماليون مسيطرين على الجزء الأكبر مما سيعرف لاحقاً بـ تركيا.
خامساً: معاهدة لوزان 1923
يبدو أن الرئيس الفرنسي ريمون بوانكاريه كان الوحيد الذي رأى ان اختيار مكان معاهدة سيفر 1920 لم يكن موفقاً، “فقد اشتهرت سيفر بصناعة الخزف الصيني، ولكنه كان هشاً سهل الكسر،[11] وهو ما سوف تتولاه –بتأثير عوامل عديدة- تطورات الموقف في المنطقة، منها موقف مصطفى كمال (أتاتورك) في الأناضول، فقد رفضت حركته المعاهدة، واستطاعت التوصل إلى معاهدة جديدة باسم “معاهدة لوزان” لعام (1923) التي “نسخت” معاهدة سيفر لعام (1920)، كأنها لم تكن.
كان الأعيان والزعماء الكرد أحد عوامل تحطيم معاهدة سيفر وإنتاج معاهدة لوزان، فقد اندفعت فواعل كردية من قيادات قبلية وبيروقراطية عثمانية وعسكر وقوميين كرد متدينين مع جهود كمال في إجهاض سيفر، ليس لأنهم ضد كيانية كردية بالمعنى القومي، وإنما لاعتبارات عديدة منها:
- مخاوف من أن يؤدي تطبيق سيفر إلى إقامة محاكم تتهم الفواعل بالإبادة الأرمنية.
- مخاوف من إنشاء دولة أرمنية كان من الواضح أنها سوف تضم جزءاً كبيراً من الجغرافية الإسلامية أو الكردية.
- إقامة الدولة الأرمنية يعني خسارة الأعيان إقطاعات واسعة تمت مصادرتها من خلال الحرب على الأرمن 1895-1915.
- بروز التباينات والاختلافات بين الكرد وبين بريطانيا والحلفاء، ذلك أن الإنكليز أبدوا ميلاً متزايداً نحو تركيز الجهود على كيانية خاصة بكرد الجنوب (كردستان الجنوبية) وأجزاء من شرق الأناضول، كما أن الفرنسيين أبدوا اهتماماً متزايداً بالكرد ضمن الجزيرة السورية.
- الانقسامية الكردية المتزايدة والتباينات في الموقف من إسطنبول وأنقرة والغرب، والتباينات في الأولويات الكردية.
- نجاح كمال في تحقيق تحالف إثني وعسكري وسياسي عابر للقوميات وقدرته على الاستثمار في التناقضات وتحريك فواعل الرأي والأعيان وإدراجها في خدمة مشروعه.
- التغير في التوازنات والمنافسات الدولية، وميل بريطانيا وفرنسا لقبول الحركة الكمالية، بوصفها قوة حداثية وتوحيدية ودولتية بديلة عن السلطنة العثمانية.
وهكذا انهزم الجيش اليوناني في غرب الأناضول، والفرنسي في كيليكيا، وانكفأ البريطانيون في جنوب شرق، وأحكم مصطفى كمال قبضته على المجال الكردي شرق الأناضول، وقمع بشدة محاولات كردية لإقامة كيانية سياسية أو دولتية. وكان الزعماء الكرد هم أدواته في ذلك، إذ قضى الجيش والميليشيات الكردية على انتفاضة الكرد العلويين في آذار/مارس 1921. وانسحبت من الأراضي التركية القوات الإيطالية واليونانية والفرنسية بين 1920 و1921، ومنذ 1922 كان البريطانيون مستعدين لبحث شروط السلام مع حكومة مصطفى كمال.
عقد مؤتمر جديد للتسوية (21 تشرين الثاني/نوفمير 1922)، قامت مفاوضات بين تركيا والدول الأوربية لمدة (11) أسبوعاً في لوزان- سويسرا، وانتهت بتوقيع اتفاق حمل اسم المدينة (24 تموز/يوليو 1923). وجاء بمثابة نقض لاتفاق سابق عقد بين الحلفاء والحكومة العثمانية (1920). مثلما جاء لتثبيت “تحولات كبرى” حدثت في تركيا: التحول من السلطنة إلى الدولة الجمهورية، وتولي الحركة الكمالية أمور الحكم، وتغير موازين القوى على الأرض، وبروز هواجس جديدة لدى أوربا تتعلق بالثورة البلشفية والمخاوف من تمددها إلى المنطقة وإلى أوربا نفسها.
حددت المعاهدة أوضاع الأناضول – المركز العثماني السابق بأن نسخت ما قررته معاهدة سيفر والتي كانت قسمت السلطنة، بما فيها المركز نفسه، بين مناطق سيطرة ونفوذ كما سبقت الإشارة. وأقرت بالسلطات الجديدة في تركيا، وقبلت بالحركة الكمالية وريثاً مقبولاً في النظام العالمي والترتيبات الإقليمية للمنطقة.
أجهضت معاهدة لوزان 1923 الخرائط والجغرافيات الخاصة بالكرد والأرمن واليونانيين، واختلقت جغرافيات سياسية جديدة أو عدلت عليها. وقضت نهائياً على الجغرافيا العثمانية. وأقرت نظام تأسيس الدول الحديثة في المنطقة، وفقاً لمبدأ الجنسية (الناسيونالية) نظام “ويستفاليا مشرقية”[12] كما لو أنها “ويستفاليا تركية – عربية”.[13]
تتألف معاهدة لوزان من (143) مادة في (5) أقسام تناولت: المضائق البحرية، وتبادل إلغاء التعهدات، وتبادل السكان بين تركيا واليونان،[14] والاتفاقيات، والرسائل الملزمة. وأقرت استقلال الجمهورية التركية، وحماية الإثنيات العرقية (اليونان والأرمن) ولو أن معظم اليونانيين في تركيا والترك في اليونان تم مبادلتهم.
وتم تحديد أوضاع الجُزر والحدود في بحر إيجه، وأوضاع قبرص، وإحالة ملف الموصل إلى مجلس عصبة الأمم، والحدود بين تركيا وكل من اليونان وبلغاريا، وتخلت تركيا رسمياً عن الجغرافيا العربية التي كانت تحتلها السلطنة من قبل،[15]، وأدرجت نتائج معاهدة أنقرة (1921) بين تركيا وفرنسا المنتدبة على سوريا/ وكان من نتائجها ضم أراض واسعة من سوريا إلى تركيا.
مثلت خرائط لوزان انقلاباً على خرائط سيفر، أعاد إلى الأناضول مركزية ما كانت خسرتها. وبرزت إثرها تركيا كدولة وريثة معترف بها للسلطنة. ولكنها حطمت خرائط أخرى كان سيفر مرتكزها القانوني، ولكن تطورات الأمور لم تمكنها من التشكل دولتياً، وهي خرائط الكرد والأرمن، وحتى الخرائط السورية، ذلك أن اتفاق لوزان مرر ما اقتطعته تركيا من سوريا بتواطؤ من فرنسا بحسب اتفاقية أنقرة 1921، حيث أعيد ترسيم الحدود مع سوريا بما يشمل ضم أراض واسعة، وتضم من الغرب إلى الشرق مدنَ ومناطق مرسين وطرسوس وكيليكية وأضنة وعينتاب وكلس ومرعش وأورفا وحران وديار بكر وماردين ونصيبين وجزيرة بوطان (ابن عمر).
في (19 آذار/مارس 1920) أعلن مصطفى كمال أن الأمة التركية أسست برلمانها في أنقرة باسم الجمعية الوطنية الكبرى. وجاءت بعد ذلك اتفاقية لوزان (24 تموز/ يوليو 1924) لتُثبِّتَ السيطرة التركية على الجغرافيا التي طالب بها الميثاق الوطني التركي. وفي (23 تشرين الأول/ أكتوبر 1923) أعلنت الجمهورية التركية، وكمال أول رئيس لها.
سادساً: متلازمتا سيفر ولوزان
يبدو أن “عقدة” أو “متلازمة سيفر” لدى الترك، يقابلها “عقدة” أو “متلازمة لوزان” لدى الكرد والأرمن وحتى العرب. وإن أيّ مطالب كيانية كردية في تركيا تحرك العصب الحساس لـ “متلازمة سيفر” لدى الترك أو الدولة التركية والاتجاهات القوموية في تركيا، بمعنى الخوف من تقسيم تركيا وتلاشيها أمام الاتجاهات الهوياتية والقومية للشعوب في تركيا والمنطقة، وخاصة الحركة القومية الكردية.
لكن، اتفاقية لوزان 1923، التي تمثل “متلازمة” بالنسبة للكرد والأرمن والعرب وغيرهم، كونها أجهضت –مع عوامل أخرى- المشروع النهضوي للكرد ومشروع الكيانية السياسية والدولة، وخرائط أرمينيا الكبرى، إلا أنها أخذت تمثل بالمقابل “متلازمة” أيضاً بالنسبة للسياسة التركية في فترة حكم رجب طيب أردوغان، ولو أن ذلك محكوم بمعان ورهانات واتجاهات مختلفة، وإذ يتحدث أردوغان كثيراً عن اتفاقية لوزان، فلأنها “أنهت” أو “قطعت” مع اللحظة العثمانية لصالح الدولة الجمهورية والعلمانية، ويحاول مراجعة “العَقد المؤسس” للدولة الجمهورية ولشرعية مصطفى كمال/أتاتورك، لصالح ما يدعى “العثمانية الجديدة”، وهي مزيج هجين من الأفكار الإسلاموية والقوموية التركية. وهذا باب يتطلب المزيد من التقصي والتدقيق.
في الختام،
تمثل مئوية معاهدة لوزان 1923 مناسبة لنظر في الأحداث الكبرى المؤسسة في تاريخ المنطقة، ومراجعة: لماذا أمكن “إجهاض” ذلك “الإمكان التاريخي” لمشروع الدولة لدى الكرد والأرمن والعرب، وهي مشروعات وسرديات كبرى متداخلة إلى حد كبير؟ وكيف أمكن لعوامل “الاختلال الذاتي” و”الإخفاق” في الاستجابة للتحديات الكبرى، وضعف “وعي الذات” بالنسبة لفواعل السياسة والاجتماع والفكر لدى عدد من الأمم والشعوب في منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا، بالتوازي مع ديناميات التغلغل والاختراق الكولونيالي الغربي، الأمر الذي شكل خرائط المنطقة على النحو القاتل الذي عرفناه حتى الآن.
قد لا يتطلع الكرد إلى خرائط سيفر 1920، من باب السعي لـ”إعادة إنتاجها”، ولا إلى خرائط لوزان 1923 من أجل “تفكيكها”، فهذا دونه صعوبات وإكراهات كثيرة، إلا أن في تلك الخرائط قوة مخيالية فائقة، تدفع بالكرد وغيرهم لانتهاز الفرصة السانحة لـ”المراجعة” و”إثبات الذات”، على الرغم من “الغموض” و”اللايقين” الحاد حيال ما يحدث في المنطقة والعالم.
*هوامش البحث:
[1] – انظر: محمد أمين زكي، خلاصة تاريخ الكرد وكردستان: تاريخ الدول والإمارات الكردية، ترجمه وعلق عليه: محمد علي عوني، (بيروت: الجمعية الكردية اللبنانية، 2003)، ص 274؛ وديع جويدة، الحركة القومية الكردية: نشأتها وتطورها، (بيروت: دار الفارابي، 2014)، ص308.
[2] – روبرت أولسون، تاريخ الكفاح القومي الكردي، 1880-1925، ترجمة أحمد محمود خليل، (بيروت: دار الفارابي، 2013)، ص 51-56؛ ووديع جويدة، الحركة القومية الكردية، مرجع سابق، ص 308 وما بعد.
[3] – كانت لجنة هاربورد (Harbord Commission) إلى تركيا، وهي شبيهة بلجنة كنغ كراين (King–Crane Commission) التي أرسلت إلى سورية، جالت في (أيلول/سبتمبر 1919) في الأناضول، وأوصت بالانتداب الأمريكي على كامل البلاد، مع إعطاء الترك حكماً ذاتياً موسعاً، وكان ذلك استجابة لمطالب ملتبسة من شريحة واسعة نسبياً من الترك. انظر: عقيل سعيد محفوض، السياسة الخارجية التركية: الاستمرارية-التغيير، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012)، ص 223.
[4] – جليلي جليل (وآخرون)، الحركة الكوردية في العصر الحديث، ترجمة: عبدي حاجي، ط2 (أربيل: دار سبيريز للنشر، 2012)، ص 27-28.
[5] – روبرت أولسون، تاريخ الكفاح القومي، مرجع سابق، ص 58.
[6] – انظر مثلاً: وديع جويدة، الحركة القومية الكردية، مصدر سابق، ص 326.
[7] – محمد جمال باروت، التكون التاريخي الحديث للجزيرة السورية: أسئلة وإشكاليات التحول من البدونة إلى العمران الحضري، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013)، ص 168.
[8] – محمد عزة دروزة، تركيا الحديثة، (بيروت: مطبعة الكشاف، 1946)، ص51.
[9] – المعطيات الرقمية حول تبادل السكان والهجرات القسرية مأخوذة من: www.project-syndicate.org وثمة معطيات أخرى قريبة منها في: ساجلار حيدر، تركيا الحديثة، مرجع سابق، ص 18. وانظر انظر مثلاً:
Onur Yildirim, Diplomacy and Displacement: Reconsidering the Turco-Greek Exchange of Populations, 1922 – 1934, (New York & London: Routledge, 2006).
[10] – ديفيد مكدول، تاريخ الأكراد الحديث، ترجمة: راج آل محمد، (بيروت: دار الفارابي، 2004)، ص 214، ص 289.
[11] – ديفيد فرومكين، سلام ما بعده سلام: ولادة الشرق الأوسط، 1914-1922، ترجمة: أسعد كامل الياس، ط1، (بيروت: دار الريس للكتب والنشر، 1992)، ص 458.
[12] – محمد جمال باروت، التكون التاريخي الحديث للجزيرة السورية، مصدر سابق، ص 171.
[13] – وجيه كوثراني، تعقيب على: سيار الجميل، “وجهة نظر عربية في مسألة الهوية”، في: مركز دراسات الوحدة العربية، الحوار العربي-التركي بين الماضي والحاضر، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية والمؤسسة العربية للديمقراطية ومركز الاتجاهات السياسية العالمية، (بيروت: مركز دراسات الحدة العربية، 2010)، ص354.
[14] – انظر مثلاً:
Onur Yildirim, Diplomacy and Displacement: Reconsidering the Turco-Greek Exchange of Populations, 1922 – 1934, (New York & London: Routledge, 2006).
[15] – جرجيس فتح الله، يقظة الكرد: تاريخ سياسي 1900-1925، (أربيل: دار ئاراس للنشر، 2002)، 240 وما بعد.
المراجع العربية:
- أحمد فيروز ، صنع تركيا الحديثة، ترجمة: سلمان الواسطي وحمدي الدوري، (بغداد: بيت الحكمة، 2000).
- أولسون روبرت، تاريخ الكفاح القومي الكردي، 1880-1925، ترجمة أحمد محمود خليل، (بيروت: دار الفارابي، أربيل: دار ئاراس، 2013).
- باروت محمد جمال، التكون التاريخي الحديث للجزيرة السورية: أسئلة وإشكاليات التحول من البدونة إلى العمران الحضري، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013).
- جليل جليلي (وآخرون)، الحركة الكوردية في العصر الحديث، ترجمة: عبدي حاجي، ط2 (أربيل: دار سبيريز للنشر، 2012).
- جويدة وديع، الحركة القومية الكردية: نشأتها وتطورها، (بيروت: دار الفارابي، 2014).
- دروزة محمد عزة، تركيا الحديثة، (بيروت: مطبعة الكشاف، 1946).
- زكي محمد أمين، خلاصة تاريخ الكرد وكردستان: تاريخ الدول والإمارات الكردية، ترجمه وعلق عليه: محمد علي عوني، (بيروت: الجمعية الكردية اللبنانية، 2003).
- فتح الله جرجيس، يقظة الكرد: تاريخ سياسي 1900-1925، (أربيل: دار ئاراس للنشر، 2002).
- فرومكين ديفيد، سلام ما بعده سلام: ولادة الشرق الأوسط، 1914-1922، ترجمة: أسعد كامل الياس، ط1، (بيروت: دار الريس للكتب والنشر، 1992).
- محفوض عقيل سعيد، السياسة الخارجية التركية: الاستمرارية-التغيير، (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012).
- مركز دراسات الوحدة العربية، الحوار العربي-التركي بين الماضي والحاضر، (بيروت: مركز دراسات الحدة العربية، 2010).
- مكدول ديفيد، تاريخ الأكراد الحديث، ترجمة: راج آل محمد، (بيروت: دار الفارابي، 2004).
الانكليزية:
- Yildirim Onur, Diplomacy and Displacement: Reconsidering the Turco-Greek Exchange of Populations, 1922 – 1934, (New York & London: Routledge, 2006).