دبلوماسية “فاغنر” والطاقة الروسية تغير خريطة تحالفات إفريقيا

*رؤوف بكر

 في  2 مارس 2022، صوتت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على قرار يدين غزو روسيا الأراضي الأوكرانية ويطالب جيشها بالانسحاب. وعلى الرغم من أن الأغلبية الساحقة، 141 دولة، أيّدت القرار، إلا أن امتناع الكثير من الدول الإفريقية عن إدانة الغزو يشي بتطور غير مسبوق في العلاقات بين موسكو والعديد من الأنظمة الإفريقية. فحين التصويت، تغيّبت 12 دولة عن الجلسة، فيما يبدو أنه قرار متعمّد، ثمانٍ منها إفريقية. ومن ضمن 35 دولة امتنعت عن التصويت، كانت 16 منها إفريقية، في حين صوتت إريتيريا ضد القرار. وتُظهر هذه الحصيلة أن 25 دولة إفريقية، أي ما يقارب نصف القارة، رفضت الاصطفاف ضد الكرملين مقابل 29 صوتت لصالح الإدانة. وليست العبرة في الأرقام فحسب، بل في الأسماء الوازنة التي وقفت، ولو ضمنياً، إلى جانب الروس في الأمم المتحدة مثل جنوب إفريقيا، إثيوبيا، الجزائر، السودان، الكاميرون، السنغال، مدغشقر، مالي، وأوغندا وهي دول متوزعة في زوايا القارة الأربع.

نجحت روسيا في كسب الدول الإفريقية إلى صفها بالتدريج عبر استراتيجية غير مكلفة تتلخص في لعب دور الضامن الأمني لحكم زعماء تلك الدول ضد خصومهم أو في حروبهم الأهلية وشراء القرار السياسي من خلال تصدير السلاح والصفقات التجارية التي تستفيد منها الطبقة السياسية والدوائر المحيطة بها بشكل مباشر، من دون الانخراط في مشاريع بنى تحتية ضخمة كما تفعل الصين في إفريقيا، غالباً لأن الروس لا يملكون الموارد التي بحوزة الصينيين.

وينتشر عناصر شركة “فاغنر” الأمنية الروسية الخاصة، المحسوبة على الكرملين وفق التقارير الغربية، في عدد كبير من الدول الإفريقية، وتتراوح مهامهم المعلنة بين حماية المنشآت الحيوية ومناجم المعادن الثمينة، إلى القتال إلى جانب القوات الحكومية ضد المتمردين والمتطرفين الإسلاميين على حدٍ سواء. ووفقاً لدراسة أصدرها معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام في 2021، أتى نحو ثلث الأسلحة التي استوردتها دول إفريقيا جنوب الصحراء بين عامي 2016 و2020 من روسيا. ولا يتطلب الأمر عملية حسابية معقدة من أجل ربط الأمرين، أقلهما، بخيار التصويت في الجمعية العمومية.

وعليه، يمكن فهم كيف لمستعمرتين برتغاليتين سابقتين، على غرار أنغولا وموزامبيق، يُفترض أن للشبونة نفوذاً معتبراً فيهما، أن تمتنعا عن إدانة الغزو الروسي. فحزب “الحركة الشعبية لتحرير أنغولا”، يساري الميول، يحكم البلاد منذ الاستقلال في 1975 ويرتبط بعلاقات وطيدة مع موسكو منذ حقبة الحرب الأهلية. ويموّل الكرملين الأكاديمية العسكرية في العاصمة لواندا لتي يشرف عليها ضباط روس، فيما ينتشر متعاقدون عسكريون في لواندا ومناطق أخرى. أما اقتصادياً، تستحوذ مجموعة “ألروسا” الروسية، التي تُصنّع حوالي ثلث الإنتاج العالمي من الألماس، على 41% من ملكية منجم “كاتوكا” شمال شرقي أنغولا، رابع أكبر منجم للألماس في العالم.

ويتكرر المشهد ذاته في موزمبيق التي تحتفظ كذلك بعلاقات تاريخية مع الكرملين منذ حربها الأهلية. و تشتهر بمواردها الوفيرة غير المستغَلة. في أغسطس 2019، توجه الرئيس فيليب نيوسي إلى موسكو في زيارة هي الأولى لرئيس موزمبيقي منذ عقدين وقّع خلالها اتفاقيات في مجالات الطاقة والدفاع. وفي نفس الشهر، وقّعت شركة النفط الروسية “روسنفت” مذكّرة مع شركة الطاقة المملوكة للحكومة الموزمبيقية لتطوير حقول الغاز الطبيعي تبعها إعلان إيفاد خبراء “ألروسا” لتقييم فرص استخراج الألماس. وبعدها بأسابيع، تدفق مقاتلو “فاغنر” إلى شمال البلاد حيث تمركزوا في المنطقة مع معدات عسكرية ومقاتلات مروحية. ولم تكن مصادفةً أن تعلن شركة “توتال” الفرنسية في أبريل 2021 تعليق العمل بمشروع لاستخراج نحو 65 تريليون قدم مكعّب من الغاز المسال في مقاطعة كابو ديلغادو شمال شرقي موزمبيق تبلغ كلفته 20 مليار دولار أميركي بسبب هجمات دامية نفذها متطرفون إسلاميون. وتردد حينها في أوساط استخباراتية غربية أن الروس، الذي اعتبروا الاستثمار الفرنسي خطراً استراتيجياً وسعوا جاهداً إلى إفشاله، عقدوا صفقة غير مباشرة من خلال عناصر “فاغنر” لدفع “توتال” إلى المغادرة وتكبيدها خسائر فادحة بعدما اشترت في 2019 حصة تشغيلية في المشروع مقابل 3.9 مليار دولار أميركي. وعلى الرغم من إعلان عملاق الطاقة الفرنسي مؤخراً عزمه استئناف مشروعه هذا العام، إلا أن مسؤوليه لم يحددوا تاريخ العودة بعد.

أما في إفريقيا الوسطى، التي امتنعت هي الأخرى عن إدانة الغزو، تتراوح أدوات القوة الروسية الناعمة من رعاية مسابقة ملكة الجمال إلى دعم النظام الحاكم مروراً بتنظيم بطولة كرة قدم. وأطلق الروس تدخلهم في إفريقيا الوسطى رسمياً مطلع 2018 حينما وصل عناصر “فاغنر” العاصمة بانغي في مهمة عنوانها تدريب القوات الحكومية وحماية المنشآت الحيوية وصد المتمردين بعدما نفضت فرنسا، الحليف التقليدي، يدها عن الرئيس  فوستان تواديرا الذي أصبح أمنه الشخصي بالكامل في عهدة “فاغنر”. وعليه، لم يكن غريباً أن يرد تواديرا، الجميل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويمنح رخص استثمار مناجم الألماس والذهب في منطقتي ياوا وباما غرب البلاد إلى شركة “لوباي إنفست” التي تأسست في إفريقيا الوسطى في نفس العام والعائدة إلى مؤسس “فاغنر” الأوليغاركي الروسي يفغيني بريغوجين الملقّب “طباخ بوتين”. وأواخر العام ذاته، صدح صوت الشابة شارلين سومبو في أرجاء بانغي وهي تشكر روسيا عبر الإذاعة الوطنية بعد فوزها بمسابقة ملكة جمال إفريقيا الوسطى التي رعتها “لوباي إنفست”. ولم ينس الروس الاستثمار في الأجيال الشابة، حيث نظموا لأعوام مسابقات محلية لكرة القدم والرسم والشعر للأطفال الذين يحصل الفائز منهم على جائزة ليست سوى الإقامة في معسكرات صيفية في روسيا.

وفي مالي أيضاً قصة فشل فرنسي يقابله نجاح روسي آخر. لجأت موسكو في البلد الواقع غرب إفريقيا إلى ما يمكن وصفهم بـ”دبلوماسييها العسكريين” في “فاغنر” لدعم الجيش المالي في حربه ضد المتمردين والمتطرفين مع تسليم أسلحة نوعية إليه، فضلاً عن إيفاد خبراء جيولوجيا للتنقيب عن الثروات الباطنية. وجاء ذلك بالتوازي مع خفض الفرنسيين عديد قواتهم في مالي وإخلاء قواعدهم العسكرية مع إعلانهم في يونيو 2021 إنهاء عملية “برخان” التي أطلقوها في أغسطس 2014 لمحاربة المجموعات الإسلامية في خمس من مستعمراتهم السابقة في منطقة الساحل الإفريقي وهي: بوركينا فاسو، تشاد، مالي، موريتانيا، والنيجر. وأتى القرار الفرنسي عقب تدهور العلاقات مع باماكو على خلفية تنفيذ الجيش المالي انقلابين في أغسطس 2020 ومايو 2021 وتقاربه المتسارع مع الروس الذي ازدادت وتيرته في ديسمبر العام الماضي حينما اضطرت الحكومة المالية إلى نفي اتهامات 15 دولة غربية لها في بيان مشترك بالسماح لمسلحي “فاغنر” بالانتشار في الأراضي المالية. وتعمّقت الهوة بين باريس وباماكو مع إعلان الفرنسيين في فبراير الماضي سحب قواتهم من مالي وقرار الأخيرة في مايو 2022 إلغاء الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا والأوروبيين والانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس وقوة مكافحة الإرهاب التابعة لها والحديث عن إفشال محاولة انقلاب مدبّرة من الغرب.

وتتبع موسكو السياسة ذاتها في السودان: مساندة القيادة العسكرية الحاكمة والجيش والفروع التابعة له، مثل “قوات الدعم السريع” التي تشرف “فاغنر” على تدريبها، وترتيب شراكات تجارية تستفيد منها النخبة. وبالإضافة إلى نشاطاتها في صناعة البلاستيك وقطاعي الزراعة والنقل في السودان، تحتكر شركة “ميروي غولد“، العائدة ملكيتها إلى “طباخ بوتين”، عمليات استخراج الذهب الذي تُشحن عشرات الأطنان منه سنوياً إلى روسيا. وكالعادة، تصل “فاغنر” في نفس الوقت الذي تباشر شركات روسية عملياتها في هذه الدولة الإفريقية أو تلك. وليس السودان استثناء. إذ مع تعرض نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير إلى هزاتٍ سياسية، سارع إلى موسكو في نوفمبر 2017 ويوليو 2018 طلباً للمساعدة مقابل الذهب، فلبت “فاغنر” الطلب واستهلت “ميروي غولد”عملياتها في نفس التوقيت. وتعمّقت العلاقات بين العاصمتين أكثر على الرغم من الإطاحة بالبشير في 2019. فقبيل ساعات من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، طار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الذي يدير البلاد منذ أكتوبر 2021، الفريق محمد حمدان دقلو إلى موسكو رفقة وزراء المالية والطاقة والزراعة. وخلال الزيارة التي استمرت ثمانية أيام ولم تسفر عن توقيع أي اتفاق رسمي، أكد دقلو، الشهير بـ”حميدتي”، “حق روسيا في الدفاع عن أراضيها وشعبها” وأعرب عن انفتاحه على فكرة إقامة قاعدة عسكرية روسية على ساحل البحر الأحمر. ويؤكد مسؤولون غربيون أن “ميروي غولد” كثّفت استخراج الذهب في السودان منذ غزو أوكرانيا. وبينما قدّر وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم العام الماضي أن خُمس إنتاج الذهب فقط يمر عبر القنوات الرسمية، تُظهر بيانات المصرف المركزي السوداني تصدير 21.7 طن متري من سبائك الذهب في 2019 من إجمالي 100 طن متري، ما يترك ما قيمته أكثر من 4 مليارات دولار أميركي من الذهب خارج الحسابات.

ويلجأ الروس في إفريقيا إلى أداة تأثير أخرى مفضّلة لديهم هي التدخل في الانتخابات وتوجيه المسار السياسي. ويقف بريغوجين وراء منظمة غير حكومية تدعى “أفريك” تدّعي اهتمامها بقضايا الانتخابات في إفريقيا وتعزيز التنمية فيها ويترأسها ناشط موزمبيقي يدعى خوسيه ماتيمولاني، عاش لأعوام عديدة في سانت بطرسبرغ، مسقط رأس بوتين وبريغوجين. ويأتي ذكر ماتيمولاني باقتضاب في النسخة العربية للموقع الرسمي للقمة الروسية الأفريقية الأولى التي عقدت في سوتشي في 2019 كأحد منظمي جلسة نقاش عن “صورة القارة الإفريقية المستقبلية” وتحت اسم “رئيس رابطة البحوث الحرة والتعاون الدولي”.

ويتبين مدى التغلل الروسي بتتبع تحركات الزعماء الأفارقة وقراراتهم بشأن روسيا. فزيارة الرئيس الموزمبيقي إلى موسكو جاءت قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2019 التي حقق فيها انتصاراً كاسحاً، وتزامنت مع تكثيف “أفريك” نشاطاتها ونشرها استطلاعات رأي تشير إلى فوزه. وقبلها بعام، اجتمع رئيس مدغشقر آنذاك هيري راجاوناريمامبيانينا ببوتين وبريغوجين في موسكو في زيارة لم يُعلن عنها أسفرت عن إرسال الرجلين “مستشارين” تحت حماية “فاغنر” لمساعدته على الفوز في استحقاق 2018 الرئاسي. ولم يترك هؤلاء “المستشارون” وسيلة إلا واتبعوها لضمان فوز حليفهم، من دفع المال إلى الشباب من أجل حضور تجمعات راجاوناريمامبيانينا الانتخابية وإلى الإعلاميين لتغطية تلك التجمعات، مروراً باستمالة أي منافس محتمل. وتنظّم في مدغشقر العام المقبل انتخابات لا يريد الرئيس الحالي أندريه راجولينا أن يخسرها، ففضل بالتالي الامتناع عن إثارة حنق الكرملين في المحافل الدولية. وأمام الرئيس الأنغولي استحقاق انتخابي في أغسطس هذا العام يسعى من خلاله إلى تمديد فترة حكمه. ويسعى لورنسو عبر الخيار الذي اتخذه في الجمعية العمومية إلى إيصال رسالة إلى الروس تهدف إلى ضمان عدم تأليبهم المؤسسة العسكرية الأنغولية المقرّبة من الكرملين عليه، حتى لو وصل به الأمر إلى طلب إجراء مكالمة هاتفية مع بوتين أواخر أبريل الماضي، أي بعد الغزو بشهرين، لـ”التأكيد على الرغبة في تطوير العلاقات الودية”. أما في السنغال، تنتظر الرئيس ماكي سال انتخابات نيابية مصيرية في يوليو سترسم ملامح رئاسته في الفترة المقبلة، وبادر هو الآخر في 9 مارس 2022 إلى الاتصال ببوتين بصفته رئيساً للاتحاد الإفريقي للتشديد على “مواصلة تطوير العلاقات المتنوعة بين روسيا وأفريقيا وأهمية التنفيذ المستمر للاتفاقيات التي تم التوصل إليها في القمة الروسية الأفريقية”.

وتحرص موسكو على تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الإفريقية، بل ودعم أنظمتها ضد معارضيها، كما في حرب الحكومة الإثيوبية مع متمردي إقليم تيغراي. وتتبع أحياناً سياسة معاكسة إن استدعى الأمر. أي دعم المتمردين ضد حكومات متحالفة مع الغرب كما في تشاد التي أدانت غزو أوكرانيا. وتتهم إنجامينا روسيا بتدريب “جبهة التغيير والوفاق في تشاد” التي قتلت الرئيس السابق إدريس ديبي في أبريل 2021 و”اتحاد قوى المقاومة“، وهما حركتان متمردتان. ولعل في تشاد وحدها تعلمت فرنسا الدرس، فقررت دعم المجلس العسكري الانتقالي الحاكم برئاسة محمد ديبي، نجل الرئيس الراحل، من دون استحضار خطاب “الانتقال السلمي للسلطة” المعهود. ولكن تجد فرنسا نفسها محاصرة في البلد الواقع على تقاطع يصل وسط إفريقيا بشمالها، إذ يحيط بها عناصر “فاغنر” المتواجدين في إفريقيا الوسطى والسودان وليبيا، التي تمتلك حدوداً مشتركة مع تشاد، ومالي القريبة. ويشن المتمردون هجماتٍ من حين إلى آخر مدعومةً من المرتزقة الروس انطلاقاً من إفريقيا الوسطى. وتخشى باريس تكرار سيناريو “توتال” الموزمبيقي في تشاد حيث تسيطر الشركة الفرنسية على قطاع التنقيب عن النفط مع وجود 1.5 مليار برميل احتياطي نفط، فيما يضع الفرنسيون أعينهم أيضاً على سوق استخراج اليورانيوم والذهب والتيتانيوم المتوفرين بكثرة في تشاد.

تشير الكثير من التقديرات إلى أن الرئيس الروسي خطط لغزو أوكرانيا منذ أعوام عديدة، واعتبر أن ضم شبه جزيرة القرم في 2014 ليس إلا المرحلة الأولى للعملية. ويرى بوتين في إفريقيا ساحة المواجهة الثانية مع الغرب بعد شرق أوروبا. وهو بذلك يربط المنطقتين ببعضهما إلى حدٍ كبير. ولهذا، استعد منذ وقت طويل لفرضية العقوبات والعزلة عبر تكديس الذهب والألماس تحسّباً لهبوط روبل ونقص احتياطات النقد الأجنبي. ويظهر أن من بين أهداف توسعه الاستراتيجي في إفريقيا توجيه ضربة استباقية إلى قوى الغرب في حال أرادت معاقبة موسكو واستبدال وارداتها من مصادر الطاقة الروسية بالغاز والنفط الإفريقيين. ومن هذا المنطلق، أمكن تفسير زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين أواخر مارس الماضي إلى الجزائر، العضو في “أوبك بلس” وأحد أكبر منتجي الغاز في العالم، لتتبعها زيارة نظيره الروسي سيرغي لافروف في 10 مايو. وحاول بلينكين، لكن من دون جدوى على  الأرجح، إقناع المسؤولين الجزائريين تعويض واردات الغرب من الغاز الروسي. ويمكن القول إن تركيبة النظام الجزائري وعقيدته السياسية تميل، إن لم تكن تطابق، فكر حكام موسكو منذ عهد السوفييت. ونجح لافروف في نهاية المطاف في الحصول على تطمينات بأن الغاز الجزائري لن يستعمل لضرب المصالح الروسية. ولربما هي نفس التطمينات التي سمعها الرئيس الروسي من نظيره الجزائري عبدالمجيد تبّون خلال محادثة هاتفية في أبريل الماضي أكدا خلالها على المزيد من التنسيق ومواصلة التعاون في “أوبك بلس” و”منتدى الدول المصدّرة للغاز”.

يبدو، والحال كذلك، أن الغرب يتقهقر أمام ما يمكن تسميته “الامبريالية الروسية الجديدة” في قارة لطالما اعتُبرت منطقة نفوذ قوى الاستعمار الأوروبي القديم (الامبريالية الغربية) مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والبرتغال. وتفقد العواصم الغربية شيئاً فشيئاً حلفاء باتوا يفضلون نسج علاقات شخصية مربحة سياسياً ومالياً مع زعيم الكرملين على سماع دروس الديمقراطية وحقوق الإنسان من باريس وواشنطن ولندن.

صحافي وباحث مهتم بقضايا الشرق الأوسط والشؤون الأوروبية.

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد