ما هو القادم بالنسبة للشراكة العسكرية الروسية -الإيرانية؟

موقع المونيتور الأمريكي ،انطون مارداسوف

برزت المحادثات الروسية – الإيرانية كواحدة من أكثر الجبهات نشاطا لدبلوماسية موسكو خلال فترة وباء فيروس كورونا ، حيث زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف موسكو مرتين هذا الصيف – الأولى في شهر حزيران ثم في تموز – لمناقشة مستقبل الاتفاق النووي ، فضلاً عن تنسيق الجهود للرد على الحملة الأمريكية لتمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على طهران.على هذا الأساس، تأني زيارة وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي إلى المنتدى العسكري للجيش لهذا العام و الذي سيُعقد ما بين ايام 23 – 29 من شهر آب لتزيد من التكهنات حول قيام موسكو وطهران بزيادة التعاون العسكري التقني بمجرد انتهاء حظر الأسلحة على إيران في 18 تشرين الأول. طرح الاقتراح الأمريكي بتمديد القيود في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولكن تم رفضه. كما يبدو من غير المرجح أن يؤدي طلب واشنطن بتطبيق الآلية المُسمى بالعقوبات السريعة لفرض عقوبات على طهران أن تسفر عن نتائج.وقبيل زيارة حاتمي ، قال سفير طهران لدى روسيا ، كاظم جلالي ، إن الشراكة العسكرية بين روسيا وإيران ” تزدهر يومًا بعد يوم” ويجب أن تفتح آفاق جديدة قريبًا. وكتب جلالي على حسابه في تيلي جرام “سنفتح قريبا فصلا جديدا في الشراكة العسكرية والتقنية بين روسيا و ايران “.بعد مفاوضات حاتمي مع نظيره الروسي سيرجي شويغو ، تحدثت السفارة الإيرانية في موسكو عن ضرورة تعزيز الشراكة بينهما “تعمق من التفاهم الاستراتيجي بين البلدين في المنطقة”. لكن مثل هذا الحماس لم يظهر في تقارير وسائل الإعلام الروسية ، والتي عادة ما تكون سعيدة بشأن آفاق الشراكة العسكرية الروسية- الإيرانية. ولم يحظ حضور الوفد الإيراني في المنتدى باهتمام كبير. و كانت أبرز الأحداث هي ظهور الوفد الإيراني وهو يفحص أنظمة الدفاع الجوي س 400 و بانتسير-اس1 ، في إشارة إلى عقود جديدة محتملة بشأن تسليم تلك الأنظمة.وفقًا لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية ، بمجرد رفع حظر الأسلحة ، تتطلع السلطات الإيرانية إلى شراء دبابات روسية ، وأنظمة س – 400 ونظام الصواريخ الدفاعي الساحلي باستيون. بالإضافة إلى ذلك ، تهتم طهران أيضًا بطائرات سو-30 الروسية وطائرة تدريب الطيارين المتقدمة ياك- 130 و دبابات ت-90 .هذه التقارير غير مؤكدة، بالطبع. حتى الآن المصدر الوحيد الموثوق للمعلومات حول العقود المحتملة هي التصريحات (الغامضة إلى حد ما) للمسؤولين من كلا البلدين. لا تزال هناك شكوك حقيقة حول ما إذا كانت طهران ستبرم بالفعل أي عقود مُكلفة مع موسكو. هناك عدة أسباب لذلك أولها، المسؤولون الإيرانيون ليسوا أول وفد شرق أوسطي يقوم بفحص نظام س – 400 وإبداء الاهتمام بشراء محتمل للنظام في المستقبل. يحب الخبراء الروس الحديث عن سمعة الأسلحة الروسية ، و تحدثوا عن مدى إعجاب الوفود الأجنبية بالدبابات والطائرات الروسية وأنظمة الدفاع الصاروخي. في الواقع ، هناك فرق كبير بين الإعلان عن مصلحة رسمية في شراء الأسلحة والتوقيع الفعلي على عقد تسليمها. ولدى الحرس الثوري الإيراني أنظمة دفاع جوي قصيرة المدى روسية الصنع من طراز تور- م1 و التي يمكن تطويرها .

ثانيًا ، أكدت القيادة الإيرانية في عدة مناسبات أنه بينما تبقى الدبابات الروسية مثل ت-90 و الدفاعات الصاروخية خيارها المفضل ، فإن الأولوية الحالية لطهران هي إنتاج مركبات مدرعة محلية مثل دبابات كرار. وفي الوقت نفسه ، ينبغي أن تكون أنظمة الصواريخ انظمة الصواريخ الثلاثة س 300 بي ام يو التي زودتها روسيا لإيران تفي بالغرض. تمتلك طهران أيضًا الإيرانية بافار -373 التي تشترك في خصائصها مع النظام الروسي س 300. يُعتقد أن الحرس الثوري الإيراني هو المحرك الرئيسي وراء حملة الإنتاج المحلي و يُسيطر على غالبية مؤسسات الدفاع.ثالثًا ، إن تعميق التعاون العسكري مع إيران محفوف بالمخاطر المحتملة – إن لم تكن مؤكدة – على سمعة موسكو. أظهرت حادثة إسقاط طائرة بوينج 737 التابعة للخطوط الجوية الدولية الأوكرانية في كانون الثاني أظهر نقص المقدرة لدى العسكريين الإيرانيين ، الذين أطلقوا صاروخين من طراز تور-ام 1 على الطائرة.رابعًا ، سيكون من الخطأ استبعاد إمكانية قيام روسيا بتوثيق العلاقات مع أعداء إيران التقليديين. بعد مؤتمر موسكو الثامن للأمن الدولي ، الذي استضافته وزارة الدفاع ، أفادت وكالة بلومبرج أن روسيا رفضت طلبًا إيرانيًا لشراء نظام س-400 خوفًا من إثارة الاضطرابات في الشرق الأوسط وإغضاب دول الخليج وإسرائيل. لكن في وقت لاحق أوضح ممثلو الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني أن روسيا مستعدة لتزويد إيران بنظام س-400 . من الناحية النظرية ، هناك طريقة لروسيا لتجنب الخلافات في العلاقات مع إيران وتفادي المساس بأن تُضر السمعة. ولتحقيق هذه الغاية ، قد تجد موسكو حلا وسط يقتصر على إمداد طهران بأنظمة دفاع جوي من مستويات مختلفة لبناء انظمتها الدفاعية ضد التهديدات الخارجية المحتملة وليس الأسلحة الهجومية. و يعتقد المحلل الروسي يوري لامين أن إيران ستختار في النهاية شراء طائرات س يو- 35 س أ وس يو- 30 م من روسيا. تواجه القوات الجوية الإيرانية حاجة مُلحة لطائرات حديثة متعددة المهام ولا يستطيع المجمع الصناعي العسكري الإيراني تلبية هذه الاحتياجات في الوقت الحالي. قال ميخائيل بارابانوف ، الخبير في مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات ، في عام 2018 إن صناعة الطيران الإيرانية كانت تشمل إصدارات مُجدَّدة من الطائرات الأمريكية القديمة ، و لا يمكن تصنيع أي شيء يتجاوز ذلك ،و المهندسون غير قادرين على ابتكار أفكار جديدة أثناء الضغط من أجل المزيد من التمويل للطائرات القديمة. أدلى بارابانوف بتصريحاته عندما قدمت إيران طائرتها الجديدة كوثر ، وهي نوع مختلف من الطائرة ذات المقعدين.يعتقد نيكيتا سماجين ، الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي و المقيم في طهران ، أنه من غير المرجح أن توقع إيران أي صفقة شاملة مع روسيا لشراء مجموعة واسعة من الأسلحة والمعدات العسكرية. قد يؤدي توجه النظام الإيراني للمضي قدمًا في عمليات شراء أسلحة ضخمة في وقت تعاني فيه البلاد من الركود وانخفاض الدخل الحقيقي إلى إثارة الاضطرابات داخل البلاد.وقال سماجين أنه بنهاية الأمر، بينما ستمتنع إيران بشكل شبه مؤكد عن أي صفقات ضخمة مع روسيا ، فإنها ستختار على الأرجح عقد بعض الصفقات الرمزية لإثبات قدرتها على التغلب على الحصار الأمريكي. لكن هذا لن يحل مشاكل البلاد على المدى الطويل. قال سماجين: “لا يمكنك إصلاح أسطول الطائرات القديمة بشراء عدد قليل من الطائرات، دمج أنظمة الدفاع الجوي – النسخ المقلدة للأنظمة الأجنبية – في نظام واحد ستشكل أيضًا تحديًا”.و لكن، قد يكون هناك المزيد من إمكانات التعاون العسكري الروسي الإيراني. وفقًا لألكسندر ستوتشيلين ، نائب الرئيس التنفيذي لمركز الأبحاث ريزونانس ، فإن الرادار الذي أنتجه المركز ريزونانس –ان ي ، والمصمم للكشف عن طائرات الشبح – كان في مهمة قتالية في إيران منذ عدة سنوات. وقال إن الرادار تمكن حتى من رصد الطائرات ف-35 الأمريكية الصنع المتواجدة بالقرب من حدود الجمهورية في شهر يناير. في حين أن التصريحات كانت قد أثارت نوعًا ما اهتمام وسائل الإعلام ، إلا أنها بالكاد تكون غير مسبوقة. إن قدرة الطائرة على العمل دون أن يتم اكتشافها ليست مضمونة. السؤال هو ما هي التقنيات المستخدمة للكشف عن التهديدات الجوية والدفاع عنها.ومن التفاصيل الجديرة بالملاحظة أن الطائرات من طراز ف-35 ربما تم اكتشافها باستخدام نماذج الرادار المنتجة للجيش الروسي. وبحسب التقارير الرسمية ، أرسلت روسيا إلى إيران نظامي رادار من طراز غدير في عامي 2014 و 2015 ، تم نشرهما لاحقًا في محافظتي سمنان وخوزستان. تم تصميم هذه الرادارات كمنتج تصديري وبالتالي فهي تتميز بخصائص أقل مقارنة بالنماذج المستخدمة في روسيا. ولكن، كانت هناك أيضًا تقارير تشير إلى أن إيران ربما تمتلك أيضًا محطات رادار معدلة للاستخدام من قبل الجيش الروسي. وبحسب ما ورد تم نشر هذه المحطات في محافظة فارس غرب شيراز و كذلك في محافظة كردستان شمال بيجار.بطريقة أو بأخرى ، يمثل رفع حظر الأسلحة تحديًا للتعاون العسكري الروسي مع إيران. هناك خلاف واضح بين اهتمام موسكو بتزويد إيران بالمعدات الدفاعية ورغبة طهران في شراء أسلحة هجومية. يعتبر الخوف من سمعة إيران عاملاً آخر يجب على روسيا أخذها في الاعتبار في حال أدت أي مبيعات لطائرات أو صواريخ لطائرات مقاتلة أو سفن حربية إلى غضب بين اللاعبين الإقليميين والولايات المتحدة. ولكن ليس من الصعب بأن يوافق الكرملين على بيع أسلحة هجومية لإيران، متجاهلة مخاوف السمعة وربما تحويل روسيا إلى حصن محاصر ، وإن كان ذلك بدون الُعدة الأيديولوجية السوفيتية القديمة.

أنطون مارداسوف خبير في الشؤون العسكرية وصحفي متخصص في شؤون سوريا والعراق والمنظمات المتطرفة. وهو أيضًا خبير غير مقيم في مجلس الشؤون الدولية الروسي ، ويكتب أيضًا عن سوريا بصفته باحثًا غير مقيم في برنامج سوريا التابع لمعهد الشرق الأوسط.

تنويه: الصورة من موقع المونيتور الأمريكي.

ترجمة: المركز الكردي للدراسات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد