أتلانتيك: إيران قادرة على استهداف المصالح الأمريكية.. والأمور تخرج عن السيطرة بسرعة كبيرة

كاثي جيلسينان وكريشناديف كالامور | مجلة “أتلانتيك” الأمريكية

في بيان صدر مساء الأحد، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون إن “الولايات المتحدة لا تسعى إلى الحرب مع النظام الإيراني”، معلنا أن السفن الحربية الأمريكية في طريقها إلى الشرق الأوسط، لكن “أي هجوم على مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائنا سوف يقابل بقوة لا هوادة فيها”.

في العام الذي انقضى منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق النووي الإيراني، زادت إدارته بشكل مطرد من الضغوط الاقتصادية ضد لنظام الإيراني، حيث فرض عددًا غير مسبوق من العقوبات لتخريب صادراتها النفطية ومعاقبة دعمها لوكلاء المنطقة. ومع إعلان يوم الأحد، استدعى “بولتون” تهديدات إيرانية غير محددة للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، بينما لمح في خطوة أكثر جدية: التهديد باستخدام العنف.

إن إعلان “بولتون” يمكن أن يمثل في النهاية ذلك: تهديد. لكن الإعلان يتناسب مع النبرة القاسية لإدارة طالبت مراراً بتغيير سلوك إيران ونددت بأنشطتها الإقليمية ودعم الإرهابيين وطموحات الأسلحة النووية. كما أنه يلائم نمطًا من الخطاب العدائي من إدارة مولعة باستدعاء “جميع الخيارات” لإخافة المنافسين من أجل التراجع. لقد ظهر هذا النمط في كوريا الشمالية وفنزويلا، حيث لم يحدث أي تغيير في السياسة ولا في الموقف العسكري، لكن عندما يتعلق الأمر بإيران على وجه الخصوص، فإنه لا يمكن لأي شخص تخمين متى ستصبح الضجة حقيقة واقعة.

لم يكشف مسؤولو الإدارة حتى الآن عما أثار بالتحديد المخاوف بشأن استهداف إيران للولايات المتحدة أو حلفائها، حيث أشار وزير الدفاع بالنيابة باتريك شاناهان، على سبيل المثال، إلى “مؤشرات على وجود تهديد حقيقي من جانب قوات النظام الإيراني”. في المنطقة، وخاصة في ظل تعمّق مهمة كل من القوات الإيرانية والأمريكية هناك، هناك الكثير من الفرص للإيرانيين لمضايقة أمريكا وحلفائها إذا اختاروا ذلك.

تعمل القوات الإيرانية أو وكلائها على مقربة من القوات الأمريكية والقوات المدعومة من الولايات المتحدة في كل من العراق وسوريا. تهدد إيران بشكل روتيني بعرقلة تجارة النفط العالمية عبر مضيق هرمز قبالة سواحلها؛ كما أن القوات المتحالفة معها في اليمن وقطاع غزة تهدد بشكل مباشر حلفاء الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية وإسرائيل بهجمات صاروخية.

كانت مجموعة العمل الطارئة التي أعلن “بولتون” عن توجهها إلى الشرق الأوسط قد غادرت بالفعل للتوجه إلى موقع نشرها المقرر قبل أكثر من شهر. وكتبت بيكا فاسر محللة السياسة في شركة “راند” للأبحاث والاستطلاعات، في رسالة بالبريد الإلكتروني: “يستغرق نشر حاملات الطائرات بعض الوقت للتخطيط، والقرار ليس مفاجئا، على الرغم من أن مسارها أكثر مرونة”، مضيفة: “بيان بولتون استفاد من النشر حالي والمستمر، لإرسال رسالة إلى إيران. ومن المهم أن نلاحظ أنه هو أو البيت الأبيض لم يأمر فجأة بنشر حاملة الطائرات في المنطقة”.

وأكد قائد العمليات البحرية الأدميرال جون ريتشاردسون، الأمر ذاته للصحفيين في مؤتمر يوم الاثنين الماضي، وفقًا لتقرير “يو.إس نيوز آند وورلد ريبورت”، على الرغم من أنه نشر تغريدة لاحقة بأن حاملة الطائرات الأمريكية ستذهب إلى الشرق الأوسط “بتوجيه” من “بولتون” و”شاناهان”. وكتبت “فاسر” أن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية تدعو الآن إلى مزيد من عدم اللجوء إلى التنبؤ لمواجهة خصومها مثل إيران. وكتبت: “لقد تبنت البحرية الأمريكية -وجميع الخدمات العسكرية الأمريكية- توظيف القوة الديناميكية لإظهار المرونة والقدرة على الاستجابة للطوارئ والأحداث العالمية عندما تتكشف في أي وقت”.

كما تصاعد الخطاب القاسي على كلا الجانبين، وكذلك احتمال سوء التقدير. عندما أعلنت إدارة “ترامب” أن فيلق الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية، فإنها كانت تأمل في أن تقوض جهاز الأمن الإيراني المهيمن النشط دوليًا، والذي يعد أيضًا جهة فاعلة اقتصادية كبرى. ولكن عند الإعلان عن هذه الخطوة، رفض وزير الخارجية مايك بومبو تحديد ما إذا كان هذا الوصف، الذي يفتح الباب لعقوبات جنائية أمريكية لأي شخص يتعامل مع الحرس الثوري الإيراني، يجعل المجموعة تخضع لاستهداف القوات الأمريكية في المنطقة أم لا؛ وقد أخبرنا متحدث باسم وزارة الدفاع أن قواعد الاشتباك لم تتغير. القوات المدعومة من إيران، وفقًا لمسؤولين أمريكيين، كانت مسؤولة عن قتل أكثر من 600 من أفراد الخدمة الأمريكية من عام 2003 إلى عام 2011، لكنهم شاركوا بشكل غير مستقر في نفس ساحة المعركة على نفس الجانب ضد “داعش” في العراق وسوريا منذ عام 2014، إلى حد أنهم تعاونوا حتى في بعض الأحيان.

كان رد إيران –إعلان القوات الأمريكية في المنطقة جماعة إرهابية أيضا- غير واضح في تداعياته، لكن في الأسابيع التي تلت ذلك، أخبرنا متحدث “البنتاغون” أنه لا يوجد أي مؤشر على وجود تهديد وشيك للقوات الأمريكية في المنطقة بسبب وسم الحرس الثوري الإيراني بتهمة الإرهاب. ومع ذلك، أشار “بولتون” إلى “عدد من المؤشرات والتحذيرات المقلقة والمتصاعدة” دون الخوض في مزيد من التفاصيل. عند طلبنا التعليق، أشارت وزارة الدفاع إلى بيان “بولتون”. علاوة على ذلك، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن إيران تدرس التخلي عن بعض عناصر الصفقة النووية التي انسحب منها “ترامب”، لكن جميع الأطراف الأخرى استمرت في الالتزام بها.

إذا ظلت التحذيرات المحددة حول نية إيران غامضة، فإن احتمال تهديد إيران للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة أمر خطير. وقد ذكرت “أكسيوس” أن رد فعل الولايات المتحدة كان استجابة لمعلومات مخابراتية من إسرائيل، رغم أن السفارة الإسرائيلية رفضت التعليق.

ويقول علي فايز الخبير في شؤون إيران بمجموعة الأزمات الدولية، إن “الحقيقة هي أن الولايات المتحدة مكشوفة إلى حد كبير في المنطقة” ، مضيفًا: “لدى الإيرانيين الكثير من الخبرة التي تستهدف القوات الأمريكية في المنطقة بشكل غير مباشر من خلال استخدام حلفائهم من الميليشيات الشيعية”.

لدى الولايات المتحدة حوالي 2000 جندي في سوريا، حيث يوجد لإيران ووكلائها وجود عسكري مادي؛ ولدى الولايات المتحدة أيضا 5000 من قوات الأمن في العراق، ولا تزال الجمهورية الإيرانية لاعبا مؤثرا في العراق؛ وفي أفغانستان هناك 14000 جندي أمريكي، وقد حققت “طهران” هدفا مشتركا مع “طالبان” يتمثل في القتال ضد “داعش”. وكذلك، لدى إيران الوسائل لتصعيد التوترات في أي من هذه البلدان.

أظهرت الولايات المتحدة في الماضي استعدادها للرد. في عام 2017، قصفت الولايات المتحدة قافلة من الميليشيات المدعومة من سوريا وإيران وهي تقترب من قاعدة أمريكية في سوريا. وصرح بريت ماكغورك المبعوث الأمريكي السابق للتحالف الدولي ضد “داعش”، بأنه “ليس لدينا قنوات دبلوماسية مع إيران على الإطلاق”، وقال إن مخاطر الصدام تتزايد نظرًا لعدم وجود طريقة حقيقية لتلقي أو نقل الرسائل سرا للإيرانيين لتجنب ذلك.

بإمكان الوكلاء الإيرانيين أيضًا إطلاق الصواريخ على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا. في سبتمبر/أيلول الماضي، ضربت الميليشيات التي تدعمها إيران القنصلية الأمريكية في البصرة، ما اضطر موظفيها للإجلاء. وفي الخليج، أشار المسؤولون الأمريكيون في السنوات الأخيرة إلى مناورات غير آمنة أو تثير التوترات من قبل الطائرات والقوارب الإيرانية ضد الطائرات والسفن الأمريكية، وفي عام 2016، أسر فيلق الحرس الثوري لفترة قصيرة على 10 بحارة أمريكيين في البحر.

ويقول مايكل نايتس خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد “واشنطن”، إن “الولايات المتحدة تشير الآن إلى استعدادها للرد” من خلال التأكيد على أنها لا تميز بين الحكومة الإيرانية ووكلائها من الميليشيات.

وأخيراً، والأهم من ذلك، هناك تجارة النفط العالمية التي تعتمد بشكل كبير على مضيق هرمز. يتدفق حوالي 18.5 مليون برميل يوميًا عبر الممر المائي الضيق بين إيران وشبه الجزيرة العربية. بعد أن هددت الولايات المتحدة في أواخر أبريل/نيسان بفرض عقوبات على أي شخص يستورد النفط الإيراني في محاولة لدفع صادرات النفط للجمهورية الإيرانية إلى الصفر، حذرت إيران من أنها قد تغلق المضيق، وهي خطوة من شأنها أن تلحق الضرر بالاقتصاد العالمي.

لكن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل إيران لا تستهدف مضيق هرمز حتى لو لم تستطع تصدير النفط عبره. تمر صادرات البتروكيماويات الإيرانية عبر المضيق، وكذلك الصادرات والواردات غير النفطية. وقال “نايتس” إنهم “سيضرون أنفسهم أيضا إذا أغلقوا المضيق”.

ربما تكون إيران في وضع أفضل لمضايقة حلفاء أمريكا في المنطقة، وتحديداً إسرائيل والمملكة العربية السعودية، حيث تدعم “طهران” حركة “حماس” الفلسطينية المسلحة التي أطلقت في الأيام الأخيرة نحو 600 صاروخ باتجاه إسرائيل من أراضيها في قطاع غزة. كما يمكن لإيران أن تشجع الحوثيين في اليمن، وهم أحد حلفائها الإقليميين، على البدء في استهداف شحنات النفط السعودية والإماراتية المتجهة إلى أوروبا، خصوصا أن البلدين استحوذا على الحصة السوقية لإيران بعد فرض العقوبات الأمريكية. أطلق الحوثيون بالفعل صواريخ على المملكة العربية السعودية خلال حربهم المستمرة ضد الحكومة المعترف بها دولياً في البلاد، والتي يدعمها السعوديون.

وقال “فايز” إن إيران لديها “الكثير من الخيارات.. المشكلة هي أنه بالنظر إلى عدم وجود خطوات، وعدم وجود قنوات اتصال بين البلدين، فإن مخاطر المواجهة التي تخرج عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة للغاية”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد