يمكن قراءة «إعلان جدة» على أكثر من مستوى. فمن جانبٍ، يمثل الهوية النهائية للنظام السياسي العربي بعد 12 عاماً على الثورات والاضطرابات في عدد من الدول العربية. أي أن روح «إعلان جدة» هو حصيلة الصدام الكبير بين الأنظمة ومحاولات تغييرها والتي تحولت معظمها إلى حروبٍ أهلية. ومن جانب آخر، يمثل الإعلان التموضع العربي الجديد في النظام العالمي المضطرب بين القوى الكبرى، حيث يقترب النظام العربي بشكلٍ أكبر من المعسكر السلطوي ويبتعد عن العالم الليبرالي الذي لطالما غضّ الطرف عن الطبيعة غير الديمقراطية للأنظمة العربية.
أدان البيان «توغل القوات التركية في الأراضي العراقية»، مطالباً الحكومة التركية «سحب قواتها دون شروط»، من دون أن يتطرق إلى الاحتلال التركي لأجزاء واسعة من الأراضي السورية بشكلٍ مباشر واستمرار غاراتها عبر الطائرات المسيرة على البنية التحتية في سوريا، خاصةً في مناطق الإدارة الذاتية. وربما يوضح هذا التجاهل للاحتلال التركي إلى أن الدعم العربي للنظام السوري لا يرقى إلى مستوى إسناد النظام ضد الاحتلال التركي.