الحد من توسع “الخلافة”

في 29 حزيران 2014، أعلنت مجموعة من الجهاديين عن إنشاء دولة إسلامية في العراق وسورية. وبعد طلب من حكومة بغداد، تم تشكيل تحالف دولي من أجل وقف توسع “الخلافة”. ماذا يمكننا أن نتوقع من هذا التدخل والذي تشارك فيه العديد من الدول الأوربية؟ حوار أجراه موقع “كل أوربا” مع المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والصراعات المسلحة “جيرار شاليند”، حيث يحلل تأثيرات المشاركة الأوربية في هذا الصراع.

” كل أوربا”: ما هو الدور الذي تلعبه الدول الأوربية في التحالف ضد الدولة الإسلامية؟

جيرار شاليند: على الصعيد العسكري، فقط الفرنسيون والبريطانيون يشاركون حتى اللحظة في هذا التدخل. بالنسبة للبقية، ننتظر رؤية: البلجيكيين يشاركون، وكالعادة فإن الألمان يقدمون المساعدات اللوجستية والإنسانية. على القوات الخاصة تعليم البشمركة كيفية التدريب على المعدات الجديدة وذلك ضمن استراتيجية عسكرية جديدة. الفرنسيون هم في المقدمة: لقد أرسلوا فورا قوات خاصة وأسلحة ثقيلة إلى الأكراد. المقاتلون الأكراد معتادون على حرب الجبال وهم الآن في أماكن سهلية في حرب فيها مواجهة مباشرة. ولكن كما نعرف، ليس لأوربا أرادة مشتركة وموحدة في هذا الموضوع. فالوسائل العسكرية متفاوتة جدا والرأي العام متردد جدا فيما يتعلق بالتدخل، إلا في حالة صدمة نفسية كبيرة.

“كل أوربا”: هل يمكن للتدخل العسكري الدولي أن يحقق أهدافه؟

جيرار شاليند: هذا يعتمد على ماذا نقصد بـ “الهدف”. إذا كان القصد هو الحد من قدرة “الخلافة” على التوسع، فإن التدخل سيعيقها بشكل كبير. أيضا ربما يتم إبطاء حماس المتطوعين للجهاد الذين كانوا يعتقدون أن النصر في متناول اليد. لقد انتهى الإعلان عن الخلافة الآن، وسيكون عليهم دفع التكاليف. الجهاديون، هذه المجموعة المتشددة والقديمة في الإسلام سيواجهون صعوبات متزايدة. بدأ القصف، والذي سيكون مفيدا جدا في حرمان الدولة الإسلامية من مواردها الاقتصادية. كما نعرف، إنها تأتي من بيع البترول لشركات موجودة في تركيا بموافقة هذه الأخيرة. بالإضافة لذلك، سيكسر هذا التدخل كليا الحركة والتنقل لدى الجهاديين والذي بدأ منذ بداية حزيران 2014. سيكون التنقل خطيرا جدا في هذا المناطق الصحراوية السورية وفي بلاد الرافدين السهلية. كذلك، إن قدرة الجهاديين على الفعل ستصبح محدودة، لا سيما الوسائل الاقتصادية وهذه بداية جيدة جدا. يمكننا أن نكون أفضل من ذلك، مع وجود مزيد من المشاركين. لا أدري لماذا فقط فرنسا وبريطانيا تشاركان عسكريا، الهولنديون، الدنماركيون والإيطاليون أو الألمان هم أيضا جميعا معنيون.

” كل أوربا”: هل علينا أن نخاف، كما أكد مؤخرا دومنيك دوفيلبان، والذي قال بأن التدخل العسكري سوف يغذي الإرهاب؟

جيرار شاليند: بالطبع! لكن ما قال السيد دوفيلبان مؤخرا ليس دقيقا، إنه يصف جانبا واحدا من الجوانب. لقد ظهر الخصم الذي بدأنا بإضعافه عسكريا أكثر تهديدا وكان من المفترض التصرف. من الواضح أن هناك آثارا جانبية، لا جدال. نحن لدينا مسبقا شكلا من أشكال الرد، لا سيما بعد قطع رؤوس الأمريكيين والبريطاني والفرنسي. هذه من النتائج، ولكن كل سياسية تنطوي على مخاطر. لا أرى كيف يمكننا الضرب وأننا لن نضرب بعدها كرد علينا. لقد فقدنا كثيرا الإحساس بعلاقات القوة، إن أي عنف يمكنه أن يهددنا سيجعلنا متوترين. مع ذلك لابد من أن نمتلك الحد الأدنى من الشجاعة: فالإرهاب يلعب بشكل أساسي بالعقول والنفوس والإرادات، أما وسائل الإعلام فهي غالبا “بائعة للقلق” بدلا من تفسير الظواهر. من غير أن نتحدث عن أولئك الذين يتكلمون عن “حرب عالمية ثالثة”. مع ذلك، فإن المخاطر محدودة: ماذا يمكن لحفنة من الأفراد أن يفعلوا ضد دولة منظمة مثل فرنسا أو بريطانيا؟ فلنتذكر 11 أيلول 2001 عندما قاد بن لادن حملة نهاية العالم، ماذا شهدنا في السنوات الاثني عشرة التالية؟ الهجمات في مدريد، لندن وبوسطن، لم تكن في الواقع سوى أشياء قليلة. فهل سنكون مهددين خائفين من خلال بعض الهجمات؟ في فرنسا، يعود آخر اعتداء خطير إلى عام 1996 [ربما ارتكبته جماعات إرهابية جزائرية، جماعة إسلامية مسلحة في محطة القطار]، بعدها جاءت قصة مهدي نموش هذا العام. لقد كان التهديد دائما موجودا، لكن أجهزتنا عملت بشكل فعال. علينا التكيف مع تطورات هذا التهديد، كما فعلنا سابقا مع التهديدات بين 1980ـ1990، مع ترسانة قانونية، وقد تغيرت مدة الحبس الاحتياطي لدى الشرطة، أصبحت حازمة، نحن نفعل الضروري من أجل حماية أمن مواطنينا.

” كل أوربا”: هل يشكل الإرهاب الإسلامي اليوم التهديد الرئيسي لأوربا؟

جيرار شاليند: الإرهاب الإسلامي الراديكالي هو دون شك التهديد الرئيسي، لا أرى تهديدات أخرى. الصراع سيستمر طويلا ولن نتخلص منه بسهولة. لا ننسى أن جذوره هي أيديولوجية، ومنذ سنوات 1970، عمدت العديد من الدول، ومنها السعودية، إلى زرع الأرض وفوقها انتشر بشكل واسع إسلام راديكالي يزداد تطرفا بشكل تدريجي، من إفريقيا إلى إندونيسيا. تمت تضخيم الظاهرة بعد التدخل الأمريكي المؤسف في العراق 2003، والذي همش السنة بشكل كبير. اليوم، هناك شعور يعيشه أهل السنة بأنهم فقدوا السلطة والتي كانت لهم دائما، وداعش تستغل هذا الشعور.

” كل أوربا”: هل التعاون بين الدول الأوربية ومؤسساتها هو تعاون فعال في مواجهة الإرهاب؟

جيرار شاليند: كما تعلمون، الاتحاد الأوربي ليس هيئة سياسية، لدينا اقتصاد، لكننا سياسيا متفرقون. نحن نفعل ما يمكننا آخذين بعين الاعتبار هذه الاختلافات والأصوات المعارضة. ربما يؤدي تزيد الإرهاب إلى تنسيق أكبر بين دول الاتحاد الأوربي.

“كل أوروبا”: في مواجهة الإرهاب، هل على الاتحاد الأوربي تعزيز برنامج اجتثاث التطرف، ما رأيك؟

جيرار شاليند: اجتثاث التطرف هو عمل الأئمة المسلمين، هو شأن داخلي، ليس من مهمة علمانيين شرح لماذا النسخة المتطرفة من الإسلام هي غير مقبولة، إنها مضللة وعفا عليها الزمن.

*الحوار أجراه موقع ” كلنا أوربا”، مع المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والصراعات المسلحة ” جيرار شاليند”. 07/10/2014 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد