معبر تل كوجر على الأجندة الدولية.. هل يتجاوز الفيتو الروسي؟

تقود الولايات المتحدة وحلفاءها حملة دبلوماسية وإعلامية مكثّفة قبل أيام من تصويت في مجلس الأمن الدولي على التفويض لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين عبر الحدود. ويتركز الجهد الأميركي، وكذلك مساعي الأمم المتحدة ومنظماتها، ليس فقط على تمديد التفويض لإدخال المساعدات من خلال المعبر الوحيد المتاح حتى العاشر من تموز/ يوليو، إنما توسيع التفويض ليشمل معبر تل كوجر” اليعربية” الذي يربط مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية مع العراق.
وتردد اسم معبر تل كوجر” اليعربية” في تصريحات عدد من المسؤولين الأمميين والدوليين خلال الأيام القليلة الماضية، في مسعى لتوسيع معابر الإغاثة.
في بيان الجمعة/ 25 حزيران يونيو، شددت ديانا سمعان من منظمة العفو الدولية على أن وقف المساعدات عبر الحدود سنكون له “عواقب إنسانية وخيمة”. وأضافت “ندعو مجلس الأمن لتجديد التفويض بوصول المساعدات الانسانية عبر باب الهوى وإعادة فتح معبري باب السلامة واليعربية”. الحديث عن توسيع التفويض نبرة جديدة عموماً، مقارنة مع التصريحات العام الماضي حين صبت القوى الغربية جهدها لإنقاذ معبر باب الهوى من الفيتو الروسي. وإلى جانب منظمة العفو، دعا لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش إلى استمرار التفويض عبر الحدود وتوسيعه إلى المعبرين المغلقين (اليعربية وباب السلامة) منذ عام 2020. وقال في بيان “أي شيء بخلاف تجديد التفويض قد يؤدي إلى الحكم على الملايين من السوريين في شمال البلاد بالفقر المدقع أو الموت نتيجة سوء التغذية أو كوفيد-19”.
وبحسب العاملين في المجال الإنساني، لم تصل أي مساعدات من الأمم المتحدة على الإطلاق إلى كوباني ومنبج منذ إغلاق تل كوجر ” اليعربية” بسبب القيود الحكومية. هذه البلدات، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 350.000 نسمة، تعتمد الآن بشكل أساسي على الدعم من المنظمات الإنسانية الدولية والإدارة الذاتية، غير القادرة على تلبية احتياجات السكان، وفق تعبير سمعان. ونقلت المسؤولة في منظمة العفو عن أحد العاملين الصحيين في منبج إنهم لم يتمكنوا من علاج الأمراض المزمنة مثل السرطان والثلاسيميا والسكري واضطروا إلى الاختيار بين المرضى بسبب نقص الإمدادات. وأضافت أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم إدراج منبج وكوباني في حملة لقاح Covid-19.

غير بيدرسون: التوسيع ضروري

وانضم مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون إلى الداعين للحفاظ على التفويض لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين عبر الحدود دون المرور بدمشق، وقال أمام مجلس الأمن الدولي، الجمعة، إن “المدنيين في أنحاء البلاد في حاجة ماسة إلى مساعدات حيوية وتعزيز قدرتهم على الصمود. من بالغ الأهمية الحفاظ على الوصول وتوسيعه، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الحدود والخطوط الأمامية”.

الأمم المتحدة: تل كوجر” اليعربية” منفذ لـ1.8 مليون

وتحدث راميش راجاسينغهام، القائم بأعمال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، عن تأثير إغلاق معبر اليعربية، وقال إن 1.8 مليون شخص في شمال شرق سوريا يحتاجون إلى المساعدة في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة. في حين أن المساعدة عبر منافذ الحكومة مع هذه المنطقة قدمت قدراً محدوداً من الإمدادات الطبية، كما أن العديد من المرافق تفتقر إلى الموظفين والإمدادات والمعدات.

رسالة من 28 منظمة

وتقود منظمة CARE الدولية جهوداً إلى جانب 27 منظمة أخرى جهوداً لتوسيع التفويض بما يشمل معبر اليعربية. ووجهت ممثلة المنظمة، شيرين إبراهيم، بمشاركة المنظمات الـ27 الأخرى، رسالة مفتوحة إلى الأمم المتحدة التي نشرتها على موقعها الإلكتروني بتاريخ 23 حزيران يونيو. وأكد المشاركون في التوقيع أن مستوى الأزمة الإنسانية يتطلب إعادة تفويض المساعدة عبر معبرين على الحدود التركية السورية، وهما باب الهوى وباب السلام، لمدة لا تقل عن 12 شهرًا. كما طالبوا بإعادة استخدام معبر اليعربية على الحدود السورية العراقية في الشمال الشرقي لفترة مماثلة. واشتكت هذه المنظمات من أن حجم ونطاق عملية الأمم المتحدة عبر الحدود لا يمكن أن تلبيها المنظمات غير الحكومية.

أميركا: إغلاق تل كوجر خطير

وتحدثت ليندا توماس جرينفيلد، سفيرة أميركا في الأمم المتحدة، أن عمليات إغلاق المعابر قلّصت من المساعدات على وجه التحديد في الوقت الذي أدى فيه فيروس كورونا إلى تفاقم الاحتياجات. وأكدت أنه عندما أغلق معبر اليعربية ، استغرق الأمر شهورًا لإعادة توجيه الإمدادات الطبية، وبحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى وجهتهم – بعد عام تقريبًا – انتهت صلاحية اللقاحات ونُهبت الأدوات الطبية، ولهذا يجب على المجلس إعادة التفويض لمعبر باب الهوى، وكذلك باب السلام واليعربية، من خلال تمديد فني لمدة 12 شهرًا لثلاثة معابر.

بريطانيا: 38% زيادة الاحتياجات

أما بريطانيا، فقد قالت على لسان ممثلتها في الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، إن الاحتياجات الصحية زادت بنسبة 38 في المئة منذ إغلاق معبر اليعربية في شمال شرق البلاد في كانون الثاني/ يناير 2020. وكان لافتاً حديث خوان رامون دي لا فوينتي راميريز، سفير المكسيك في الأمم المتحدة، الذي أشار إلى أنه لم يكن من الممكن إيجاد بديل عن المساعدات الواردة عبر معبر اليعربية منذ إغلاقه في 2020 ، معرباً عن أمله في أن يتمكن المجلس من استكشاف جميع الخيارات دون تحيز لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري.

ميليباند: تل كوجر” اليعربية” حيوي لمكافحة كوفيد19

وقال ديفيد ميليباند، الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، في جلسة مجلس الأمن في 23 حزيران يونيو، إنه يجب على أعضاء المجلس أن ينظروا إلى الواقع على الأرض ، بناءً على أدلة قاطعة ، وليس المواقف السياسية ، لتوجيه عملهم. منذ تصويت المجلس آخر مرة على هذا القرار، تظهر أرقام الأمم المتحدة زيادة عدد المحتاجين في جميع أنحاء سوريا بالملايين. وحول منطقة شمال شرقي سوريا، قال ميليباند: “ازدادت الاحتياجات أكثر في الشمال الشرقي ، حيث انتهى وصول الأمم المتحدة عبر الحدود بعد تصويت مجلس الأمن في 2020. ومنذ ذلك الحين ، عانت لجنة الإنقاذ الدولية والمنظمات غير الحكومية الأخرى من نقص مزمن في الإمدادات الأساسية بما في ذلك الأدوية ومستلزمات الصحة الإنجابية”. وأضاف: “أشار الأمين العام للأمم المتحدة في مارس / آذار إلى أنه لا توجد مساعدات كافية من جميع الأنواع تصل شمال شرق سوريا”.
وتحدث ميليباند عن أنه “قبل تفشي COVID-19 بقليل ، أدى إغلاق اليعربية إلى قطع طريق مباشر وفي الوقت الحرج لمساعدة الناس في الشمال الشرقي. والنتيجة؟ كانت الاستجابة لـ COVID-19 مشلولة تقريبًا. يفتقر العاملون في مجال الصحة إلى موارد للاختبار ومعدات الوقاية الشخصية والأكسجين – الإمدادات التي يمكن توفيرها عن طريق اليعربية في حالة إعادة الترخيص”. واستند ميليباند إلى دعوة “الأمين العام أعضاء المجلس إلى السماح بالوصول عبر الحدود إلى الشمال الشرقي إذا كانت الطرق البديلة غير فعالة”.

روسيا: لا حاجة للمعابر!

أما ممثل روسيا في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، برر إغلاق معبر اليعربية بالقول إنه تم التعويض عن الإغلاق بزيادة المساعدة إلى الشمال الشرقي، وزعم أن هذه النقطة اعترف بها موظفو الأمم المتحدة أنفسهم. وانتقد الصمت عما أسماه حقيقة أن قنوات الأمم المتحدة تُستخدم لمخططات مشبوهة من قبل إرهابيين متحصنين في إدلب، مؤكداً أنه لا وجود للأمم المتحدة في إدلب ولا تعرف المنظمة كيفية توزيع هذه البضائع بشكل موثوق. وبعد ان ندد بارتباط منظمات لم يسمّها بهيئة تحرير الشام، أكد أن النظام هو الجهة الشرعية الوحيدة لتقديم المساعدة، وأشار إلى الظروف في مخيم الهول كمثال على المحاولات المستمرة لما أسماه “الهندسة الديموغرافية العنيفة”.

الفيتيو الروسي مرتقب

ويقول دبلوماسيون إن إيرلندا والنرويج المسؤولتين عن الملف في الأمم المتحدة، وهما عضوان غير دائمان في مجلس الأمن، ستطلبان في مشروع قرارهما الإبقاء على التفويض في باب الهوى لمدة عام واحد، ما يسمح بتقديم خدمات لمنطقة إدلب، وإعادة فتح معبر اليعربية الذي يسمح بتقديم امدادات عبر العراق إلى شمال شرق سوريا.
وتميل الدول الغربية التي لها عضوية دائمة في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة) للمطالبة بإعادة فتح معبر باب السلامة الذي أغلق قبل عام، وفق مصادر دبلوماسية بحسب ما أوردته وكالة فرانس برس، فيما تتمسك الولايات المتحدة بتمديد تفويض باب الهوى وإعادة فتح اليعربية.
ونوقش موضوع التفويض عبر الحدود في القمة الأخيرة في جنيف بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، لكنهما لم يكشفا عن توافق حول الملف. وفي حال إقرار تمديد التفويض، يمكن أن يكون الملف نقطة بداية جديدة في العلاقة الروسية الأميركية، حسب تقديرات وسائل إعلام أميركية.
وموسكو الحليف الرئيسي لدمشق والتي تؤيد فرض سيادة حكومة الرئيس بشار الأسد على كامل البلاد، ظلت منذ بداية العام مصرة على إنهاء تفويض الأمم المتحدة. كما تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.
 وبناء على خطاب من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الأمين العام للمنظمة الدولية، أشار فيه إلى أن موسكو لا توافق على التقييم الذي يفيد بأنه لا يوجد بديل للألية الحالية لتوصيل المعونات، يبدو أن روسيا تمهد السبيل لاستخدام حق النقض (الفيتو) ضد تمديد القرار رغم أن معظم الدول الأعضاء في مجلس الأمن تسعى إلى هذا التمديد.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد