يتطرق الفصل الأول إلى مسألة أصول القضية الكردية مع المرور السريع على العوامل السياسية والسوسيوـ اقتصادية التي أدت لظهور المطالبات الكردية القومية الأولى في بداية القرن العشرين.
بعد ذلك، يمضي إلى إعادة رؤية وقراءة للاتفاقيات الدولية الأساسية التي أدخلت ” المسألة الكردية” في الأجندة العالمية ويختبر حدود سلطة “الأقليات” كما جاءت في عصبة الأمم بين الحربين. إن دراسة أولى التنظيمات الكردية في بداية القرن العشرين و “السياسية الكردية” للبريطانيين في شمال العراق تسمح لنا بمتابعة تطور الفضاء الكردي في مواجهة التحديات الجديدة.يصف الفصل الثاني عملية الانتقال الصعبة لإقليم الشرق الأوسط في عصر الإمبراطوريات إلى الدولة ـ الأمة وأيضا الطرق المختلفة والمتعددة التي أخذتها “الأقليات” الكردية في كل بلد وجدت فيه وكان معنيا بالمسألة الكردية. في الواقع، بينما كان الأكراد في إيران وتركيا يخضعون لمشاريع ضخمة ” مستبدة حداثية”، كان الأكراد في سوريا والعراق ضمن سياق اتصف بالتجربة الانتدابية وممارساتها المتناقضة، منطلقين من الاعتراف “بالأقلية” الكردية إلى الوصول لقمعها.
ضمن هذا المعنى، إن تحليل العلاقات بين الضباط الفرنسيين والبريطانيين، من جهة، والنخب الكردية من جهة أخرى، سيخدمنا في إدخال بعض الفوارق على المرحلة “الاستعمارية” في كردستان. نفس الشيء، الربط والتركيز على الدوافع العمرانية في الجزيرة السورية والسليمانية يبين مشاهد من الدوافع لم تتم دراستها بشكل كبير من قبل الباحثين.إن نهاية الانتداب في إقليم الشرق الأوسط وسياق ما بعد الحرب، السياق التاريخي، في الفصل التالي، تميز براديغما جديدا فيما يتعلق بمسألة الأقليات.
كان على أبناء “الأقليات” الاكتفاء من الآن فصاعدا بالحقوق الفردية الخاضعة، بالمقابل، لإرادة كل دولة واعترافها بها، أكثر من ذلك، عملية تنفيذها على أرض الواقع. لقد فتحت مغادرة القوى الاستعمارية بشكل رسمي كلا من سورية والعراق الطريق أمام مرحلة جديدة كانت الأقليات خلالها تبحث عن الاندماج في الحياة الاقتصادية والسياسية ” للأمة” السورية والعراقية. كذلك، استثمر الأكراد المسيسون بشكل كبير في الأحزاب السياسية الكبيرة، لاسيما الشيوعية، أو تعاونوا معها. في تركيا وفي إيران، قاد ضغط الدولة الأكراد لاستيعابهم ضمن مشاريع دولاتية في حالة تحول.يستكشف الفصل الرابع العوامل التي قادت إلى من جديد إلى القومية الكردية، بكل تعدديتها، وذلك من قبل معظم التنظيمات الكردية. يشير إلى الدخول القوي للشباب كفئة اجتماعية في اللعبة السياسية، على الصعيد الدولي، بما في ذلك الشرق الأوسط. ومع التغييرات في طرائق المراقبة والملاحظة، يبين هذا الفصل كيف، وللمرة الأولى، توصلت الحركة الكردية لإقامة شبكة عابرة للقومية، كما حصل مع حركات “ضد استعمارية” أو ” ثورية” ضمن الإقليم. وأخيرا، إنه يبرز كيف أن استخدام العنف الدولاتي الكبير وغير المسبوق سيحول الفضاء الكردي، وهو موضوع نتحدث عنه في الفصل التالي.
مكّن انسحاب الجيش العراقي من شمال العراق عام 1991 من قيام حكم ذاتي حقيقي في الإقليم الكردي في البلاد. رغم التوترات الداخلية بين القوتين السياسيتين الرئيسيتين في شمال العراق، فإن الحكم الذاتي شمال العراق سيكون له تأثيرا جوهريا على الأقاليم الأخرى. إن التأمل في الوسط المقاتل في ديار بكر، “عاصمة” الأكراد في تركيا، يمكن من متابعة عملية وجود حزب العمال الكردستاني كقوة سياسية متجانسة بين الأكراد في تركيا وذلك منذ بداية 1990.يتساءل الفصل الأخير عن مرحلة عام 2003 إلى يومنا هذا وإذا بالإمكان اعتبارها ” ربيعا كرديا” كما تحدث العديد من الباحثين والمراقبين. لقد قدم سقوط نظام صدام حسين والانتفاضة في سورية عام 2011 فرصة لم تحدث سابقا أمام الحركات الكردية. يسلم هذا الفصل بأنه رغم الفرص السياسية الظاهرة أمام الحركة الكردية، فإن التوترات داخل الفضاء الكردي والمخاوف الإقليمية عليها دعوتنا لتمييز رؤية مختزلة قليلا للحظة تاريخية تتصف بتنفس صعب للقومية الكردية كإيديولوجية ذات دعوة عالمية. إن التوترات المتصاعدة التي تظهر في المناطق الكردية في سورية منذ 2011 تخدم، ضمن هذا المعنى، لتوضيح هذه الأزمة التي، كما بالنسبة للأنظمة القائمة، تشكل خطورة على المجتمعات الشرق أوسطية وتقودها إلى سيناريو متفجر.