نيكولا لوكوسان
يعتبر العديد من المراقبين والأكاديميين في فرنسا أن ظهور هذا الكتاب في هذه السنة ليس صدفة، وأنه كرس الكثير ” لجان فرنسوا ريفيل” الذي كرس بدوره كتابا كبيرا لهاجس فرنسي آخر هو:” العداء للأمركة هو الشقيق التوأم للعداء لليبرالية”. هذا ما كتبه “فرنسوا ريفيل” وبينه في ” هاجس معادة الولايات المتحدة” عام 2002. إنها حالة ذهنية شبه دائمة عند سياسيينا وكبار صحافيينا. لقد قلل انتخاب أوباما إلى حد ما درجة العداء لأمريكا في فرنسا، لكن لم يخنقها نهائيا”.في فرنسا، تعتبر الليبرالية مصدر كل الشرور ويقوم حراس ” الدولانية” [من دولة] بمراقبة لإيديولوجية معادة الليبرالية والعناية بها حتى يبقى الاعتراض عليها مستمرا. إن كلمة ليبرالي هي من المحرمات.
“أن تكون ليبراليا، ليس جيدا وستغلق جميع الأبواب في وجهك. أن تكون اشتراكيا/اجتماعيا، هذا جيد وهذا يفتح الأبواب أمامك. أيضا، إذا كان عالم السياسة والإعلام ينفي عنه صفة الليبرالية، فإنه يدعي الاشتراكية وهو فخور بهذا النموذج أو المعدن، إنها رؤية فرنسية ترى أن العالم بكليته يحسد فرنسا”. أزمة النموذج الاجتماعي الفرنسيإن النموذج الاجتماعي الفرنسي هو في الواقع نموذج لا نحسد عليه:” حيث معدل البطالة خلال السنوات الخمس والثلاثين الماضية كان دائما أعلى من المتوسط الأوربي وبلدان منظمة التعاون والتنمية.
لا بد من القول إن فرنسا تحطم الأرقام القياسية: سيتجاوز الدين العام 90% من الناتج المحلي الإجمالي، الضرائب الإجبارية تصل إلى 45%، والعجز العام 4%”. ولا بد من القول إن أولئك الذين يجهلون بسعادة القوانين الاقتصادية:” النواب وأعضاء مجلس الشيوخ هم في معظمهم من القطاع العام”، وإن الوزراء في الحكومات المتعاقبة يشاركونهم هذا الجهل وهذا الأصل. ويجب القول بإن الفرنسيين تمت برمجتهم ابتداء من المدرسة: ” نقول لهم أن اقتصاد السوق يجب أن يتم تنظيمه من قبل دولة الرفاه والدولة المصححة، وأن الضرائب تسمح بالتوزيع العادل للثروة والحد من عدم المساواة، وأن العولمة والتجارة الحرة هما خطيرتان، وأنه لا يوجد سوى سياسة اقتصادية وهي تحفيز الاستهلاك، مع نتائج رائعة ذكرناها في الأعلى”. ” نحن نقول لهم أن الشركات تخلق الثروة، وأن تقاسم المخاطر هو واحد من أسس العلاقة التعاقدية، والتي بدونها لن يكون هناك سوق ولا اقتصاد”، وأن ” العقد في بعده القانوني يسمح بالتبادل الحر”، ” وأنه يوجد وجهة نظر أخرى غير الكينزية أو الماركسية تتعلق بالاقتصاد والفلسفة”. يعطي الكاتب أمثلة متعددة من خلال مقدمات الكتب الفرنسية، ” فالنموذج الفرنسي هو من المقتنيات وليس هناك من يجادل”.
لا بد من القول إن الاستثناء الثقافي الفرنسي ” هو في التعاطف مع الأفكار الماركسية والتي أفلست من جميع الجهات في كل أنحاء العالم”. ” إن الدرس العظيم لسقوط جدار برلين هو أنه لا يوجد نظام اقتصادي آخر يمشي، باستثناء الرأسمالية. هذه هي الحقيقة التي نرفض تقبلها. وهذا ما يحملنا لهذا العرض الإيديولوجي: اتهام الليبرالية أو الليبرالية الجديدة مصدر للمشاكل الاقتصادية الحالية، محاولين بذلك إعادة تأهيل كارل ماركس”. يوضح ذلك:” التنسيق من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، مرورا بالاشتراكيين والأحزاب الأخرى والسياسيين الفرنسيين، أو كل من هم معادين لليبرالية وفخورين بذلك”.
الإجماع على معاداة الليبراليةليس من المستغرب إذا أن العلاج الوحيد للأزمة الاقتصادية المقترح من قبل هؤلاء هو:” المزيد من التدخل الحكومي والتقليل بشكل دائم من الحريات الاقتصادية. حتى أنذلك مكتوب في مشاريعهم، إما أسود أو أبيض”.فالمثقفون الذين يتحدثون في وسائل الإعلام، من فلاسفة وعلماء اجتماعين واقتصاديين وإحصائيين “يعتقدون نفس الشيء”. جميعهم ” معادون للرأسمالية”، ويحاول الكاتب توضيح “تناقضاتهم وسخافاتهم”:” فالليبرالية مسؤولة عن تدهور اللغة الفرنسية، الجريمة المنظمة، مشاكل الضواحي، الهجرة، الاحتباس الحراري. الخ”. إنهم ” يحاربون الليبرالية قائلين إنه لا بد من حماية الخدمات العامة، التي تتميز مع ذلك بارتفاع الرسوم والديون المذهلان، رغم كل الدعم الذي يتقونه”. تراجع في الخدمات العامة، فيما يتعلق بالخدمات العامة، يقوم الكاتب بتقويض الأفكار القائمة. نعرف أن معاداة الليبرالية يتم أخذها بطيب خاطر في الخصخصة الجزئية، قبل عشرين عاما، كانت سكك الحديد البريطانية سببا في حوادث القطارات.”
تقول الإحصائيات لشبكة حديد ” يوروستات” أنه في عام 2007 سجلت فرنسا 403 حادثا للقطارات أما بريطانيا فسجلت 107. مع العلم أن الشبكة البريطانية تنقل مسافرين في الكيلومتر أكثر من فرنسا”.من هم أفضل ممثلي الليبرالية؟ “الأغنياء، المدراء والشركات الخاصة. بغض النظر عن خلقهم للوظائف، وخلق الثروة، يقول المعادون لليبرالية يجب أن نجعلهم يدفعون”. ” التاريخ والواقع الضرائبي يبينان أن زيادة الضرائب لا تملأ خزينة الدولة. كلما زدنا الضرائب على الأغنياء كلما قلت الوظائف في فرنسا!! أبعد من ذلك، زيادة الضرائب على الأغنياء تقتل الاقتصاد وتفقر الفقراء”. لن يكون لفرنسا تقاليد ليبرالية؟ ” بالتأكيد، المعادون لليبرالية لديهم أسلاف وأجداد في هذه المعاداة”.
” إن المفكرين الليبراليين فككوا العقائد التي هي أساس الفشل الحالي في ميادين التعليم، الصحة، التقاعد أو السكن الاجتماعي. حان الوقت لاستعادة كرامتهم، بدلا من ماركس، بورديووهيسيل، وللخروج من الدولانية وعبادة ادعاءات كاذبة تقود فرنسا إلى الفشل والعجز. لا يمكننا علاج هاجس إلا بوجود شجاعة الاعتراف بالأوهام ورفضها بكل شرف”.
اللغة الأصلية للكتاب: الفرنسية
تاريخ النشر: حزيران 2014
دار النشر: Libre Echangeترجمة: المركز الكردي للدراسات