هآرتس:إيران تنتهز مأزق «الاتحاد الوطني» لتعزيز موقعها في إقليم كردستان

تسفي برئيل

ليس بافل طالباني من بين هؤلاء القادة الذين تظهر صورهم على أغلفة المجلات العالمية، ولا هو رئيسًا ولا رئيسًا للوزراء، ولا حتى محاربًا معروفًا، لكنه أحد هؤلاء الفاعلين الذين يولدون تأثير نظرية الفراشة من خلال حركاته التي لا نشعر بها مباشرة، غير أنها يمكن أن تؤدي إلى هزات غير متوقعة.

 كان بافل مع ابن عمه لاهور طالباني رئيساً مشتركاً لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني حتى بداية الشهر الجاري، وهو حزب سياسي عائلي أسسه والده جلال طالباني. بيد أنّ بافل في غضون هذا الشهر سيطر على الحزب وعين نفسه رئيسه الوحيد.

“الحزب” هو تعريف اختزالي للتنظيم الذي يسيطر على القسم الشرقي من المنطقة الكردية في العراق. بافل لديه قوة عسكرية تحت تصرفه ويملك حقل الغاز الوحيد الذي يعمل في إقليم كردستان العراق، بالإضافة إلى حقول النفط التي تنتج 10% من النفط المنتج في كردستان. تتمتع المنظمة بعلاقات خارجية وتجارية وثيقة مع جارتها إيران – ليس لأسباب أيديولوجية، بل لأسباب اقتصادية – وعلى هذه القاعدة أيضاً، تختار شركاء سياسيين في البرلمان العراقي والحكومة.

بالنسبة للمراقبين من الخارج، تبدو كردستان وكأنها منطقة متجانسة موالية للغرب وتربطها علاقات وثيقة بسلسلة من الحكومات الأمريكية المتعاقبة. لكنك لست بحاجة إلى مجهر لاكتشاف الخلافات العميقة، والمنافسات العنيفة في بعض الأحيان، والفجوات بين أجزاء من المنطقة، وداخل كل جزء من أجزائها. بعد حرب أهلية طويلة ودموية في التسعينيات بين موالين لطالباني وأنصار عائلة بارزاني المنافسة، تم الاتفاق بجهد كبير على إنشاء مؤسسات حكومية موحدة تدير شطري كردستان العراق مع تقسيم الوظائف في العراق، بطريقة من شأنها أن تفيد كلا الجانبين مالياً.

لكن الهيكل السياسي المتفق عليه لم يقضي على التنافس السياسي بين الطالباني والبرزاني. لأن هذه منطقة العائلات، فرئيس إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي في العراق هو نيجيرفان البارزاني، نجل شقيق مسعود البارزاني، الذي كان رئيس الإقليم حتى عام 2017، وحفيد مصطفى البارزاني الزعيم الأسطوري لأكراد العراق. بينما رئيس وزراء الاقليم مسرور البارزاني نجل مسعود بارزاني. ويدير خط الأسرة الموازي للجزء الشرقي من المنطقة، بافل طالباني، وهو زعيم الحزب كما ذكر أعلاه، في حين يتولى شقيقه قوباد، منصب نائب رئيس وزراء إقليم كردستان، وكان ابن عمه لاهور رئيس جهاز استخبارات كردستان في الجزء الشرقي(وهناك وكالة موازية تعمل في الجزء الغربي من الاقليم).

المعضلة هي أن لاهور، الذي “أطيح به” للتو من قبل بافل، هو حليف مخلص منذ فترة طويلة للحكومة الأمريكية ووكالات الاستخبارات. لقد كان شخصية رئيسية في الصراع الكردي ضد تنظيم الدولة الإسلامية ومعارضاً شديداً للتدخل الإيراني والتركي في المنطقة الكردية. تركيا معادية له لأنه أقام العلاقات بين الإدارة الأمريكية والأكراد السوريين، وعلى الرغم من أن العلاقات بين إيران ولاهور جيدة، لكن إيران تفضل بافل لأنها تعتقد أنه سيكون من الأسهل التعامل معه.

الفرضية السائدة في المنطقة الكردية هو أن استيلاء بافل على الحزب نتيجة ثمرة تخطيط مشترك بين إيران وتركيا، اللتين تتطلعان إلى ترسيخ نفوذهما في الجزء الشرقي من إقليم كردستان، وبالتالي التأثير أيضاً على نتائج الانتخابات العراقية التي من المقرر إجراؤها في أكتوبر.

في الواقع، بعد فترة وجيزة من سيطرة بافل على قيادة الحزب، عيّن على التوالي، آزي أمين في منصب جهاز المخابرات المحلية، ووهاب حلبجي كرئيس وحدة مكافحة الإرهاب. كلاهما نشط في الحركة الإسلامية الكردية ولهما علاقات وثيقة مع المخابرات الإيرانية. تشير هذه التعيينات إلى أن قيادة كردستان في السليمانية، تسعى للتنسيق الوثيق مع إيران، والتي ستركز من الآن وحتى الانتخابات على تعزيز موقعها مع الكتلة الموالية لإيران في البرلمان العراقي.

وفي الشهر الماضي، التقي وفد برئاسة بافل طالباني في بغداد مع زعماء الاحزاب الشيعية بهدف دراسة خيار تشكيل كتلة سياسية مشتركة. وقالت آلا الطلباني، رئيسة كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي :” إن كتلة الفتح هي الأقرب إلى الاتحاد الوطني الكردستاني”. وتتكون كتلة الفتح العراقية من أحزاب شيعية موالية لإيران ويترأسها هادي العامري، الزعيم السياسي للمليشيات الشيعية التي هاجمتها القوات الأمريكية في الآونة الأخيرة، رداً على هجمات على أهداف أمريكية في العراق.

ويبدو أن هذا الموقف الموالي لإيران هو رد فعل مضاد على التعاون الناشئ بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من جهة وبين البرزانيين والزعيم مقتدى الصدر، إذ يعارض الأخير تدخل الولايات المتحدة وتركيا وإيران في العراق. وقبل عشرة أيام، أعلن الصدر ومناصريه، بأنهم قدموا اداء جيد في الانتخابات السابقة، ولن يخوضوا انتخابات أكتوبر. ليس يقينياً من أنه سيلتزم بهذا القرار، لكن طهران تحسب بالفعل كيفية استغلال الفراغ الذي قد يتركه، وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه حلفاؤها الأكراد في إملاء هذا الفراغ.

مع عدم اندفاع الإدارة الأمريكية لصياغة سياستها على الجبهتين العراقية والسورية، ومع اعتقاد واشنطن بأن كل من بافل ولاهور وقوباد أسماء لأبطال في قصص قطاع الطرق، قد يكتشف جو بايدن أنه تعرض للخداع.

المصدر:هآرتس

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد